ذكر عدد من المسؤولين الإسرائيليين، الذين التقوا في اليومين الأخيرين نظراء لهم من الإمارات، أن الخلافات الداخلية التي تظهر في إسرائيل عموماً وداخل الحكومة نفسها، حول الإعلان عن اتفاق بين البلدين، تثير امتعاضاً واستهجاناً في أبوظبي. وقال أحدهم إن الأمور باتت تطرح علامات استفهام حقيقية حول جدية عناصر مختلفة في باحة صناعة القرار في تل أبيب.
وقال أحد رجال الأعمال الإسرائيليين، الذي يعمل في الإمارات منذ سنوات كونه يحمل جنسية إحدى الدول الأوروبية، إنه لم يعرف بماذا يجيب عن أسئلة شركائه ويصمت خجلاً. وأضاف: «نحن ببساطة لا نفهم ولا نحاول أن نفهم طباع فرقائنا. ونتصرف بطريقة تجعلهم يحسبون أننا لسنا جديين. وبذلك نهدد كثيراً من الإنجازات التي حققناها بهذا الاتفاق، ونهدد المصالح التي نرمي لخدمتها».
وكانت الخلافات تفاقمت بين رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو ووزرائه ونوابه في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) من جهة، والمؤسسة العسكرية ووزير الدفاع، بيني غانتس، ووزير الخارجية غابي أشكنازي من جهة ثانية، حول موضوع صفقة بيع طائرات أميركية من طراز «إف 35» وطائرات مروحية مقاتلة وغيرها. ففي حين يقول نتنياهو إن «الاتفاق مع الإمارات هو اتفاق سلام مقابل سلام فقط»، كشف النقاب عن أن نتنياهو تعهّد بدفع ثمن باهظ لقاء هذا الاتفاق؛ فهو وافق على تجميد مخطط الضم من دون أن يُطلِع حلفاءه المستوطنين على ذلك، وأزال الاعتراض الإسرائيلي على بيع أسلحة أميركية متطورة لأبوظبي، من دون أن يسمع رأي قيادة الجيش ووزير الأمن، بل حاول إخفاء المعلومات عنهم، ونفى بشكل قاطع أنه أعطى مثل هذه الموافقة، رغم أن الإماراتيين والأميركيين يؤكدون عليها.
وقد طغى موضوع صفقة الطائرات على النقاش في إسرائيل، خصوصاً بعدما خرج عدد من الجنرالات السابقين ينتقدون نتنياهو ويتهمونه بالاستخفاف والالتفاف على المؤسسة العسكرية. وقال الجنرال عاموس جلعاد، الرئيس السابق للدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع، إن الموافقة على بيع هذه الطائرات المتطورة للإمارات خطأ استراتيجي. وفسر أقواله قائلاً: «إن ما نسميه (طائرة إف 35) هي ليست طائرة، بل شبكة حربية عملاقة تشتمل على طائرة مقاتلة وأجهزة رادار وأجهزة توجيه تنقل الحروب إلى درجة غير مسبوقة من السيطرة والتحكم. وإذا حصلت عليها الإمارات اليوم، فإن دولاً أخرى ستطالب بها غداً (...) وعلينا أن نفهم. العرب فشلوا في هزم إسرائيل في الحروب، فقرروا اللجوء إلى السلام معنا وتقاسم القدرات العسكرية والتكنولوجية معنا وتقاسم الهموم أيضاً. لديهم إيران والإرهاب الداخلي وتهديدات مختلفة؛ فماذا لو تغيرت وتبدلت السياسات عندهم؟ ها هي تركيا كانت شريكاً لنا في الشؤون الاستراتيجية. بعنا لهم أسلحة وتدربت قواتنا مع قواتهم أيضاً في عهد (رجب طيب) إردوغان. وفجأة غيّر إردوغان سياسته. هذه مخاطرة كبيرة. ينبغي على السياسيين الإنصات جيداً لما يقوله الجيش عندنا». وسئل: «ماذا يقول الجيش؟». فأجاب: «يقول بكل وضوح وصراحة: لا يجوز أن تعطى هذه الأسلحة المتطورة لأحد. الولايات المتحدة التزمت، عبر كل الإدارات السابقة، بضمان استمرار التفوق الإسرائيلي وبحظر إحداث أي خلل في هذا التوازن».
وأعرب جلعاد عن تخوُّفه من سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، «فهو لا يتفوه بروح الالتزامات الأميركية التاريخية. ولا يأخذ بالاعتبار مواقف العسكريين في تل أبيب أو واشنطن».
وحذّر جلعاد من أن منح الإمارات أو غيرها أسلحة متطورة سيفتح الباب أمام تزويد إيران بأسلحة متطورة من روسيا والصين. واعتبر الأمر خطيراً جداً على إسرائيل وعلى مصالح دول الغرب كلها.
وعلى الصعيد السياسي، حذّر مسؤولون في تل أبيب من أن تكون إدارة الرئيس ترمب قد «تسرعت»، في إبرام الاتفاق الإسرائيلي - الإماراتي بثمن باهظ «لأنها فشلت في تطبيق صفقة القرن فبحثت عن بديل بأي ثمن».
وقال محرر الشؤون العسكرية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، في مقال له أمس الأربعاء، إنه في منتصف تسعينات القرن الماضي، وبعد توقيع اتفاق أوسلو، سعت الإمارات إلى شراء طائرات أميركية مقاتلة من طراز «إف 16»، التي كانت الأكثر تطوراً حينذاك. وأضاف أن رئيس الحكومة الإسرائيلية في حينه، إسحق رابين، أزال معارضة بيع الطائرات للإمارات، وقد باعتها الولايات المتحدة فعلاً، ليس فقط طائرات «إف 16»، وإنما منظومات تم تطويرها لصالح الطائرات الإسرائيلية أيضاً، وذلك بموافقة إسرائيلية كاملة. وفي المقابل، كما ذكر الكاتب، طلبت إسرائيل من الأميركيين أن يبيعوها منظومات أسلحة متطورة كانت ترفض الولايات المتحدة بيعها لإسرائيل آنذاك.
خلافات إسرائيلية ـ إسرائيلية حيال الاتفاق مع الإمارات
خلافات إسرائيلية ـ إسرائيلية حيال الاتفاق مع الإمارات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة