وصفت شبكة «بي بي سي» البريطانية الكارتون المقوي بأنه «الذهب البيج»، في إشارة إلى الأموال الطائلة التي يمكن أن يربحها القائمون على صناعة إعادة تدوير الورق المقوي، حيث يتوقع أن ترتفع القيمة السنوية لتجارة الورق المقوى المعاد تدويره إلى 5.4 مليار دولار (4.1 مليار جنيه إسترليني) بحلول عام 2024، مقارنة بـ4.3 مليار دولار في عام 2017.
وأوضحت الشبكة البريطانية أن هذه الزيادة ليست مفاجئة مع الارتفاع المستمر في التسوق عبر الإنترنت، حيث يستخدم الورق المقوي في تغليف السلع المبيعة.
ولفتت إلى أن الأموال الكثيرة التي يمكن ربحها من الورق المقوي جذبت المجرمين حول العالم، حيث يكسب اللصوص ثروة من سرقة الورق المقوى المستعمل الذي يترك لإعادة تدويره وبيعه، وهذا يعني أن شركات إعادة التدوير، وكذلك السلطات الحكومية التي تأخذ نسبة من أرباح المبيعات، تخسر عشرات الملايين.
وأوضحت «بي بي سي» أن العاصمة الإسبانية مدريد تعاني من سرقة الورق المقوي على يد عصابات تقوم يومياً بتفتيش صناديق القمامة المخصصة لتلك الأشياء، فيما فشلت الشرطة في مواجهة السرقات رغم تغريمها أي شخص يضبط وهو يسرق الورق المقوى. وأشارت التقديرات إلى أن سرقة ما يقرب من نصف الورق المقوى الذي يوضع في صناديق إعادة التدوير. وقد لجأت الشرطة في 2018 إلى الاستعانة بخدمة حماية الطبيعة (سيبرونا) التابعة للحرس الوطني لحل تلك الأزمة.
ونجحت قوة «سيبرونا»، عبر شنها عملية «هارتي» (كلمة رومانية تعني الورق) لمواجهة ظاهرة السرقة، في اعتقال 42 من أفراد عصابة، كان من بينهم 3 إسبان، والباقيين جميعهم رومانيون، وقد وجهت اتهامات لهم بسرقة وشحن أكثر من 67 ألف طن من النفايات سنوياً منذ عام 2015، بمتوسط قيمة 10 ملايين يورو (11.8 مليون دولار) سنوياً.
وتقول آنا برييتو، المسؤولة الإعلامية في «سيبرونا»، إن المجرمين أسسوا شركة تخلط الورق المقوى الذي تم جمعه بشكل غير قانوني مع بعض المنتجات التي تم الحصول عليها بشكل قانوني، مما يعني فقدان إمكانية تتبع المسروقات قبل تصديرها إلى جنوب شرقي آسيا.
ولفتت «بي بي سي» إلى أنه على مدار العقد الماضي، تم إرسال أغلب الورق المقوى المستعمل إلى الصين، لتحويله إلى صناديق جديدة يتطلبها قطاع التصدير، وهو ما جعل بعض الصينيين أثرياء للغاية، مثل المليارديرة تشانغ يين، الملقبة بـ«ملكة القمامة» التي تتخصص شركتها في استيراد الورق المستعمل من الولايات المتحدة.
وقال قائد فريق مكافحة الجرائم البيئية في «يوروبول»، وكالة إنفاذ القانون التابعة للاتحاد الأوروبي، خوسيه ألفارو مورينو، الذي ساعد في مكافحة تلك السرقات في مدريد إن سرقة الورق المقوى المعاد تدويره «مشكلة أوروبية»، وأوضح: «هذه الظاهرة أوسع بكثير مما قد تتخيله في أوروبا، وقد انتقلت من سرقة الأوراق إلى غسل الأموال والاحتيال، مع تداخل الشبكات الدولية والمحلية».
وأكد مورينو أن قوات الشرطة المحلية في أوروبا، مثل إيطاليا، تستهدف حالياً تلك السرقات.
ولفتت «بي بي سي» إلى أن كثيراً من وسائل الإعلام رصدت تلك الظاهرة في الولايات المتحدة، حيث سادت في نيويورك وكاليفورنيا.