حكومة «الوفاق» تسعى لاحتواء «بوادر تمرد» شعبي في الغرب

TT

حكومة «الوفاق» تسعى لاحتواء «بوادر تمرد» شعبي في الغرب

سعت القوات الموالية لحكومة «الوفاق» الليبية، إلى احتواء بوادر تمرد شعبي في غرب البلاد، بعد تصاعد الاحتجاجات على أداء الحكومة المعترف بها دوليا.
وبشكل مفاجئ، تحدثت «عملية بركان الغضب» التي تشنها قوات «الوفاق» عن قيام القوة المشتركة التابعة لها، ابتداء من أمس بما وصفتها بعمليات واسعة للمجاهرة بالأمن في محيط الأصابعة وغريان، بهدف «نزع السلاح من أي تشكيلات تهدد الاستقرار وتشكل خطراً على الدولة»، على حد تعبيرها.
وبعد يوم واحد فقط من إعلان فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي، عن وقف العمليات العسكرية التي تشنها قواته في جميع أنحاء البلاد، وإصداره تعليمات إليها بشأن وقف إطلاق النار، عززت قوات «الوفاق» من سيطرتها على مدن خاضعة لهيمنتها بالأساس في الغرب الليبي، بعدما تصاعدت شكاوى المواطنين المحليين وتحولت إلى مظاهرات شعبية للمرة الأولى. وأرجعت وسائل إعلام محلية ليبية استمرار مظاهر الاحتجاج ضد حكومة «الوفاق» في مدينة الزاوية بغرب البلاد، إلى تردي الأوضاع المعيشية وهيمنة الميليشيات على مقدرات المواطنين، واتهمت فتحي باشاغا وزير الداخلية بالحكومة، بإعطاء الميليشيات الإذن باستخدام السلاح والرصاص الحي لتفريق المتظاهرين الذين اعتبروه في مظاهرات أول من أمس، سببا للأزمات والفتنة في الغرب الليبي، لكنه ينفي ذلك.
وبالإضافة إلى إشعال النيران في إطارات السيارات، حطم المتظاهرون أماكن الراحة الخاصة بشرطة مرور مدينة الزاوية، التي اعترض مجلس حكمائها على قرار باشاغا بمنع علي اللافي مدير أمن المدينة من مواصلة عمله، وطالب الحكومة بإسناد عملية تأمين معبر (راس اجدير) الحدودي مع تونس إلى ميليشيا القوة المشتركة.
وتعهد خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة الموالي لحكومة «الوفاق» باستخدام القوة لمنع المظاهرات، وقال في بيان مقتضب عبر «تويتر»: «لن نسمح لأي شخص بالمساس بمبادئ ثورة فبراير (شباط) وسنتصدى لكل من تسول له نفسه خلق الفتنة والقيام بأعمال التخريب تحت اسم حرية التعبير والتظاهر السلمي».
وكانت قوات «الوفاق» قد سيطرت قبل نهاية شهر مايو (أيار) الماضي على مدينة الأصابعة التي تبعد 120 كيلومترا جنوب غربي العاصمة طرابلس، بعد اشتباكات استمرت يومين مع قوات «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر. كما تمكنت قوات الوفاق من السيطرة على مدن الساحل الغربي حتى الحدود التونسية مرورا بقاعدة «الوطية» الجوية الاستراتيجية بعد إخفاق العملية العسكرية التي أطلقها «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، منذ 14 شهرا للسيطرة على العاصمة طرابلس.
قبل أن يُمكّن الدعم التركي حكومة الوفاق من إجباره على التقهقر في يونيو (حزيران) الماضي.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».