العريبي: نفط ليبيا لن يعود إلا بتوزيع عادل للدخل

رئيس «الطاقة» يتهم الرئيس التركي بـ«الطمع في الثروات»

عضو مجلس النواب الليبي عيسي العريبي (الشرق الأوسط)
عضو مجلس النواب الليبي عيسي العريبي (الشرق الأوسط)
TT

العريبي: نفط ليبيا لن يعود إلا بتوزيع عادل للدخل

عضو مجلس النواب الليبي عيسي العريبي (الشرق الأوسط)
عضو مجلس النواب الليبي عيسي العريبي (الشرق الأوسط)

استنكر رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية في مجلس النواب الليبي، عيسى العريبي، ما يتردد حول تعنت سلطات شرق البلاد، برفضها استئناف إنتاج وتصدير النفط، الأمر الذي أدى في النهاية لتضرر قطاع الكهرباء هناك، وقال: «هذه الاتهامات هي جزء من حملة للضغط السياسي تستهدف فتح الحقول والموانئ النفطية، واستمرار تدفق الأموال على طرابلس، ليتم توزيعها على الميليشيات المسلحة بالعاصمة طرابلس».
وأكد العريبي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن إعادة فتح الموانئ مرتبطة بإيجاد ضمانات وآليات للتوزيع العادل للعوائد النفطية بين الأقاليم الليبية الثلاث (برقة وطرابلس وفزان)، وأشار إلى الآلية التي تضمنتها مبادرة رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، لحل الأزمة الليبية، والتي طرحها نهاية أبريل (نيسان) الماضي، على أن تكون نسب التوزيع 38 في المائة لبرقة، و50 في المائة لطرابلس والغرب عموماً، و12 في المائة لمناطق الجنوب. وتحدث العريبي، في هذا الإطار، عن تأييده لمقترح رئيس مجلس النواب بأن تكون مدينة سرت مقراً للسلطة الليبية الموحدة المقبلة، لحين إجراء انتخابات نيابية في البلاد، وقال: «المدينة، وفقاً للمقترح، ستكون مقراً لأعمال أي حكومة وحدة وطنية يتم الاتفاق عليها، كون العاصمة طرابلس مُسيطر عليها من قبل الميليشيات المسلحة، مما يجعل عمل أي حكومة هناك مستحيلاً».
ورداً على مدى اقتراب الغرب الليبي، والمجتمع الدولي، من الاقتناع بهذا المقترح، أجاب العريبي: «حتى الآن، الأمور مطمئنة، فلقاء رئيس البرلمان بالسفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، بالقاهرة مؤخراً استعرض هذا المقترح، حيث أعرب الأخير عن تأييده له، كونه واقعياً قابلاً للتنفيذ، وقد يكون فرصة أخيرة للحيلولة دون تقسيم ليبيا».
وحول موقف سلطات غرب ليبيا من المقترح، قال العريبي: «الحل والتغيير دائماً ما يأتي من قبل إقليم برقة، أما المكونات بغرب البلاد فمن الصعب أن تتوافق على أي شيء لوجود أكثر من رأس، فهناك رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، ونائبه أحمد معيتيق، ووزير داخليته فتحي باشاغا، وهناك أيضاً رئيس مجلس الدولة الأعلى خالد المشري، بجانب قادة الميليشيات المسلحة، أمّا في برقة فالوضع مختلف تماماً، فالإقليم له رأس واحد، هو المستشار عقيلة صالح، والجميع يؤيده».
وعلّق العريبي على التعاقدات والاتفاقيات التركية مع حكومة «الوفاق» في قطاع الطاقة الليبي، وقال: «الحقول النفطية موجودة في الشرق، تحت حماية قوات الجيش الوطني. وإذا كانت تركيا تسعى لتحقيق مصالح لها بهذا الملف، فعليها القدوم إلى برقة، والحديث مع عقيلة صالح، وليس مع السراج، فالأخير لا يملك من أمره شيئاً، وأي اتفاقية توقع مع حكومة لم تتحصل على ثقة البرلمان لن يتم الاعتراف بها، وتعد آلياتها سرقة لثروات الليبيين».
واستدرك العريبي: «نتوقع أن تحدث سرقات لهذه الثروات فيما تم توقيعه بين الأتراك وحكومة الوفاق من اتفاقيات مشتركة بشأن التنقيب في شرق المتوسط، فالرئيس التركي رجب طيب إردوغان لم يأتِ إلى بلادنا حرصاً على مصالح أهل ليبيا... الرجل لديه مشروع توسع، وهو يطمع بثرواتنا». وتطرق العريبي إلى أزمة انقطاع الكهرباء في مناطق شرق البلاد، وقال: «المشكلة حُلت، ونحن نعمل مع هيئة الكهرباء على ضمان عدم تكرار ما حدث».
كانت المؤسسة الوطنية للنفط، الموالية للمجلس الرئاسي بالعاصمة طرابلس، قد حذرت من قرب توقف إمدادات الغاز الطبيعي الذي يغذي محطات كهرباء الزويتينة وشمال بنغازي. ورغم تفهمه للمخاوف التي تناولها بيان المؤسسة الوطنية للنفط، دعا العريبي إلى ضرورة الانتباه إلى أن مقر شركة سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز بالشرق الليبي «أي تحت سيطرة وحماية مجلس النواب، و(الجيش الوطني) والحكومة الليبية، وهذا يعني أنه من غير المحتمل على الإطلاق أن تقوم الشركة بوقف إمدادات الغاز عن محطات الكهرباء هناك».
وتابع: «انعدمت تقريباً أي سلطة للمؤسسة الوطنية للنفط على شركة سرت، وإذا حدث وقام مسؤولو هذه الشركة بتنفيذ أي قرار صادر لهم من قبل المؤسسة الوطنية في طرابلس بشأن إيقاف إمدادات الغاز عن المحطات الكهربائية بالشرق، فهذا يعني أنهم يعرضون أنفسهم للمساءلة والإبعاد عن مواقعهم... وبالتالي نقول إن رئيس تلك المؤسسة، مصطفي صنع الله، لا يملك أي شيء سوى مكتب بطرابلس، وأقرب موقع نفطي لهذا المكتب على بعد ألف كيلومتر بالمنطقة الشرقية».
وعد العريبي أن هذا الحديث «يندرج ضمن محاولات الضغط السياسي من قبل المؤسسة الوطنية، عبر استغلال ورقة الغاز، بهدف إعادة فتح الموانئ النفطية (...) جزء من معركة جهوية بين إقليم برقة وطرابلس».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».