بغداد تتحدث عن توصلها إلى خيوط مهمة تتعلق بمستهدفي الناشطين

هدوء حذر في البصرة والناصرية بانتظار نتائج التحريات

الكاظمي يتحدث إلى قادة أمنيين خلال زيارته إلى البصرة السبت الماضي (رويترز)
الكاظمي يتحدث إلى قادة أمنيين خلال زيارته إلى البصرة السبت الماضي (رويترز)
TT

بغداد تتحدث عن توصلها إلى خيوط مهمة تتعلق بمستهدفي الناشطين

الكاظمي يتحدث إلى قادة أمنيين خلال زيارته إلى البصرة السبت الماضي (رويترز)
الكاظمي يتحدث إلى قادة أمنيين خلال زيارته إلى البصرة السبت الماضي (رويترز)

ما زالت عمليات الاغتيال التي طالت ناشطين في محافظات وسط وجنوب البلاد، خصوصاً في محافظة البصرة خلال الأسبوعين الأخيرين، تمثل الشغل الشاغل بالنسبة للسلطات العراقية ولجماعات الحراك على حد سواء، وفيما تتحرك حكومة بغداد باتجاه ضبط الأوضاع في البصرة وبقية المدن عبر إجراءات أمنية مشددة وأخرى تتعلق بإقالة القادة الأمنيين الذين أخفقوا في مهامهم، تراقب جماعات الحراك، المشككة في جدية تلك الإجراءات، بحذر ما قد تسفر عنه تعهدات الحكومة وتتطلع إلى رؤية المتورطين في جرائم الاغتيال وقد وضعوا في السجون ونالوا جزاءهم العادل.
وبعد الجولة التي أجراها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في البصرة، السبت الماضي، واجتماعه بالقيادات الأمنية هناك، وزيارته منزل الناشطة رهام يعقوب التي اغتيلت الأربعاء الماضي، تحدث الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، أمس، عن التوصل إلى «خيوط مهمة تتعلق بالجناة» الذين نفذوا عمليات الاغتيالات الأخيرة بحق الناشطين في البصرة.
وقال رسول في تصريحات لراديو «المربد» المحلي في البصرة: «هناك متابعة استخبارية دقيقة بهذا الشأن، وسيتم الوصول للجناة وإحالتهم إلى القضاء ليأخذ مجراه في محاسبتهم»، عادّاً أن «البصرة ليست بحاجة إلى تنفيذ عملية أمنية كبيرة؛ وإنما تحتاج لعملية استخباراتية دقيقة، وأجهزة الدولة الاستخبارية قادرة على ذلك». وكشف رسول عن وجود «قرارات ستصدر قريباً تتعلق بتغييرات في المناصب الأمنية بالبصرة؛ فلا مكان للخائفين من أصحاب المناصب».
وكان الكاظمي أقال قبل أيام قائد شرطة البصرة رشيد فليح ومدير الأمن الوطني في المحافظة على خلفية اغتيال ناشطين، وضمنهم الناشط تحسين أسامة الشحماني. وقال الكاظمي خلال اجتماعه مع القيادات الأمنية والعسكرية في البصرة: «وجودنا في البصرة لأمر استثنائي، فالبصرة مهمة لدينا ولا نقبل بالإخفاقات في حماية أمنها، وجماعات خارجة عن القانون تحاول منذ فترة ترهيب أهل البصرة، وهي تشكل تهديداً لهم ولجميع العراقيين».
وعقب زيارة الكاظمي، أصدر قائد عمليات محافظة البصرة الجديد اللواء الركن أكرم صدام، أول من أمس، 7 أوامر صارمة لوقف عمليات استهداف الناشطين والمتظاهرين وملاحقة المندسين. وأمر صدام بـ«‎تشكيل خلية أزمة من الوكالات الاستخبارية حصراً لكشف ومطاردة المتورطين بمقتل المتظاهرين من أبناء محافظة البصرة، وعدم استخدام الرصاص الحي تجاه المتظاهرين السلميين». ومن بين الأوامر التي أصدرها قائد الشرطة «منع سير المركبات بزجاج مظلل، وتنفيذ أوامر القبض الصادرة بحق متهمين، وحصر السلاح بيد الدولة، وتولية ضباط من مراتب عليا إدارة مراكز الشرطة».
وباستثناء وقفات احتجاج صغيرة ومطالبات بالتعيين، شهدت محافظتا البصرة والناصرية، أمس، هدوءاً حذراً في انتظار ما تسفر عنه إجراءات الحكومة بشأن المتورطين في عمليات الاغتيال. ويقول الناشط رعد الغزي لـ«الشرق الأوسط»: «لم تشهد الناصرية مظاهرات اليوم (أمس الاثنين) إلا في حدود ضيقة. هناك انتظار لإجراءات الحكومة. كثير من الناشطين يعتقدون أن أمام رئيس الوزراء فرصة نادرة لتعزيز مكانته بين أوساطهم في حال تمكن من ضرب عصابات الاغتيال».
ويضيف الغزي: «المشكلة أن السلطات قادرة دائمة على ملاحقة مرتكبي الجرائم العادية وتقديمهم للعدالة، لكنها عاجزة عن ملاحقة الأشخاص الذين يقومون باغتيال الناشطين، وذلك بنظر جماعات الحراك دليل على الطابع السياسي لهذا النوع من الأعمال التي تقف وراءها جماعات وفصائل نافذة والحكومة عاجزة عن ملاحقتها».
من جانبه، انتقد رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، أمس، عدم تشكيل لجنة خاصة لمحاسبة قتلة المتظاهرين والناشطين، وقال عبر تدوينة في «تويتر»: «طالبنا مراراً بتشكيل محكمة خاصة وعلنية لمحاكمة قتلة ‎المتظاهرين وحماتهم، ولكن يبدو (لا حياة لمن تنادي)». وأضاف أن «على الحكومة أن تباشر فوراً باتخاذ إجراءات حقيقية لحماية المتظاهرين ومحاسبة قتلتهم ومن يقف خلفهم، وقطع الطريق أمام دعوات حمل السلاح التي أطلقت نتيجة عجزها وفشلها في هذا الجانب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».