بعثة أفريقية في باماكو للقاء الانقلابيين والرئيس المخلوع

اختيار «مدني ذي خلفية عسكرية» رئيساً للمرحلة الانتقالية

وفد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا يقوده رئيس نيجيريا السابق غودلوك جوناثان (الثاني من اليسار) (أ.ف.ب)
وفد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا يقوده رئيس نيجيريا السابق غودلوك جوناثان (الثاني من اليسار) (أ.ف.ب)
TT

بعثة أفريقية في باماكو للقاء الانقلابيين والرئيس المخلوع

وفد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا يقوده رئيس نيجيريا السابق غودلوك جوناثان (الثاني من اليسار) (أ.ف.ب)
وفد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا يقوده رئيس نيجيريا السابق غودلوك جوناثان (الثاني من اليسار) (أ.ف.ب)

تواصل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) الضغط على قادة الانقلاب العسكري في مالي من أجل العودة إلى ثكناتهم، وتسليم السلطة للمدنيين، واستعادة ما تسميه «الشرعية»، وذلك من خلال وفد «رفيع المستوى»، يقوده رئيس نيجيريا السابق غودلوك جوناثان، من المنتظر أن يلتقي خلال زيارته الرئيس إبراهيم ببكر كيتا الذي أعلن استقالته بعد ساعات من الانقلاب، وهو المعتقل من طرف الانقلابيين منذ يوم الثلاثاء الماضي.
وفي غضون ذلك، واصل قادة الانقلاب في مالي العمل على تهدئة الأجواء العامة في البلاد، وتهيئة الأرضية لمرحلة انتقالية يشارك المدنيون في تسييرها، وسط مظاهرة نظمتها المعارضة لدعم تحرك العسكريين، رغم الضغط الدولي والإقليمي الرافض لتغيير نظام الحكم بالقوة، والمطالب بعودة «الشرعية».
وخرج الآلاف من الماليين بعد صلاة أول من أمس (الجمعة) إلى ساحة الاستقلال، وسط العاصمة باماكو، للاحتفال بتحقيق أكبر مطلب رفعته المعارضة خلال أكثر من شهرين من الاحتجاج، وهو استقالة الرئيس كيتا، وحضر المظاهرة بعض قادة الانقلاب، كما رفعت شعارات مؤيدة للتحرك العسكري الأخير، ورحب قادة الحراك المعارض بما أعلن عنه الجيش حتى الآن.
واستقبلت حشود المعارضة كلاً من «مالك دياو» الرجل الثاني في «اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب»، والناطق باسم الانقلابيين الكولونيل «إسماعيل واغي»، فيما قال الأخير أمام الحشود: «جئنا لنشكر الشعب المالي على دعمه، ولم نقم سوى باستكمال العمل الذي بدأتموه».
وكان قادة الانقلاب قد أعلنوا تشكيل «لجنة وطنية لإنقاذ الشعب»، تضم عدداً من قادة مختلف التشكيلات العسكرية والأمنية. كما أكدوا عزمهم على اختيار رئيس يتولى تسيير مرحلة انتقالية يكون «مدنياً أو عسكرياً»، والراجح أنه سيكون «مدنياً ذا خلفية عسكرية». وأعلنوا كذلك عزمهم على تشكيل حكومة انتقالية تضم مختلف الطيف السياسي في البلاد، بما في ذلك الأحزاب المساندة للرئيس كيتا.
وعقد قادة الانقلاب لقاءات مع المعارضة، ممثلة في الإمام محمود ديكو الرجل القوي الذي قاد الاحتجاجات خلال الشهرين الأخيرين المطالبة باستقالة الرئيس، وقد أعلن الإمام محمود ديكو أنه بعد أن اجتمع بقادة الجيش، قرر الانسحاب من المشهد السياسي، والعودة إلى مسجده ومنبره، مشيراً إلى أن ما كان يسعى إليه قد تحقق، وفي ذلك إشارة إلى ثقته في قدرة الجيش على ما كان يسميه «إعادة تأسيس مالي».
واتخذ الانقلابيون جملة من الإجراءات لتهدئة الوضع الداخلي، من أبرزها دعوة الموظفين والمواطنين للعودة إلى أعمالهم بشكل طبيعي، بالإضافة إلى فتح الحدود البرية والجوية للبلاد، مؤكدين في الوقت ذاته تمسكهم بجميع الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالحرب على الإرهاب، في شمال ووسط البلاد، إلا أنهم في المقابل يواجهون ضغطاً إقليمياً ودولياً متصاعداً للتخلي عن السلطة.
وعبر قادة الانقلاب عن ترحيبهم بجميع الجهود التي تقوم بها دول الجوار، وأكدوا أنهم سيستقبلون «بكل سرور» بعثة مجموعة دول غرب أفريقيا، مشيرين إلى أن ما حدث «ليس انقلاباً عسكرياً، وليست هناك مجموعة عسكرية حاكمة؛ هناك فقط ماليون تولوا مسؤولياتهم».
وبدا واضحاً أن عودة الرئيس كيتا إلى سدة الحكم لم تعد مطروحة بالنسبة لقادة الانقلاب، وبالنسبة للشارع في مالي، وهو الموجود قيد الاعتقال في ثكنة عسكرية بالقرب من العاصمة باماكو، وهي الثكنة التي انطلق منها الانقلابيون، والتي تشكل مركز قوتهم.
وأعلنت بعثة الأمم المتحدة لحفظ الاستقرار في مالي أن وفداً منها التقى الرئيس كيتا في مكان اعتقاله، واصفة الظروف التي يوجد فيها بـ«المعقولة»، هو وأكثر من 17 مسؤولاً يوجدون قيد الاعتقال، بعد أن أفرج الانقلابيون عن اثنين منهم، هما وزير الاقتصاد والمالية ومسؤول رفيع في رئاسة الجمهورية.
وتشير بعض المصادر إلى أن قادة الانقلاب يفاوضون من أجل نفي الرئيس كيتا إلى خارج البلاد، وتُطرح دولة السنغال المجاورة بصفتها خياراً مناسباً، وهي التي سبق أن نفي إليها كثير من رؤساء مالي السابقين الذين أطيح بهم في انقلابات عسكرية، ولكن لم تتحدث أي مصادر رسمية عن هذه المفاوضات.
من جهة أخرى، تباينت قوة المواقف الدولية تجاه الانقلاب الذي وقع في مالي، إذ أعلنت الولايات المتحدة الأميركية تعليق أشكال الدعم العسكري لدولة مالي كافة بعد الانقلاب، وبررت ذلك بما جاء على لسان مبعوثها إلى الساحل، بيتر فام، حين قال إنه «ما زال من المجهول المعلومات المرتبطة بالقوى العسكرية المشاركة في التمرد في مالي، ولمن ولاؤها»، متحدثاً عن اتصالات بين الأميركيين وقادة الانقلاب، مشدداً على أن ذلك «لا يعني اعترافاً بالمجموعة العسكرية».
أما فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة لدولة مالي، فقد أعلنت منذ البداية رفضها للانقلاب، وأكدت أنها تدعم الموقف والجهود التي تقوم بها مجموعة دول غرب أفريقيا، ولكنها في الوقت ذاته أعلنت استمرار الحرب على الإرهاب، بالتعاون مع الجيش المالي.
ولكن اللافت في التطورات الأخيرة التي شهدتها مالي هو دخول روسيا بصفتها قوة مؤثرة، إذ كان السفير الروسي في باماكو أول سفير يلتقي به الانقلابيون. كما رفعت الأعلام الروسية في ساحة الاستقلال خلال المظاهرة المؤيدة للانقلاب، وعبرت كثير من الشخصيات خلال المظاهرة عن دعمهم لتعزيز التعاون العسكري مع روسيا، وهو ما يتزامن مع إحساس بالنقمة في الشارع المالي ضد فرنسا التي تنشر في البلاد أكثر من 5 آلاف جندي منذ 2013 للحرب على الإرهاب. ويرى الماليون أنها لم تنجح في ذلك، ويحملونها مسؤولية حماية الرئيس كيتا. وفي غضون ذلك، ظهرت أصوات جديدة لدى بعض الدول الأفريقية، على غرار السنغال، تدعو إلى ضرورة التريث في التعامل مع الأزمة في مالي، وعدم الدفع بها نحو مزيد من التأزم.
وتعيش مالي منذ 2012 أوضاعاً أمنية صعبة، في ظل انتشار جماعات إرهابية تابعة لـ«القاعدة» و«داعش» في شمال البلاد، وتطورت الأمور إلى حرب عرقية في وسط البلاد، مع فقدان الجيش للسيطرة على مناطق واسعة من البلاد، وعجز الدولة عن توفير الخدمات الأساسية وتأمين السكان المحليين.
ومع ذلك، تنتشر في مالي قوة «برخان» الفرنسية (5100 جندي)، وبعثة أممية لحفظ السلام (15 ألف جندي)، وقوة عسكرية مشتركة لدول الساحل الخمس (5 آلاف جندي)، مع مئات الجنود الأوروبيين، إلا أن كل هذه القوات العسكرية لم تنجح في استعادة الأمن في هذا البلد الذي يعد من أفقر بلدان العالم.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».