قيادة العمليات العراقية: لدينا القدرة العسكرية للرد على الاعتداءات الخارجية

القوات العراقية تنفذ عمليات تطهير جنوب نهر الفرات  («تويتر» وزارة الدفاع)
القوات العراقية تنفذ عمليات تطهير جنوب نهر الفرات («تويتر» وزارة الدفاع)
TT

قيادة العمليات العراقية: لدينا القدرة العسكرية للرد على الاعتداءات الخارجية

القوات العراقية تنفذ عمليات تطهير جنوب نهر الفرات  («تويتر» وزارة الدفاع)
القوات العراقية تنفذ عمليات تطهير جنوب نهر الفرات («تويتر» وزارة الدفاع)

في رد على استهداف تركيا قوة حدود عسكرية عراقية، الثلاثاء الماضي، وتسببها في قتل ضابطين وجندي، أكدت قيادة العمليات المشتركة، أمس (الخميس)، قدرة قواتها الأمنية على الدفاع عن أمن البلاد ضد الاعتداءات الخارجية. في غضون ذلك، وفي حادث هو الثالث من نوعه خلال أسبوع، انفجرت عبوة ناسفة في رتل مدني متعاقد مع قوات التحالف الدولي في تقاطع البطحاء بمحافظة ذي قار؛ «ما أدى إلى احتراق إحدى عجلات (مركبات) الرتل»، طبقاً لبيان رسمي.
وقال المتحدث باسم قيادة العمليات، اللواء تحسين الخفاجي، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أمس، إن «ما قامت به تركيا باستهداف ضباط عراقيين أثناء تأدية واجبهم في قيادة قوات حرس الحدود، له تأثيرات سلبية على مستوى العلاقات ما بين البلدين، وهو تصرف خطير يمثل نوعاً من العدوانية ضد السيادة العراقية».
وأضاف أن «قيادة العمليات المشتركة بدأت بالتشاور على مستوى عال مع وزارتي الدفاع والداخلية، ومع القيادات العسكرية في إقليم كردستان؛ لمناقشة تداعيات الاعتداءات التركية المتكررة على الأراضي العراقية».
وأكد أن «قيادة العمليات المشتركة لديها الإمكانات والقدرات العسكرية للدفاع عن أمن البلد وسيادته، وفي حال صدور أوامر بشأن ذلك، فإن القوات الأمنية على أتم الاستعداد للدفاع عن الأمن الوطني».
وأثار القصف التركي الذي تسبب في مقتل ضابطين وجندي غضب واستياء قطاعات عراقية واسعة، وصدرت مطالبات كثيرة بوضع حد لعمليات القصف التركية المتواصلة داخل الأراضي العراقية بذريعة محاربة حزب العمال التركي المعارض. كما صدرت مطالبات موجهة إلى الحكومة بالتحرك لطرد القوات التركية المتمركزة في ناحية بعشيقة شرق مدينة الموصل.
وتواصلت ردود الفعل العراقية على الاعتداء التركي، حيث أعلنت وزارة الخارجية، أمس (الخميس)، أن وزيرها فؤاد حسين «أجرى اتصالات عدة مع نظرائه العرب على خلفية الاعتداء التركي السافر الذي تسبب في استشهاد ضابطين وجندي من الجيش العراقي كانوا يقومون بمهمة لبسط الأمن على الشريط الحدودي مع الجانب التركي».
بدوره، رفض رئيس لجنة الصداقة التركية – العراقية، النائب ظافر العاني، ما سماه «تمادي أنقرة». وقال في بيان، أمس «من موقع مسؤوليتي كرئيس للجنة الصداقة النيابية العراقية – التركية، أؤكد من جديد بأن ‏تمادي أنقرة في الاعتداء على العراق سيجعلها تخسر كل أصدقائها، ولن يكون بمقدور أحد تبرير انتهاكاتها أو غض النظر عنها ما دام الأمر يتعلق بسيادة العراق واحترام حدوده». وأضاف أن «وجود حزب العمال الكردستاني PKK ليس سبباً مقنعاً لقصف المدن الحدودية العراقية وقتل المواطنين الأبرياء والقيام بأعمال عسكرية من طرف واحد، وعلى أنقرة أن تحل مشكلاتها الداخلية بالطريقة التي تجدها مناسبة، لكن بعيداً عن العراق».
وأعرب العاني عن مساندته بيان وزارة الخارجية العراقية والإجراءات التي اتخذتها، ودعا الحكومة إلى انتهاج كل الوسائل السياسية الممكنة لحفظ سيادة العراق وأرواح مواطنيه.
وكان مجلس الأمن الوطني الذي يترأسه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أدان، أول من أمس (الأربعاء)، الاعتداء التركي على الأراضي العراقية بشدة، وعدّه «تجاوزاً كبيراً لكل معايير التعامل بين الدول، وخرقاً لعلاقات حسن الجوار، وتهديداً كبيراً للأمن الوطني العراقي واستقرار المنطقة».
وذكر المجلس في بيان، أن «العراق سيمارس الوسائل كافة للدفاع عن أمنه وحماية مواطنيه، بما فيها الوسائل الدبلوماسية». وشدد على أن العراق «لن يكون مقراً أو ممراً لأي عدوان أو استهداف لدول الجوار، ولن يسمح باستخدام أراضيه منطلقاً للقيام بعمليات إرهابية ضد الدول المجاورة وبالخصوص تركيا».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم