الكاظمي يرفض لعب دور «ساعي البريد» في الصراع بالمنطقة

سافر إلى واشنطن للقاء ترمب

الكاظمي يرفض لعب دور «ساعي البريد» في الصراع بالمنطقة
TT

الكاظمي يرفض لعب دور «ساعي البريد» في الصراع بالمنطقة

الكاظمي يرفض لعب دور «ساعي البريد» في الصراع بالمنطقة

رغم أن حقيبته مثقلة بالرسائل والشفرات؛ فإن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي استبق وصوله إلى واشنطن برفض لعب دور ساعي البريد. الكاظمي الذي غادر بغداد، أمس الثلاثاء، في رحلة طويلة إلى الولايات المتحدة الأميركية على رأس وفد رفيع المستوى، من المقرر أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب غداً الخميس.
المكتب الإعلامي للكاظمي قال في بيان له إن اللقاء الذي سيجمع الكاظمي بترمب سيخصص لتعزيز «العلاقات الثنائية بين بغداد وواشنطن، إلى جانب مناقشة التطورات الراهنة على الساحة الإقليمية، وبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك». البيان أضاف أن الكاظمي «سيعقد خلال زيارته محادثات مع كبار المسؤولين الأميركيين، تتضمّن بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وتعزيز التعاون المشترك في مجالات عديدة، في مقدمتها الأمن والاقتصاد والصحة، وغيرها من القطاعات».
مكتب الكاظمي تجنب الخوض في تفاصيل الرسائل التي يحملها الكاظمي أو جرى تحميله إياها، وركز على «الأمن والاقتصاد والصحة» التي رغم أهميتها للعراق في هذه المرحلة، فإن أعين الجميع على ما هو غير معلن في جدول الأعمال والذي سيحدد إلى أي مدى ستكون النتائج إيجابية لصالح الأطراف التي تريد للزيارة أن تنجح، أو سلبية لصالح الجهات التي تريد للزيارة أن تفشل.
وفي تصريحات سبقت زيارته؛ رفض الكاظمي أن يلعب دور «ساعي البريد». ففي مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس»، ورداً على سؤال عما إذا كان سينقل رسالة من طهران إلى واشنطن، قال الكاظمي: «نحن لا نلعب دور ساعي البريد». وأكد أن «العراق لا يزال بحاجة إلى مساعدة الولايات المتحدة الأميركية لمواجهة التهديد الذي يشكله تنظيم (داعش)»، وأن إدارته «ملتزمة بإدخال إصلاحات في قطاع الأمن» مع شن جماعات مسلحة هجمات شبه يومية ضد مقر حكومته. وأضاف الكاظمي: «في النهاية؛ سنظل بحاجة إلى تعاون ومساعدة على مستويات قد لا تتطلب اليوم دعماً عسكرياً مباشراً ودعماً ميدانياً».
إلى ذلك، أكد عضو البرلمان العراقي آراس حبيب كريم لـ«الشرق الأوسط» أنه «ليس بالضرورة أن يكون مطلوباً من العراق القيام بدور ساعي البريد، لكن بمقدوره استثمار علاقاته المتوازنة مع بعض الأطراف الإقليمية والدولية والجيدة مع بعضها الآخر في لعب دور تقريب وجهات النظر». وأضاف حبيب أن «العراق ورغم ما يمر به من أوضاع صعبة، خصوصاً على الصعيدين الاقتصادي والصحي، فإن دوره المتوازن في المنطقة ومثلما هو معروف من قبل الجميع يمكن استثماره لصالحه في الداخل، وكذلك لصالح مد جسور التفاهم والتواصل مع المتقاطعين في المنطقة».
بدوره، أكد أستاذ الأمن الوطني الدكتور حسين علاوي، رئيس «مركز رؤى للدراسات السياسية»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الزيارة فيها كثير من الملفات التي ستناقش، وفي مقدمتها الملفات الأساسية؛ أولاً: التحول الديمقراطي في العراق من خلال التركيز في الحوار على قضية جودة الحكم والسلطة في العراق بعد تشكيل حكومة الكاظمي الجديدة التي تستهدف إجراء الانتخابات المبكرة في 6 يونيو (حزيران) 2021، وكيف ستكون خطة الحكومة العراقية في جذب القوى المجتمعية الجديدة للمشاركة في الانتخابات المقبلة».
وأضاف علاوي أن «الملف الثاني هو الاقتصاد، بحماية الاستثمارات الدولية، وتطوير البديل الوطني للغاز من أجل تنمية الإنتاج الوطني، والكهرباء، ومناقشة حزمة الاستثناءات من العقوبات الاقتصادية على إيران، وحث الإدارة الأميركية على استمرار الأوامر السيادية لحماية الأموال العراقية، ودعم العراق، وتحسين اقتصاده عبر القروض السيادية». وأوضح علاوي أن «المحور الثالث هو الثقافي، ويتمثل في الآثار العراقية وسبل استرجاعها، وتعزيز البعثات الدراسية، والتبادل الثقافي بين الوفود العراقية - الأميركية».
وتابع علاوي: «المحور الرابع هو الأمن؛ حيث سيجري التركيز على جدولة وجود القوات الاستشارية، والتفاهم على عقود التسليح، والمساعدة الفنية، وإسهام حلف الناتو في تدريب القوات المسلحة، واستمرار عملية (العزم الصلب) ضمن جهود مكافحة الإرهاب». وبين علاوي أنه «سيجري عرض وجهة نظر العراق حول العلاقات الداخلية والخارجية، كالعلاقات مع إقليم كردستان العراق، وحماية سهل نينوى، والتنوع في العراق، فضلاً عن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي ودول حلف الناتو، والعلاقات العراقية - العربية».
من جهته؛ يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور ياسين البكري لـ«الشرق الأوسط» إنه «يجب وضع الزيارة في إطارها الصحيح لفهم مغزاها ونتائجها»، مبيناً أن «إطار الزيارة والدعوة الأميركية ترتبط بحملة ترمب الانتخابية أكثر من تأسيس شيء على المستوى الاستراتيجي». ويضيف أن «ترمب يحتاج إنجازاً على مستوى الصورة، يقول فيه إن العراق صديقنا وليس حليفاً لإيران، وهذا جرى بدعمنا، ومن هنا؛ في تقديري، فإن الكاظمي سوف يحظى باستقبال مميز».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.