إضراب في النقب احتجاجاً على الاعتداء على رئيس بلدية

TT

إضراب في النقب احتجاجاً على الاعتداء على رئيس بلدية

أعلنت عدة قرى عربية في النقب الإضراب العام وإغلاق كل المرافق الاقتصادية، احتجاجا على قيام الشرطة الإسرائيلية بضرب رئيس المجلس الإقليمي البلدي القيصوم، سلامة الأطرش، بعد تصديه لموظفين جاءوا لتوزيع أوامر هدم عدد من بيوت في القرى التي يقودها.
وقال الأطرش، قبيل اعتقاله، إنه خلال جولة في قريته، اصطدم بمجموعة من الموظفين المحروسين بقوات أمن خاصة ورجلي شرطة، فسألهم عن سبب قدومهم، ردوا عليه بفظاظة ورفضوا إبلاغه في البداية، ثم اعترفوا بأنهم حضروا لتوزيع أوامر هدم عدة بيوت بدعوى أنها بنيت بلا ترخيص. عندها طلب منهم أن يغادروا، بعد أن وعد بأن يتكفل بمعالجة الموضوع مع المسؤولين في وزارة الداخلية. ورغم أنهم عرفوا هويته ومسؤوليته وسمعوا منه أن مثل هذه الأوامر يجب أن يبلغ بها المجلس أولا، اعتدوا عليه بالضرب وأصابوه بجراح. وقد حضر في هذه الأثناء سكان البلدة ونقلوا الأطرش إلى مستشفى «سوروكا» في مدينة بئر السبع، لتلقي العلاج. لكن فرقة الهدم لحقت به إلى المستشفى وأبلغته أنه تحت الاعتقال.
وقد أثار هذا التصرف غضبا عارما في قرى المجلس التي قررت إعلان الإضراب، وانضم إليها عدد آخر من المجالس المحلية والإقليمية. واستنكرت لجنة رؤساء السلطات المحلية العربية في إسرائيل، الاعتداء، واعتبرته «تصرفا عنصريا خطيرا». وأصدر رئيس بلدية أم الفحم، دكتور سمير صبحي، بيانا، استنكر فيه ما حدث، وقال إنه يرى فيه «اعتداءً على أهلنا جميعاً في النقب». وطالب بفتح تحقيق مع أفراد الشرطة المتورطين ومحاسبتهم، وعدم المرور مرور الكرام على اعتداء من هذا القبيل، خاصة أن سلامة الأطرش منتخب من المواطنين ويمثلهم في كل قضاياهم، مثل أوامر الهدم التي حضرت الشرطة لتوزيعها على عشيرة الأطرش في بلدة مولدة التابعة لمجلس القيصوم الإقليمي.
يذكر أن مجلس القيصوم تأسس في سنة 2012. ويضم في صفوفه سبع قرى، هي: ترابين، وأم بطين، والسيد، وسوعا، وكوحلا، ومكحول، ودريجات، ويقدم خدمات لسكانها وكذلك لسكان الشتات البدوي الذي لا يحظى باعتراف الدولة. ويسكن المناطق المذكورة، نحو 12 ألف نسمة، وجرت الانتخابات المحلية للمرة الأولى عام 2018، وهو العام الذي انتخب فيه الأطرش رئيسا، وقد باشر الجهود لتسوية مشكلة البيوت غير المرخصة مع الوزارة. ويعتقد أن الهدم جاء للضغط عليه في المفاوضات مع الوزارة، وأكد مصدر مقرب منه، أمس، أنه تصدى لهذه القوة لأنه لا يريد تكرار ما حصل في بلدة أم الحيران، حيث تسببت عمليات هدم البيوت في قتل المربي يعقوب أبو القيعان.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».