لقاء تونسي ـ إيطالي لبحث أزمة الهجرة غير المنظمة

مصادر تؤكد ارتفاع وتيرتها بنسبة 150 % خلال السنة الماضية

الرئيس قيس سعيد خلال استقباله لوزيري الداخلية والخارجية الإيطاليين في قصر قرطاج أمس (إ.ب.أ)
الرئيس قيس سعيد خلال استقباله لوزيري الداخلية والخارجية الإيطاليين في قصر قرطاج أمس (إ.ب.أ)
TT

لقاء تونسي ـ إيطالي لبحث أزمة الهجرة غير المنظمة

الرئيس قيس سعيد خلال استقباله لوزيري الداخلية والخارجية الإيطاليين في قصر قرطاج أمس (إ.ب.أ)
الرئيس قيس سعيد خلال استقباله لوزيري الداخلية والخارجية الإيطاليين في قصر قرطاج أمس (إ.ب.أ)

قام وزيرا الداخلية والخارجية الإيطاليان أمس بزيارة رسمية إلى تونس، رفقة اثنين من مفوضي الاتحاد الأوروبي لبحث إشكالية الهجرة عبر المتوسط، وكان في استقبال الوفد الأوروبي رئيس الحكومة التونسية المكلف، هشام المشيشي، بمطار تونس قرطاج الدولي.
وحسب مراقبين للشأن المحلي، فإن لويجي دي مايو، وزير الخارجية الإيطالية، ولوتشيانا لامورغيري، وزيرة الداخلية، يسعيان لانتزاع اتفاقية جديدة من تونس حول الهجرة، تخدم الجانب الإيطالي، الساعي لإيقاف تدفق المهاجرين من تونس إلى حدوده الجنوبية.
وتعد هذه الزيارة هي الثانية من نوعها خلال شهر واحد بالنسبة لوزيرة الداخلية، بعد أن تزايدت في الأشهر الأخيرة معدلات الهجرة غير الشرعية من تونس نحو إيطاليا وبأعداد غير مسبوقة.
ويقول مسؤولون تونسيون إن الحكومة الإيطالية تعمل على مراجعة اتفاقية 2011 المتعلقة بالهجرة السرية الموقعة مع تونس. وحسب ما كشف عنه وزير الخارجية الإيطالية، فإن التحوير يعتمد على ما سماه «خطة ألبانيا»، التي تقر منع قوارب الهجرة من الإبحار، بدل انتظارها داخل التراب الإيطالي، إضافة إلى مضاعفة معدلات عمليات ترحيل المهاجرين التونسيين، وإرجاعهم جواً عوض الاكتفاء برحلتين في الأسبوع، بحسب ما تضمنته الاتفاقية السابقة.
وذكرت مصادر دبلوماسية أن الحكومة الإيطالية التي يسيطر عليها اليمين تعمل على تسجيل «نقاط انتخابية» من خلال إعلانها التصدي لمشاكل الهجرة، والسعي للتأثير على الاتحاد الأوروبي للحصول على مزيد من الدعم المالي والتمويلات باعتبارها بلد مواجهة الهجرة.
وتضغط إيطاليا لمراجعة اتفاقية الهجرة غير المنظمة من خلال إقرار مساعدات مالية لتونس بقيمة 6.5 مليون يورو (نحو 20 مليون دينار تونسي)، وتهدد بحجب هذه المساعدات في حال عدم استجابة تونس للمقترحات الإيطالية. وفي هذا الشأن، قال مسعود الرمضاني، الناشط الحقوقي التونسي، إن فرض اتفاقية جديدة على تونس «يخل بالقوانين والمعاهدات والأعراف الدولية، لأنه ليس من حق تونس التأثير على حرية تنقل الأشخاص، وليس من حق إيطاليا لا التدخل في السياسة الداخلية التونسية من خلال فرض شروط جديدة عليها». معتبراً أن الرغبة في تعديل اتفاقية 2011 «لا بد أن تكون صادرة عن الطرفين، وليس بفرض إرادة طرف ما على الآخر» على حد قوله.
في المقابل، يرى مراقبون أن إيطاليا قد تتعلل بالوضع الوبائي المرتبط بجائحة «كوفيد 19»، وضرورة حماية حدودها من المخاطر الصحية، وانتقدوا محاولة إيطاليا جعل تونس «تلعب دور الحارس لإيطاليا ومن ورائها أوروبا... وعلى الجانب الإيطالي أن يغلب الجوانب الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية على الجوانب الأمنية والصحية».
في سياق ذلك، طالبت عدة منظمات حقوقية تونسية بضرورة رفع قيمة الاستثمارات الإيطالية والأوروبية في تونس، ومضاعفة المساعدات والمنح والهبات والقروض الميسرة، حتى تتوفر أسباب العيش الكريم للشباب، بدل أن يفكر في التوجه لأوروبا بحثاً عن تغيير أوضاعه المعيشية كيفما كانت الطرق.
وكانت السلطات الإيطالية قد تحدثت عن وصول نحو 11 ألف مهاجر غير شرعي إلى سواحل إيطاليا الجنوبية منذ بداية السنة الحالية، من بينهم قرابة 5655 مهاجراً تونسياً، فيما أكدت وزارة الداخلية الإيطالية أن الهجرة غير الشرعية زادت بنسبة 150 في المائة خلال السنة الماضية.
وعلى صعيد متصل، تمكنت البحرية التونسية أمس من إنقاذ 16 مهاجراً من الغرق قرب سواحل جزيرة قرقنة، كانوا في طريقهم إلى السواحل الإيطالية.
وأفادت وزارة الدفاع التونسية في بيان صحافي بأن المهاجرين التونسيين كانوا على وشك الغرق بعد أن غمرت المياه مركبهم مساء أول من أمس قرب سواحل جزيرة قرقنة، التي تعد منصة انطلاق رئيسية للهجرة السرية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.