صلاحيات استثنائية «محددة» للجيش... وتخوف على الحريات

مجلس النواب يقر حالة الطوارئ في بيروت

TT

صلاحيات استثنائية «محددة» للجيش... وتخوف على الحريات

في أول جلسة يعقدها منذ الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، أقر مجلس النواب اللبناني أمس إعلان حالة الطوارئ التي تعطي صلاحيات استثنائية للجيش اللبناني «محددة بمرسوم اشتراعي، ومقيدة بمكان وزمان محددين»؛ حسبما يؤكد رئيس مؤسسة «جوستيسيا» المرجع القانوني الدكتور بول مرقص؛ موضحاً أن «حالة الطوارئ لا تعطي صلاحيات مفتوحة للجيش».
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أوضح مرقص أن إقرار حالة الطوارئ الذي ذهب إليه مجلس النواب يستند للمرسوم الاشتراعي الذي ينص على أن حالة الطوارئ أو المنطقة العسكرية تُعلن «في مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، على أن يجتمع مجلس النواب للنظر بهذا التدبير في مهلة ثمانية أيام، وإن لم يكن في دور الانعقاد»، مضيفاً أن هذا ينطلق من «رؤية المشرع بأن قراراً كهذا يعطي صلاحيات واسعة للجيش، يجب أن تبقى تحت رقابة السلطة التشريعية».
وكان مجلس الوزراء قد أعلن حالة الطوارئ بعد يوم واحد من انفجار بيروت، أي في الخامس من الشهر الجاري.
وفيما خص الصلاحيات التي ستصبح بيد الجيش بعد إعلان حالة الطوارئ، يوضح مرقص أن المادة الرابعة من المرسوم تنص على 12 صلاحية، إذ جاء فيها أن «للسلطة العسكرية العليا في حالة إعلان حالة الطوارئ أو المنطقة العسكرية، الحق في فرض التكاليف العسكرية بطريق المصادرة التي تشمل الأشخاص والحيوانات والأشياء والممتلكات، وتحري المنازل في الليل والنهار، هذا فضلاً عن إعطاء الأوامر بتسليم الأسلحة والذخائر والتفتيش عنها ومصادرتها، وفرض الغرامات الإجمالية، وإبعاد المشبوهين عن منطقة معينة، واتخاذ قرارات بتحديد أقاليم دفاعية وأقاليم حيطة تصبح الإقامة فيها خاضعة لنظام معين».
ومن الأمور التي تصبح من صلاحيات الجيش عند إعلان حالة الطوارئ، حسبما يشرح مرقص أيضاً: «فرض الإقامة الجبرية على الأشخاص الذين يقومون بنشاط يشكل خطراً على الأمن العام، ومنع الاجتماعات المخلة بالأمن، وإعطاء الأوامر في إقفال السينما والمسارح والملاهي، ومختلف أماكن التجمع بصورة مؤقتة، هذا بالإضافة إلى منع تجول الأشخاص والسيارات في الأماكن وفي الأوقات التي تحدد بموجب قرار، ومنع النشرات المخلة بالأمن، واتخاذ التدابير اللازمة لفرض الرقابة على الصحف والمطبوعات والنشرات المختلفة والإذاعات والتلفزيون والأفلام السينمائية والمسرحيات، وتطبيق القواعد العسكرية المتعلقة بالأعمال الحربية عند تسيير الجنود لأعمال مسلحة، وفي استعمال الأسلحة والمعدات بجميع الطرق التي تمكنهم من القيام بالمهمة الموكولة إليهم».
ويؤكد مرقص أن هذه الصلاحيات «تفسر حصراً، أي أنه لا يمكن التوسع في تفسيرها» وأنها «مُنحت للجيش حالياً في مدينة بيروت فقط ولمدة 15 يوماً، كما أعلن مجلس الوزراء».

تقييد للحريات
كان إعلان حالة الطوارئ مفاجئاً لعدد من الجمعيات الحقوقية، ولا سيما أن لبنان أصلاً يعيش حال تعبئة تخول «الدولة القيام بالوظائف اللازمة لمعالجة الكارثة، كفرض الرقابة على مصادر الطاقة وتنظيم توزيعها، وعلى المواد الأولية والإنتاج الصناعي والمواد التموينية، وتنظيم استيرادها وخزنها وتصديرها وتوزيعها، وتنظيم ومراقبة النقل والانتقال والمواصلات والاتصالات؛ ومصادرة الأشخاص والأموال، وفرض الخدمات على الأشخاص المعنويين والحقيقيين، من دون أن تترافق مع المس بالحريات العامة» كما أوضحت «المفكرة القانونية» (منظمة غير حكومية تعنى بالقوانين) أن إعلان الطوارئ تبعاً للكارثة ولو جزئياً في بيروت «يؤدي عملياً إلى تسليم مقاليد السلطة في المدينة إلى الجيش، والمس بحريات التجمع والتظاهر. وهذا الأمر غير مبرر ما دامت الكارثة لم تترافق - أقله حتى الآن - مع أي خطر أمني، وأن البلاد وخصوصاً العاصمة تشهد انتفاضة ضد النظام الحاكم منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول)»؛ مشيرة أيضاً إلى أن إعلان الطوارئ «يؤدي إلى تعزيز صلاحيات المحكمة العسكرية في محاكمة المدنيين». وفي السياق نفسه، دعت مجموعات عدة في «حراك 17 تشرين» إلى التظاهر والتجمع في الساحات؛ رفضاً لهذا القرار؛ معتبرة أنه فضلاً عن «تقييده للحريات العامة جاء من سلطة فقدت شرعيتها».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».