بطريرك الكنيسة السريانية الأرثوذكسية: لم أدعم بشار الأسد في الانتخابات.. وغايتنا العيش في سلام

قال إن أكبر ضمانة للمسيحيين وجود حكومة سورية مدنية قوية تؤمن بالحريات

البطريرك أفرام الثاني
البطريرك أفرام الثاني
TT

بطريرك الكنيسة السريانية الأرثوذكسية: لم أدعم بشار الأسد في الانتخابات.. وغايتنا العيش في سلام

البطريرك أفرام الثاني
البطريرك أفرام الثاني

أعرب البطريرك أفرام الثاني، عن قلقه العميق حيال الفرار الجماعي للمسيحيين من المنطقة، بسبب التوترات الراهنة. جاء ذلك بعد لقاءات مع الرئيس النمساوي هاينز فيشر ومجموعات متنوعة من أفراد الجالية السريانية الأرثوذكسية بالنمسا، وكان زار العراق 3 مرات منذ غزو «داعش» مدينة الموصل، فور طرد المسيحيين من سهول نينوى.
والبطريرك أفرام (49 عاما) المولود بمدينة القامشلي بشمال سوريا، تم ترسيمه رئيسا للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مارس (آذار) 2014 في أعقاب وفاة البطريرك السابق زكا الأول، ويدرك أنه تولى هذا المنصب في فترة عصيبة من التاريخ السوري.
وأوضح أفرام أن أولويته الآن هي «زيارة السريان (حول سوريا والعراق)، فهم جميعا مجروحون سواء بدنيا أو روحيا أو نفسيا. ومن واجبنا الوقوف بجانبهم لجعلهم يشعرون بأن هناك من يهتم لأمرهم، لأنهم يتعرضون للإهمال من قبل شعوب الغرب. وداخل سوريا، يشعر المسلمون أيضا بالإهمال». وأضاف أن «الأفراد الذين قدموا (للكنيسة) لطلب العون لم يكونوا من المسيحيين فقط، في الواقع أغلبيتهم من المسلمين. وتضطلع الكنيسة في سوريا بدور كبير في دعم كل من المسلمين والمسيحيين من حيث الدعم المالي ومنشآت الرعاية الصحية والإسكان والتعليم والمشروعات التنموية».
وقال البطريرك: «المسيحيون بالعراق وسوريا هم السكان الأصليون لهذه الأرض، وكانوا هنا منذ ظهور المسيحية، ومن قبلها باعتبارهم شعوب تتحدث السريانية من أصول آشورية وكلدانية وآرامية. وبالنسبة لهم، يعني الرحيل عن هذه المنطقة اقتلاع جذورهم من موطنهم وتقليل عمر مجتمعهم، وهو أمر يثير قلق بالغ». وزار البطريرك العراق 3 مرات منذ غزو «داعش» مدينة الموصل، وفي كل مرة، يصف البطريرك الوضع بأنه «يدمي القلب».
يذكر أن غالبية الأسر التي فرت من «داعش» بشمال العراق أجبرت على التخلي عن قراها وطلب الملاذ في العاصمة الكردية، أربيل. ولبعض الوقت، اضطر الكثيرون منهم للنوم بالشوارع. وقال أفرام: «حمدا لله، خلال زيارتي الأخيرة (لأربيل منذ شهر) لم أر أحدا في خيمة في الشارع، حيث جرى إسكان الجميع. وتشاركت كل 3 أسر في شقة واحدة استأجرتها لهم الكنيسة»، مضيفا أن «الوضع لا يزال سيئا بالفعل، فما تزال غالبية هؤلاء الأفراد راغبين في العودة لقراهم ومدنهم بشمال العراق، لكن كلما طال أمد هذا الوضع، ستتنامى رغبتهم في الرحيل عن الشرق الأوسط بأكمله».
داخل سوريا، تعرض أفرام لانتقادات من قبل المعارضة بسبب تأييده المزعوم للرئيس السوري بشار الأسد، خاصة بسبب مقابلة أجرتها معه وكالة الأنباء السورية بعد فترة وجيزة من ترسيمه رئيسا للكنيسة. وخلال المقابلة، دعا أفرام للمشاركة في الانتخابات الرئاسية السورية التي انطلقت في يونيو (حزيران) .
وفي هذا الصدد، أوضح أفرام: «لم أدعم قط شخصا بعينه. نحن كمسيحيين لم نقف إلى جانب طرف معين في خضم هذا الصراع. نحن لم نعارض أحدا، ولم نساند أحدا. كل ما نريده هو العيش في سلام، ونود حماية شعبنا داخل سوريا وخارجها. ويجب أن نقف إلى جانب القانون والنظام في البلاد».
واستطرد موضحا أن «أكبر ضمانة لنا كمسيحيين وجود حكومة مدنية قوية، وهذا ما نأمل فيه ونتطلع نحوه. ندرك أنه وقعت أخطاء، وأنه ما تزال هناك أخطاء من جانب الحكومة السورية، وأن كثيرا من الحريات غائبة عن سوريا. ونعلم أن البلاد كانت بحاجة لإصلاحات سياسية واقتصادية وغيرها، ونأمل ونبتهل لله أن تقوم سوريا الجديدة على المواطنة المتساوية للجميع، وعلى الحقوق والواجبات المتساوية للجميع وتوافر الفرصة أمام الجميع للمعاونة. ونأمل ونبتهل لله أن يعود جميع السوريين الذين يعشقون بلادهم ويعملوا معا - وأن تعمل الحكومة والمعارضة معا - نحو إعادة بناء سوريا وبناء السلام بداخلها».
وشدد البطريرك على أن «سوريا تنتمي لشعبها. وإذا ترك الشعب السوري لشأنه، بدعم من المجتمع الدولي، ومن دون التحيز لأطراف معينة، أعتقد أننا سنتمكن من استعادة قوتنا وإقرار السلام وإعادة بناء سوريا. إن الناس بحاجة لطمأنتهم بأن بإمكانهم الثقة ببعضهم البعض والعمل معا. وباعتبارنا قيادات دينية، فإننا نتحمل مسؤولية توحيد صفوف الناس وإظهار أنه ما يزال ممكنا لهم قبول بعضهم البعض».
يذكر أن اختطاف اثنين من الأساقفة السريانيين واليونانيين البارزين من حلب بسوريا العام الماضي، كانا بمهمة لإنقاذ قساوسة آخرين مختطفين، أثار قلقا بالغا في أوساط المسيحيين السوريين بالداخل والخارج. وعلق البطريرك على الحادث بقوله: «كانت هذه صفعة كبيرة للكنيسة، وأعتقد أنها حملت رسالة قوية للمسيحيين في سوريا والشرق الأوسط بأن وجودهم هنا مهدد، وهو أمر مخيف بالنسبة لنا».
وقال أفرام: «طلبت من الرؤساء والحكومات ومسؤولي الكنائس بشتى أرجاء العالم معاونتنا. وعندما كنت بالولايات المتحدة، أكدت وزارة الخارجية لنا بادئ الأمر أنها على علم بمكان الأساقفة. وعندما سألناهم إذا كان من الممكن أن ينقلوا إلينا منهم خطابا أو صورة أو رسالة صوتية مسجلة، أجابوا (ليس بإمكاننا ذلك، لكننا نعلم مكانهم وهم يتلقون معاملة طيبة). كان ذلك نهاية العام الماضي.
ومنذ بداية العام الحالي، لم نسمع أي شيء بخصوص هذا الأمر لا من الولايات المتحدة ولا من أي شخص آخر».
وتابع أفرام «مسيحيو العراق واجهوا هجمات متعددة من قبل جماعات تنظيم القاعدة منذ سقوط صدام حسين في عام 2003. وعندما هاجمت (داعش) المسيحيين هذا العام، لم تكن مدينة نينوى محمية من قبل الحكومة الإقليمية الكردية أو حكومة بغداد رغم أن الحكومتين تدعيان امتلاك سلطات قضائية في المنطقة».
وقبل ساعة من حديثه إلى «الشرق الأوسط»، تلقى أفرام أنباء أن الولايات المتحدة تخصص أموالا لتسليح وتدريب مسيحيين بمنطقة سهول نينوى، في تطور تاريخي لمجتمع المسيحيين العراقيين. ورغم استجابته الإيجابية للأنباء، أوضح أفرام أنه: «بالطبع ككنيسة لا نتحدث عن تسليح المجموعات وقتل الأفراد، وإنما نتحدث عن الدفاع عن النفس، وهؤلاء الأفراد لهم الحق في الدفاع عن أنفسهم». وأضاف: «سيحتاجون لمعاونة المجتمع الدولي في القيام بذلك، وكذلك معاونة العناصر الإقليمية سواء كانت حكومة بغداد أو الحكومة الإقليمية الكردية». واستطرد بأنه: «لم يتمكن أحد من حماية شعبنا بالمنطقة حتى الآن، لذا نعتقد أنها مسؤولية المجتمع الدولي أيضا القيام بذلك. ونحن نطالب بتوفير الحماية لنا مثلما حدث مع الأكراد منذ بضع سنوات وكذلك تم منحهم فرصة بناء وحدات دفاعية خاصة بهم».
وأبدى أفرام حزنه على تمزق المجتمع، حيث قال: «كانت سوريا واحدة من أكثر دول الشرق الأوسط تسامحا، حيث عمل الأفراد المنتمون لديانات مختلفة معا وتقبلوا بعضهم البعض، ولم يكن الأمر مجرد تسامح، وإنما كان تقبلا للآخر والعمل معه». وأوضح أن «الانقسامات الدينية لم يكن لها قط أي وجود بالشوارع أو في الأسواق أو بين الناس. كل هذا جديد علينا. إننا نؤمن بأن آيديولوجيا معينة جرى تصديرها لسوريا، وبالتالي شهدنا ظهور داعش وجبهة النصرة والجماعات الأخرى التي تحصد أرواح المسلمين والمسيحيين. وغالبية المسلمين في سوريا لا يتفقون مع هذه المجموعات ولا يؤيدونها».



العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
TT

العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

توالت التطورات الميدانية والسياسية في المحافظات الشرقية من اليمن، على وقع التصعيد العسكري الذي ينفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، ما دفع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى طلب تحالف دعم الشرعية في اليمن للتدخل عسكرياً لحماية حضرموت.

وتقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الانتقالي الداعي للانفصال عن شمال اليمن يستغل الظروف الناجمة عن وساطة التهدئة السعودية - الإماراتية للتوسع عسكرياً، على الرغم من أن الوساطة مستمرة، وهدفها إنهاء الصراع سلماً من خلال انسحاب قوات المجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة، وعودتها إلى معسكراتها خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطة المحلية.

وفي هذا السياق، صرّح مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، رشاد العليمي، أُطلع، إلى جانب عدد من أعضاء المجلس وأعضاء مجلس الدفاع الوطني، على مجمل الأوضاع في محافظة حضرموت، بما في ذلك العمليات العسكرية التي وصفها بـ«العدائية» التي نفذها المجلس الانتقالي خلال الساعات الأخيرة، وما رافقتها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين.

العليمي طلب تدخلاً عسكرياً من تحالف دعم الشرعية لحماية حضرموت (سبأ)

واعتبر المصدر أن هذا التصعيد، المستمر منذ مطلع الشهر الحالي، يمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض، فضلاً عن كونه تقويضاً مباشراً لجهود الوساطة التي تقودها السعودية والإمارات، بالتنسيق مع المجتمع الدولي، بهدف خفض التصعيد وانسحاب قوات المجلس الانتقالي من محافظتي حضرموت والمهرة.

وبناءً على هذه التطورات، تقدم العليمي - وفق المصدر الحكومي - بطلب رسمي إلى قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، لاتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين في محافظة حضرموت، ومساندة القوات المسلحة اليمنية في فرض التهدئة، وحماية جهود الوساطة السعودية - الإماراتية، مجدداً دعوته لقيادة المجلس الانتقالي إلى تغليب المصلحة العامة ووحدة الصف، والامتناع عن مزيد من التصعيد غير المبرر.

المجلس الانتقالي الجنوبي اتخذ إجراءات عسكرية أحادية في حضرموت والمهرة (إ.ب.أ)

وفي السياق ذاته، قالت المصادر الرسمية اليمنية إن العليمي رأس اجتماعاً طارئاً لمجلس الدفاع الوطني، بحضور 3 من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ورئيسي مجلسي النواب والشورى، ورئيس الحكومة، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت، لمناقشة تداعيات الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي، وانعكاساتها الخطيرة على الأمن الوطني والإقليمي.

واطلع الاجتماع - بحسب الإعلام الرسمي - على تقارير ميدانية بشأن الانتهاكات التي طالت المدنيين في حضرموت والمهرة، وصولاً إلى الهجمات الأخيرة في وادي نحب، التي عدّها المجلس «مخالفة صريحة» لجهود التهدئة، وتمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية.

وأكّد مجلس الدفاع الوطني دعمه الكامل للوساطة التي تقودها السعودية، مشدداً على ضرورة عودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، وفق ترتيبات منظمة وتحت إشراف التحالف.

تحذير من العواقب

على وقع هذه التطورات، كانت السعودية أعادت رسم خطوط التهدئة شرق اليمن، عبر بيان واضح صادر عن وزارة الخارجية، شدّد على رفض التحركات العسكرية الأحادية، والمطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الموقف تُرجم ميدانياً بتوجيه ضربة جوية تحذيرية في حضرموت، حملت رسالة مباشرة بعدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة.

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت في إطار الردع الوقائي، محذرة من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أكثر صرامة، في مؤشر على انتقال الرياض من سياسة الاحتواء السياسي إلى ضبط ميداني حاسم لحماية الاستقرار.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي بياناً حاول فيه تبرير تحركاته، معتبراً أنها جاءت استجابة لـ«دعوات شعبية»، ومعلناً انفتاحه على التنسيق مع السعودية، رغم وصفه الضربة الجوية بأنها «مستغربة».

ويرى مراقبون أن أي تنسيق محتمل لن يكون مقبولاً إقليمياً ما لم يبدأ بإنهاء التصعيد، وخروج القوات، وتسليم المعسكرات، والعودة إلى طاولة الحوار، دون فرض الأمر الواقع بالقوة.

منطق الوهم

يحذر سياسيون يمنيون من أن تعنت المجلس الانتقالي وإصراره على عسكرة حضرموت، رغم الجهود الصادقة التي تبذلها السعودية والإمارات، يلحق ضرراً فادحاً بالقضية الجنوبية العادلة نفسها، عبر اختزالها في المدرعات والنقاط العسكرية، بدل تحويلها إلى مشروع سياسي قابل للحياة.

ويستدعي هذا السلوك مقارنات إقليمية مؤلمة، أبرزها تجربة حميدتي وميليشيات الجنجويد في السودان، التي اعتمدت السلاح والإرهاب لتنفيذ أجندات خارجية، وكانت النتيجة خراب المدن وانهيار الدولة. كما يستحضر نموذج جنوب السودان، الذي وُلد من رحم الصراع المسلح، لينتهي إلى دولة منهارة وصراعات داخلية مفتوحة.

رغم إقرار اليمنيين بعدالة القضية الجنوبية فإن المجلس الانتقالي يحاول أن يستغلها للتصعيد شرقاً (أ.ب)

ويؤكد خبراء أن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بالدول والمؤسسات، لا بالميليشيات، وأن تجربة «أرض الصومال» مثال واضح على عزلة المشاريع التي تُفرض بالقوة، مهما طال أمدها. كما أن فشل محاولات انفصال كتالونيا عن إسبانيا يبرهن أن العالم لا يشرعن الانفصال الأحادي خارج الدولة والدستور.

ويجمع محللون على أن حضرموت أكبر من أن تكون غنيمة لميليشيا مناطقية (إشارة إلى هيمنة مناطق بعينها على قرار المجلس الانتقالي)، وأعمق من أن تُدار بالعنف والسلاح، وأن أي محاولة لجرّها إلى الفوضى تمثل جريمة بحق مكاسب الجنوب وفرصه السياسية.

ويرى مراقبون أن عسكرة حضرموت خطوة غير عقلانية، تعكس إصراراً على فرض الأمر الواقع بأدوات الترهيب ذاتها، التي يدّعي المجلس الانتقالي محاربتها، في تحدٍّ صريح لرغبات المجتمع الدولي الداعية إلى ضبط النفس، والحفاظ على استقرار الجنوب واليمن عموماً.

وكان البيان السعودي شدّد على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تكون عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة، بما يحفظ وحدة اليمن ومركزه القانوني، ويمنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.


تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية، من عرقلة ذلك المسار المرتقب أن يدخل حيز التنفيذ بعد أقل من أسبوع في يناير (كانون الثاني) المقبل.

ذلك الموقف المصري، الرافض لتجزئة الإعمار أو تقسيم قطاع غزة أو وضع شروط إسرائيلية بشأن قوات الاستقرار في القطاع، يحمل رسائل مهمة للضغط على إسرائيل قبل لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، وتوقعوا أن تضغط واشنطن لبدء المرحلة الثانية في ضوء تلك الرسائل المصرية.

وأعلن وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، في تصريحات، الجمعة، أن ألمانيا لن تشارك في المستقبل المنظور في قوة دولية للاستقرار في غزة ضمن خطة السلام الخاصة بالقطاع المتوقع أن تنتشر الشهر المقبل.

هذه الخطوة تعزز مخاوف مصرية، تحدث بها رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، متهماً نتنياهو بأنه «يحاول إعادة صياغة المرحلة الثانية وحصرها في مطلب نزع سلاح المقاومة، وهو ما لا ينص عليه الاتفاق، وتدركه الولايات المتحدة جيداً»، مشيراً إلى مساعٍ إسرائيلية لإقحام قوة حفظ الاستقرار في أدوار لا تتعلق بتكليفها، مثل نزع السلاح، وهو أمر لن توافق عليه الدول المشاركة.

وأكد رشوان، الخميس، وفق ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، أن «محاولات نتنياهو قد تؤدي إلى تأجيل أو إبطاء التنفيذ، لكنها لن تنجح في إيقاف المرحلة الثانية»، مشيراً إلى أن «نتنياهو يسعى بكل السبل لتجنب الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ودفع واشنطن إلى مواجهة مع طهران، بما قد يعيد إشعال غزة ويُفشل المرحلة الثانية من الاتفاق».

والخميس، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي، لافتاً إلى أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية - الإيرانية.

أمين عام «مركز الفارابى للدراسات السياسية»، الدكتور مختار غباشي، قال إن التصريحات المصرية واضحة وصريحة، وتحمل رسائل للكيان الإسرائيلي وواشنطن قبل الزيارة المرتقبة، مؤكداً أن الغضب المصري عندما يصل لهذه المرحلة من الرسائل المباشرة، تضع واشنطن في حساباتها الوصول لنقطة تقارب بين القاهرة وتل أبيب.

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن التصريحات المصرية تحمل في طياتها رسائل ومخاوف حقيقية من ترسيخ إسرائيلي للوضع القائم من منظور أمني وليس سياسياً، على أمل أن تتحرك واشنطن بجدية لوضع نهاية له.

منازل مدمرة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا يتوقف الموقف المصري عند مجرد المخاوف، بل يحمل تحذيرات واضحة، وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الخميس، في مقابلة مع التلفزيون المصري، إن «هناك خطين أحمرين في غزة، الخط الأحمر الأول يتمثل في عدم الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، هذا مستحيل، المنطقتان تشكلان وحدة واحدة لا تتجزأ للدولة الفلسطينية القادمة، والخط الأحمر الثاني عدم تقسيم قطاع غزة».

وأضاف أن «الكلام اللغو الذي يقال عن وجود تقسيم القطاع إلى مناطق حمراء وخضراء أو أن الأماكن التي تقع تحت سيطرة إسرائيل مباشرة تأكل وتشرب وترى إعماراً، بينما الـ90 في المائة من الفلسطينيين الموجودين في الغرب تحت دعاوى أن (حماس) موجودة لا يأكلون ولا يشربون، هذا عبث ولن يتم ولن يتم التوافق عليه».

وفي ضوء ذلك، شدد مختار غباشي على أن مصر عندما تعلن خطوطاً حمراء، فهذا حد فاصل، وثمة مخالفات على أرض الواقع غير مقبولة، للقاهرة، مشيراً إلى أن القاهرة تتعمد هذه الرسائل في هذا التوقيت على أمل أن تعزز مسار الوسطاء نحو بدء المرحلة الثانية قريباً، خاصة أنه «إذا أرادت واشنطن فعلت ما تريد، خصوصاً إن كان الأمر يتعلق بضغط على الكيان لوقف مساراته المعرقلة للاتفاق».

وذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم»، الخميس، أن لقاء نتنياهو وترمب المرتقب سيختتم ببيان عن التقدم المحرز نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة.

وأكد رشوان أن جميع الشواهد تؤكد أن الإدارة الأميركية حسمت موقفها من بدء المرحلة الثانية مطلع يناير المقبل، لافتاً إلى أن استقبال ترمب لرئيس الوزراء الإسرائيلي في 29 ديسمبر الحالي يرجح أن يكون إشارة الانطلاق الفعلية للمرحلة الثانية دون لبس.

ويتوقع نزار نزال أن يحاول نتنياهو في مقابلة ترمب، تمرير سردية بقاء إسرائيل في الخط الأصفر وتقسيم غزة وبدء الإعمار في الجزء الذي يقع تحت سيطرتها، موضحاً: «لكن الرسائل المصرية التحذيرية خطوة استباقية لتفادي أي عراقيل جديدة أو تناغم أميركي إسرائيلي يعطل مسار الاتفاق».


ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
TT

ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)

فيما أعاد البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية رسم المسار المطلوب للتهدئة، شرق اليمن، إذ شدد على وقف التحركات العسكرية الأحادية، مع المطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى مواقعها السابقة خارج حضرموت والمهرة، أكدت الرياض موقفها ميدانياً عبر توجيه ضربة جوية تحذيرية، وفق ما أكدته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت لإيصال رسالة مفادها عدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة أو تجاوز الأطر المؤسسية التي تحكم الملف الأمني في المحافظات الشرقية، محذرةً من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أشد صرامة.

الخارجية السعودية كانت وصفت تحركات «الانتقالي» بأنها أحادية وأضرت بمسار التهدئة، داعيةً إلى خروج عاجل ومنظم للقوات وتسليم المعسكرات تحت إشراف التحالف وبالتنسيق مع مجلس القيادة الرئاسي والسلطات المحلية.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بياناً، الجمعة، حاول فيه تبرير تحركاته العسكرية، معتبراً أنها جاءت استجابةً لـ«دعوات شعبية جنوبية» لمواجهة التهديدات الإرهابية وقطع خطوط تهريب الحوثيين.

وأكد «الانتقالي»، في بيانه، أنه منفتح على أي تنسيق أو ترتيبات مع السعودية، معتبراً الضربة الجوية «قصفاً مستغرباً» لا يخدم مسارات التفاهم.

وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن التنسيق والترتيبات سيكون مرحباً بهما من قبل السعودية إذا كانت تصب في إنهاء التصعيد وخروج قوات «الانتقالي الجنوبي» واستلام قوات «درع الوطن» الجنوبية والسلطة المحلية المعسكرات والأمن في محافظتي حضرموت والمهرة. والجلوس للتشاور والحوار من دون الحاجة لاستخدام القوة.

ويتوقع مراقبون أن تؤدي الضربة التحذيرية إلى توصيل رسالة واضحة بأن الرياض قد تضطر للانتقال من سياسة الاحتواء الهادئ إلى فرض خطوط حمر لمنع أي تصعيد بالقوة.

وتشير مصادر «الشرق الأوسط» إلى أن أي تسوية مستقبلية ستقوم على عودة الأوضاع إلى ما قبل التصعيد، مدخلاً أساسياً للحفاظ على وحدة الصف اليمني، ومنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.

كان البيان السعودي أكد على دعم الرياض الكامل لوحدة اليمن وأمنه واستقراره، مشدداً على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تتم عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة.

وكشف البيان عن تنسيق سعودي - إماراتي لإرسال فريق عسكري مشترك إلى عدن، لوضع آلية لإعادة انتشار القوات ومنع تكرار التصعيد، في خطوة عدها مراقبون انتقالاً من التحذير السياسي إلى الضبط التنفيذي الميداني.