الليبيون يعانون من انقطاع الكهرباء ونقص المياه في الصيف

الأزمة تتعمق مع تزايد سرقة الكابلات

عمال يصلحون مولدات كهربائية في ورشة أثناء انقطاع التيار الكهربائي بمصراتة (رويترز)
عمال يصلحون مولدات كهربائية في ورشة أثناء انقطاع التيار الكهربائي بمصراتة (رويترز)
TT

الليبيون يعانون من انقطاع الكهرباء ونقص المياه في الصيف

عمال يصلحون مولدات كهربائية في ورشة أثناء انقطاع التيار الكهربائي بمصراتة (رويترز)
عمال يصلحون مولدات كهربائية في ورشة أثناء انقطاع التيار الكهربائي بمصراتة (رويترز)

على ظهر سيارة شحن صغيرة، حمل المواطن الليبي عيساوي عبد الكريم، مولداً كهربائياً قديماً إلى ورشة مختصة بصيانة الآلات الكهربائية، سعياً للتغلب على انقطاع التيار الكهربائي في منطقة جنزور، غرب العاصمة طرابلس، التي يقطنها وتعاني مثل مناطق عديدة بالبلاد من انقطاع الكهرباء لمدد تصل إلى 15 ساعة في اليوم.
ويعاني الليبيون، منذ سنوات طويلة، خصوصاً في غرب وجنوب البلاد، من انقطاع الكهرباء، قبل أن تصل هذه الأزمة إلى مناطق شرق ليبيا، التي ظلت لسنوات بمنأى عن ذلك، لكن توقف إنتاج وضخ النفط عمم المشكلة على أنحاء عدة بالبلاد.
وحال عبد الكريم (57 عاماً)، الذي بث شكايته لفضائية محلية، أمس، لا يختلف عن عموم الليبيين الذين يعانون من تبعات انقطاع الكهرباء، والمياه أيضاً، في طرابلس العاصمة وما حولها، ويتجهون لصيانة مولدات الكهرباء لعدم مقدرتهم على شراء أخرى حديثة، يقول: «أصبحنا غير قادرين على المعيشة، فالضي دائماً هارب، والمياه تقطع كثيراً بسبب تعطل الضخ من منظمة النهر الصناعي، وهناك حالة غلاء لا أستطيع أن أنفق على أسرتي».
ومن بداية فصل الصيف، تواصل الكهرباء الانقطاع بشكل شبه دائم، ما دفع بعض المواطنين إلى ترويج «هاشتاغ» يطالب بـ«إسقاط المجلس الرئاسي»، لكن الأخير ممثل في حكومة «الوفاق» يقول إنه يبذل أقصى ما يمكن لإعادة انتظام شبكة الكهرباء.
وسبق للشركة العامة للكهرباء أن أرجعت جانباً من أسباب انقطاع التيار إلى رفض بعض المناطق لفكرة «طرح الأحمال» باستخدام القوة، لكنها شددت مساء أول من أمس، على أنها تتبع «مبدأ المساواة بين المدن والبلدات في هذا الإجراء»، نافية ما تردد عن أنها اتفقت في اجتماع عقد بطرابلس، الأربعاء الماضي، مع أعيان ومشايخ بمدينتي الخمس والزاوية، في غرب البلاد، على عدم تخفيف الأحمال، وقالت: «كل ما يتداول عبر صفحات التواصل الاجتماعي بخصوص اجتماعه مع قيادات ليبية يتعلق برفضهم طرح الأحمال بمدنهم أخبار عارية عن الصحة».
ويهرع الليبيون، خصوصاً فئة الشباب، إلى البحر هرباً من حرارة الطقس التي تتجاوز عادة 45 درجة مئوية في بعض المناطق، لا سيما بجنوب البلاد، الذي يعاني نقصاً حاداً، بجانب انقطاع التيار، في الوقود، فضلاً عن ارتفاع أسعاره في السوق السوداء. وتعاني شبكة الكهرباء في غرب البلاد من تدمير واسع على خلفية الحرب التي دامت على العاصمة قرابة 13 شهراً، بالإضافة إلى تعرض محولات وخطوط التيار إلى سرقات عديدة.
وقالت الشركة العامة للكهرباء، في مجموعة بيانات متتالية، خلال اليومين الماضيين، إن «ظاهرة سرقة أسلاك الكهرباء متواصلة دون أي رادع»، مشيرة إلى أن مجموعة من اللصوص المجرمين اعتدوا على «خط الخزان تفريعة فلاح محطة 30 سوق الخميس»، وسرقوا أسلاك ضغط عالٍ تقدر بمسافة 600 متر، مما تسبب في فقد التغذية عن أحد المحولات، لافتة إلى أنه تم إبلاغها أيضاً بسرقة جزء من معدات ضغط منخفض وسرقة بسبار نحاس من محطة الأسلاك بدائرة توزيع الكريمية.
وطالبت الشركة بضرورة «وضع حد لهذه الظاهرة الغريبة التي انتشرت في ليبيا من قبل بعض النفوس الضعيفة لتحقيق مصالح شخصية، حماية لمكونات الشبكة الكهربائية من هذا العبث الذي يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي على منازل المواطنين لعدة أيام، ما يزيد من معاناة المواطن».
ونوهت شركة الكهرباء إلى أن الفرق الفنية التابعة لها تواصل «إصلاح الدمار الذي خلفته الحرب في مكونات الشبكة الكهربائية، من محطات توزيع، ومحولات وأبراج وخطوط لنقل الطاقة»، لكنها أشارت إلى «حجم الأضرار واتساع رقعتها في جنوب العاصمة طرابلس، فإن أعمال الصيانة لمكونات الشبكة تتطلب الكثير من الوقت والجهد والإمكانات، وفرق الصيانة ما زالت تعمل بجهد متواصل على صيانة مكونات الشبكة الكهربائية في كافة المناطق».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».