التونسيون يترقبون اليوم ولادة حكومتهم الجديدة

«النهضة» قالت إن استبعادها سيؤدي إلى «فشلها وسقوطها»

المشيشي في مشاورات سابقة حول تشكيل حكومته (إ.ب.أ)
المشيشي في مشاورات سابقة حول تشكيل حكومته (إ.ب.أ)
TT

التونسيون يترقبون اليوم ولادة حكومتهم الجديدة

المشيشي في مشاورات سابقة حول تشكيل حكومته (إ.ب.أ)
المشيشي في مشاورات سابقة حول تشكيل حكومته (إ.ب.أ)

قال هيكل المكي، القيادي في حركة الشعب، إن هشام المشيشي رئيس الحكومة التونسية المكلف، توصل إلى تشكيل ملامح حكومته الجديدة، مؤكداً أنه سيعلن عن كافة تفاصيلها اليوم (الخميس)، بعد حسم اللمسات الأخيرة لملامحها، وفي غضون ذلك تزايد عدد مؤيدي فكرة «حكومة الكفاءات المستقلة»، التي نادى بها المشيشي، وهو ما سيجعل التصديق عليها أمام البرلمان خالياً من المشاكل والمفاجآت بحسب عدد من المراقبين.
وبعد أسابيع من الترقب والتوجس، يترقب التونسيون أن يعلن المشيشي اليوم عن هيكلة الحكومة وبرنامج عملها وتركيبتها، وكيفية اختيار المرشحين لتولي الحقائب الوزارية، وأن يترك الباب مفتوحاً للأحزاب للاطلاع عليها، والتأكد من الأسماء التي اختارها لتفادي أي إشكال قبل الذهاب إلى البرلمان. وأكد المصدر ذاته في تصريح إذاعي أن نجاح الحكومة المرتقبة «يتطلب بالضرورة تشكيل حكومة مستقرة ومدعومة من عدة جهات سياسية واجتماعية، وهذا يتطلب تضحية من كافة الأحزاب السياسية، خاصة تلك التي تمسكت بمراعاة نتائج انتخابات 2019. ومن ثم تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية الضيقة»، على حد تعبيره.
ولتجاوز استبعاد بعض الأحزاب القوية من تشكيلة الحكومة الجديدة، قال المكي إنه اقترح على رئيس الحكومة المكلف تشكيل تنسيقية أحزاب تلعب دور حزام سياسي داعم للحكومة. مضيفاً أن «حركة الشعب» تساند مقترح الإسراع في الإعلان عن الحكومة الجديدة لتفادي التدهور المستمر للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي تعرفها تونس منذ عدة شهور.
في سياق ذلك، كشفت بعض التقارير الإعلامية المحلية عن الملامح الأولية لتشكيلة الحكومة الجديدة، وقالت إنها تضم اسم لسعد دربز في منصب وزير الداخلية، وطارق بن سالم وزيراً للخارجية، وخليل شطورو وزيراً للمالية، مع الإبقاء على ثريا الجريبي في منصبها وزيرة للعدل.
وخلال مدة المفاوضات التي استمرت عدة أسابيع، ظل المشيشي يتمسك بمقترح تشكيل حكومة كفاءات مستقلة عن كافة الأحزاب السياسية، على أن تكون «حكومة إنجاز مصغرة»، لا يتجاوز عدد حقائبها الوزارية 25 حقيبة، وأن تتضمن قطباً وزارياً اقتصادياً وتنموياً على الأقل، مع إمكانية جمع بعض الوزارات ذات الأنشطة المتقاربة في حقيبة واحدة.
وتنتهي المهلة الدستورية حسابياً يوم 25 من أغسطس (آب) الحالي، لكن ضغط الواقع السياسي والاجتماعي جعل الإسراع بإعلان تشكيلة الحكومة الجديدة أمراً ضرورياً ومستعجلاً، وفق تصريحات عدد من القيادات السياسية.
وكان رئيس الحكومة المكلف قد اطلع خلال فترة المشاورات، التي انطلقت عملياً منذ 27 من يوليو (تموز) الماضي على عدد من السير الذاتية، وتعرف على تصورات ومقترحات مختلف الأحزاب والكتل البرلمانية والفاعلين في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وخلص إلى قناعة بضرورة تشكيل حكومة كفاءات مستقلة عن كافة الأحزاب السياسية، وهو ما قوبل برفض واضح من قبل حركة النهضة والأحزاب، التي فازت بالمراتب الخمس الأولى في انتخابات 2019.
ووفق مراقبين لتطورات الوضع السياسي والاجتماعي في تونس، فإن رئيس الحكومة المكلف يدرك جيداً أن ضمانات مرور حكومته بأغلبية مريحة غير موجودة على أرض الواقع، كما أن العمل بأريحية داخل البرلمان وخارجه سيكون عملية صعبة، خاصة بعد تصريحات منسوبة لقيادات حركة النهضة، مفادها أن تشكيل حكومة دون حزبها الفائز بالمرتبة الأولى في انتخابات 2019 يعني «عدم استمرارها طويلاً وسقوطها لا محالة بعد أشهر».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».