اليمين الاستيطاني يطالب بتغيير نتنياهو

وفد إسرائيلي إلى أبوظبي لمناقشة تطبيق الاتفاق

من المواجهات بين المحتجين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين في الخليل بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
من المواجهات بين المحتجين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين في الخليل بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

اليمين الاستيطاني يطالب بتغيير نتنياهو

من المواجهات بين المحتجين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين في الخليل بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
من المواجهات بين المحتجين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين في الخليل بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

في الوقت الذي أعلن فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن مباشرة محادثات ثنائية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، في غضون أيام، حول الجدول الزمني لبلورة اتفاق إقامة العلاقات بين البلدين، أطلق حلفاؤه في اليمين الاستيطاني وعدد من رفاقه في حزب الليكود الحاكم، حملة للضغط عليه وعلى الإدارة الأميركية للعودة إلى مخطط الضم وعدم إسقاطه. وهدد عدد من قادة المستوطنات بالإطاحة به واختيار قائد آخر من الليكود ليحل محله.
وقال وزير المواصلات السابق، النائب بتصلئيل سموتريتش من اتحاد أحزاب اليمين «يمينا»، أمس (الجمعة)، إن «واجب اليمين الحقيقي الأول اليوم هو استبدال نتنياهو والتخلص من قيادته للمعسكر». وأضاف: «تنازل نتنياهو عن مخطط فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات وعن ضم غور الأردن وشمالي البحر الميت، يفتح الباب للعودة إلى حل الدولتين. وهذا لا يعني إضاعة فرصة تاريخية فحسب، بل تدمير للمشروع الاستيطاني بأيدٍ يمينية. ليس لهذا الغرض وقفنا معه وعززنا مكانته في الحكم ومنعنا بأجسادنا استبداله. إنني أدعو إخوتي في اليمين إلى فتح عيونهم. فأميركا لم تتغير وما يحصل الآن هو أن الرئيس دونالد ترمب يكمل طريق سابقيه ويفرض علينا قبول دولة فلسطينية إرهابية».
واستخف سموتريتش بالاتفاق مع الإمارات قائلاً: «أنا لا أفهم هذه الضجة العالمية حول الموضوع. فهذا السلام يقام مع دولة لم يكن لنا معها صراع حربي حتى يسمّوا إقامة علاقات دبلوماسية معها اتفاق سلام. لكن نتنياهو يُسكرنا بسحره الكاذب. لقد نجح في تخويفنا من حكم اليسار وها هو يأتينا بفكر اليسار لينفذه باسم اليمين. علينا أن نُسقطه بطريقة لا يحل فيها اليسار في الحكم ولذلك من واجب الليكود أن يتخلص ويخلصنا منه وينتخب قائداً جديداً لمعسكر اليمين يكون أهلاً لحمل اسم اليمين».
وقررت مجموعة الضغط «لوبي الاستيطان البرلماني»، التي تضم مجموعة من وزراء ونواب الليكود وغيره من أحزاب اليمين، عقد اجتماع احتجاجي ضد تنازل نتنياهو عن مخطط الضم يوم الاثنين القادم. وتوجه مسؤول في الليكود، مقرب منه، طالباً إلغاء الاجتماع والتريث لفحص التطورات خلال أسبوعين أو ثلاثة، وقال إن «نتنياهو لم يتخلَّ عن مخطط الضم إنما أوقفه نزولاً على رغبة الرئيس ترمب، أهم صديق لإسرائيل في التاريخ». لكنّ منظمي الاجتماع رفضوا. وقال أحدهم، النائب حاييم كاتس، وزير العمل السابق، إن «نتنياهو قتل مخطط الضم». وهذه الكلمات كان قد استخدمها رجل الأعمال الإسرائيلي الأميركي، حاييم صبان، الذي يعد أحد المبادرين إلى المفاوضات بين تل أبيب وأبوظبي، إذ قال في تصريحات لوسائل الإعلام الإسرائيلية، أمس (الجمعة)، إن «مخطط الضم لم يتوقف ولم يجمّد بل مات، مات وانتهى أمره. أصلاً هو مشروع وهمي لم يقصد أحد بجد أن يُنفذ. إنني كنت أتمنى لو أن نتنياهو تمتع بالشجاعة المطلوبة وصارح الشعب بهذه الحقيقة».
وقال أحد وزراء الليكود، أمس، إن «هناك أجواء معادية لنتنياهو بشكل غير مسبوق في المستوطنات، والأمر يحتاج إلى عمل ما. وقرر سبعة من وزراء الليكود التوجه إلى الرئيس ترمب ومطالبته بأخذ الأوضاع الداخلية في إسرائيل في الاعتبار والتراجع عن إلغاء الضم». وأكدوا أنهم سيجتمعون بالسفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، المعروف بقربه من اليمين والمستوطنين والذي كان قد صرح، أول من أمس (الخميس)، وهو إلى جانب الرئيس ترمب، بأن «تعليق مخطط الضم هو إجراء مؤقت، لم يُصرف النظر عنه بشكل نهائي». وقال وزير الصحة، يولي إدلشتاين في بيان: «أحيّي رئيس الحكومة على الاتفاق المهم بين إسرائيل والإمارات، وخصوصاً استثمار الإمارات في إسرائيل من أجل تطوير لقاح ضد (كورونا) وهذه خطوة مهمة جداً. وإلى جانب ذلك، فإن السيادة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وغور الأردن ليست أقل أهمية بالنسبة لشعب إسرائيل. ويحظر أن يلغي التطبيع فرض القانون الإسرائيلي. وتعهدنا لـ1.3 مليون من ناخبي الليكود بالسيادة، وعلينا الإيفاء بتعهدنا». وقال وزير الطاقة، يوفال شتاينتس، إن مخطط الضم «لم ينزل عن الأجندة، لكننا ملزمون تجاه الأميركيين بضرورة التنسيق معهم». وقال وزير الاستيطان، تساحي هنغبي، إن «إسرائيل لم ولن تتنازل عن الضم أبداً، وسنطبقه أيضاً. كل ما هناك هو أننا وافقنا على الاستجابة لطلب صديق حقيقي، الرئيس ترمب، بإرجائه حالياً».
وأضاف هنغبي: «إسرائيل تعزز سيطرتها على يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة) منذ عام 1967. وبدأنا بصفر مستوطنين، وبعد ذلك 1000 و100,000 واليوم يوجد نصف مليون مستوطن. مررنا باتفاقات كامب ديفيد التي أقر فيها زعيم الليكود التاريخي، مناحيم بيغن، بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، بينما سياستنا ترفض سيادة فلسطينية جملة وتفصيلاً في يهودا والسامرة».
من جهة أخرى، يواصل نتنياهو الحديث عن أهمية الاتفاق وتوجّه أمس بالشكر إلى الدول العربية التي ساندته، وذكر بالاسم مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي، وكذلك البحرين وسلطنة عمان. وذكرت مصادر مقربة من نتنياهو أن رئيس الموساد (جهاز المخابرات الخارجية)، يوسي كوهن، سيترأس وفداً إسرائيلياً رفيعاً، الأسبوع المقبل، إلى أبوظبي من أجل مباشرة المفاوضات بين البلدين حول سبل تطبيق الاتفاق والجدول الزمني لذلك، بما فيه تحديد موعد للقاء بين القادة الثلاثة (الشيخ محمد بن زايد وترمب ونتنياهو)، في واشنطن للتوقيع الرسمي على الاتفاق.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».