تصعيد في غزة لإلزام إسرائيل التهدئة

إطلاق نار تجاه قوات إسرائيلية... و«الجهاد» تحذر

غزة أمس مع عودة التلاميذ إلى المدارس بعد توقف 5 أشهر (إ.ب.أ)
غزة أمس مع عودة التلاميذ إلى المدارس بعد توقف 5 أشهر (إ.ب.أ)
TT

تصعيد في غزة لإلزام إسرائيل التهدئة

غزة أمس مع عودة التلاميذ إلى المدارس بعد توقف 5 أشهر (إ.ب.أ)
غزة أمس مع عودة التلاميذ إلى المدارس بعد توقف 5 أشهر (إ.ب.أ)

أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، أن قوة عسكرية على حدود قطاع غزة تعرضت لإطلاق نار من القطاع، دون وقوع إصابات، وذلك بعدما أفادت مواقع إسرائيلية بتعرض عمال بناء الجدار الفاصل لإطلاق نار من القطاع، في تصعيد يبدو أنه للضغط على إسرائيل للالتزام ببنود اتفاق التهدئة. وقال الجيش، في بيان: «في وقت سابق، سمع صوت إطلاق نار باتجاه أعمال إسرائيلية على السياج الأمني، جنوب قطاع غزة، حيث تم تعليق الأعمال على السياج، وإطلاق قذائف هاون لخلق ستار دخاني في المنطقة. وبعد ذلك، تم إطلاق نار من القطاع نحو قوة عسكرية إسرائيلية هرعت إلى المنطقة دون وقوع إصابات».
وأدى إطلاق النار على عمال الجدار إلى توقف العمل في الموقع. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إنه «تم إطلاق النار على السياج الحدودي الفاصل بين إسرائيل وقطاع غزة، بالقرب من كيبوتس (مزرعة تعاونية) كيسوفيم».
وقال المجلس الإقليمي «إشكول» إن الجيش الإسرائيلي أغلق أيضاً الطرق المؤدية إلى السياج الحدودي في أعقاب الحادث. وردت إسرائيل باستهداف نقاط رصد تابعة لحركة حماس، شرق دير البلح بالمنطقة الوسطى لقطاع غزة. وقالت مصادر فلسطينية «إن مدفعيات الاحتلال الإسرائيلي الموجودة على حدود القطاع أطلقت قذائفها صوب عدة مراصد للمقاومة، شرق دير البلح، مؤكدة عدم وقوع إصابات».
وجاءت هذه التطورات في وقت بدأت فيه «حماس» والفصائل الفلسطينية بتصعيد متدرج مدروس، في محاولة للضغط على إسرائيل للالتزام ببنود اتفاق التهدئة. وأطلقت الفصائل خلال الأيام القليلة الماضية سلسلة من البالونات الحارقة، بعدما أعطت «حماس»، نهاية الأسبوع الماضي، الضوء الأخضر لاستئناف إطلاقها، بعد توقف دام عدة شهور.
واستفزت هذه البالونات إسرائيل التي ردت، ليلة الخميس-الجمعة، بغارات على بنية تحتية تحت أرضية تابعة لـ«حماس» في شمال قطاع غزة، رداً على إطلاق البالونات الحارقة من القطاع. وتشير عودة «حماس» والفصائل إلى البالونات الحارقة إلى عدم رضاها عن الطريقة التي تسير بها اتفاقات التهدئة في قطاع غزة.
وكانت إسرائيل قد توصلت، نهاية العام الماضي، إلى تفاهمات مع «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، عبر مصر، تقضي بتخفيف إسرائيل حصارها على غزة، عبر السماح بتوسيع التجارة البرية بين غزة وإسرائيل، وتوسيع منطقة الصيد في غزة، والإسراع في مد خط أنابيب الغاز للمساعدة في حل نقص الطاقة المزمن في القطاع، وإدخال مواد كانت محظورة، وزيادة عدد التجار، والسماح لعمال بالخروج من غزة. وفي المقابل، تخفف وتوقف «حماس» المظاهرات الأسبوعية عند السياج الحدودي، وتعمل جاهدة لمنع إطلاق الصواريخ من قبل حركات مسلحة نحو إسرائيل.ويضمن الاتفاق طويل الأمد، إذا ما نجحت المرحلة الأولى منه، وعود ببناء ميناء ومطار ومستشفى ومنطقة صناعية. لكن خلال الأشهر القليلة الماضية، ظلت العلاقة بين إسرائيل و«حماس» في مد وجزر، أدخلت خلالها إسرائيل تسهيلات للقطاع ثم جمدتها ثم أعادتها، بحسب التطورات الميدانية.
ويعد إطلاق النار تطوراً آخر على طريق الضغط على إسرائيل من أجل تنفيذ التزاماتها. وحذرت حركة الجهاد الإسلامي، أمس، إسرائيل من أنه في حال تكرر إطلاق النار العشوائي من قبل الإسرائيليين على المدنيين في منازلهم وحقولهم «فسوف يؤدي إلى رد فلسطيني تكون إسرائيل مسؤولة عنه».
وقالت الحركة، في بيان: «إن تكرار الاعتداءات الإسرائيلية بحق أبناء الشعب الفلسطيني هو إمعان في العدوان الذي يمارسه الاحتلال». وأشارت الحركة إلى الجريمة النكراء التي أدت لاستشهاد المواطنة داليا السمودي في جنين، يوم الجمعة الفائت، وهي أم فلسطينية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».