ثورة كبرى.. في عالم «بلوتوث»

تقنية اتصال لاسلكي مطورة تؤمن التواصل بين مختلف الأجهزة

ثورة كبرى.. في عالم «بلوتوث»
TT

ثورة كبرى.. في عالم «بلوتوث»

ثورة كبرى.. في عالم «بلوتوث»

الوصل بين الهاتف الجوال وجهاز آخر، أو سيارة عبر «بلوتوث»، عملية تدعى الاقتران أو التزاوج، وهي غالبا ما تكون صعبة ومزعجة وغير مفهومة.
وحتى داخل السيارة حيث تتيح «بلوتوث» تحرير اليدين أثناء التكلم على الهاتف، يكون الأمر محبطا أحيانا، ومع ذلك فقد أصبحت هذه العملية من النظم الأساسية لوصل أجهزتنا لاسلكيا. وهي باتت مسؤولة حاليا عن وصل هواتفنا، مع الأجهزة التي نضعها على أجسامنا، مثل تلك التي تتعقب لياقتنا الجسدية، وتراقب أقفال بيوتنا، وحتى فراشي تنظيف أسناننا، ومصابيح الإضاءة في منازلنا؛ فقد انضوت «بلوتوث» بهدوء في صلب التقنيات الذكية جدا.

* نسخة محدّثة
* «بلوتوث» هي تقنية لا سلكية قصيرة المدى أطلقت في عام 1999، والمنتج هذا يدار من قبل مجموعة خاصة بحقوقها، تدعى «بلوتوث سبيشال إنترست غروب» التي لا تبغي ربحا، وتضم بين جناحيها 24 ألف شركة، وبمقدور أي شركة استخدام هذه التقنية، شرط الموافقة على شروط ومواصفات محددة. وكانت هذه المجموعة مع رهط من الأفراد الذين يقررون ما هي مواصفات «بلوتوث» وشروطها، قد وافقوا قبل سنوات عدة على إنتاج نسخة من النظام يمكنه ليس وصل سماعات الرأس اللاسلكية وتحرير اليدين أثناء المكالمات الهاتفية فحسب، بل التواصل أيضا مع الأجهزة التي توضع على الجسم، وإقفال أبواب المنازل الذكية، وفراشي الأسنان، والإعلانات التي تبث لاسلكيا.
وهذه النسخة الجديدة التحديث من «بلوتوث» تأتي تحت أسماء مختلفة، مثل «بلوتوث سمارت» Bluetooth Smart: «بلوتوث4.0» Bluetooth 4.0. و«بلوتوث لو إنيرجي» Bluetooth Low Energy. فهذه نسخة أقل طاقة بكثير من «بلوتوث» العادية التي تقوم بإرسال معلومات أقل من النسخ الأخرى، التي تدعى حاليا «بلوتوث كلاسيك».
«وكان دور (بلوتوث) قد تغير»، كما يقول سيوك جاواندا الناطق بلسان مجموعة «بلوتوث سبيشال غروب». فالعالم بدأ اليوم يرى أن (بلوتوث) أصبحت في كل مكان في هذا العالم المتصل بعضه ببعض، حيث يستخدم الجميع فيه «بلوتوث سمارت». والمقصود من هذه النسخة الجديدة من «بلوتوث» استخدامها في إطلاق دفقات سريعة جدا من المعلومات المرسلة عبر مسافات قصيرة نسبيا، مثل عدد الخطوات التي مشيتها، أو إرسال رمز معين ينشط تطبيقا على الهاتف. ويطلق جاواندا على «بلوتوث» هذا وصف «الممكن القاتل» للأجهزة المتصلة بعضها ببعض.
وعلى الرغم من طرح «بلوتوث سمارت» الذكية في عام 2010، فإنها شرعت الآن تشق طريقها عبر المزيد من الأجهزة المختلفة. كما أنه على الرغم من أن النموذج الجديد هذا يستخدم طاقة أقل، موفرا من حياة البطارية، فإن التغيير البارز هنا ربما هو في كيفية تقارنه أو تزاوجه مع الأجهزة الأخرى.
ومثال على ذلك يمكن الآن مزاوجة الأجهزة عن طريق استخدام تطبيق بدلا من استخدام ضوابط الهاتف. ولنأخذ الساعة الذكية «موتو 360» مثالا، فلدى إدارتها تسألك أن تنزل تطبيقا على هاتف «أندرويد». ولدى قيامك بذلك، يقوم التطبيق بالبحث عن الساعة والعثور عليها عن طريق اسمها، مع إبراز رمز شفري للتثبت من صحة المزاوجة.
ويقول بعض المطورين إن سهولة استخدام هذا النظام مع حياة البطارية الطويلة، من الأسباب التي جعلت بمقدور «بلوتوث» تشغيل ما يسمى بـ«إنترنت الأشياء»، أو مبدأ عالم الأجهزة الموصول بعضها ببعض لخدمتنا وفائدتنا.
ويقول جوكوين بريندس مؤسس الشركة الناشئة «جايستير» في ولاية فلوريدا في أميركا «فورت لوردايل»: «إن ما يعنيني هو إنترنت الأشياء»، إذ تستخدم شركته «بلوتوث سمارت» لوصل هاتف المستخدم بسلسلة مفاتيحه، كما أنه يجمع المال لوصل الهاتف بالمحفظة في نهاية المطاف. وسيكون بمقدور شحنة البطارية الموجودة في سلسة مفاتيح الشركة، وفي المحفظة، أن تدوم سنتين، أو أكثر، مع سهولة المزاوجة مع الهاتف.

* تقنية ذكية
* ويقول بريندس إنه كان يعمل مهندسا في شركة «موتورولا» عندما برز نموذج «بلوتوث» المنخفض الطاقة، وأدرك فورا أهمية ذلك: «فهذه تقنية كاملة لجعل كل الأشياء ذكية، التي لم تكن ذكية قبل ذلك». ومع ذلك هنالك بعض القصور. وأهم جانب فيه هو المدى، فإذا وصلت هاتفك بضابط الحرارة في المنزل عن طريق «بلوتوث»، فعليك أيضا وصله به عن طريق «واي - فاي» لضبطه من خارج المنزل. أما إذا كنت تتحكم بضابط الحرارة عن طريق «بلوتوث» فقط، وكان منزلك كبيرا واسعا، فقد تكون خارج نطاق المدى وأنت بداخله. ويصل مدى «بلوتوث» إلى ما بين 50 و150 قدما، ليصل إلى 300 قدم، إذا كان الجهازان في خط «النظر» المباشر. وطبعا تعتمد قوة الإشارة على الجدران والعوائق الأخرى، والتداخل الناتج عن الأجهزة الأخرى.
الجانب السلبي الآخر هو الأمن، فقد أفاد بعض الباحثين بأنهم تمكنوا من تجاوز التشفير المشيد داخل «بلوتوث سمارت»، رغم أن جاواندا يؤكد أن «بلوتوث» توفر الكثير منه. لكن «بلوتوث سمارت» ليس التقنية الوحيدة المتوفرة لأغراض الاتصالات، فهنالك منافستها القوية «واي - فاي دايركت»، التي تقدم سرعات عالية في نقل البيانات، وربما أمنا أقوى.

* «واي - فاي دايركت»
* «واي - فاي دايركت» تعتمد على مبدأ «واي - فاي»، لكنها تتيح وصل جهازين من دون الحاجة إلى موجه للإشارات اللاسلكية (روتر)، ومثال على ذلك هنالك بعض الكاميرات، مثل «غو برو هيرو4» يمكنها التواصل مع الهواتف الذكية عن طريق «واي - فاي دايركت». وهذا ما يتيح إدارة الكاميرا من بعيد، أو تصفح الصور وتحميلها من الهاتف، تماما كما لو أن الكاميرا مزودة بوصلة «واي - فاي» للإنترنت.
وكانت «واي - فاي دايركت» قد خضعت لبعض التحديثات والتعديلات أخيرا، ما يتيح للمستخدمين إرسال وتلقي المحتويات بين الأجهزة الموصولة بعضها ببعض بأسلوب سهل، والطباعة من الهاتف أو الجهاز اللوحي، وبث الموسيقى، وإرسال الفيديوهات إلى شاشة أخرى.
«وتبرز القيمة الحقيقية لهذه الأشياء الجديدة عندما يكون لديك تواصل مع الإنترنت»، يقول كيلي دايفز - فيلنر نائب رئيس قسم التسويق في «واي - فاي اللاينس» الجمعية التجارية التي ترخص لـ«واي - فاي» وتروج لها. فكل هذه الأمور الجذابة التي ترغب في القيام بها، تصبح أكثر جاذبية عندما تقوم بها وترصدها من بعيد. فإذا كنت تستخدم «بلوتوث»، فقد يكون ذلك مناسبا لمسافة 10 أقدام، لكنك في النهاية قد تستخدم «واي - فاي».
وفي نهاية المطاف قد نجد أنفسنا ربما في عالم مليء بـ«واي - فاي دايركت»، و«بلوتوث سمارت». والسؤال الصعب الإجابة عليه هو ما إذا كانت هنالك نماذج وصل أخرى قد تؤثر على هيمنة هذين الأسلوبين، مثل تقنية الاتصالات في المجال القريب، وكذلك «زغ بي» ZigBee، وهي نموذج آخر يتيح للأجهزة التحادث بعضها مع بعض.
لكن مثل تلك التقنيات الأخرى تواجه تلا كبيرا عليها تسلقه، فـ«بلوتوث» و«واي - فاي» هما كل شيء في هذه الأيام، كما أن «بلوتوث» بصورة خاصة هي رخيصة الكلفة، ويمكن الاعتماد عليها.
ومع تواصل المزيد من الأجهزة بعضها ببعض، تحلم «بلوتوث» بالمزيد من الإنجازات؛ إذ يقول جاواندا إن «بلوتوث» في السيارات شرعت تتغير من شريحة واحدة تتولى البث الصوتي، إلى شرائح متعددة منخفضة الطاقة يمكنها مشاركة المعلومات حول أمور كثيرة، مثل ضغط الإطارات ودرجة الحرارة.
وأضاف: «حاليا كل هذه الأمور موصولة بأسلاك، مثل جهاز مراقبة ضغط الإطارات، فإذا ما أزلت مثل هذه الكابلات، ووضعت مكانها هذه المستشعرات والمجسات، فأنت تخفف من وزن السيارة، وبذلك تزيد من المسافة المقطوعة بخزان الوقود الواحد، فضلا عن أنه يمكن للمستشعرات التحدث لاسلكيا مباشرة مع هاتفك».

* خدمة «نيويورك تايمز»



شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
TT

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار النشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى أخيراً على بعض مؤلفيها، عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «إل إل إم» لمدة 3 سنوات.

آراء متفاوتة

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، تنبغي تغذيتها بكمية مزدادة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وأشارت إلى أنّ «(هاربر كولينز) أبرمت عقداً مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة (...) بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها».

وتوضّح دار النشر أيضاً أنّ العقد «ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر».

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي: «من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل، لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا».

هامش تفاوض محدود

ومع أنّ «هاربر كولينز» هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقوداً من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار «ويلي» الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة «محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب، مقابل 23 مليون دولار»، كما قالت في مارس (آذار) عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

وترى جادا بيستيلي، رئيسة قسم الأخلاقيات لدى «هاغينغ فايس»، وهي منصة فرنسية - أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام، لأنّ محتوى الكتب يدرّ أموالاً. لكنها تأسف لأنّ هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول: «ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة».

ويقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي (SNE) جوليان شوراكي: «نبدأ من مكان بعيد جداً»، مضيفاً: «إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حواراً ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن فيما يخص استخدام البيانات مصدراً، التي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ».

مواد جديدة

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضاً في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة «أوبن إيه آي» مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» وضد «مايكروسوفت» المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع «أوبن إيه آي».

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها سوى باعتماد خيارات تُلزمها بدفع أموال، خصوصاً مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيراً إلى أنّ النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو كأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج «غوغل» و«أنثروبيك» و«أوبن إيه آي».

ويقول جوليان شوراكي: «يمكن على شبكة الإنترنت، جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات».