تقرير يثبت تورط إيران في الهجمات على القنصلية الأميركية في بنغازي

رجل مسلح بينما تتصاعد النيران في القنصلية الأميركية في بنغازي بعد هجوم في 11 سبتمبر 2012 (رويترز)
رجل مسلح بينما تتصاعد النيران في القنصلية الأميركية في بنغازي بعد هجوم في 11 سبتمبر 2012 (رويترز)
TT

تقرير يثبت تورط إيران في الهجمات على القنصلية الأميركية في بنغازي

رجل مسلح بينما تتصاعد النيران في القنصلية الأميركية في بنغازي بعد هجوم في 11 سبتمبر 2012 (رويترز)
رجل مسلح بينما تتصاعد النيران في القنصلية الأميركية في بنغازي بعد هجوم في 11 سبتمبر 2012 (رويترز)

أثار تقرير لصحيفة «نيويورك بوست» حول وثائق تثبت تورط إيران في الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي بليبيا عام 2012 (الذي أودى بحياة السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز وثلاثة مسؤولين آخرين)، كثيراً من التساؤلات وأسئلة الاستفهام حول صمت وكالات الاستخبارات الأميركية على هذا الكنز من الوثائق والمعلومات.
ويشير التقرير إلى ما لا يقل عن 50 وثيقة تحذر من عمليات استخباراتية إيرانية في بنغازي، وتقارير استخباراتية تحذر من هجوم إيراني وشيك على منشآت دبلوماسية أميركية وضد دبلوماسيين أميركيين.
ويتساءل التقرير ما إذا كانت هذه الوثائق والتقارير غير متوفرة وصعبة الوصول إليها، أم لا، خصوصاً من لجنة التحقيق الخاصة بالهجوم على بنغازي برئاسة النائب الأميركي تري جودي.
وذكر التقرير أن «السؤال الأهم هو: ما الذي يعنيه كشف تلك الوثائق في هذا التوقيت؟ ولماذا أخفى مسؤولو إدارة ترمب وتجاهلوا تلك التحذيرات من ضلوع إيران في هجمات بنغازي؟».
وحسب تقرير الصحيفة، فإن عملاء وكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي وقيادة العمليات الخاصة المشتركة في بنغازي وطرابلس كانوا يراقبون بشكل نشط عمليات إيرانية في بنغازي في الأشهر التي سبقت الهجمات على القنصلية، وأبلغ مقاول عسكري خاص في بنغازي في فبراير (شباط) 2011، أن عملاء فيلق القدس والحرس الثوري الإيراني يسيرون علانية في شوارع بنغازي خلال الأيام الأولى للانتفاضة ضد نظام معمر القذافي، بعدما كانت تحركاتهم في السابق سرية وغير مكشوفة بشكل علني.
وفي صيف 2012، حذر ضباط المخابرات الأميركية في بنغازي وطرابلس رؤساءهم في الإدارة الأميركية (وأيضاً وصل التحذير إلى السفير كريستوفر ستيفنز) من أن الإيرانيين يعدون لهجوم إرهابي على القنصلية الأميركية في بنغازي. وقد دفعت هذه التحذيرات مسؤول الأمن الخاص بالسفير ستيفنز، الكولونيل اندي وود إلى إرسال برقية عاجلة في يونيو (حزيران) 2012 إلى رئيسه في واشنطن، يشير فيها إلى أن «جماعة أنصار الشريعة» المدعومة من إيران قد تلقت تمويلات مالية كبيرة من طهران ووصلت إلى مقاتلي الجماعة وأسرهم في بنغازي.
وتقول الصحيفة إن طوال فترة إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، تلقى المسؤولون تقارير تحذر من تحركات «فيلق القدس»، الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري» في بنغازي، لكن تم تهديد المسؤولين بالملاحقة القضائية إذا كشفوا عما يعرفونه، بما في ذلك مدير وكالة استخبارات الدفاع آنذاك الجنرال مايكل فلين، والمقاولون الأمنيون الذين اشتبكوا في معركة استمرت 13 ساعة مع متشددين للدفاع عن المنشآت الأميركية في بنغازي.
وتقول الصحيفة إنها حصلت على وثائق مالية من مصادر إيرانية تتضمن تحويلات مالية بقيمة 1.9 مليون يورو جاءت نتيجة عملية غسيل أموال معروفة لـ«فيلق القدس» في ماليزيا. وأشارت الصحيفة إلى أن المصدر الإيراني سمح مؤخراً بالإفراج عن هذه الوثائق التي تظهر بوضوح كيف استخدمت إيران النظام المالي العالمي لتحويل الأموال لتنفيذ عملياتها في بنغازي.
ويقول التقرير إن الشخص الذي كلفة الإيرانيون بتجنيد وتدريب ميليشيات «أنصار الشريعة» في بنغازي هو رجل لبناني يدعى خليل حرب، وكان ناشطاً بارزاً في «حزب الله» اللبناني، ومعروفاً لدى الاستخبارات الأميركية والغربية، وقد أعلنت الخارجية الأميركية بعد وقت قصير من هجوم بنغازي، عن مكافأة قدرها 5 ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي إلى القبض على خليل حرب، ليس لدوره في الهجوم على بنغازي، ولكن لدوره في عمليات إرهابية صغيرة في لبنان.
وقد قام اللبناني خليل حرب في اختيار وتجنيد متشددين ليبيين ووصل إلى بنغازي وهو يحمل معه ما يعادل من 8 ملايين دولار إلى 10 ملايين دولار من فئة ورقة 500 يورو قبل الهجمات بثلاثة أسابيع، وتشير الوثائق إلى أن هذه الأموال جاءته من حسابات «فيلق القدس» في ماليزيا في بنك الاستثمار الإسلامي الأول وهو الواجهة التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ويديرها الملياردير الإيراني باباك زنجاني البالغ من العمر 41 عاماً، والذي عمل لصالح «فيلق القدس» في عمليات إخفاء لمنشأ النفط الإيراني وبيعه في الأسواق الدولية، وقام بنقل أموال إلى خليل حرب في ليبيا في ذروة الانتفاضة ضد نظام معمر القذافي. وأرسل زنجاني لحرب مبلغ 1.9 مليون يورو في تحويل مصرفي بتاريخ 14 أغسطس (آب) 2011.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.