مسلحون يقتلون 19 مدنياً في الكونغو الديمقراطية

TT

مسلحون يقتلون 19 مدنياً في الكونغو الديمقراطية

قتل 19 مدنياً وأصيب اثنان آخران في هجمات متزامنة استهدفت ثلاث قرى في إيتوري بشمال شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث يواجه الجيش صعوبات في التصدي لميليشيا منذ نهاية 2017، وفق ما أفاد مسؤول محلي. وقال اينوسان مادوكادالا مسؤول منطقة بانيالي كيلو في مقاطعة إيتوري لوكالة الصحافة الفرنسية، إن مقاتلي ما يسمى جمعية تنمية الكونغو «هاجموا ثلاث قرى ضمن قطر مساحته ثلاثة كيلومترات وقتلوا 19 شخصاً» أول من أمس، مضيفاً: «بعضهم قتل بسواطير وآخرون بأسلحة نارية». وأجبرت هجمات ميليشيات وجماعات مسلحة مختلفة، وأيضاً عمليات الجيش المضادة، أكثر من 400 ألف شخص على الفرار من منازلهم بين مارس (آذار) ويونيو (حزيران)، بحسب وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
وأرسلت الحكومة الشهر الماضي، عدداً من أمراء الحرب السابقين، أحدهم كان قد أُفرج عنه تواً بعدما أمضى أكثر من عشر سنوات في السجن في لاهاي والكونغو بتهم ارتكاب جرائم حرب، لإقناع مقاتلي (تعاونية تنمية الكونغو) بالاستسلام، لكنهم لم يحققوا نجاحاً حتى الآن. وقال المتحدث باسم الجيش جول نجونجو، مؤكداً سقوط 16 ضحية: «ميليشيا تعاونية تنمية الكونغو المحظورة قتلت رجالنا مجدداً صباح أول من أمس». ‬‬وأضاف: «الجيش عاقد العزم على القضاء على هذه الميليشيات التي ترفض الاستسلام».‭
‬‬وقال شاريتي بانزا رئيس جماعة محلية معنية بالحقوق المدنية إن مقاتلي الجماعة، الذين ينحدر معظمهم من جماعة ليندو العرقية، هاجموا عدة قرى تبعد 70 كيلومتراً شمال شرقي مدينة بونيا التي ينتمي معظم سكانها لعرقية هيما. وأضاف أنهم قتلوا عشرة أشخاص في إحدى القرى وستة في أخرى. وشهد إقليم إيتوري الغني بالموارد الطبيعية قتالاً من أشرس ما شهدته البلاد بين عامي 1999 و2007 بعد تحول صراع على السلطة بين جماعات متمردة إلى سفك دماء لأسباب عرقية، معظمه بين عرقيتي هيما وليندو.
وبعد عقد من الهدوء النسبي، استؤنف القتال والهجمات المتبادلة في ديسمبر (كانون الأول) 2017، غالباً بسبب صراعات على الأرض.‭‭ ‬‬وحذرت الأمم المتحدة في مايو (أيار) من أن أعمال القتل وقطع الرؤوس والاغتصاب وغيرها من الأفعال الوحشية التي ترتكبها تعاونية تنمية الكونغو قد تعدّ جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.