راوحت المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي بشأن «سد النهضة» الإثيوبي مكانها عبر تأجيل جديد، ولم تعلن مصر والسودان (دولتي المصب لنهر النيل)، حتى مساء أمس، عن تحقيق تقدم في الملفات الخلافية، وأخصها الاتفاق المُلزم بشأن «الملء والتشغيل» الذي تسعى القاهرة والخرطوم لإقراره، فيما تتمسك أديس أبابا بالحديث عن «إرشادات» بشأن عمل السد.
وساد غموض بشأن فحوى مفاوضات أمس، فبينما أكد السودان مشاركته فيها عبر بيان أوردته وكالته الرسمية للأنباء، لم تعلن القاهرة -حتى مثول الجريدة للطبع- عن موقفها بشأن العودة للمفاوضات التي عُلقت الأسبوع الماضي، على خلفية رفض مصري وسوداني لمقترح إثيوبي بشأن الملء والتشغيل، عدته القاهرة والخرطوم مخالفاً لاتفاق «قمة هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي»، في يوليو (تموز) الماضي.
وقالت وزارة «الري والموارد المائية» السودانية، في بيان لها أمس، إن ممثليها شاركوا في «المفاوضات الخاصة بملء تشغيل سد النهضة، بدعوة من الاتحاد الأفريقي، وبحضور الخبراء والمراقبين»، وأفادت بأن «الوفد السوداني طلب تأجيل المفاوضات لمدة أسبوع لمواصلة المشاورات الداخلية التي يجريها الفريق المفاوض».
وأوضحت أن طلب التأجيل يرتبط بـ«التطورات التي شهدتها المفاوضات في الآونة الأخيرة، والخطابات المتبادلة بين الأطراف المشاركة في المفاوضات، وضرورة توسيع التشاور الداخلي قبل استئناف المفاوضات»، مشيرة إلى أن التأجيل يرجع أيضاً إلى «تغيير أجندة التفاوض من ملء وتشغيل سد النهضة والمشروعات المستقبلية على النيل الأزرق إلى أجندة تتعلق بتقاسم المياه بين دول حوض النيل».
وأضافت «الري السودانية» أنه «لمقابلة هذه التطورات، طلب وفد السودان تأجيل المفاوضات لأسبوع لإجراء مزيد من المشاورات الداخلية قبل استئناف المفاوضات».
ويعد السودان الموقف الإثيوبي الجديد خروجاً على إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في مارس (آذار) 2015.
وعلقت مصر والسودان، الأسبوع الماضي، مشاركتهما بالمفاوضات التي يرعاها «الاتحاد الأفريقي»، بعد مقترح من أديس أبابا بشأن التفاوض، عدته القاهرة «لا يتضمن أي قواعد للتشغيل، أو أي عناصر تعكس الإلزامية القانونية للاتفاق»، فيما قالت الخرطوم إن الطرح الإثيوبي «يثير مخاوف جدية، وتطور كبير يهدد استمرارية المفاوضات».
وتُعقد الاجتماعات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي بحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقال وزير الري المصري الأسبق، الدكتور محمد نصر الدين علام، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «في ضوء المعطيات الحالية، وتجنب إثيوبيا لأي صيغة إلزامية تتعلق بالملء والتشغيل، فإنه لا يتوقع أن تحرز المفاوضات أي تقدم يذكر، خاصة في ظل رفض مصر والسودان لمحاولات أديس أبابا للتملص من اتفاق قانوني وآلية لحل الخلافات».
وتوقع علام «حدوث أحد احتمالين خلال الفترة المقبلة: أولهما تدخل جهة يمكنها حلحلة النقاط العالقة بين أطراف التفاوض، وثانيهما نقل الملف برمته إلى مجلس الأمن، وإشراك المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه تلك التهديدات الخطيرة للأمن والسلم الدوليين، والتبعات الكبيرة على مصر والسودان جراء السد».
ومنذ عام 2011، تتفاوض الدول الثلاث للوصول إلى اتفاق حول ملء السد وتشغيله، لكنها رغم مرور هذه السنوات أخفقت في الوصول إلى اتفاق.
ويتوقع أن يصبح السد أكبر منشأة لتوليد الطاقة الكهربائية من المياه في أفريقيا، وتقوم إثيوبيا ببنائه على النيل الأزرق الذي ينضم إلى النيل الأبيض في السودان لتشكيل نهر النيل الذي يعبر مصر.
وترى إثيوبيا أن السد ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية، في حين تعد مصر أن تأثر حصتها من مياه النيل يمثل تهديداً وجودياً لها، إذ إنها تحصل على 90 في المائة من مياه الري والشرب من نهر النيل.
وترغب مصر والسودان في التوصل إلى اتفاق شامل بشأن السد، بما في ذلك كيفية إدارته، لكن إثيوبيا ترفض ذلك.
وتؤكد مصر أن لها «حقاً تاريخياً» في النهر، بموجب المعاهدات المبرمة عامي 1929 و1959، لكن إثيوبيا تعتمد على معاهدة موقعة في 2010، قاطعتها مصر والسودان، تجيز إقامة مشاريع للري وسدود على النهر.
مفاوضات السد الإثيوبي تراوح مكانها... والسودان يطلب تأجليها أسبوعاً
القاهرة والخرطوم تتمسكان باتفاق «مُلزم»... وأديس أبابا تتحدث عن «إرشادات»
مفاوضات السد الإثيوبي تراوح مكانها... والسودان يطلب تأجليها أسبوعاً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة