واشنطن حذرة من «انفتاح» فرنسا على «حزب الله»

التسوية في لبنان مؤجلة إلى ما بعد نهاية العام وتخوف من دور تركي

TT

واشنطن حذرة من «انفتاح» فرنسا على «حزب الله»

بعد استقالة الحكومة اللبنانية تحت ضغط الشارع الغاضب، أو من قبل «الطبقة السياسية»، بدا واضحاً أن رئيسها حسان دياب قرأ الأحداث التي جرت في أعقاب انفجار مرفأ بيروت بطريقة خاطئة أكبر من حجمه. ومنذ أن سرب وزير المالية غازي وزني، المحسوب على رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أنه في طريقه لتقديم استقالته، جرى التأكد من أن الطبقة السياسية اللبنانية رفعت الغطاء عن حكومة دياب، متهمة إياه بأنه ليس مسموحاً له باللعب خارج ناديها. وهو ما حاول القيام به عندما أعطى لنفسه الحق في إعادة ملء الحقائب التي شغرت في حكومته، والتصرف بصفته مسؤولاً أصيلاً، داعياً تلك الحكومة إلى البحث في تعيين موعد لإجراء انتخابات نيابية مبكرة.
ويتداول بعضهم في واشنطن أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ينسق تحركه السياسي تجاه بيروت مع إدارة الرئيس دونالد ترمب لإعادة ترتيب الوضع الحكومي، لكن واشنطن أكدت أنها لا تدعم تشكيل حكومة «وحدة وطنية»، على الأقل في هذه المرحلة، لأنها تعد أن الطبقة السياسية القائمة مسؤولة بشكل مباشر عما وصلت إليه الأوضاع في لبنان، وأن الأمر متصل أيضاً بما سيحصل في المواجهة القائمة مع إيران، المؤجل البت فيها إلى ما بعد الانتخابات الأميركية.
وتتخوف تلك الأوساط من نمو الدور التركي الذي يسعى إلى «ملء الفراغ» في لبنان، في ظل حركة نشطة تقوم بها أنقرة، سواء في طرابلس أو بيروت، عبر تعميق علاقاتها مع جماعات إسلامية معروفة، وهو ما قد يؤدي إلى نتائج سياسية كارثية، في ظل تنسيقها المعلن منه والمستور مع إيران. وتدعو في هذا الإطار إلى إعادة تعزيز الحضور الخليجي، والبحث عن قنوات تواصل مع اللبنانيين.
وتكتفي واشنطن بالإصرار على الطرف الفرنسي أن يمضي قدماً في جهوده للاتفاق على تشكيل حكومة «محايدة»، يمكن لبعضهم أن يسميها حكومة «إنقاذ»، بانتظار نضوج التسوية الإقليمية الكبرى. وتعتقد تلك الأوساط أن واشنطن حصلت على موافقة الثنائي الشيعي لترسيم الحدود البرية والبحرية مع إسرائيل، وهو ما سيبحثه المبعوث الأميركي الخاص السفير ديفيد هيل في بيروت هذا الأسبوع، لكنها تبدي حذرها من مناقشات قيل إن فرنسا تجريها مع الأطراف اللبنانية، خصوصاً مع «حزب الله»، في ظل تقدير فرنسي يعد أن حالة «القضم» التي يتعرض لها الحزب قد تؤدي إلى «عقلنة» دوره، وقبوله بتسوية داخلية.
وترى فرنسا أن «حزب الله» هو في حالة دفاع جراء الأحداث التي تتالت على لبنان منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول)، وصولاً إلى انفجار المرفأ، وقرب الإعلان عن نتائج المحكمة الدولية في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، والتجديد لقوات الطوارئ الدولية الشهر المقبل. لكن واشنطن لا تستطيع القبول بتسوية تسلم البلد لـ«حزب الله»، خصوصاً أن لا أحد يتحدث عن «سلاح الحزب» الذي يشكل عنصر استقوائه الأساسي على منافسيه الآخرين في لبنان. وترى أنه من الصعوبة على واشنطن القبول بهذه التسوية إذا لم تكن جزءاً من التسوية الكبرى مع إيران، التي تشترط فيها أن تتخلى ليس فقط عن طموحاتها النووية، بل وعن سلوكها المزعزع للاستقرار في المنطقة.
وترى تلك الأوساط أن ما يمكن توقعه من الآن حتى نهاية العام الحالي لا يتجاوز تشكيل حكومة توقف الانهيار المعيشي عبر جسر المساعدات الإنسانية التي لن تمر إلا عبر الهيئات الدولية. أما البحث في إعادة إعمار بيروت التي أكد مسح أولي أن كلفتها قد تصل إلى 15 مليار دولار، فهو أمر مؤجل مرتبط بملفات الإعمار الأخرى في الإقليم المعطوب، من سوريا إلى العراق، إلى ما بعد نهاية العام الحالي.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.