تقارير محلية ودولية تكشف جانباً من فساد الانقلابيين في اليمن

اتهامات للميليشيات بتعطيل برامج الحماية الاجتماعية ورفع معدلات الفقر

طفل يقف في كوخ عائلته بمنطقة فقيرة في صنعاء (رويترز)
طفل يقف في كوخ عائلته بمنطقة فقيرة في صنعاء (رويترز)
TT

تقارير محلية ودولية تكشف جانباً من فساد الانقلابيين في اليمن

طفل يقف في كوخ عائلته بمنطقة فقيرة في صنعاء (رويترز)
طفل يقف في كوخ عائلته بمنطقة فقيرة في صنعاء (رويترز)

كشفت تقارير يمنية حديثة عن توسع عمليات الفساد المنظم الذي قادته وتقوده الميليشيات الحوثية بشكل كبير لتشمل كافة القطاعات والمفاصل الحيوية للدولة اليمنية بما فيها المؤسسات والهيئات والصناديق ذات الإيرادات المالية.
وأفادت التقارير بأن عمليات الفساد والسطو تلك رافقها ارتكاب سلسلة من الممارسات غير القانونية بحق اليمنيين من مختلف الفئات المجتمعية في صنعاء العاصمة ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة الانقلابية.
واتهمت التقارير الميليشيات باستهداف برامج الحماية الاجتماعية (شبكات الضمان الاجتماعي) ونهب كافة مدخراتها ومواردها، ما تسبب بتعميق الفقر وارتفاع نسبه، وفقدان اليمنيين للحماية في ظروف الكوارث والأزمات المتلاحقة. وفق ما أكدته دراسة بعنوان «الآليات الوطنية للحماية الاجتماعية».
وقالت الدراسة: «تعطيل دور شبكة الأمان الاجتماعي في اليمن يعني تخلي مؤسسات الدولة عن حماية المواطن اقتصادياً واجتماعياً ورفع معدلات الفقر والحرمان، حيث تمثل الحماية الاجتماعية مجموعة من السياسات والبرامج التي تهدف للقضاء على الفقر والحرمان، وتعمل على تسهيل وصول الجميع إلى الخدمات الأساسية والتمتع بمستوى معيشي لائق أو الحد الأدنى منها.
وفي حين تقوم مكونات الحماية الاجتماعية بمساعدة الأسر الأشد فقراً وتضرراً على مواجهة الآثار السلبية للصدمات الاقتصادية وآثار التغيرات المناخية من خلال تقديم مساعدات نقدية، وتدريب، وتمويلات صغيرة وأصغر، وأشغال عامة، وتنمية مجتمعية، تتألف أيضا أبرز مكونات الحماية الاجتماعية بصناديق التقاعد، والرعاية الاجتماعية، والصندوق الاجتماعي للتنمية، ومشروع الأشغال العامة، والتمويل الأصغر.
ويشكو (سعيد. ع). وهو أحد المستفيدين من الضمان الاجتماعي في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار نهب الميليشيات لمعاشاتهم ومواصلة ابتزازها للمنظمات الأممية كلما أعلنت عن انفراجة وشيكة في صرف المساعدات النقدية الطارئة المقدمة لهم. مطالبا بسرعة وضع حد لجرائم وانتهاكات الجماعة الحوثية في حق الملايين من الأسر اليمنية الأشد فقرا وحرمانا.
وفي سياق بداية نهب الجماعة عقب انقلابها للصناديق التقاعدية ومنها «رواتب الفقراء» المخصصة لهم عبر حكومات سابقة، تحدث (سعيد. و40 عاما) عن أن بدايات استهداف لمعاشاتهم التي لا تتعدى مبلغ 12 ألف ريال (الدولار حوالي 600 ريال) بدأت أولا باستقطاع الربع منها بحجة دعم المجهود الحربي، ثم تطور ذلك إلى استقطاع النصف، وصولا لقطعه بشكل نهائي.
ومن جهته، قدر أحد الموظفين السابقين في صندوق الضمان الاجتماعي بصنعاء، خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أن إجمالي عدد الحالات اليمنية الفقيرة التي كانت مستفيدة من الضمان الاجتماعي قبل أن يطالها النهب والعبث الحوثي، كانت تصل إلى 1.5 مليون حالة.
وقال الموظف: «في سبتمبر (أيلول) 2014 قدمت السعودية لصندوق الرعاية الاجتماعية مبلغ 435 مليون دولار لتغطية تكلفة مدفوعات الضمان الاجتماعي، ومبلغ 100 مليون دولار من الحكومة الأميركية».
وأضاف «لكن تلك المساعدات الإقليمية والدولية استحوذت عليها الميليشيات ولم تصرف منها ريالا واحداً للحالات المستفيدة التي لم تكن تملك ما يسد به رمق جوعها بعد اقتحام الانقلابيين وسيطرتهم على البنك المركزي في صنعاء وقطعهم مستحقاتها دون وجه حق». وأكد أن الممارسات فاقمت الأزمات المعيشية للمواطنين خصوصا المستفيدين من تلك المساعدات.
وبحسب موظف الصندوق، لم تكتف الجماعة حينها بنهب البنك ورواتب الضمان الاجتماعي فقط، بل لجأت إلى المؤسسة العامة للتأمينات، ونهبت من حساباتها نحو مليار دولار.
وعلى صلة بذات الموضوع، كانت ما تسمى بلجنة متابعة ملف التأمينات الاجتماعية في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، كشفت في وقت سابق عن اختفاء أزيد من 300 مليار ريال يمني، من أموال المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والخاصة بالمؤمن عليهم من القطاع الخاص التجاري والصناعي والخدمي والشركات النفطية والاتصالات والبنوك وغيرها في عموم البلاد. وأضافت اللجنة حينها أن ما يزيد على 11093 مؤمناً عليهم لم يحصلوا على رواتبهم التأمينية.
وكانت تقارير محلية ودولية عدة، تحدثت عن تعرض مجموعة من الصناديق الإيرادية بما فيها «صناديق التقاعد» في مناطق سيطرة الجماعة لعمليات سطو منظمة، من بينها صندوقا الضمان الاجتماعي، والنشء والشباب، وصندوق مؤسسة التأمينات.
ووفقا للتقارير، عملت الميليشيات، المدعومة إيرانيا، عقب انقلابها على نهب أموال صناديق التقاعد وأوقفت في المقابل مشاريع البنية التحتية، كما أحجمت عن تسديد ديونها للبنوك ومؤسسات التمويل الأصغر، ما قاد هذه المكونات التي تقدم العون والمساعدة لشريحة كبيرة من اليمنيين، إلى التوقف عن العمل.
وعلى صعيد استهداف الميليشيات المتكرر للمنظمات الأممية المشرفة على صرف المساعدات النقدية للفقراء بمناطق سيطرتها، أفصحت التقارير عن لجوء منظمات دولية كـ«يونيسف»، إلى إيقاف وتعليق عملها في صرف المساعدات أكثر من مرة، نتيجة ما قالت إنه مضايقات الجماعة ومنعها من مباشرة عمليات الصرف.
وفي سياق تعسفات الميليشيات المتكررة بحق فئات وشرائح المجتمع اليمني، أفادت دراسة محلية أخرى، بأن الجماعة شردت خلال الفترة القليلة الماضية نحو 300 ألف من سكان أحياء الصفيح «المحاوي»، التي تقطنها الأسر المهمشة من ذوي البشرة السوداء.
وقالت الدراسة المعنونة: «الحماية الاجتماعية في اليمن بين الصمود والتكيف» والممولة من اليونيسف، إن 10 في المائة من سكان أحياء الصفيح (المحاوي) نزحوا عن مساكنهم».
وأرجعت أسباب فرار المهمشين من مساكنهم، إلى ممارسات ميليشيات الحوثي تجاههم، وتوقيف رواتبهم، وإجبارهم على القتال معها في الجبهات.
وتعذر على النازحين من المهمشين، طبقا لتقييم الاحتياجات ومستوى الانكشاف، استضافتهم من قبل الأسر والأقارب، ويكابدون حالة من الفقر المدقع بسبب فقدانهم لمأواهم ومساكنهم وعجزوا عن تسديد أي نفقات أخرى مرتبطة بالسكن. بحسب ما أكدته الدراسة الأممية.


مقالات ذات صلة

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

خاص رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك خلال لقاء سابق مع السفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

قال رئيس الوزراء اليمني إن الالتزامات الدولية تجاه اليمن لن تقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية، بل ستشمل أيضاً المجالات الأمنية والدفاعية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج نزع فريق «مسام» في محافظة عدن 154 ذخيرة غير منفجرة (واس)

مشروع «مسام» ينتزع 732 لغماً في اليمن خلال أسبوع

تمكّن مشروع «مسام» لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، خلال الأسبوع الثالث من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، من انتزاع 732 لغماً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي لقاء سابق بين رئيس الوزراء اليمني والسفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

«اجتماع نيويورك»... نحو شراكة استراتيجية بين اليمن والمجتمع الدولي

تأمل الحكومة اليمنية تأسيس شراكة حقيقية مع المجتمع الدولي، وحشد الدعم السياسي والاقتصادي لخططها الإصلاحية، وجوانب الدعم الدولية المطلوبة لإسناد الحكومة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون سيستهدفون «السفن المرتبطة بإسرائيل فقط» بعد وقف النار في غزة

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف سفينة في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)
صورة وزعها الحوثيون لاستهداف سفينة في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون سيستهدفون «السفن المرتبطة بإسرائيل فقط» بعد وقف النار في غزة

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف سفينة في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)
صورة وزعها الحوثيون لاستهداف سفينة في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)

أعلن الحوثيون في اليمن إلى أنهم سيقتصرون على استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل فقط في البحر الأحمر، وذلك في الوقت الذي بدأ فيه سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقال الحوثيون، في رسالة عبر البريد الإلكتروني أرسلوها إلى شركات الشحن وآخرين، أمس الأحد، إنهم «سيوقفون العقوبات» على السفن الأخرى التي استهدفوها سابقاً منذ بدء هجماتهم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

ويعتزم الحوثيون، بشكل منفصل، إصدار بيان عسكري اليوم الاثنين، على الأرجح بشأن القرار.

أكثر من 200 سفينة يقول الحوثيون إنهم استهدفوها خلال عام (أ.ف.ب)

لكن الرسالة، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، تركت الباب مفتوحاً لاستئناف الهجمات ضد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، اللتين شنتا هجمات جوية استهدفت جماعة «الحوثي» بسبب هجماتها البحرية.

وقال مركز «تنسيق العمليات الإنسانية» التابع للجماعة، «في حالة وقوع أي عدوان، ستتم إعادة فرض العقوبات على الدولة المعتدية»، مضيفاً أنه «سيتم إبلاغكم على الفور بهذه التدابير في حال تنفيذها».

واستهدف الحوثيون نحو 100 سفينة تجارية بالصواريخ والطائرات المسيرة منذ بداية حرب إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إثر الهجوم المفاجئ لـ«حماس» على إسرائيل الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 250 آخرين رهائن.

واستولى الحوثيون على سفينة واحدة وأغرقوا اثنتين في الهجمات التي أسفرت أيضاً عن مقتل أربعة من البحارة.

كما تم اعتراض صواريخ وطائرات مسيرة أخرى من قبل تحالفات منفصلة تقودها الولايات المتحدة وأوروبا في البحر الأحمر، أو فشلت في الوصول إلى أهدافها، والتي شملت أيضاً سفناً عسكرية غربية.