الذراع الثانية للمناعة توفر حماية مستقبلية للمتعافين من «كوفيد ـ 19»

دراسات سابقة أثبتت تضاؤل الأجسام المضادة

مختبر فرنسي يفحص «كوفيد - 19» عن طريق الأنف (روترز)
مختبر فرنسي يفحص «كوفيد - 19» عن طريق الأنف (روترز)
TT

الذراع الثانية للمناعة توفر حماية مستقبلية للمتعافين من «كوفيد ـ 19»

مختبر فرنسي يفحص «كوفيد - 19» عن طريق الأنف (روترز)
مختبر فرنسي يفحص «كوفيد - 19» عن طريق الأنف (روترز)

عندما تحولت الأخبار بشأن فيروس كورونا المستجد من حالات تحدث في الصين إلى وباء ينتشر في جميع أنحاء العالم، كانت عالمة معهد «جلادستون» بأميركا، نادية روان، في خضم نشر العديد من الأوراق البحثية عن الخلايا التائية، وهي الذراع الثانية للمناعة في الجسم بعد الأجسام المضادة، وما يحدث لها عند الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية والالتهابات طويلة الأمد.
وبصرف النظر عن عمل هذه الخلايا كمخابئ لفيروس نقص المناعة البشرية، فهي تعد جزءاً مهماً من الاستجابة المناعية للجسم ضد العديد من الفيروسات، وهي أيضاً من أنواع الخلايا التي يتم استنفادها بشكل واضح في الحالات الشديدة من مرض «كوفيد - 19»، الذي يسببه فيروس كورونا المستجد، لذلك قررت روان تطبيق خبرتها في الخلايا التائية لفهم كيفية استجابة الناس للفيروس الجديد.
والآن، بدأت روان وفريقها في فهرسة الخلايا التائية للأشخاص الذين تعافوا من حالات خفيفة من «كوفيد - 19»، ويسلط تحليلهم، الذي نشر في 21 أغسطس (آب) الحالي بمجلة «سيل ريبوتيز ميدسين»، الضوء على الاستجابة المناعية الناجحة التي تحدثها الخلايا التائية، وآثار ذلك على تطوير اللقاح.
وتتم معظم جهود مكافحة الفيروسات أو مسببات الأمراض الأخرى بواسطة الأجسام المضادة، التي تلتصق بجزيئات معينة على سطح مسببات الأمراض وتميزها للتدمير، لكن يبدو أن الأجسام المضادة ضد فيروس «كورونا المستجد» تتضاءل بسرعة بعد الإصابة، مما يثير القلق من أن تأثيرها الوقائي قد يكون قصير الأجل.
وتقول روان، وهي أيضاً أستاذ مشارك في جراحة المسالك البولية في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، في تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني لمعهد «جلادستون»، بالتزامن مع نشر الدراسة، «ركزت معظم دراسات الفيروس الجديد على استجابة الجسم المضاد، ومع ذلك، تشير دراسات أخرى أيضاً إلى أن الفيروس يثير استجابة قوية من الخلايا التائية».
لذلك فإن السؤال المهم: حول ما إذا كانت عدوى الفيروس تنشط الخلايا التائية طويلة العمر، ويمكن أن تمنح مناعة طويلة الأمد ضد الفيروس؟ وسؤال آخر هو ما إذا كانت استجابة الخلايا التائية يمكن أن تفسر سبب تعافي بعض الأشخاص من العدوى بعد أمراض طفيفة فقط، بينما يستسلم آخرون لمرض طويل الأمد ينتهي أحياناً بالموت؟
وللإجابة على هذه الأسئلة، حصلت روان وفريقها على عينات دم من تسعة متبرعين تعافوا من عدوى مؤكدة بالفيروس، بعد أن عانوا من أعراض خفيفة فقط، وتقول: «لقد استنتجنا أن هؤلاء المرضى ستكون لديهم أجهزة مناعية جيدة بشكل خاص في القضاء على الفيروس».
واستخدمت مجموعة روان تقنية تسمى «مطياف الكتلة»، التي تميز الخلايا التائية وفقاً للبروتينات التي تحتويها أو تحملها على سطحها.
وتأتي الخلايا التائية في نوعين رئيسيين، وهما خلايا ««CD4 + T، التي يتمثل دورها الرئيسي في تحفيز استجابة الجهاز المناعي الشامل للغزاة، وخلايا«CD8 + T» التي يقتل العديد منها الخلايا المصابة.
وضمن هذه الفئات الواسعة، يمكن لتقنية «مطياف الكتلة» تمييز العديد من الفئات الفرعية، وبعد إخضاع عينات المرضى للتقنية اكتشف فريق روان أنماطاً مثيرة للاهتمام في الخلايا التائية الخاصة بالفيروس الجديد، التي قد تشرح كيفية تعافي هؤلاء المرضى من المرض.
وتقول: «وجدنا أولا أن خلايا (CD4 + T) الخاصة بالمرضى تنتمي إلى فئة تسمى (Th1) المعروفة بمكافحة الفيروسات بفعالية، وليس إلى الفئات المرتبطة بأنواع الالتهاب الأخرى الأقل فعالية ضد الفيروسات، ويمكن أن يساعد هذا في تفسير تعافي المرضى، كما وجدنا أن خلايا (CD4 + T) في العينات كونت غالباً (ذاكرة) وخلايا (T) مساعدة، والتي تحفز إنتاج الأجسام المضادة الخاصة بالعوامل الممرضة، ومن المفترض أن الخلايا التائية المساعدة الخاصة بالفيروس الموجودة في مرضى النقاهة ساعدتهم على بناء دفاع مضاد فعال ومحدد ضد الفيروس».
وتضيف: «وجدنا أيضا أن خلايا (CD8 + T) الخاصة بالمرضى، تنتمي إلى فئة فرعية معروفة بقدرتها على الحماية من الفيروسات الأخرى المختلفة، وهذه الخلايا نعتقد أنها سامة للخلايا المصابة وطويلة العمر وقادرة على التكاثر».
وتشير هذه النتائج إلى أن الخلايا التائية الخاصة بالفيروس ليست فقط طويلة العمر، ولكن يمكن الحفاظ عليها عن طريق التكاثر المستمر، لذلك، من المفترض أن تقاوم عدوى جديدة بعد فترة طويلة من القضاء على العدوى الأولى.
كما تشير النتائج أيضاً إلى أنه في حين أن الأجسام المضادة ضد الفيروس قد تتلاشى بسرعة نسبياً، فإن المناعة طويلة المدى ضد الفيروس قد تتولد في شكل استجابات للذاكرة، بما في ذلك خلايا الذاكرة التائية لمنح مناعة دائمة وفعالة ضد الفيروس.
ويقول د. محمد علي أستاذ الفيروسات بمدينة «زويل للعلوم والتكنولوجيا» بمصر، تعليقاً على نتائج الدراسة، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، «يجب أن تراعي استراتيجيات اللقاح بشدة الأساليب التي تستهدف خلايا الذاكرة التائية طويلة العمر ومتعددة الوظائف، بالإضافة إلى إنتاج الأجسام المضادة».
ويضيف: «بعض اللقاحات تساعد في إنتاج الأجسام المضادة فقط، ولذلك فإن فاعليتها قد تكون محدودة، بينما بعض اللقاحات تستهدف ذراعي المناعة، وهما الأجسام المضادة وخلايا الذاكرة المناعية».
وفي تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، قال د. أحمد سالمان عضو الفريق البحثي الخاص بلقاح «جامعة أكسفورد»، أن أهم ما يميز اللقاح الخاص بهم عن اللقاحات الأخرى هو تحفيزه لذراعي المناعة، وهما إنتاج الأجسام المضادة من الخلايا البائية (B-cells)، وإنتاج خلايا الذاكرة المناعية القاتلة (Cytotoxic T-cells).


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.