«حماس» تطلب من إسرائيل زيادة الأموال القطرية

الرئيس الإسرائيلي خلال زيارة لمنطقة متاخمة لغزة أمس (د.ب.أ)
الرئيس الإسرائيلي خلال زيارة لمنطقة متاخمة لغزة أمس (د.ب.أ)
TT

«حماس» تطلب من إسرائيل زيادة الأموال القطرية

الرئيس الإسرائيلي خلال زيارة لمنطقة متاخمة لغزة أمس (د.ب.أ)
الرئيس الإسرائيلي خلال زيارة لمنطقة متاخمة لغزة أمس (د.ب.أ)

نقلت حركة «حماس» إلى إسرائيل عبر الوفد الأمني المصري سلسلة من الطلبات من أجل وقف التصعيد الحالي الذي يدخل أسبوعه الثاني، تشمل زيادة الأموال القطرية وإطلاق مشروعات في القطاع، إلى جانب تسريع وتشجيع عملية الاستيراد والتصدير، بما في ذلك زيادة تصاريح التجار والعمال في إسرائيل. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس «حماس» يحيى السنوار، ونائبه خليل الحية، ومندوب الحركة لدى مصر روحي مشتهى، أبلغوا الوفد الأمني المصري في اجتماع «إيجابي ومطول» أنه «لا يمكن لهم العودة إلى مربع ما قبل التصعيد الحالي من دون تحقيق إنجازات».
وأضافت المصادر أن «(حماس) طلبت من المسؤولين المصريين الضغط على إسرائيل لتنفيذ التزامات سابقة، قبل وقف البالونات الحارقة ومظاهرات الإرباك الليلي حتى تحقق الجولة الحالية أهدافها».
ويفترض أن تتلقى «حماس» في أي وقت رداً حول طلباتها بعد نقاش سيخوضه الوفد الأمني مع مسؤولين إسرائيليين. وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية إن كبار مسؤولي المخابرات المصرية نقلوا المطالب إلى الجانب الإسرائيلي، وتتلخص بالموافقة على مشروعات البنية التحتية الاقتصادية المتعلقة بالكهرباء والمياه، والسماح بحركة الاستيراد والتصدير، وزيادة تصاريح العمل للعمال الغزيين في إسرائيل إلى 100 ألف تصريح، وزيادة مساحة الصيد إلى 20 ميلاً، وفتح معبر كرم أبو سالم التجاري من دون إغلاق.
وطلبت «حماس» تنفيذ مشروعات متفق عليها سابقاً عبر الأمم المتحدة، وإدخال مواد كانت ممنوعة، والإبقاء على المنحة القطرية ومضاعفتها. وأكدت الجريدة أنه لا يوجد مانع لدى إسرائيل من زيادة حجم المشروعات والتدخل من أجل رفع حجم المنحة القطرية، لكن بعض هذه المطالب ليست تحت السيطرة الإسرائيلية، وإنما تحتاج إلى تنسيق وموافقات دولية وإقليمية.
وكانت إسرائيل و«حماس» تبادلتا رسائل حول التصعيد وموقف كل منهما، من دون التوصل إلى اتفاق، حتى اضطرت مصر إلى إرسال وفد لمباحثات مباشرة من أجل احتواء الموقف. ووصل الوفد الأمني المصري إلى قطاع غزة، الاثنين، بعدما التقى مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون في رام الله كذلك.
وتحاول مصر تثبيت اتفاق التهدئة الذي رعته نهاية العام الماضي، ويضمن إذا ما نجحت المرحلة الأولى منه وعوداً ببناء ميناء ومطار ومستشفى ومنطقة صناعية. لكن أياً من البنود لم ينفذ بالكامل بسبب حالة المد والجزر في المواجهة، ومع دخول وباء «كورونا» على الخط. وبدأت «حماس» الأسبوع الماضي تصعيداً عبر إطلاق البالونات الحارقة من جديد تجاه إسرائيل، وفعّلت مظاهرات ليلية ردّت عليها إسرائيل بقصف وإجراءات عقابية شملت سحب جميع تسهيلاتها السابقة، وتعهدت بالمزيد. وتسبب ذلك بتعميق أزمات القطاع، بما في ذلك أزمة الكهرباء التي توقفت محطة توليدها أمس بعدما منعت إسرائيل إدخال الوقود إلى غزة.
وأغلب الظن أن إسرائيل و«حماس» تجريان تصعيداً مدروساً لا يقود إلى مواجهة. وقالت صحيفة «هآرتس» العبرية إن «(حماس) غير مهتمة بجولة تصعيد عسكرية مع إسرائيل، لكنها في الوقت نفسه لن تكتفي بعودة الوضع إلى ما كان عليه». وأضافت أن «إطلاق البالونات الحارقة وإحداث الإرباك الليلي هي مجرد نداءات استغاثة موجهة ليس فقط لإسرائيل، بل أيضاً لمصر ومبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ميلادينوف». وترى «حماس» أن إسرائيل لا ترغب في التصعيد أيضاً، في ظل الأزمة الصحية والاقتصادية. لكن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس حذّر «حماس»، أمس، من استمرار اللعب بالنار، وقال إن «النار سترتد إليها». وأضاف في كلمة ألقاها أثناء خروجه من المستشفى بعد خضوعه لعملية جراحية أن «هذه المعادلة يجب أن تتوقف».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.