الأطفال اللبنانيون المصابون بالسرطان بلا أدوية أو مكان للعلاج بعد انفجار المرفأ

طفلة مصابة بالسرطان في لبنان (نيويورك تايمز)
طفلة مصابة بالسرطان في لبنان (نيويورك تايمز)
TT

الأطفال اللبنانيون المصابون بالسرطان بلا أدوية أو مكان للعلاج بعد انفجار المرفأ

طفلة مصابة بالسرطان في لبنان (نيويورك تايمز)
طفلة مصابة بالسرطان في لبنان (نيويورك تايمز)

لم يعد لدى العديد من الأطفال المصابين بمرض السرطان في لبنان مكاناً يلجأون إليه لتلقي العلاج بعد أن دمر انفجار مرفأ بيروت المستشفيات وقضى على مخزون الأدوية.
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فقد دمر الانفجار، الذي وقع في الرابع من أغسطس (آب) الجاري، 4 مستشفيات في بيروت، وترك العشرات من الأطفال المصابين بالسرطان دون مكان يذهبون إليه لتلقي العلاج.
ومن ضمن المستشفيات التي دمرت في الانفجار، مستشفى سانت جورج، أحد أكبر المستشفيات في البلاد، والتي يقبع بها الكثير من أولئك الأطفال المصابين بالمرض الخبيث، مما تسبب في إصابة الكثير منهم بإصابات بالغة.
وقال بيتر نون، رئيس قسم الأمراض السرطانية والأورام لدى الأطفال في مستشفى سانت جورج: «من الصعب علينا أن نجد أننا غير قادرين على علاج الأطفال المصابين بالسرطان لأن كل شيء قد دمر»، مؤكداً أن استجابة الأطفال للعلاج الكيميائي مشروطة بحضور جميع الجلسات في مواعيدها، الأمر الذي تم تقويضه حالياً بسبب الحادث.
وأشار نون إلى أنه قام بزيارة عدد من المستشفيات منذ وقوع الانفجار، لمعرفة ما إذا كان لديهم مساحة لاستقبال مرضاه البالغ عددهم 110 مرضى، والذين هم «في أمس الحاجة إلى الرعاية» حسب قوله. إلا أن الطاقة الاستيعابية للمستشفيات التي لم تتأثر بالانفجار لا تسمح بعلاج المزيد من المرضى، بعد أن استقبلت نحو 6 آلاف مصاب في الانفجار.
ولفت نون إلى أنه أصبح أكثر خوفاً على مرضاه مع ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد في لبنان، قائلاً إن الأطفال المصابين بالسرطان يعانون بالفعل من ضعف المناعة بسبب العلاج الكيميائي، وإنهم قد يصابون بالفيروس ويموتون.
وأصاب فيروس كورونا المستجد أكثر من 7400 شخص في لبنان وأودى بحياة 89 حالة.
ويأمل نون أن تكون المستشفيات الميدانية التي تبنيها الحكومات الأجنبية جاهزة بالسرعة الكافية لرعاية مرضاه.
وأثر انفجار المرفأ على الاقتصاد اللبناني وأسعار العملة بشكل كبير، الأمر الذي صعّب على الكثير من عائلات الأطفال مرضى السرطان من توفير الأدوية والعلاج الذي يحتاجه أطفالهم.
يأتي ذلك إضافة إلى إلحاق الانفجار أضراراً بالغة بالمستودع الذي تديره الحكومة والذي كان يخزن الأدوية المستوردة. كما تم تدمير مخزون الأدوية في مستشفى سانت جورج.
وأسفر انفجار مرفأ بيروت عن مقتل 172 شخصاً وإصابة نحو 6 آلاف، وقد أجج غضباً شعبياً على الطبقة السياسية وتسبب في استقالة حكومة حسان دياب، بينما يطالب متظاهرون لبنانيون برحيل الطبقة السياسية مجتمعة وكل المسؤولين المتهمين بالفساد وعدم الكفاءة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم