الكاظمي يضغط على الكتل السياسية لإجراء انتخابات مبكرة

وسط خلافات حول الدوائر المتعددة

الكاظمى في مؤتمر صحافي خلال زيارته لمدينة البصرة في يوليو (أ ب)
الكاظمى في مؤتمر صحافي خلال زيارته لمدينة البصرة في يوليو (أ ب)
TT

الكاظمي يضغط على الكتل السياسية لإجراء انتخابات مبكرة

الكاظمى في مؤتمر صحافي خلال زيارته لمدينة البصرة في يوليو (أ ب)
الكاظمى في مؤتمر صحافي خلال زيارته لمدينة البصرة في يوليو (أ ب)

رغم عدم عقد الجلسة الطارئة التي دعا رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي الكتل السياسية إليها بشأن الانتخابات المبكرة التي دعا إليها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، فإن الحراك مستمر على مستوى الحوارات الثنائية بين القادة.
وخلال اليومين الماضيين، بحث رئيس الجمهورية برهم صالح وكل من رئيس الوزراء الحالي والأسبق حيدر العبادي ملف الانتخابات. ومع أن البيانات الصادرة عن مثل هذه اللقاءات لم تخرج عن كل مرة لجهة التأكيد على تأمين مستلزمات إجراء الانتخابات في أجواء آمنة؛ بما في ذلك حصر السلاح بيد الدولة، بيد أن عدم إعلان البرلمان عن استئناف جلساته يثير مزيداً من الشكوك بشأن إمكانية إجراء الانتخابات في مواعيدها المفترضة خلال العام المقبل.
وأمام البرلمان العراقي قانون انتخابات جديد لا تزال عقدة الدوائر المتعددة فيه تشكل أحد أبرز محاور الخلاف بين الكتل السياسية. ففي الوقت الذي تطالب فيه قوى الاحتجاج الجماهيري بأن يتم استكمال تشريع ملاحق القانون على أساس الدوائر المتعددة التي تضمن إمكانية وصول قوى جديدة إلى البرلمان، فإن القوى السياسية التقليدية لا تزال تضع مزيداً من العراقيل بوجه القانون، مطالبة بأن تكون المحافظة الواحدة دائرتين انتخابيتين لا دوائر متعددة لكي تضمن بقاءها في المشهد السياسي.
أما الأكراد؛ فإنهم يرون أن إجراء الانتخابات في المناطق المتنازع عليها لن يضمن تمثيلاً عادلاً لهم لأن التداخل في بعض الأقضية المختلطة يمكن أن يؤدي إلى صعود القوى الطائفية في تلك الأقضية ويقصي الكرد منها.
وحول القانون المقترح التصويت عليه بعد استئناف جلسات البرلمان، يقول عضو البرلمان العراقي عن «تحالف عراقيون» حسين عرب لـ«الشرق الأوسط» إن «إقرار القانون أو استكماله سيكون بالتصويت على 3 مقترحات؛ أيهما يحصل على تصويت المجلس يتم التعامل معه». وأضاف عرب أن «المقترحات الثلاثة هي: أولاً لكل مقعد نيابي دائرة انتخابية واحدة. وثانياً لكل قضاء دائرة انتخابية. وثالثاً لكل 4 مقاعد نيابية دائرة انتخابية واحدة». وبشأن ما إذا كان ذلك سوف يهيئ الظروف لإجراء الانتخابات، يقول عرب إن «من المتوقع أن تكون الانتخابات مبكرة إذا تم استكمال القانون، وبدأت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العمل الفني لإجرائها وبالموعد الذي تم تحديده العام المقبل».
لكن عضو البرلمان السابق والسياسي المستقل حيدر الملا يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «من الصعوبة بمكان إجراء الانتخابات في موعدها الذي حدده رئيس الوزراء في 6 يونيو (حزيران) 2021». وحدد الملا 4 شروط لإجراء الانتخابات المقبلة؛ هي: «أولاً إقرار القانون بالصيغة التي تم الاتفاق عليها طبقاً للإرادة الجماهيرية؛ وهي الدوائر المتعددة. وثانياً تهيئة الأجواء أمام المفوضية العليا لإجراء الانتخابات على كل الصعد. وثالثاً العمل على منع تسلق البلطجية والسراق والمزورين. ورابعاً معالجة أسباب حالة الرفض المجتمعي بشأن المشاركة في الانتخابات».
إلى ذلك، لوح مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات، حسين الهنداوي، بالعودة إلى قانون الانتخابات السابق في حال عدم إقرار مجلس النواب قانون الانتخابات الجديد. وقال الهنداوي في تصريح متلفز إن «ما يشغلنا الآن هو أن البرلمان لم يكمل جداول الدوائر الانتخابية التي تبين حدودها رغم مرور نحو 7 أشهر على التصويت عليه، كما لم يقم إلى الآن بإرسال القانون الجديد إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه تمهيداً لنشره في الجريدة الرسمية كي يصبح نافذاً رسمياً»، مؤكداً أنه «وفق الحال هذه؛ لا يمكن إجراء الانتخابات من دون القانون، ما يعني العودة إلى اعتماد القانون السابق المطعون بعدالته وفشله في ضمان إجراء انتخابات حرة وعادلة ونزيهة». وأوضح الهنداوي أن «مجلس النواب هو السلطة الحصرية المسؤولة عن تشريع القوانين؛ ومنها القوانين الانتخابية»، مبيناً أنه «من اللازم أن يستند قانون الانتخابات إلى مبادئ الدستور التي تؤكد على العدالة والمساواة والديمقراطية وحرية التصويت والإقرار الثابت بأن الشعب مصدر السلطات حصراً؛ لا أن يستند إلى مبدأ المحاصصة وتفضيل المصالح الذاتية والفئوية الضيقة على مصالح الشعب والوطن ومستقبلهما». ولفت الهنداوي إلى أن «يوم 6 يونيو من العام المقبل الذي حدده رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، يعد موعداً مناسباً جداً لإجراء الانتخابات النيابية المبكرة المقبلة. ولذا ينبغي العمل المثابر من الآن لتهيئة المقتضيات اللازمة لذلك».
وبين الهنداوي أن «شروط ضمان نزاهة العملية الانتخابية كثيرة؛ في مقدمتها تطوير أساليب المراقبة الحديثة، ومن بينها أيضاً أهمية تعديل قانون المفوضية بما يحقق شفافية عالية في عملها، وكذلك تعديل وتفعيل قانون الأحزاب، لا سيما في مجال حظر السلاح المنفلت، ومعاقبة الاستخدام غير القانوني للمال السياسي والمال الأجنبي، وكل أساليب الترهيب والتهديد وشراء الأصوات والذمم في العملية الانتخابية»، مبيناً أن «الانتخابات المقبلة إما تكون حرة وعادلة ونزيهة وعلى أساس المعايير الدولية بحضور قوي للأمم المتحدة، وإما فلا معنى لها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.