قام وزيرا الداخلية والخارجية الإيطاليان أمس بزيارة رسمية إلى تونس، رفقة اثنين من مفوضي الاتحاد الأوروبي لبحث إشكالية الهجرة عبر المتوسط، وكان في استقبال الوفد الأوروبي رئيس الحكومة التونسية المكلف، هشام المشيشي، بمطار تونس قرطاج الدولي.
وحسب مراقبين للشأن المحلي، فإن لويجي دي مايو، وزير الخارجية الإيطالية، ولوتشيانا لامورغيري، وزيرة الداخلية، يسعيان لانتزاع اتفاقية جديدة من تونس حول الهجرة، تخدم الجانب الإيطالي، الساعي لإيقاف تدفق المهاجرين من تونس إلى حدوده الجنوبية.
وتعد هذه الزيارة هي الثانية من نوعها خلال شهر واحد بالنسبة لوزيرة الداخلية، بعد أن تزايدت في الأشهر الأخيرة معدلات الهجرة غير الشرعية من تونس نحو إيطاليا وبأعداد غير مسبوقة.
ويقول مسؤولون تونسيون إن الحكومة الإيطالية تعمل على مراجعة اتفاقية 2011 المتعلقة بالهجرة السرية الموقعة مع تونس. وحسب ما كشف عنه وزير الخارجية الإيطالية، فإن التحوير يعتمد على ما سماه «خطة ألبانيا»، التي تقر منع قوارب الهجرة من الإبحار، بدل انتظارها داخل التراب الإيطالي، إضافة إلى مضاعفة معدلات عمليات ترحيل المهاجرين التونسيين، وإرجاعهم جواً عوض الاكتفاء برحلتين في الأسبوع، بحسب ما تضمنته الاتفاقية السابقة.
وذكرت مصادر دبلوماسية أن الحكومة الإيطالية التي يسيطر عليها اليمين تعمل على تسجيل «نقاط انتخابية» من خلال إعلانها التصدي لمشاكل الهجرة، والسعي للتأثير على الاتحاد الأوروبي للحصول على مزيد من الدعم المالي والتمويلات باعتبارها بلد مواجهة الهجرة.
وتضغط إيطاليا لمراجعة اتفاقية الهجرة غير المنظمة من خلال إقرار مساعدات مالية لتونس بقيمة 6.5 مليون يورو (نحو 20 مليون دينار تونسي)، وتهدد بحجب هذه المساعدات في حال عدم استجابة تونس للمقترحات الإيطالية. وفي هذا الشأن، قال مسعود الرمضاني، الناشط الحقوقي التونسي، إن فرض اتفاقية جديدة على تونس «يخل بالقوانين والمعاهدات والأعراف الدولية، لأنه ليس من حق تونس التأثير على حرية تنقل الأشخاص، وليس من حق إيطاليا لا التدخل في السياسة الداخلية التونسية من خلال فرض شروط جديدة عليها». معتبراً أن الرغبة في تعديل اتفاقية 2011 «لا بد أن تكون صادرة عن الطرفين، وليس بفرض إرادة طرف ما على الآخر» على حد قوله.
في المقابل، يرى مراقبون أن إيطاليا قد تتعلل بالوضع الوبائي المرتبط بجائحة «كوفيد 19»، وضرورة حماية حدودها من المخاطر الصحية، وانتقدوا محاولة إيطاليا جعل تونس «تلعب دور الحارس لإيطاليا ومن ورائها أوروبا... وعلى الجانب الإيطالي أن يغلب الجوانب الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية على الجوانب الأمنية والصحية».
في سياق ذلك، طالبت عدة منظمات حقوقية تونسية بضرورة رفع قيمة الاستثمارات الإيطالية والأوروبية في تونس، ومضاعفة المساعدات والمنح والهبات والقروض الميسرة، حتى تتوفر أسباب العيش الكريم للشباب، بدل أن يفكر في التوجه لأوروبا بحثاً عن تغيير أوضاعه المعيشية كيفما كانت الطرق.
وكانت السلطات الإيطالية قد تحدثت عن وصول نحو 11 ألف مهاجر غير شرعي إلى سواحل إيطاليا الجنوبية منذ بداية السنة الحالية، من بينهم قرابة 5655 مهاجراً تونسياً، فيما أكدت وزارة الداخلية الإيطالية أن الهجرة غير الشرعية زادت بنسبة 150 في المائة خلال السنة الماضية.
وعلى صعيد متصل، تمكنت البحرية التونسية أمس من إنقاذ 16 مهاجراً من الغرق قرب سواحل جزيرة قرقنة، كانوا في طريقهم إلى السواحل الإيطالية.
وأفادت وزارة الدفاع التونسية في بيان صحافي بأن المهاجرين التونسيين كانوا على وشك الغرق بعد أن غمرت المياه مركبهم مساء أول من أمس قرب سواحل جزيرة قرقنة، التي تعد منصة انطلاق رئيسية للهجرة السرية.
لقاء تونسي ـ إيطالي لبحث أزمة الهجرة غير المنظمة
مصادر تؤكد ارتفاع وتيرتها بنسبة 150 % خلال السنة الماضية
لقاء تونسي ـ إيطالي لبحث أزمة الهجرة غير المنظمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة