رئة أسقف ترجح ظهور السل في العصر الحجري الحديث

توفي في القرن السابع عشر إلا أنّ جثته المحنطة في كاتدرائية بالسويد كشفت عن انتشار المرض

جثمان الأسقف بيدير بيدرسن كان مادة للعديد من الدراسات الطبية
جثمان الأسقف بيدير بيدرسن كان مادة للعديد من الدراسات الطبية
TT

رئة أسقف ترجح ظهور السل في العصر الحجري الحديث

جثمان الأسقف بيدير بيدرسن كان مادة للعديد من الدراسات الطبية
جثمان الأسقف بيدير بيدرسن كان مادة للعديد من الدراسات الطبية

على الرغم من وفاة الأسقف بيدير بيدرسن في القرن السابع عشر، تحديداً في 28 ديسمبر (كانون الأول) عام 1679، إلا أنّ جثته المحنطة في كاتدرائية مدينة لوند بالسويد، كشفت عن انتشار مرض السل منذ العصر الحجري الحديث (9000 - 4500 قبل الميلاد)، كما أكد فريق بحثي ألماني سويدي مشترك في دراسة نشرت بالعدد الأخير من دورية «جينوم بيولوجي».
وحاولت الكثير من الدراسات معرفة الأصل التاريخي لمرض السل، وفي عام 2014، أعاد فريق بحثي بقيادة علماء من جامعة توبنغن الألمانية وجامعة ولاية أريزونا الأميركية، بناء ثلاثة جينومات قديمة للمرض من أميركا الجنوبية، ليصلوا إلى نتيجة أن المرض ظهر قبل 6000 عام، ولم تكن هذه السلالات القديمة مرتبطة بشكل غير متوقع بالسلالات المنتشرة حالياً، وأحاط الشك بهذا التقدير، لأنّه اعتمد بالكامل على الجينوم القديم الذي لا يمثل سلالات السل المرتبطة بالبشر اليوم. وقادت ملاحظة لعالمة الأنثروبولوجيا كارولين أرشيني، وزملائها في متحف التاريخ الطبيعي السويدي، إلى توفير دليل قوي للأصل التاريخي لهذا المرض، حيث لاحظت تكلسات صغيرة في رئتي الأسقف بيدير وينستروب المحفوظة جيداً، وشكوا في أنها بقايا عدوى رئوية سابقة، وكان السل على رأس قائمة المرشحين، وأدركوا أن هناك حاجة إلى مزيد من التحقيق، ليجدوا أنه كان من بين الكثيرين الذين أصيبوا بالمرض أثناء ظهور جائحة السل (الطاعون الأبيض)، الذي اجتاح أوروبا ما بعد القرون الوسطى، ولا يزال إلى اليوم من بين الأمراض الأكثر انتشاراً، حيث يمثل أعلى معدل وفيات على مستوى العالم بسبب العدوى البكتيرية.
كانت الخطوة التالية التي عمل عليها الباحثون السويديون بمساعدة باحثين من معهد «ماكس بلانك» بألمانيا، هي إعادة بناء جينوم السل من رئة الأسقف، وحيث إن تاريخ وفاته معروف، فقد وفر لهم ذلك معايرة آمنة ومستقلة لتقدير مدى عمر مرض السل، كما هو معروف في الواقع الآن.
كان الجينوم بجودة لا تصدق، ومن خلال المقارنة مع حفنة من جينومات السل من أعمال أخرى، أعاد الباحثون النظر في مسألة عمر البكتيريا المتفطرة السلية المسببة له، ومع استخدام عام وفاة الأسقف كنقطة معايرة دقيقة، وصلوا إلى نتيجة أن أقرب سلف للجينوم المعزول من رئة الأسقف يعود إلى العصر الحجري الحديث.
ويقول دينيس كونيرت من معهد «ماكس بلانك»، وأحد الباحثين الرئيسيين بالدراسة في تقرير نشره أول من أمس الموقع الإلكتروني للمعهد، إن التحول في السرد المتعلق بالوقت الذي أصبحت فيه البكتيريا المتفطرة السلية شديدة العدوى للبشر، يثير أسئلة حول سياق ظهورها، حيث يبدو أنه تزامن مع ظهور الرعي وأنماط الحياة المستقرة في العصر الحجري الحديث.
على الرغم من وفاة الأسقف بيدير بيدرسن عام 1679، إلّا أنّ جثته المحنطة في كاتدرائية مدينة لوند بالسويد، كشفت عن انتشار مرض السل منذ العصر الحجري الحديث (9000 - 4500 قبل الميلاد).


مقالات ذات صلة

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شاي الكركديه يحتوي على نسبة عالية من مادة «البوليفينول» (غيتي)

مواد طبيعية قد تمنحك خصراً نحيفاً وقلباً صحياً وضغط دم منخفضاً

ثمة كلمة جديدة رائجة في مجال الصحة هي «البوليفينولات»، فبينما ظل العلماء يدرسون المركبات النباتية لسنوات، فقد جذب المصطلح الآن خيال الجمهور لسبب وجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من تمرين عالي الطاقة في صالة ألعاب رياضية في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«هارد 75»... تحدٍّ جديد يجتاح «تيك توك» مع بداية العام

مع بداية العام الجديد، انتشر تحدٍّ جديد عبر تطبيق «تيك توك» باسم «هارد 75».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)

مشروب منزلي يساعد في التخلص من نزلات البرد

تحدثت اختصاصية التغذية كيلي كونيك لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية عن المشروب المنزلي الأمثل لعلاج نزلات البرد والإنفلونزا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)

تناول الفواكه والخضراوات يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب

أكدت دراسة جديدة أن زيادة كمية الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بمرور الوقت.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

مطار أورلي الفرنسي (شيترستوك)
مطار أورلي الفرنسي (شيترستوك)
TT

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

مطار أورلي الفرنسي (شيترستوك)
مطار أورلي الفرنسي (شيترستوك)

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها.
وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات. ويقول المسؤول عن التنوع البيولوجي في أورلي سيلفان ليجال، في حديث إلى وكالة فرانس برس، إنّ "الاصطدام بالحيوانات هو ثاني أخطر احتمال لتعرّض الطائرة لحادثة كبيرة".
وللمطارات التي تطغى عليها الخرسانة، مناطق برية محمية ترمي إلى حماية الطيران، تبلغ في أورلي مثلاً 600 هكتار. وتضم هذه المناطق مجموعة من الحيوانات كالثعالب والأرانب وأنواع كثيرة من الطيور من البشلون الرمادي إلى زاغ الجيف.
ويوضح ليجال أنّ الاصطدام بالحيوانات قد "يُحدث أضراراً كبيرة للطائرة"، كتوقف المحرك في حال سحبت المحركات النفاثة الطائر، أو إصابة الطيارين إذا اصطدم الطائر بالزجاج الأمامي. إلا أنّ الحوادث الخطرة على غرار ما سُجل في نيويورك عام 2009 حين استدعى تصادم إحدى الطائرات بإوز هبوطها اضطرارياً، نادرة. وفي أورلي، شهد عدد الحوادث التي تتطلب وقف الإقلاع أو عودة الطائرة إلى المطار انخفاضاً إلى النصف منذ العام 2014.
ويعود سبب انخفاض هذه الحوادث إلى تطوّر مهارات طاردي الطيور الـ11 في أورلي. ويقول ليجال "كنّا نوظّف في الماضي صيادين، لأننا كنّا بحاجة إلى شخص يدرك كيفية حمل سلاح"، مضيفاً "كنا نعمل ضد الطبيعة".
إلا أنّ القوانين تغيّرت وكذلك العقليات، "فنعمل منذ العام 2014 لصالح الطبيعة"، إذ "بات السلاح حالياً آخر الحلول المُعتمدة".
ويضيف "نوظّف راهناً علماء بيئيين، لأننا نحتاج إلى أشخاص" يتمتعون بـ"مهارات علمية"، بهدف توسيع المساحات الخضراء للحد من وجود الطيور قرب المدارج. ويوضح أنّ "معلومات الخبراء عن الحياة البرية" تساهم في "تحديد الأنواع وسلوكها بصورة سريعة، وإيجاد الخطة الأنسب" في حال كان تخويف الحيوانات ضرورياً.