رغم محاولة تقليدها وتصنيعها في بعض الدول الأخرى، إلا أن Feta «فيتا» وهو الاسم الذي يطلق على الجبنة اليونانية البيضاء، لا تزال تتصدر المكانة الأولى في الطعم ولذة المذاق من دون منافس، فلا تخلو مائدة يونانية من هذه الجبنة، ويتزاحم القادمون إلى اليونان على شرائها عند مغادرتهم بلاد الإغريق، فهي العمود الفقري أيضاً في طبق السلاطة اليونانية والمعروفة في اليونان باسم «خوريتكي سلاطا» ودول العالم المختلفة (جريك سالاط)، فلا يخلو طبق سلاطة من قطعة كبيرة مستطيلة أو مربعة من هذه الجبنة توضع أعلى الطبق وعليها زيت الزيتون والزعتر اليابس المفروك.
وإذا نظرنا إلى قصة «الفيتا» والتي تُصنع فقط من ألبان النعاج والماعز في اليونان، فقد مرت بمراحل صعبة كثيرة حيث دخلت هذا الاسم المحاكم العادية والأوروبية، لإثبات أبوته بعد أن اختلف بعض الدول مع اليونان على مشاركتها في هذا الاسم، ولكن اليونان انتصرت في آخر حكم محكمة، وكسبت الدعوى المرفوعة ضدها من كل من الدنمارك وألمانيا في معركة أبوة جبنة «فيتا»، وقد جاءت توصية النائب العام الأوروبي وقتذاك إلى المحكمة الأوروبية برفض الدعوى المقدمة ضد اليونان، من الدول التي طالبت بانتهاء احتكار اليونان لاسم الجبنة البيضاء المعروفة باسمها اليوناني «Feta».
وقد أجمع كثيرون على أن مصطلح «فيتا» لا يمكن أن يستعمل كاسم مشاع للجميع، ولا بد أن يعامل كمصطلح تقليدي لهذا النوع من الجبنة المنتجة في اليونان، وأن هذا الاسم حالياً يرتبط بدرجة كبيرة بتاريخ اليونان، حيث يرجع تاريخ إنتاج اليونان لهذا النوع من الجبن باسم «فيتا» إلى ستة آلاف عام.
كان قرار اتخذته اللجنة الاقتصادية للبرلمان الأوروبي قبل سنوات بإعطاء اليونان الحق الحصري في استخدام تسمية «فيتا» كعلامة تجارية لتسويق الجبنة البيضاء المصنوعة من حليب النعاج أو الماعز، قد أثار ثورة في أوساط صانعي الأجبان في المجموعة الأوروبية، ويرى صانعو الجبنة الفرنسيون أن القرار الأوروبي يفتح الباب أمام نزاع لا نهاية له، إذ سيطالب الإيطاليون بحصر إنتاج جبنة «الموزاريلا» فيهم، وجبنة «تشيدر» بالإنجليز، و«غودا» بالهولنديين، و«إيمانتال» بالسويسريين، و«كامومبير» بالفرنسيين.
وكانت فرنسا، وهي من الدول الأكثر تضرراً من قرار احتكار اليونان للاسم، قد نشرت حينها إعلانات مدفوعة في وسائل الإعلام المختلفة موجَّهة إلى نقابات مربّي النعاج والماعز والأبقار، لمطالبة الحكومة بالاعتراض على القرار الأوروبي والسعي لإلغائه.
وبدأت معركة اسم «فيتا» منذ عام 2002 عندما طلبت ألمانيا والدنمارك من المحكمة الأوروبية إلغاء القانون الصادر بحق امتلاك اليونان للاسم، حيث يحرم هذا القرار الآلاف من أصحاب مصانع الجبنة بدول الاتحاد الأوروبي من تسويق هذا النوع من الجبنة تحت علامة «فيتا».
كما يرى الفرنسيون أن خروجهم من حلبة «فيتا» سيفتح أسواق البلاد أمام الأميركيين والنيوزيلنديين والأتراك الذين لا يخضعون للاتفاقية الاقتصادية الأوروبية. كما سيسبب خسائر لهم بوصفهم ينتجون 12 ألف طن من هذه الجبنة في السنة، عدا الخسائر الفادحة التي ستلحق بنظرائهم في ألمانيا والدنمارك.
في لقاءات لـ«الشرق الأوسط» مع عدد من أصحاب مصانع تصنيع الجبنة في اليونان، تبين أن اللبن الذي تُصنع منه هذه الجبنة وطعمه ورائحته ونوعية المراعي التي تنمو فيها الماعز والنعاج والجو المعتدل لليونان يلعب دوراً كبيراً في مذاق هذه الألبان والجبنة، ولذا يرجع الفضل في ذلك للمراعي الطبيعية في الجبال اليونانية، كما أن كل نوع من التصنيع يكتسب طعماً ومذاقاً معينين، حيث هناك الجبة التي تُصنع وتُحفظ في صفائح معدنية وأخرى في عبوات خشبية، أو براميل سواء بلاستيكية أو خشبية.
إذا نظرنا إلى أسعار هذه الجبنة في اليونان فهي مرتفعة جداً قياساً إلى الدخل المادي للأسرة، فيتراوح سعر كيلو الجبنة البراميلي بين 12 يورو وأكثر وهي أحسن وأفضل أنواع الجبنة، وتأتي في المرحلة الثانية الجبنة التي تُصنع في عبوات معدنية وتتراوح بين 9 و10 يوروات للكيلو، بينما أقل من ذلك يكون سعر تلك الجبنة اللزجة والخالية من الملح.
«فيتا» ابنة الإغريق منذ ستة قرون
الجبنة اليونانية البيضاء دُرّة المائدة بلا منازع
«فيتا» ابنة الإغريق منذ ستة قرون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة