الفصائل الموالية لإيران تتوعد أميركا في العراق

قتيل باستهداف رتل إمدادات للتحالف الدولي جنوب بغداد

TT

الفصائل الموالية لإيران تتوعد أميركا في العراق

يبدو أن زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى واشنطن، ولقاءه كبار المسؤولين الأميركيين وعلى رأسهم الرئيس دونالد ترمب، أثارا غضب واستياء الفصائل الميليشياوية، أو جماعات ما يسمى «محور المقاومة» الموالي لولاية الفقيه الإيرانية. وبدا ذلك واضحاً من خلال التصريحات والبيانات والأفعال التي صدرت عن ممثلي هذا المحور في غضون اليومين الأخيرين، وحتى قبل وصول الكاظمي إلى واشنطن.
ولعل أوضح الأعمال التي قامت بها جماعات هذا المحور قبل وبعد وصول رئيس الوزراء إلى واشنطن، هي تلك الأعمال المسلحة بصواريخ «الكاتيوشا» والعبوات الناسفة التي شنتها على المعسكرات وقوافل الإمدادات المدنية لقوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، الآتية من منافذ وموانئ جنوب البلاد.
وينظر كثير من المراقبين المحليين إلى «غضب» الفصائل المسلحة على زيارة الكاظمي بوصفه دليلاً على نجاحها بالنسبة لمصالح العراق، والعلاقات الاستراتيجية التي تربطه بالولايات المتحدة.
واستمراراً للسلوك العدائي الذي باشرته الفصائل المسلحة منذ أشهر، أعلنت خلية الإعلام الأمني، أمس، عن «انفجار عبوة ناسفة على عجلة (مركبة) تابعة لإحدى الشركات العراقية المتعاقدة مع قوات التحالف الدولي في منطقة عويريج جنوبي العاصمة بغداد، ما أدى إلى حرق عجلة مدنية واستشهاد سائقها». وفي حادث آخر، أعلنت الخلية إحباط محاولة لاستهداف أرتال على الطريق السريع جنوبي العاصمة.
ووقعت في غضون الأسبوعين الأخيرين أكثر من 10 عمليات استهداف لقوافل الأرتال والإمدادات المدنية لقوات التحالف، في مسعى من جماعات الفصائل «الولائية» لإرغامها على الانسحاب من العراق طبقاً للرغبة الإيرانية.
أما على مستوى البيانات التي تعبر عن انزعاج وغضب الفصائل الولائية، فقد أصدرت «فصائل المقاومة العراقية»، أمس، بياناً مطولاً حول زيارة رئيس الوزراء إلى واشنطن، أبدت فيه غضباً واضحاً على نتائج الزيارة، وهددت بالتصعيد ومواصلة استهداف المصالح الأميركية في العراق. وقال البيان إن بعد «عودة رئيس الوزراء من غير تحقيق قرار الشعب والبرلمان والحكومة، وما قطعه من وعد على نفسه معنا ومع القوى العراقية، بأن يكون رجل دولة بحجم العراق يدافع عن سيادة بلده وينهي الاحتلال الأميركي، فإن المقاومة العراقية الأبية التي خرجت من رحم العراق وتنتمي إلى عشائره الأصيلة، لها الحق القانوني والمشروع في حال لم يتفق على الانسحاب الكامل للمحتل، بالانتقال من مرحلة العمل المقاوم التدريجي السابق ومنح الفرصة للحوار السياسي، إلى مرحلة التصعيد واستهداف كل المصالح الأميركية».
وكان البرلمان العراقي وبضغط من القوى الحليفة لإيران داخله، قد صوَّت في يناير (كانون الثاني) الماضي على قرار إخراج القوات الأميركية من العراق، عقب مقتل قائد «فيلق القدس» الإيراني السابق قاسم سليماني، ونائب رئيس «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، بصاروخ أميركي قرب مطار بغداد الدولي.
من ناحية أخرى، أكد وزير الدفاع العراقي جمعة سعدون عناد الذي رافق رئيس الوزراء في زيارته إلى واشنطن، استمرار التعاون بين القوات العراقية والتحالف الدولي لهزيمة تنظيم «داعش» في العراق. وقال الوزير في تغريدة على «تويتر» إنه عقد اجتماعاً مع نظيره الأميركي مارك إسبر، و«ناقشنا معه الشراكة الأمنية الثنائية، وأكدنا على استمرار التعاون بين القوات العراقية والتحالف الدولي لهزيمة (داعش)».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».