اغتيال ناشط في البصرة... ونجاة آخر من محاولة بالناصرية

مطالبات بكشف قتلة هشام الهاشمي في ذكرى أربعينيته

صورة تداولها ناشطون تجمع الناشط المغدور أسامة وأطفاله
صورة تداولها ناشطون تجمع الناشط المغدور أسامة وأطفاله
TT

اغتيال ناشط في البصرة... ونجاة آخر من محاولة بالناصرية

صورة تداولها ناشطون تجمع الناشط المغدور أسامة وأطفاله
صورة تداولها ناشطون تجمع الناشط المغدور أسامة وأطفاله

في 6 يوليو (تموز) الماضي، كتب الناشط المدني تحسين أسامة، في مدونته الشخصية عبر «فيسبوك»، عبارة: «يوماً ما كلّنا سنذبح» ووضع تحت العبارة صورة لمسدس كاتم للصوت، في إشارة إلى عمليات الاغتيال التي طالت وتطال ناشطين وفاعلين اجتماعيين في داخل العراق. وبعد شهر وبضعة أيام، تحقق ذلك على المستوى الشخصي لأسامة، بعد أن عمد مسلحون مجهولون إلى اغتياله (الجمعة) في مقر عمله، غير أن القتلة لم يستخدموا الكاتم الذي أشار إليه، إنما أمطروا جسده بـ20 رصاصة بندقية رشاشة وأردوه قتيلاً.
ومثلما صار شائعاً، ومع كل حالة اغتيال أو قتل علني لأحد الناشطين، تعالت الأصوات والمطالبات بملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة، وسط صمت حكومي لافت، حيث لم تصدر قيادة عمليات البصرة أو شرطتها، أو وزارة الداخلية الاتحادية، أي بيان حول الحادث.
وهاجم مجهولون، أسامة، (مساء الجمعة)، أثناء وجوده في مكتب لبيع خدمات الإنترنت في منطقة الجنينة وسط البصرة، ما أدى إلى مصرعه في الحال، وإصابة شخص آخر كان برفقته داخل مكتب الخدمات. كان المغدور انتقد في وقت سابق، عبر «فيسبوك»، عدم إقالة قائد شرطة البصرة رشيد فليح، واتهمه بالتورط في دماء المتظاهرين.
وفيما كان ناشطون يقودون حملة مطالبات واسعة للكشف عن قتلة خبير الجماعات المسلحة هشام الهاشمي، الذي اغتيل أمام منزله في بغداد، وصادفت ذكرى أربعينية وفاته (أول من أمس الجمعة)، صدم الجميع بخبر مقتل تحسين أسامة في البصرة، ما دفع كثيراً من الناشطين إلى اتهام الحكومة بعجزها، وعدم جديتها، في ملاحقة العصابات الإجرامية التي درجت على اغتيال الناشطين منذ أشهر طويلة. ويخشى كثيرون أن يمر الحادث دون الكشف عن الجناة، مثلما حدث في المرات السابقة.
وفي غمرة انشغال جماعات الحراك والناشطين بخبر اغتيال أسامة، أفادت الأنباء الواردة من مدينة الناصرية بمحافظة ذي قار، بتعرض الناشط المدني وسام الذهبي، لمحاولة اغتيال بطلق ناري بالقرب من مجسر سوق الشيوخ في صوب الشامية. وذكر ناشطون أن الذهبي تعرض مساء الجمعة لإطلاق نار من إحدى الدراجات النارية عند قيادته لسيارته. وأضافوا أن «شخصاً يقود دراجة نارية أطلق النار على الذهبي من مسافة قريبة تسببت بتهشم زجاج السيارة، ولم تصبه بأذى».
بدورها، حذرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان، من عودة الاغتيالات بحق الناشطين، وقالت، في بيان، إنها «تؤكد تحذيراتها السابقة من عودة ظاهرة اغتيال الناشطين المدنيين، التي تشير إلى ضعف في الأجهزة الاستخبارية ونقص في المعلومة الأمنية، بعد تسجيل اغتيال للناشط المدني (تحسين أسامة) في محافظة البصرة». وشددت على أن «عدم الكشف عن الكثير من الاغتيالات السابقة، منها جريمة اغتيال هشام الهاشمي، شجع عصابات تكميم الأفواه وحرية الرأي لاستئناف جرائمهم، ما يجعل الحكومة والأجهزة الأمنية أمام مسؤولية الالتزام بضمان أمن المواطنين بشكل عام، والناشطين المدنيين على وجه الخصوص».
من جانبه، وجَه حميد الياسري، قائد «لواء أنصار المرجعية»، وهو من الفصائل التي انسحبت من «الحشد الشعبي»، وارتبطت برئاسة الوزراء، رسالة إلى الرأي العام عقب اغتيال الناشط تحسين أسامة في البصرة. وكتب الياسري، في رسالته، إن «من يطالب بحقوق شعبه سوف يموت، اليوم في البصرة، وبالأمس في بغداد، وغداً في ميسان والأنبار وكربلاء ونينوى». وقال: «كلكم أيها الأحرار سوف تموتون، وسيشيعكم القاتل، ويحمل نعشكم، ويشرب على نخبكم المفتي قارورة الدم». وأضاف أن «من يريد أن يضعف، أو يخاف، فليختبئ تحت جدار أمين، ويرتقي فوق الجبل عالياً كي ينجو من القتل، ومن يعشق الموت والحرية والتحرر، فليواجه كواتمهم وأسيادهم خلف الحدود بصرخات العراقي الذي من سيل دمه سينتصر موطني، ولو بعد حين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».