إسرائيل و«حماس» تواصلان «تصعيداً محدوداً» بانتظار «نتائج المفاوضات»

TT

إسرائيل و«حماس» تواصلان «تصعيداً محدوداً» بانتظار «نتائج المفاوضات»

واصلت إسرائيل و«حركة حماس» الدوران في الحلقة نفسها في قطاع غزة، فقصفت الأولى مواقع للحركة في القطاع، فيما أطلقت الأخرى مزيداً من البالونات الحارقة تجاه مستوطنات الغلاف، في محاولة لكل طرف فرض مزيد من الضغط أثناء المفاوضات.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن دباباته قصفت فجر أمس، الخميس، مواقع لـ«حركة حماس» في قطاع غزة، رداً على إطلاق بالونات حارقة من القطاع الفلسطيني، في ليلة جديدة من التصعيد بين الطرفين.
وقال الناطق باسم الجيش، في بيان له: «قصفت دبابات جيش الدفاع قبل قليل نقاطاً عسكرية تابعة لـ(منظمة حماس) الإرهابية في قطاع غزة رداً على إطلاق البالونات الحارقة والمفخخة من القطاع نحو الأراضي الإسرائيلية».
ومنذ 6 أغسطس (آب) الحالي تشنّ إسرائيل كل ليلة تقريباً قصفاً جوياً أو برياً على القطاع رداً على إطلاق ناشطين منه بالونات حارقة، وفي مرتين صواريخ.
وأطلقت «حماس» أمس عدداً من البالونات الحارقة، تسببت باندلاع كثير من الحرائق.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن 16 حريقاً اندلع أمس جراء بالونات تحمل مواد حارقة ومتفجرة، انطلقت من قطاع غزة نحو مستوطنات إسرائيلية في غلاف غزة، 7 من هذه الحرائق اشتعلت في إحدى الغابات في المنطقة.
واشتعلت 7 حرائق في حرش كيسوفيم، المجاور لقطاع غزة، و9 أخرى في مناطق مختلفة محاذية للقطاع، من بينها حريق في ساحة منزل بكيبوتس نير عام. كما اشتكى المستوطنون أمس من تصريف قطاع غزة مياه الصرف الصحي تجاه مستوطناتهم شمالاً.
وذكر موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، أن بلديات غزة تعمّدت ذلك، وأن مياه الصرف الصحي تدفقت بشكل كبير في محيط كيبوتس ناحال حانون، ضمن المجلس الإقليمي «شاعر هنيغف».
وكانت محطة معالجة مياه الصرف الصحي توقفت في غزة بسبب أزمة الكهرباء.
ومنعت إسرائيل تدفق الوقود إلى القطاع، ما تسبب في إيقاف محطة الكهرباء الوحيدة، ضمن إجراءات عقابية أخرى شملت إغلاق البحر بشكل كامل، وإغلاق معبر كرم أبو سالم.
وعمدت إسرائيل إلى سحب هذه «التسهيلات» مقابل طلب «حماس» إدخال تسهيلات جديدة عبر تصعيد البالونات الحارقة. وبدأت «حماس» الأسبوع الماضي تصعيداً عبر إطلاق البالونات الحارقة من جديد تجاه إسرائيل، وفعّلت مظاهرات ليلية من أجل الضغط على إسرائيل لتنفيذ تسهيلات كان متفق عليها سابقاً.
وطلبت «حماس» موافقة إسرائيل على مشروعات البنية التحتية الاقتصادية المتعلقة بالكهرباء والمياه، والسماح بحركة الاستيراد والتصدير، وزيادة تصاريح العمل للعمال الغزيين إلى 100 ألف تصريح، وزيادة مساحة الصيد إلى 20 ميلاً، وفتح معبر كرم أبو سالم التجاري دون إغلاق، إضافة إلى تنفيذ مشروعات متفق عليها سابقاً عبر الأمم المتحدة، وإدخال مواد كانت ممنوعة، والإبقاء على المنحة القطرية ومضاعفتها لتصل إلى 200 ألف أسرة، بدلاً من 100 ألف.
ومثلت هذه الطلبات شروط «حماس» من أجل التوقف عن إرسال البالونات الحارقة من القطاع إلى مستوطنات الغلاف، وإنهاء المظاهرات الليلية، لكن إسرائيل رفضت التجاوب في ظل التصعيد. وأكدت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، أن المفاوضات مستمرة بين إسرائيل و«حماس» عبر مصر.
وأكدت صحيفة «يديعوت أحرنوت» أمس، أن المفاوضات متعثرة بسبب كثرة مطالب «حماس»، وأن الفشل في حدوث اختراق دفع بأن تكون المفاوضات عن بعد.
وأوضحت الصحيفة أن الاتصالات تجري من القاهرة والدوحة عبر الهاتف، ويشارك فيها مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف.
ولا يسعى الطرفان إلى مواجهة مفتوحة.
وأكدت مصادر إسرائيلية أنه حتى الآن لم يتحدد في إسرائيل ما الخطة التي سيتم العمل بها تجاه غزة. وأضافت: «في إسرائيل المستويان السياسي والأمني غير معنيين بالتصعيد، وهناك قضايا أهم الآن من التصعيد على جبهة غزة، وفي ذات الوقت لا يمكن السماح باستمرار إطلاق البالونات بدون ردّ وإظهار الضعف أمام (حماس)».
كما أرسلت «حماس» إلى مصر أنها لا تريد مواجهة، وإنما التزام إسرائيل بالاتفاق السابق.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.