الاتحاد الأوروبي يعاقب لوكاشينكو... ويترك الباب مفتوحاً للحوار

موسكو ترفض التدخل الخارجي والمعارضة تؤيد وساطة روسية ـ أوروبية

تواصلت أمس الاحتجاجات في مختلف مدن بيلاروسيا وترافقت مع مسيرات واسعة نظمها عمال المصانع والمجمعات الحكومية الكبرى (أ.ف.ب)
تواصلت أمس الاحتجاجات في مختلف مدن بيلاروسيا وترافقت مع مسيرات واسعة نظمها عمال المصانع والمجمعات الحكومية الكبرى (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يعاقب لوكاشينكو... ويترك الباب مفتوحاً للحوار

تواصلت أمس الاحتجاجات في مختلف مدن بيلاروسيا وترافقت مع مسيرات واسعة نظمها عمال المصانع والمجمعات الحكومية الكبرى (أ.ف.ب)
تواصلت أمس الاحتجاجات في مختلف مدن بيلاروسيا وترافقت مع مسيرات واسعة نظمها عمال المصانع والمجمعات الحكومية الكبرى (أ.ف.ب)

نفذ الاتحاد الأوروبي أمس، تهديده بفرض عقوبات على السلطات البيلاروسية على خلفية قمع الاحتجاجات والاستخدام المفرط للقوة ضد المعارضين. وأصدر قادة الاتحاد إعلانا مشتركا بعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس ألكسندر لوكاشينكو وسط تشكيك واسع من المعارضة وأسفرت عن اندلاع موجة احتجاجات غير مسبوقة في الجمهورية السوفياتية السابقة. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في إفادة صحافية عقب قمة طارئة عقدها زعماء الاتحاد الاتحاد عبر الإنترنت إن القمة قررت عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا، وزادت أن قادة الاتحاد الأوروبي يدينون استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين ويدعون إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين. لكن المستشارة أكدت في الوقت ذاته، على أهمية إبقاء الحوار مفتوحا، وعلى ضرورة أن يؤدي الحوار الداخلي في بيلاروسيا إلى إنهاء الأزمة المتصاعدة. وفي رسالة بدت أنها موجهة إلى موسكو قالت ميركل إن «الاتحاد الأوروبي لا يرغب في إثارة تكهنات بحدوث تدخل في شؤون بيلاروسيا».
وبرغم ذلك، قالت ميركل إنها «حاولت دون جدوى تنظيم محادثة هاتفية مع رئيس بيلاروسيا». وأوضحت: «حاولت شخصيا تنظيم محادثة هاتفية مع الرئيس لوكاشينكو، ولكن للأسف لم تنجح». مشيرة إلى أنه «في هذه الحالة لا يمكن لألمانيا أن تكون وسيطاً في الحوار مع بيلاروسيا، لقد رفض لوكاشينكو التحدث عبر الهاتف وهذا أمر يؤسفني». وكانت موسكو حذرت في وقت سابق من أي تدخل خارجي، ورأى الرئيس فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي مع ميركل أن التدخل الخارجي سوف يسفر عن تفاقم التوتر، مشيرا إلى أمل بتطبيع الوضع في البلد الجار في أسرع وقت. وفي أعقاب القمة الأوروبية، أعلن رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، أن الاتحاد سيفرض عقوبات قصيرة الأمد على المسؤولين البيلاروسيين المسؤولين عن حوادث العنف والتزوير في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في البلاد. وأشار إلى أن العقوبات الأوروبية «ستطال مسؤولين بيلاروسيين وأفرادا محددين، ولن تكون موجهة ضد الشعب البيلاروسي بشكل عام».
وأكد ميشال أن الاتحاد الأوروبي لا يستبعد فرض عقوبات على الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو وإضافته إلى لائحة العقوبات التي تشمل شخصيات تقوم أوروبا بمعاقبتهم بسبب أنشطتهم أو تصرفاتهم. وكشف ميشال أنه تحدث هاتفيا مع الرئيس الروسي وشرح له موقف الاتحاد الأوروبي في إطار ضرورة بدء حوار دولي والبحث عن حلول للأزمة في بيلاروسيا.
ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبي سيخصص 53 مليون يورو لمساعدة شعب بيلاروسيا. وشدد على أن «الطريق الأفضل للاستجابة لتطور الوضع في بيلاروسيا. يكمن في وقف العنف وإطلاق حوار سلمي وشامل». مشيرا في الوقت ذاته، إلى أهمية أن «تعكس قيادة بيلاروسيا إرادة الشعب».
ورأى الكرملين في هذه العبارات إشارة إضافية على التدخل الخارجي، وقال الناطق باسمه ديميتري بيسكوف أن «الشعب البيلاروسي يجب أن يحل مشاكله بنفسه في إطار الحوار».
وفي تعليق على إعلان الاتحاد الأوروبي عدم اعترافه بشرعية الانتخابات الأخيرة في بيلاروسيا قال بيسكوف إن «الكثير من المنظمات مثل الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، ومكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمفوضية الأمن والتعاون في أوروبا تخلوا عن مهمة مراقبة هذه الانتخابات». وأضاف أن «المراقبين الذين حضروا الانتخابات اعترفوا بنتائجها». وأضاف «نحن نؤيد أن يبقى الوضع داخل المجال الحقوقي، وعلى البيلاروسيين حل مشاكلهم بأنفسهم في إطار المجال الحقوقي والحوار».
على وقع ذلك، تواصلت أمس، الاحتجاجات في مختلف المدن البيلاروسية، وترافقت مع مسيرات واسعة نظمها عمال المصانع والمجمعات الحكومية الكبرى الذين دخل إضرابهم الشامل يومه الرابع. وكان لافتا أن لوكاشينكو أجرى اتصالا هاتفيا جديدا مع الرئيس الروسي ليكون هذا رابع اتصال هاتفي بين الزعيمين خلال الأيام الخمسة الماضية، وأعلن الكرملين أن «معدلات الاتصالات الكثيفة أمر طبيعي في هذه الظروف». في حين لفتت وسائل إعلام روسية إلى أن موسكو سارت خطوات واسعة لتأكيد دعمها لوكاشينكو «ليس فقط سياسيا على المستوى الدولي ولكنه داخلي أيضا عبر إرسال قوات النخبة إلى الحدود وإعلان الاستعداد عن دعم عسكري إذا احتاجت بيلاروسيا ذلك».
وفي تطور لافت، كشفت وسائل إعلام روسية أمس، أن مدير هيئة الأمن الفيدرالي ألكسندر بورتنيكوف قام برحلة سرية خاطفة إلى مينسك، لم تتضح تفاصيلها أو أهدافها. ووفقا لصحيفة «آر بي كا» الرصينة فقد تأكد قيام طائرة من طراز «تولوليف 214» تابعة لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي برحلة إلى مينسك. وأوضحت الصحيفة: «أقلعت الطائرة من مطار فنوكوفو (جنوب موسكو) عصر الثلاثاء، وعادت من العاصمة البيلاروسية قرب منتصف الليل». مشيرة إلى أن هذه الطائرة مخصصة لتنقلات بورتنيكوف. إلى ذلك، قال بافيل لاتوشكو عضو المجلس التنسيقي الذي أسسته المعارضة البيلاروسية، إن المجلس على قناعة بأن روسيا والاتحاد الأوروبي يمكن أن يلعبا دورا للوساطة في المفاوضات بين المعارضة والسلطات البيلاروسية. وأوضح أن «دور جيراننا في روسيا والاتحاد الأوروبي ضروري هنا... نحن مهتمون بهذين الشريكين اللذين بإمكانهما أن يقدمان النصائح وأن يلعبا دورا في الحوار». وأكد لاتوشكو أن هذه الوساطة ستكون في مصلحة كل من روسيا والاتحاد الأوروبي على المدى البعيد.
تزامن ذلك، مع إعلان مصدر في المجلس التنسيقي أن المعارضة البيلاروسية لا تعمل للاستيلاء على السلطة بطرق غير شرعية. وشدد على أن «المجلس التنسيقي يعمل على أساس المبادئ الأساسية لدستور جمهورية بيلاروسيا، ولا يضع لنفسه هدف الاستيلاء على سلطة الدولة بوسائل غير دستورية، ولا يدعو إلى تنظيم إجراءات تنتهك النظام العام». وكانت زعيمة المعارضة البيلاروسية سفيتلانا تيخانوفسكايا، أعلنت عن تأسيس المجلس التنسيقي للمعارضة وقالت إنه سيتولى الحوار مع السلطات بهدف ترتيب الانتقال السلمي للسلطة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».