السعودية تقترب من إنجاز استراتیجیة متكاملة لقطاع الطاقة

«الطاقة» و«نيوم» تبرمان مذكرة تعاون في ثمانية مسارات حيوية مستهدفة

وزير الطاقة السعودي والرئيس التنفيذي لـ{نيوم» خلال توقيع مذكرة التفاهم  (الشرق الأوسط)
وزير الطاقة السعودي والرئيس التنفيذي لـ{نيوم» خلال توقيع مذكرة التفاهم (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تقترب من إنجاز استراتیجیة متكاملة لقطاع الطاقة

وزير الطاقة السعودي والرئيس التنفيذي لـ{نيوم» خلال توقيع مذكرة التفاهم  (الشرق الأوسط)
وزير الطاقة السعودي والرئيس التنفيذي لـ{نيوم» خلال توقيع مذكرة التفاهم (الشرق الأوسط)

في وقت ينتظر الانتهاء من استراتيجية قطاع الطاقة المتكاملة في السعودية بنهاية العام الجاري، أبرمت وزارة الطاقة السعودية وشركة نيوم السعودية أمس مذكرة تعاون تضمنت ثمانية مجالات في مسارات الطاقة تمثل خريطة طريق في مستهدفات السعودية الطاقوية المستقبلة.
ووقّع وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان في الرياض أمس مذكرة تفاهم مع الرئيس التنفيذي لشركة نيوم المهندس نظمي النصر تهدف إلى تنسيق التعاون بين الجانبين في مجالات الطاقة عموما، والطاقة المتجددة على وجه الخصوص، بالإضافة إلى إنتاج الهيدروجين، وتطبيق مراحل الاقتصاد الدائري للكربون، وتعزيز المحتوى المحلي، والابتكار والتطوير، والذكاء الصناعي في قطاع الطاقة.
وقال الأمير عبد العزيز بن سلمان إن مجالات التعاون المتفق عليها تجسد استراتیجیات المملكة وتوجهاتها نحو الاستفادة من الموارد المتجددة، مثل الطاقة الشمسیة وطاقة الریاح، لتولید الطاقة الكهربائیة، بالإضافة إلى ما ستُسهم به شركة نیوم، من خلال التعاون مع وزارة الطاقة، في إنتاج الهیدروجین، لتحقیق أهداف الاستدامة، والحفاظ على البیئة، مع فتح المجال لتصدیره.
وأبان وزير الطاقة السعودي أن مذكرة التفاهم ستُمكن شركة نیوم من تعزیز التعاون مع وزارة الطاقة، لكونها الجهة المعنیة بإعداد السیاسات والنُظم والإشراف على أوجه نشاط قطاع الطاقة، ولما تمتلكه من خبرات واسعة في المجال.
وقال الأمير عبد العزيز في مؤتمر صحافي أثناء توقيع اتفاق التعاون: «لا مجال لنا إلا أن نكون جادين في تسخير كل قدراتنا لتحقيق هذا المشروع»، مضيفا أن نيوم جزء من خطة «رؤية 2030» التي يتبناها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وترمي لجذب الاستثمار الأجنبي وتوليد الوظائف للحد من اعتماد المملكة على النفط. إلى تفاصيل أكثر في مجالات التعاون المبرمة بين الطرفين.

مزيج الطاقة
وبحسب مذكرة الاتفاقية، ستشمل مجالات التعاون بین وزارة الطاقة وشركة نيوم تشكيل مزيج الطاقة لإنتاج الكهرباء، من خلال تطوير مشاريع الطاقة المتجددة كمصدر لإنتاج الكهرباء وإزاحة الوقود السائل، بما يخفض تكلفة الإنتاج، ويقلل من الانبعاثات، ویلبي الطلب على الكهرباء.
وأوضح الأمير عبد العزيز أن مزيج الطاقة سیدعم تطویر مشاریع الطاقة المتجددة في إنتاج، وزیادة المحتوى المحلي في القطاع ويمكن عملیات إنتاج الهیدروجین الأخضر عبر تحلیل الماء وفصل الهیدروجین وخزنه كمصدر طاقة إضافي.
وفي مشروعات الطاقة المتجددة؛ قال الأمير عبد العزيز: «ستعمل وزارة الطاقة على الإشراف على تنفیذ مشروعات الطاقة المتجددة في مشروع نیوم، التي تستهدف إنتاج ١٥ جیجاواط من الكهرباء، بحلول عام ٢٠٣٠، بالإضافة للقیام بكافة الأعمال التحضیریة من تقییم وقیاس مصادر الطاقة المتجددة في المواقع المختارة، وتقییم شبكة النقل الكهربائي وما تحتاجه من إضافات لربط محطات الطاقة المتجددة بشبكة النقل وذلك لتوفیر احتیاجات (نیوم) من الكهرباء إلى أن تتمكن الشركة من توفیر الطاقة الكهربائیة من مصادرها الذاتیة، والقیام كذلك بالدراسات البیئیة لضمان الالتزام بأعلى المعاییر البیئیة».
وبحسب الأمير عبد العزيز، ستتولى وزارة الطاقة إعداد كافة وثائق طرح مشاریع الطاقة المتجددة في نیوم لاستقطاب الشركات المحلیة والعالمیة الرائدة، ولقد حبا الله نیوم بموقع جغرافي متمیز وظروف مناخية مثالیة مما سیمكن من تولید الكهرباء من الطاقة المتجددة بتكلفة منخفضة عالمیا كما سیسهم ذلك في خفض تكلفة إنتاج الهیدروجین وتعزیز اقتصاداته.
وتضمنت المذكرة التعاون في برامج المركز السعودي لكفاءة الطاقة، حيث سيشمل التعاون تبادل الخبرات في مجال كفاءة الطاقة وترشيد الاستهلاك، ووضع معايير لكفاءة الطاقة تتم الاستفادة منها في مباني ومنشآت نیوم.

الذكاء الصناعي
ومن أوجه الشراكة المهمة، بین الوزارة و«نیوم»، أكد وزير الطاقة السعودي أن الاتفاقية تضمن تطویر وتفعیل تقنیات الذكاء الصناعي، بأشكالها المتعددة، بما یخدم أعمال تولید وإمداد الطاقة، ویُسهم في تأسیس نیوم كمدینة ذكیة تستخدم الذكاء الصناعي في تطویر شبكة كهرباء ذكیة یتم فیها تولید الطاقة من مصادر مختلفة وتوزیعها بتكلفة أقل وكفاءة أعلى.
وأضاف «سیغطي التعاون بین الطرفین دراسة ودعم وتعزیز مشروعات الشبكة الكهربائیة وبنیتها التحتیة، بما في ذلك أعمال التصمیم والبناء والتشغیل، وتطویر ربط الشبكة الكهربائیة في مشروع آمالا، ومشروع إنتاج الهیدروجین ضمن خطة متكاملة لدعم شبكة المنطقة، ومشروع الربط الكهربائي بین المملكة ومصر، إضافة إلى دراسة الوضع التنظیمي لنشاطات تولید الكهرباء والإنتاج المزدوج».

المحتوى المحلي
ومن أهم مجالات التعاون بین الطرفین، أورد الأمير عبد العزيز بن سلمان أن البرنامج الوطني للمحتوى المحلي في قطاع الطاقة سیجري العمل عليه لتعزیز واستدامة المحتوى المحلي في أعمال الطاقة في «نیوم»، من خلال تأهیل الكفاءات الوطنیة بما یتناسب مع طموحات المملكة ومتطلبات مشروعات «نیوم»، وتوفیر فرص لتوطین إٕمدادات المعدات والخدمات، الأمر الذي سیعزز من قیمة الناتج المحلي الإجمالي، ویرجح كفة میزان المدفوعات للصالح العام للمملكة.
ووفق وزير الطاقة السعودي، سيركز التعاون، بين الطرفين، في مجال نشاطات برنامج استدامة الطلب على المواد الهیدروكربونیة، على رفع الكفاءة البیئیة والاقتصادیة لهذه المواد، واستخدام مواد بولیمریة مبتكرة ومستدامة، وبتكلفة منخفضة، خاصة في مرحلة التشييد والإنشاء، والتعاون في مجالات الوقود النظيف في قطاعات النقل المختلفة، خاصة غاز الهیدروجین الأزرق والأخضر مما يعزز من استدامة الطلب على النفط.

الاقتصاد الدائري
ولم تنس الاتفاقية العمل في منظومة الطاقة مع «نیوم» على تطبیق استراتیجیة الاقتصاد الدائري للكربون التي تعتمد على أربعة محاور، بحسب الأمير عبد العزيز، هي تخفیض الانبعاثات، وإعادة استخدم الكربون، واستخدام الكربون كلقیم لمنتجات أخرى وأخیراً نزع الكربون. ويمثل الهیدروجین الأزرق والأخضر إحدى المبادرات المهمة تحت استراتیجیة الاقتصاد الدائري للكربون.
استراتيجية الطاقة المتكاملة
وأشار الأمير عبد العزيز بن سلمان إلى أن السعودية تطمح بجانب كونها أكبر مصدر للنفط في العالم، إلى أن تُصبح إحدى الدول الرئیسية في إنتاج وتصدیر الطاقة من مصادرها المتجددة، حال تكامل البنیة التحتیة وتحقق الجدوى الاقتصادیة. وهذا، بطبیعة الحال، یشمل إنتاج وتصدیر الهیدروجین.
واستطرد الأمير عبد العزيز أنه لهذا السبب تضمنت استراتیجیة قطاع الطاقة المتكاملة، التي یُتوقع الانتهاء منها مع نهایة عام ٢٠٢٠، الهیدروجین بأنواعه كأحد المصادر المتاحة للطاقة، بالإضافة إلى عمل الوزارة مع جهات رئیسية مثل مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولیة، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنیة، و«أرامكو السعودیة»، و«سابك»، التي تُعد جهات رائدة في مجال دراسة الهیدروجین وتطویر تقنیاته وإنتاجه.
وفي هذا الإطار، یعدّ مشروع الهیدروجین الجدید، في نیوم، خطوة أولى نحو إنشاء نشاط جدید ومهم اقتصادیاً في المملكة، سیُسهم في تعزیز النمو، والتنوع الاقتصادي، والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، كما سيرسخ، في الوقت ذاته مكانة نیوم كأحد المراكز الرئیسة والرائدة في مجال إنتاج الهیدروجین.

خطط نيوم
من جانبه، أكّد المهندس نظمي النصر أهمية المذكرة إذ ستعزز وتدعم خطط «نيوم» لأن تكون المنطقة الرائدة عالمياً من ناحية الاعتماد على الطاقة المتجددة بصورة كاملة، نظراً لما تمتلكه الوزارة ومنظومة الطاقة من خبرات في جميع المجالات ذات العلاقة بالطاقة، مبيناً أن التحديات العالمية التي يواجهها قطاع الطاقة تستوجب هذا التعاون بين جميع الجهات ذات العلاقة.
وقال خلال توقيع الاتفاقية إن «مواجهة التغير المناخي تتطلّب المزيد من الجهود والتعاون في مجال الاقتصاد الدائري للكربون، لتقليل الانبعاثات، والاستفادة من الكربون بالشكل الأمثل في دورة الحياة الاقتصادية، بما في ذلك الدور الكبير للهيدروجين في هذا المجال».

الاتفاق تضمن تطوير شبكة الكهرباء الذكية
> واشتملت أنشطة تعاون وزارة الطاقة مع نيوم المبرمة على التنسيق لدراسة ودعم تعزيز مشاريع الشبكة الكهربائية، وبنيتها التحتية في إطار سعي «نيوم» لبناء شبكة نقل كهرباء متقدمة وحديثة لربط مصادر الطاقة المتجددة في منطقة أعمال الشركة والتعاون في مجال الشبكات الذكية وخدمة العملاء.
وبحسب بيان تفصيلي صدر أمس سيكون إحدى أهم المبادرات الاستراتيجية لوزارة الطاقة تطوير الشبكة الكهربائية بتحويلها لشبكة ذكية لتعزيز أمنها وموثوقيتها، ورفع كفاءة تشغيلها وصيانتها، وتحسين مستوى الخدمة الكهربائية المقدمة للمشتركين من خلال زيادة مستوى الرقمنة والأتمتة.
ويأتي على رأس المبادرات مشروع تركيب العدادات الذكية وتطوير مراكز وأنظمة الاتصالات الخاصة بها لجميع المشتركين في المملكة (10 ملايين عداد ذكي) بنهاية الربع الأول لعام 2021، بالإضافة إلى بناء مراكز تحكم متقدمة لشبكات التوزيع، مما سيساهم في أتمتة الكثير من الإجراءات التشغيلية.
كما سيتم بناء قاعدة ضخمة من البيانات التشغيلية للشبكة والمشتركين للاستفادة منها وتحليلها باستخدام تقنيات متقدمة بما يعزز التشغيل الأمثل للشبكة الكهربائية العامة ويتيح للشبكات الذكية الفرصة للمشتركين للتفاعل مع الشبكة الكهربائية عبر التحكم في استهلاكهم وعن طريق تبادل الطاقة الكهربائية بين المشتركين في حال امتلاكهم لمصادر طاقة متجددة.


مقالات ذات صلة

السعودية تجمع 12 مليار دولار من سندات دولية وسط طلب قوي

الاقتصاد ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

السعودية تجمع 12 مليار دولار من سندات دولية وسط طلب قوي

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية بأول طرح لها لسندات دولية هذا العام استقطب طلبات بنحو 37 مليار دولار وهو ما يظهر مدى شهية المستثمرين.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

ارتفاع موافقات التركز الاقتصادي في السعودية إلى أعلى مستوياتها

حققت الهيئة العامة للمنافسة في السعودية رقماً قياسياً في قرارات عدم الممانعة خلال عام 2024 لعدد 202 طلب تركز اقتصادي، وهو الأعلى تاريخياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد العاصمة الرياض (رويترز)

وسط طلب قوي... السعودية تبيع سندات قيمتها 12 مليار دولار على 3 شرائح

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية، في بيع سندات على 3 شرائح، وسط طلب قوي من المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

شهدت عمليات الإقراض العقارية التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الرابع من عام 2024 إلى 28 مليار ريال.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد منشأة «لوسيد موتورز» في كوستا ميسا بكاليفورنيا (رويترز)

«لوسيد» تتفوق على تقديرات تسليم السيارات الكهربائية... وسهمها يرتفع

أعلنت مجموعة «لوسيد» المتخصصة في السيارات الكهربائية عن تسليمات قياسية في الربع الرابع يوم الاثنين، متجاوزة توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

استقالة رئيس وزراء كندا «خبر رائع» لمستثمري الطاقة

ترودو أثناء إعلانه استقالته من زعامة الحزب «الليبرالي» ورئاسة الحكومة الكندية (د.ب.أ)
ترودو أثناء إعلانه استقالته من زعامة الحزب «الليبرالي» ورئاسة الحكومة الكندية (د.ب.أ)
TT

استقالة رئيس وزراء كندا «خبر رائع» لمستثمري الطاقة

ترودو أثناء إعلانه استقالته من زعامة الحزب «الليبرالي» ورئاسة الحكومة الكندية (د.ب.أ)
ترودو أثناء إعلانه استقالته من زعامة الحزب «الليبرالي» ورئاسة الحكومة الكندية (د.ب.أ)

كان الاثنين يوماً رائعاً بالنسبة إلى مستثمري الطاقة في كندا بعد إعلان رئيس وزرائها جاستن ترودو نيته الاستقالة من منصبه الذي تولاه منذ عشر سنوات، بفعل ضغوط كبيرة واجهها، وفي ظل اقتراب الانتخابات التشريعية، وتراجع شعبية حزبه (الحزب الليبرالي) إلى أدنى مستوى.

وأشرف ترودو على أجندة بيئية شديدة الصرامة، بما في ذلك ضريبة الكربون، وسقف الانبعاثات المقترح لعمليات النفط والغاز، الأمر الذي أثار حفيظة صناعة الطاقة، وكذلك المقاطعات الكندية المنتجة للهيدروكربون، وخاصة ألبرتا أكبر مقاطعة منتجة للنفط في كندا، حيث تمثل أكثر من 90 في المائة من الإنتاج الكلي للنفط في البلاد.

وكان تهديد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على الواردات الأميركية من السلع الكندية، بما في ذلك النفط والطاقة، أثار عاصفة نارية في الحكومة الكندية، وأدى إلى استقالة مفاجئة لوزيرة المالية ونائبة رئيس الوزراء كريستيا فريلاند، التي شعرت بأن البلاد بحاجة إلى اتخاذ موقف أكثر جرأة ضد ترمب.

وتعد كندا رائدة في إنتاج النفط والغاز، حيث إنها رابع أكبر منتج للنفط الخام في العالم، وتؤمن ما نسبته 4 في المائة، وخامس أكبر منتج للغاز الطبيعي. وفي عام 2024، بلغ إنتاجها من النفط 5.7 مليون برميل يومياً، في حين أنها تنتج حالياً 18.3 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي يومياً، وفق بيانات الجمعية الكندية لمنتجي النفط.

المقاطعة الأهم إنتاجاً

وقد سارعت مقاطعة ألبرتا، فور إعلان ترودو استقالته، في كشف خطط مع شركة «إنبريدغ» العملاقة في قطاع النفط والغاز، من أجل استكشاف سبل زيادة سعة خطوط الأنابيب في البلاد، في سعيها إلى تحقيق هدفها المتمثل في مضاعفة إنتاج النفط الخام، وزيادة الصادرات إلى الولايات المتحدة.

وقالت رئيسة حكومة ألبرتا، دانيال سميث، الاثنين، إنها ستزيد من صادرات النفط الثقيل من المقاطعة إلى الولايات المتحدة.

وكان ترمب أشار إلى أن إحدى الطرق التي يمكن للدول من خلالها تجنب التعريفات الجمركية المقترحة هي شراء النفط والغاز المنتجيْن في أميركا.

وردت سميث على ذلك قائلة يوم السبت إن الولايات المتحدة تنتج 13 مليون برميل من النفط يومياً، لكنها تستهلك 20 مليوناً، لذا فإن اقتراح ترمب لن ينجح إلا إذا ساعدت ألبرتا في سد هذا العجز الذي يبلغ سبعة ملايين برميل.

رئيسة حكومة ألبرتا دانيال سميث في مؤتمر صحافي بعد كشف خطط التنقيب عن النفط مع شركة «إنبريدغ» العملاقة (حكومة ألبرتا)

انسحاب من مشاريع

لقد أنتج التزام حكومة ترودو بتقييد صناعة النفط والغاز في كندا، انسحاباً من عدة مشاريع. ففي عام 2016، بعد عام واحد فقط من توليه منصبه، ألغت حكومة ترودو خط أنابيب نورثرن غيتواي من ألبرتا إلى ساحل كولومبيا البريطانية. وكان المشروع الذي تبلغ تكلفته 7.9 مليار دولار، والذي وافقت عليه حكومة ستيفن هاربر في السابق، من شأنه أن يوسع فرص الوصول إلى السوق، ويعزز الصادرات إلى آسيا، وفق معهد «فرايزر» البحثي الكندي المعني بالسياسات العامة.

وفي عام 2017، سحبت شركة «ترانس كندا» للطاقة طلبها لبناء خطي أنابيب «إنرجي إيست»، و«إيسترن ماينلاين» من ألبرتا وساسكاتشوان إلى الساحل الشرقي، وكان من شأن ذلك أن يوسع الوصول إلى الأسواق الأوروبية. وأصبحت المشاريع غير مجدية اقتصادياً بعد أن طلبت حكومة ترودو من الشركة حساب انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من إنتاج واستهلاك النفط - وليس فقط النقل، وهو شرط لم يكن جزءاً من التقييمات البيئية السابقة. وفي العام نفسه، تعهد ترودو بـ«التخلص التدريجي» من الوقود الأحفوري في كندا.

وفي عام 2019، سنّت حكومة ترودو مشروع قانون وهو «سي - 69»، الذي أدخل معايير ذاتية - بما في ذلك «التأثير الاجتماعي»، و«الآثار الجنسانية» للمشاريع - في تقييم مشاريع الطاقة الكبرى، مما خلق حالة كبيرة من عدم اليقين. وفي العام نفسه، أقرت الحكومة مشروع قانون وهو «سي - 48»، الذي يحظر ناقلات النفط الكبيرة من الساحل الشمالي لكولومبيا البريطانية، مما يحدّ بشكل أكبر من الوصول إلى الأسواق الآسيوية.

وفي عام 2023، أعلنت حكومة ترودو عن خطط لوضع حد أقصى لانبعاثات قطاع النفط والغاز بنسبة 35 في المائة أقل من مستويات عام 2019 بحلول عام 2030، مع ترك القطاعات الأخرى في الاقتصاد دون مساس. وهو ما يجبر منتجي الطاقة على الحد من الإنتاج. وقد أضافت اللوائح والقواعد الحكومية الجديدة المتعلقة بالميثان، التي تلزم منتجي الوقود بخفض الانبعاثات، إلى تكاليف القطاع والتحديات التنظيمية.

وكما كان متوقعاً، كان لهذه القرارات السياسية تأثير سلبي، وفق معهد «فرايزر»، فقد انخفض الاستثمار في قطاع النفط والغاز على مدى العقد الماضي، من 84.0 مليار دولار في عام 2014 إلى 37.2 مليار دولار في عام 2023، وهو انخفاض بنسبة 56 في المائة. ويعني انخفاض الاستثمار إنفاق أموال أقل لتطوير مشاريع الطاقة الجديدة والبنية الأساسية والتكنولوجيات، وبالتالي توفر عدد أقل من الوظائف وفرص اقتصادية أقل للكنديين في جميع أنحاء البلاد، وخاصة في ألبرتا، التي كانت وجهة للعمال الباحثين عن أجور عالية وفرص أكبر.

وقال المعهد: «الآن في عام 2025، يريد ترمب جذب الاستثمار من خلال تبسيط العمليات وخفض التكاليف، بينما تعمل كندا على إبعاد الاستثمار من خلال اللوائح التقييدية والمكلفة. وإذا استمرت أوتاوا على هذا المسار، فإن الصناعة الرائدة في كندا - وأكبر مصدر للصادرات - ستخسر مزيداً من الأرض لصالح الولايات المتحدة. ولاستعادة قدرتنا التنافسية وجذب الاستثمار، يجب على الحكومة الفيدرالية إعادة النظر في نهجها تجاه قطاع الطاقة، والتخلص من السياسات الضارة التي ستضر بالكنديين اليوم وفي المستقبل».

رافعة مضخة النفط والغاز تورك في ألبرتا (رويترز)

ترحيب واسع

ومع انتشار خبر قرار رئيس الوزراء، لجأ بعض المستثمرين والتجار في قطاع الطاقة إلى وسائل التواصل الاجتماعي للاحتفاء بهذا الخبر. وقالت «جمعية منتجي النفط الكندية» إن قطاع الطاقة في كندا يبحث عن قيادة فيدرالية «ترسل إشارة مفادها أن كندا مستعدة لعودة الاستثمار في قطاع الموارد لدينا، وتنمية دورنا بصفتنا مورداً آمناً للطاقة للعالم».

وقالت رئيسة الجمعية ليزا بايتون في بيان إن «انتقال القيادة الوشيك يخلق حالة من عدم اليقين للشركات مع وضع خططها لعام 2025 موضع التنفيذ، ولكنه يوفر أيضاً الفرصة للحكومة الفيدرالية الجديدة للتحول إلى التركيز على النمو».

وقالت المستشارة الخاصة لشؤون الطاقة في مجلس الأعمال الكندي، هيذر إكسنر - بيروت، إنها تعتقد أن الشعور السائد في قطاع النفط، يوم الاثنين، كان (الشعور بالارتياح). وأضافت أن قطاع النفط والغاز الكندي كانت له علاقة متوترة مع حكومة ترودو على مدى العقد الماضي، وقد تم النظر إلى كثير من السياسات التي تم طرحها تحت قيادته على أنها معادية تماماً لتطوير النفط والغاز.

فيما قال الشريك ومدير المحفظة الأول في شركة «ناين بوينت بارتنرز»، إريك نوتال، لـ«بلومبرغ» الاثنين: «اليوم هو يوم رائع لمستثمري الطاقة، وهو يوم كنت أصلي من أجله لسنوات كثيرة... كانت السياسات الاقتصادية لجاستن ترودو على مدى السنوات التسع أو العشر الماضية فاشلة تماماً، ولكن على وجه التحديد فيما يتعلق بالطاقة، وبصفة كندا ثالث أكبر دولة تمتلك احتياطيات النفط في العالم، ورابع أكبر منتج، فمن المستحيل أن نطلب رئيس وزراء أكثر عدائية».

ولفت نوتال إلى أن الحكومة الفيدرالية نفذت على مدى العقد الماضي سياسات كانت ضارة بمنتجي النفط والغاز الكنديين، وفي نهاية المطاف ثبطت الاستثمار الأجنبي في هذا القطاع. وقال: «كان مستوى الاهتمام بأسهم الطاقة الكندية مرتفعاً، إلا أن تراكم كل هذه السياسات العدائية منع رأس المال الأجنبي من الاستثمار في كندا، والاستثمار في أسهم الطاقة الكندية، لذا أعتقد أن إعلان اليوم هو بداية لإلغاء خصم المخاطر السياسية المطبق على أسهمنا».

ورأى أن الحكومة المحافظة بقيادة بيار بواليفير ستكون أكثر ودية تجاه قطاع الطاقة الكندي، وستعزز أسعار أسهم النفط والغاز الكندية.

وزعم نوتال أن التأثير الإيجابي الأكبر الذي قد تخلفه حكومة المحافظين على قطاع الطاقة في كندا ربما يكون إزالة السياسات القائمة التي يقول إنها تضر بالصناعة، مثل ضريبة الكربون المثيرة للجدل. وقال إن «الأمر يتعلق حقاً بإلغاء التشريعات المقترحة، والقضاء على إمكانية الإعلان عن أي سياسات مجنونة، وجعل شركاتنا أكثر قدرة على المنافسة... يجب أن تتداول أسهمنا بسعر أعلى من نظيراتها العالمية. نحن نتداول بسعر مخفض مقارنة بنظرائنا العالميين، والسبب الوحيد وراء ذلك هو الحكومة على مدى السنوات التسع الماضية التي كانت معادية بشكل لا يصدق لهذا المجال».

أسهم النفط

وقد ارتفعت أسهم النفط والغاز الكندية، يوم الاثنين، بعد أنباء استقالة ترودو. وقفزت أسهم النفط والغاز الكندية لتتصدر جميع القطاعات الأخرى من حيث المكاسب، حيث ارتفع مؤشر الطاقة «S&P/TSX» بما يصل إلى 2 في المائة في تعاملات منتصف اليوم، قبل أن يستقر عند الإغلاق مرتفعاً بنسبة 0.79 في المائة.