كثرت تهديدات الإدارة الأميركية سواء للدول أو الأفراد أو الشركات الخارجية، والتي أصبحت تتداخل وتؤرق صلب الاقتصاد الأميركي نفسه بحسب وجهات نظر مجتمع الأعمال الأميركي.
ومنذ بداية ولايته، اعتاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب وإدارته مزج السياسة بالاقتصاد، واللجوء إلى القرارات العقابية من قبيل الرسوم الانتقامية. وفي أحدث جولات القرارات الأميركية الخانقة للاقتصاد، قال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين مساء الاثنين، إنه اعتبارا من العام المقبل، يتعين على جميع الشركات الصينية الامتثال لمتطلبات التدقيق الأميركية، وإلا سيتم شطبها من البورصة الأميركية.
وقال منوتشين خلال مؤتمر صحافي: «أوصينا بذلك، وستقوم لجنة الأمن والتبادل الأميركية بطرحها». وأضاف أنه «بحلول نهاية العام المقبل، إذا لم تمتثل بشكل كامل، فإن الشركات الصينية وأي شركات غيرها، لأنه يتعين على جميعها الامتثال للمحاسبة نفسها بشكل دقيق... سوف يتم شطبها من البورصة».
ويأتي القرار بعد أن أوصت مجموعة عمل الرئيس بشأن الأسواق المالية في السادس من أغسطس (آب) باتخاذ خطوات لتعزيز معايير الإدراج في البورصة الأميركية «لحماية المستثمرين من المخاطر» من الشركات الصينية. ويشار إلى أن عدم رغبة شركات صينية مثل شركة علي بابا العملاقة، في مراجعة سجلاتها من جانب مدققين أميركيين، بمثابة شوكة في خاصرة المشرفين الماليين.
لكن من منظور اقتصادي، فإن هذه الخطوة، واللجوء إلى التهديد المستمر، والتدخل الحكومي في شؤون البورصة، هي أمور قد تدفع الكثير من الشركات والمستثمرين إلى التخارج خوفا من تبعات هذه القرارات.
وبالتزامن مع تهديدات الشطب، أكدت شركات أميركية عملاقة في مجال التكنولوجيا من بينها أمازون وأبل وفيسبوك في مذكرة قضائية أن خطوة إدارة الرئيس دونالد ترمب بمنع تأشيرات العمال المهاجرين من أصحاب المهارات تضر بالبلاد.
وتم رفع المذكرة الاثنين إلى المحكمة الفيدرالية دعما لدعوى تقدمت بها غرفة التجارة الأميركية ومجموعات تجارية ضد إعلان ترمب في يونيو (حزيران) بوقف إصدار تأشيرات لعدد من فئات العاملين الأجانب، بما في ذلك المواهب الماهرة التي توظفها شركات التكنولوجيا.
وقالت المذكرة التي دعمتها أكثر من 50 شركة ومنظمة تكنولوجية إن «تعليق الرئيس لبرامج تأشيرات غير المهاجرين والذي يفترض أنه يهدف إلى (حماية) العمال الأميركيين، يضر بالواقع بهؤلاء العمال وأصحاب العمل والاقتصاد».
وبحسب المذكرة فإن تصرفات الإدارة الأميركية توجه رسالة بعيدة عن القيم الأميركية تحول دون أن يأتي الناس من الخارج بمهاراتهم وإبداعهم إلى الولايات المتحدة.
وكان ترمب أعلن عن تجميد معظم تأشيرات الهجرة، وحظر إمكانية التقدم بطلبات جديدة للحصول على تأشيرات العمل حتى نهاية العام. وأدى ذلك إلى تعليق عدد من تأشيرات غير المهاجرين من بينها تأشيرات «إتش - وان بي» التي تعتمد عليها الكثير من شركات التكنولوجيا لجلب مهارات من الخارج. وجعل ترمب من إصلاح نظام الهجرة ركيزة أساسية في حملة إعادة انتخابه، مقدماً الأمر على أنه علاج للمعضلات الاقتصادية التي تواجه البلاد. لكن معارضين يقولون إن الخطوة لن تقدم الكثير لتحفيز الانتعاش الاقتصادي المأمول به.
ورأت المذكرة أن تعليق برامج التأشيرات سيؤدي بحسب المؤشرات إلى «خنق الابتكار وإعاقة النمو وسيضر في نهاية المطاف بالعمال والشركات والاقتصاد الأميركي على نطاق أوسع بطرق لا يمكن إصلاحها».
وتشير المذكرة إلى أن قرار ترمب، وبدل أن يحفظ الوظائف للأميركيين، «لا يضمن» أن الشركات لن تضطر إلى توظيف أشخاص في الخارج ونقل الوظائف إلى بلدان أخرى. وبحسب المذكرة فإن المنافسين في مجال التكنولوجيا في كندا والصين والهند ودول أخرى «سينتهزون الفرصة» لجذب العمال الماهرين الذين لا ترغب بهم الولايات المتحدة. وأضافت «كما هو متوقع، ستستفيد دول أخرى من تعليق الولايات المتحدة الشامل لتأشيرات غير المهاجرين». وأكدت المذكرة «يقوم المنافسون العالميون بتعديل أنظمة الهجرة الخاصة بهم لجذب العمال المهرة». ومن بين الشركات التي انضمت إلى المذكرة مايكروسوفت وتويتر وأوبر، بالإضافة إلى مجموعات تجارية في قطاع التكنولوجيا من بينها مجلس صناعة تكنولوجيا المعلومات.
وفي شأن آخر ذي صلة بذات المحور، ستحتاج السلع المصنوعة في هونغ كونغ والمخصصة للتصدير إلى الولايات المتحدة لأن تحمل شعار صنع في الصين بعد 25 سبتمبر (أيلول) المقبل، وفقا لإشعار نشرته الحكومة الأميركية الثلاثاء.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب فرض الصين قانونا للأمن القومي على هونغ كونغ مع قرار أميركي بإنهاء الوضع الخاص للمستعمرة البريطانية السابقة بموجب القانون الأميركي، مما يصعد التوتر المحتدم بالفعل بين الصين والولايات المتحدة بسبب الرسوم المفروضة في حرب تجارية بينهما وأسلوب التعامل مع تفشي فيروس «كورونا».
وذكر إشعار صادر عن هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية أن الخطوة الأحدث ستخضع شركات هونغ كونغ لنفس رسوم الحرب التجارية المفروضة على مصدّري بر الصين الرئيسي، في حالة تصنيع منتجات تخضع لهذه الرسوم. وقالت الهيئة إنه بعد 45 يوما من نشر هذا الإشعار «يجب وضع علامة على البضائع للإشارة إلى أن منشأها الصين».
وجرى اتخاذ هذه الخطوة بعد أن قررت الولايات المتحدة أن هونغ كونغ «لم تعد تتمتع باستقلالية كافية لتبرير المعاملة التفضيلية فيما يتعلق بالصين».
تهديدات الشطب والحظر تؤرق مجتمع الأعمال الأميركي
تهديدات الشطب والحظر تؤرق مجتمع الأعمال الأميركي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة