سباق حوثي على شراء العقارات وتحويلها إلى مساكن ومخازن أسلحة

TT

سباق حوثي على شراء العقارات وتحويلها إلى مساكن ومخازن أسلحة

تحدثت مصادر محلية في صنعاء عن توسع القادة والمشرفين الحوثيين في شراء المنازل والأراضي والعقارات المتنوعة في أحياء متفرقة من العاصمة بمبالغ مالية ضخمة، ضمن مسلسل غسل الأموال التي نهبتها الجماعة من جهة؛ واستكمالاً لما بدأته في السابق من عملية استيطان في المناطق الحيوية من جهة ثانية.
وأفادت المصادر «الشرق الأوسط» بظهور طبقة جديدة من قيادات ومشرفين تابعين للجماعة يقومون بعمليات استيطان وتمركز ممنهجة مستغلين سيطرتهم على العاصمة ونهبهم كل مقدرات وأموال الدولة والقطاع الخاص.
وكشف عاملون في مكاتب بيع وشراء العقارات أن قادة الجماعة «يتسابقون بشكل مخيف في عملية الاستحواذ على أكبر قدر من الفيلات السكنية والأراضي في شمال العاصمة وجنوبها ويقومون بدفع مبالغ تفوق الأسعار الفعلية، في سياق إغراء السكان بالبيع».
وأشارت المصادر إلى تركيز الجماعة في عملية شراء العقارات على المناطق الواقعة بأطراف ومحيط العاصمة، خصوصاً من جهات الجنوب والشرق والغرب وكذا المناطق التي تتوسط العاصمة.
في غضون ذلك؛ أفاد مصدر مطلع في صنعاء بأن قيادياً حوثياً اشترى الأسبوع قبل الماضي وبطريقة سرية منزلاً كبيراً في العاصمة بمبلغ 600 مليون ريال (نحو مليون دولار)، وقام بهدمه، ومن ثم البدء بإعادة بنائه من جديد بمواصفات بناء خاصة.
وأكد المصدر، الذي ضاقت به الحال من «بطش وجبروت الجماعة»، واشترط عدم ذكر اسمه، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن القيادي الحوثي «كان قبل الانقلاب لا يملك ثمن أسطوانة غاز، قبل أن يصبح فجأة من الأثرياء وإلى جانبه كثير ممن التحقوا بصفوف الميليشيات وعملوا مشرفين؛ حيث تحولوا بين ليلة وضحاها إلى أغنياء حدّ التخمة».
وفي السياق نفسه، هاجم سفير يمني سابق قبل أيام قادة الميليشيات ومشرفيها واتهمهم بسرقة أموال اليمنيين وتسخيرها لشراء العقارات خدمة لمخططاتها وأجندتها الطائفية.
وكشف السفير عبد الوهاب طواف عن أن أحد الحوثيين «اشترى أرضاً قرب (ملعب الثورة) في (شارع التلفزيون) بالعاصمة صنعاء بـ10 ملايين دولار، وبعد أن دفع المبلغ كاملاً، ذهب للاحتفال بعيد (الولاية) وخطب خطبة عصماء، ذكّر فيها الفقراء بأهمية دفاعهم عن الغدير، إن أرادوا دخول الجنة».
وفي يوليو (تموز) الماضي، اشترى قيادي حوثي آخر في العاصمة فيلا فخمة بمبلغ مليون دولار؛ أي بما يعادل 600 مليون ريال. وأثارت عملية الشراء تلك سخطاً شعبياً واسعاً، وتداول ناشطون حينها صورة لـ«الفيلا»، مؤكدين عبر منشورات لهم أن القيادي الحوثي المدعو «عمار الهادي»، ويعمل في وزارة الدفاع المختطفة بصنعاء، اشترى الفيلا بذلك المبلغ الخيالي، في وقت تواصل فيه الأمم المتحدة تحذيراتها من مجاعة وشيكة في اليمن.
وفي تعليقه على الموضوع، كتب الصحافي اليمني نبيل سبيع، على حسابه في «فيسبوك»: «فيلا في صنعاء بيعت لقيادي حوثي بوزارة الدفاع بحوالي مليون دولار... فيلا في زمن مسيرة الفساد والإفساد، ومسيرة المَفْسَدَة الإمامية... فيلا في زمن المجاعات التي تعصف باليمنيين! فيلا في زمن انقطاع الرواتب والسُبُل والأمل.!». وتساءل سبيع: «فيلا في زمن الحرب، فماذا سيبنون في زمن رخائهم واستقرارهم واستتباب الأمر لهم؟!».
بدوره، أشار مالك محل عقارات بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» إلى قيام مشرف حوثي قبل فترة بشراء منزل شعبي مجاور لسوق «سيتي مارت» الكائن بحي «الدائري» بمبلغ 60 مليون ريال، «في حين أن القيمة الحقيقة للمنزل لا تتجاوز حتى نصف المبلغ».
وأضاف أن القيادي الحوثي «قام عقب شراء المنزل بطرد المستأجرين وهدمه لبنائه من جديد، دون مراعاة أوضاعهم التي يعيشونها، مستغلاً قوته ونفوذه من سطوة جماعته وسيطرتها على العاصمة وحمايتها للنافذين». وقال: «المنزل الذي اشتراه المشرف لم يكن الأول ولا يعد الأخير»، لافتاً إلى شراء قيادات حوثية أخرى معظمها تعمل في التجارة وتنتمي لصعدة العشرات من الأراضي والمنازل في مناطق متفرقة من صنعاء بمبالغ خيالية.
وكشف عن تلقيه معلومات، من خلال عمله لفترة مع الجماعة في البحث عن منازل وأراض للميليشيات، تفيد بتحويل أغلب تلك المنازل عقب عملية الشراء إلى مخازن للأسلحة ومراكز للتعبئة الفكرية والاستقطاب.
وشهدت صنعاء العاصمة ومدن أخرى تحت سيطرة الحوثيين خلال الفترة الماضية ارتفاعاً جنونياً في أسعار العقارات، نتيجة تسابق عناصر وقادة الجماعة على شرائها من أجل ضمان تحويل الأموال التي نهبوها من موارد الدولة إلى عقارات (مبان - أراض).
ونقلت تقارير محلية عن أحد كبار مستوردي مواد البناء في اليمن، قوله إن محافظة صعدة، معقل الحوثيين، تصدرت المرتبة الأولى من بين المحافظات اليمنية طلباً لمواد البناء، نتيجة ما قال إنها تشهد أعمالاً واسعة في البناء والتشييد العمراني.
وأرجع خبراء اقتصاديون ارتفاع حركة البناء والتشييد في صعدة، خلال السنوات الأخيرة، إلى الثراء الفاحش الذي طرأ على عناصر الميليشيات بسبب نهبهم المال العام واستحواذهم على مناصب مهمة في السلطة مكنتهم من السيطرة على القطاعين التجاري والخدمي في البلاد وبناء العقارات في معقلهم بصعدة.


مقالات ذات صلة

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

خاص رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك خلال لقاء سابق مع السفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

قال رئيس الوزراء اليمني إن الالتزامات الدولية تجاه اليمن لن تقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية، بل ستشمل أيضاً المجالات الأمنية والدفاعية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج نزع فريق «مسام» في محافظة عدن 154 ذخيرة غير منفجرة (واس)

مشروع «مسام» ينتزع 732 لغماً في اليمن خلال أسبوع

تمكّن مشروع «مسام» لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، خلال الأسبوع الثالث من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، من انتزاع 732 لغماً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي لقاء سابق بين رئيس الوزراء اليمني والسفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

«اجتماع نيويورك»... نحو شراكة استراتيجية بين اليمن والمجتمع الدولي

تأمل الحكومة اليمنية تأسيس شراكة حقيقية مع المجتمع الدولي، وحشد الدعم السياسي والاقتصادي لخططها الإصلاحية، وجوانب الدعم الدولية المطلوبة لإسناد الحكومة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».