«منظومة لتسجيل الأفكار» للكُتاب والمبدعين

الوسيلة الفضلى لتحقيق إنتاجية قصوى

«منظومة لتسجيل الأفكار» للكُتاب والمبدعين
TT

«منظومة لتسجيل الأفكار» للكُتاب والمبدعين

«منظومة لتسجيل الأفكار» للكُتاب والمبدعين

على مدار 30 عاماً، نشر نيكلاس لوهمن Niklas Luhmann ما يزيد عن 70 كتاباً و400 مقال أكاديمي، محققاً معدل إنتاجية استثنائيا، يشعر آخرين من الكتاب المبدعين مثل سيفن كينغ وجورج آر.آر. مارتن، بالخجل. وكعالم اجتماع، تنوعت اهتمامات لوهمن بين القانون والإعلام، والدين والاقتصاد. ورغم اختلاف وكثرة المواضيع التي عمل عليها، أجمع النقاد على أن هذا الرجل كان يعي دائماً ما يتحدث عنه.

منظومة تسجيل الأفكار
ولكن كيف استطاع لوهمن أن ينجز هذا الكم الهائل من الكتابات، عملاً بعد آخر، بهذه الإنتاجية العالية والثابتة؟ ابتكر لوهمن نظاما، أو منظومة إنتاجية، أسماه «زيتيلكاستن» Zettelkasten والذي يعني «صندوق الملفات» (دفتر ملاحظات) بالإنجليزية. يدعي لوهمن أن أداته «زيتيلكاستن» أصبحت بمثابة شريك «متحدث» يحثه باستمرار على تحقيق إنتاجية أفضل. وبفضل قوة هذه الأداة وبساطتها، تطورت «زيتيلكاستن» لتصبح قادرة على التعامل مع تدفق العمل والمعلومات لأي مبدع محترف أو عاملٍ في مجال المعرفة.
> بطاقات أفكار مفهرسة. يتميز نظام لوهمن الأول بصيغة تناظرية مثل أسطوانات الفونوغراف والكتب المجلدة، ويتألف من بطاقات فهرسة مرقمة، أو ملفات مرتبة في ست خزائن كبيرة. يحتوي كل ملف على فكرة واحدة مكتملة (مبدأ يطلق عليه متابعو لوهمن اسم «الذرية»). قد تكون هذه الفكرة قصيرة لا تتعدى الجملة الواحدة أو طويلة بحجم مقطع، ولكن عليها أن تتسع في مساحة «زيتل» أو ما يعادل نصف ورقة.
لم يعانِ لوهمن يوماً من ما يُعرف بإحباط الكتاب لأنه كان دائماً يملك شيئا يبدأ به عندما ينطلق بمشروع جديد، ولو كان عددا صغيرا من الملاحظات. وبربط هذه الملاحظات الصغيرة مع بعضها البعض، كان ينجح في وضع مخططٍ تمهيدي لأي مشروع قبل أن يبدأ به.
> روابط الأفكار. تلعب الروابط دوراً أساسيا أيضاً. وبنهاية حياته كان لوهمن قد ابتكر 90.000 بطاقة، ومع أن هذا الرقم قد يكون مذهلاً، إلا أن قوة هذا النظام الحقيقية كانت تكمن في الروابط القائمة بين البطاقات والملاحظات لأنها تعزز قيمته، تماماً كما تعمل المشابك العصبية التي تربط خلايا الدماغ ببعضها.

طريقة ربط الأفكار ربط لوهمن أفكاره بطريقتين:
> أولاً، كان يضع لكل بطاقة رقماً فهرسياً مختلفاً، أو عنواناً، باستخدام أرقام وأحرف وعلامات ترقيم وفق تسلسل ترتيبي متفرع. لذا، وبدلاً من ترقيم بطاقاته بالترتيب التقليدي «1. 2. 3. »، كانت البطاقة الأولى في نظام لوهمن تحمل رقم «1»، بينما تحمل البطاقة الثانية رقم «1.1» إذا كانت تتحدث عن الموضوع نفسه. أما البطاقة الثالثة، فتحمل الرقم «1/2»، إلا إذا كانت تستكمل فكرة البطاقة الثانية نفسها، فيصبح ترتيبها «1/1.a» وهكذا دواليك.
ساهم هذا المنطق التفريعي في إنتاج عناوين طويلة ولكن ذات معنى. وهذا يعني أن أي فكرة، مهما كانت قديمة أو جديدة، ستكون دائماً موجودة بالقرب من البطاقات الأخرى التي تتحدث عن نفس الموضوع. (يقدم موقع «ليس رونغ» (LessWrong) توصيفاً ممتازاً لهذا النظام إذا كنتم ترغبون باستخدامه).
>أما الطريقة الثانية في الربط، فكانت تعتمد على روابط المراجع المباشرة. في رأس كل بطاقة، كان لوهمن يدون في العنوان أفكاراً متصلة ولكن مصنفة تحت عناوين أخرى. باتباع هذه الروابط، كان لوهمن يستطيع التنقل بين مجموعة ملاحظاته ورسم روابط جديدة بين الأفكار.
وهكذا كان النظام «يتحدث» إلى لوهمن ويتيح لإبداعه وإنتاجيته بالعمل ليس في دماغه فحسب، بل أيضاً في صناعة حوار بين دماغيه الأول والثاني (أي منظومة تسجيل الأفكار هذه).
من جهته، اعتبر عملاق الإنتاجية المعاصر تياغو فورتي أن «طرق الربط التي تشبه لعبة الحجلة التي ابتكرها لوهمن تشبه الصفحات الإلكترونية إلى حد بعيد».

منظومة بصيغة رقمية
بقيت طريقة «زيتيلكاستن» محصورة بدائرة صغيرة من مهووسي التنظيم المعرفي لما يقارب عقدين من الزمن بعد وفاة لوهمن. ولكن هذا الأمر بدأ يشهد تغييراً بطيئاً منذ عام 2017. عندما نشر سونكي آهرنس كتاباً قصيراً باللغة الإنجليزية عنوانه «كيف تسجل ملاحظات ذكية»How to Take Smart Notes.
اليوم، يحتل هذا الكتاب المركز الثاني في فئة «دراسة المهارات» والمرتبة السابعة في فئة «تنظيم الوقت» على موقع أمازون. وبفضل التعاون الإيجابي على المدونات المتخصصة بالإنتاجية كمدونة فورتي، بدأ نظام «زيتيلكاستن» باكتساب شهرة إلكترونية واسعة، حتى بات محرك غوغل يقدم حوالي 200.000 نتيجة بحث عنه، بالإضافة إلى مئات الفيديوهات التعليمية التي تشرح كيفية العمل به المتوفرة على يوتيوب.
يعتبر «زيتيلكاستن» مرشحاً مناسباً للرقمنة. ومن المتوقع أن تساهم خصائص البحث الدقيق في النص الكامل، والتنظيم غير التراتبي، وإمكانية الحصول على الملاحظات من أي مكان أو جهاز في تعزيز إنتاجية فكرة لوهمن الرائعة والارتقاء بها إلى مستوى جديد.
اليوم، يعمل المختصون على نقل «زيتيلكاستن» إلى العالم الرقمي بثلاث طرق.
> استخدام تطبيق متوافر. يعمل البعض على إدخال هذه الوسيلة إلى التطبيق الذي يستخدمونه عادة في تدوين الملاحظات. إذ يمكنكم مثلاً العثور على الكثير من المقاطع التعليمية حول كيفية استخدام تقنية لوهمن على تطبيقات «إيفرنوت» و«وان نوت» و«نوشن». يفضل البعض هذه المقاربة لأنها تجنبهم مشقة تعلم استخدام برنامج جديد بالإضافة إلى منحهم فرصة البدء ببناء نظام «زيتيلكاستن» الخاص بهم بالاعتماد على ملاحظاتهم الموجودة.
> تجربة تطبيق مطور حسب الطلب. يعمل آخرون على مقاربة مختلفة تعتمد على تطوير تطبيق مخصص لنظام «زيتيلكاستن».
وبرز منها حتى اليوم «زيتلر Zettlr» و«ذا أرشيف The Archive» و«روم Roam» التي تقدم للمستخدم فرصة لرقمنة وتوسيع نظام لوهمن التناظري. ويعتبر تطبيق «ذا أرشيف» أول ثمرات هذه المقاربة، في حين نجح «روم» في جمع عدد كبير من المستخدمين في الأشهر القليلة الأولى من إطلاقه.
ولكن هذه التطبيقات المطورة حسب الطلب تواجه جميعها المخاوف نفسها فيما يتعلق بقاعدة البيانات وملكية صيغ الملفات. لهذا السبب، لجأ البعض إلى اعتماد صيغة رقمية ثالثة من «زيتيلكاستن» تستخدم أنظمة ملفات ونصوصا قديمة.
> لغة «ماركداون» وأنظمة صناعة الملفات. يمكنكم أيضاً بناء نظام «زيتيلكاستن» فعال باستخدام مزود تخزين سحابي كـ«غوغل درايف» أو «دروب بوكس» والاستفادة من 90 في المائة من الخصائص المهمة. في هذه الحالة، لن تحتاجوا إلى صيغة ملاحظات أو قاعدة بيانات مدمجة خاصة، وستتمكنون من تخزين أي نوع من الملفات على المحرك على شكل ملاحظة، سواء كان ملف «وورد» أو PDF أو ملف HTML محمل، أو ملف بلغة «ماركداون» Markdown (لغة رقمية لكتابة الرسائل القصيرة). في حالة غوغل درايف، تتيح لكم ميزة البحث في النظام مسح النصوص الموجودة في صور، ما يعني أنكم ستتمكنون من تدوين الملاحظات على الورقة ومسحها على نظام «زيتيلكاستن».

نصائح اختيار الأدوات
إذا كنتم لم تتوصلوا إلى حل مناسب بعد، يمكنكم أن تبدؤوا بتركيب نظام «زيتيلكاستن» الخاص بكم. أفضل نصيحة: ضعوا خيارات مختلفة، ونموذجاً صغيراً عن الملاحظات، وجربوا التطبيق لاختبار حاجاتكم الأساسية.
> التقاط الفكرة: هل يمكنني البدء بتسجيل ملاحظة جديدة بنقرة واحدة على جهازي؟ تتمتع السرعة بأهمية كبيرة جداً عندما يتعلق الأمر بالتقاط الأفكار في عالمنا الشديد الانشغال.
> الربط: هل يمكنني أن أربط الملاحظات ببعضها بشكل مباشر؟ والأهم، هل يمكنني أن أرى الربط الخلفي؟ أي ليس فقط الملاحظات التي ربطتُها بها الآن، بل أيضاً الملاحظات التي ارتبطت بها سابقاً؟
> الاسترداد: هل يمكنني العثور على ملاحظة بسهولة؟ إذ تصنع عملية البحث فرقاً كبيراً عندما يحتوي نظام «زيتيلكاستن» على 500 ملاحظة أو أكثر. هل تؤمن لكم الأداة التي تفكرون بها بحثاً موثوقاً في نص كامل؟ هل تتيح لكم إجراء عمليات بحث محفوظة؟ أو التعرف على نص في صورة؟
> سهولة النقل: هل يمكنني تصدير البيانات والتركيبة إذا قررتُ الخروج من التطبيق؟
> تجاوز مخازن البيانات. يحتفظ معظم الناس بأفكارهم على مجموعة متنوعة من التطبيقات الرقمية كـ«كيندل للملاحظات»، وأدوات تدوين الملاحظات الإلكترونية، ومستندات «أوفيس»، أو محركات سحابية متعددة. لهذا السبب، قد يفضل المستخدمون العمل مع أدوات يستحضرون فيها البيانات دفعة واحدة إلى «زيتيلكاستن».
في البداية، يجب أن تطرحوا على أنفسكم سؤالاً هاماً وهو ما إذا كان تطبيقكم يستطيع استخدام أداة أتمتة ودمج طرف ثالث كـ«زابيير» (Zapier) لاستيراد جميع البيانات في وقت واحد. يتميز «زابيير» بالقدرة على إرسال المعلومات إلى ومن التطبيقات كـ«إيفرنوت» و«وان نوت».
في حالتي، احتفظ بلائحة قراءة وملخصات كتب في تطبيق «كودا Coda». عندما أدون ملاحظة عن قراءاتي أو اقتباس ما في «زيتيلكاستن» الخاص بي، يمكنني وسم الملاحظة لفتح ملف جديد في غوغل درايف يحفظ لي الملاحظة بالإضافة إلى الروابط والوسوم والمعلومات المكتبية وغيرها من البيانات التي احتفظ بها في «كودا».
وأخيراً، لا بد من الإشارة إلى أن أي أداة قد تستخدموها لتقليل العرقلة أثناء نقل الأفكار إلى «زيتيلكاستن» ستساهم في تعزيز فعاليته وإنتاجيتكم.
- «خدمة تريبيون ميديا»



5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025
TT

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

2025

كان هذا العام مهماً جداً لقضايا المناخ، حيث تميز ببعض الانتصارات الكبرى.

سياسات المناخ تهدد حقوق الإنسان

وعلى سبيل المثال قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في أبريل (نيسان) الماضي، بأن سياسات المناخ الضعيفة في سويسرا تهدد حقوق الإنسان لمواطنيها، ما مهد الطريق لدعاوى قضائية مماثلة فيما يقرب من 50 دولة أخرى.

وحديثاً، دعمت المحكمة العليا في مونتانا بالولايات المتحدة 16 ناشطاً من نشطاء المناخ الشباب في دعواهم القضائية ضد الدولة لانتهاك حقهم في بيئة نظيفة.

ولكن كانت هناك أيضاً بعض الخسائر الكبيرة، مثل جهود شركة «شل» الناجحة للتملص من قاعدة تلزمها بخفض انبعاثات الكربون بشكل كبير.

قضايا المناخ أمام المحاكم

ماذا سيجلب عام 2025؟ فيما يلي حفنة من القضايا المهمة التي قد تكون على جدول الأعمال:

القضية الأولى قد تشكل قواعد المناخ الدولية. إذ تنظر محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، التي تسمى أحياناً «محكمة العالم»، في قضية المناخ التي قد يكون لها أكبر تأثير محتمل. وفي قلب هذه القضية التاريخية سؤالان رئيسان: ما الواجبات التي تقع على عاتق الدول لمكافحة تغير المناخ؟ وما العواقب القانونية التي يجب أن تترتب على الدول إذا خانت هذه الواجبات بطريقة تضر بالمناخ؟

لن يكون رأي المحكمة بشأن هذه القضايا ملزماً قانوناً، ولكنه قد يشكل قواعد القانون الدولي ويمهد الطريق لمقاضاة كبرى الجهات المساهمة في الانبعاثات لدورها في تفاقم أزمة المناخ.

رفعت القضية دولة فانواتو في المحيط الهادئ، وهي أكبر قضية للمحكمة على الإطلاق. وعلى مدى أسبوعين في نهاية عام 2024، استمعت اللجنة المكونة من 15 عضواً إلى شهادات مما يقرب من 100 دولة والعديد من الخبراء والجماعات المناصرة الذين يجادلون لصالح وضد القواعد الدولية الجديدة لمحاسبة كبرى الجهات المساهمة في الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري العالمي.

الدول الفقيرة تقاضي الغنية

ويدعي عدد من الدول الفقيرة والجزر الصغيرة أن الدول الغنية مسؤولة عن معظم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، ومع ذلك فإن الدول النامية، التي تنتج انبعاثات منخفضة نسبياً، هي التي تخضع لأشد العواقب تطرفاً، وحتى وجودية. وتقول إن إطار تغير المناخ الحالي -أي اتفاق باريس- يعتمد على التزامات طوعية يصعب فرضها، وأن هناك حاجة إلى قواعد دولية أكثر صرامة وملزمة قانوناً لمعالجة التهديد المتزايد المتمثل في ارتفاع درجات الحرارة.

وزعمت الدول الغنية، بما في ذلك الدول الملوثة الرئيسة مثل الولايات المتحدة والصين وأستراليا، العكس من ذلك، وأصرت على أن القواعد الحالية كافية. ومن المتوقع أن تصدر المحكمة رأيها الاستشاري في عام 2025. وقال الدكتور دلتا ميرنر، العالم الرائد في مركز العلوم لقضايا المناخ في اتحاد العلماء المعنيين: «إنها (المحكمة) لديها القدرة على إعادة تشكيل حوكمة المناخ الدولية من خلال تقديم إرشادات واضحة وموثوقة بشأن التزامات الدول بموجب القانون الحالي».

قضية لولايات أميركية مناهضة للبيئة

القضية الثانية تهدد الاستثمار البيئي والاجتماعي المتوازن والحوكمة. في قضية «ولاية تكساس ضد شركة (بلاك روك)»، أقامت دعوى قضائية على بعض أكبر مديري الأموال في العالم من قبل 11 ولاية يقودها الجمهوريون بتهمة التآمر لخفض إنتاج الفحم العالمي والترويج لـ«أجندة بيئية مسيسة».

تستهدف الدعوى القضائية، التي تم رفعها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، شركات الاستثمار «بلاك روك»، و«ستيت ستريت كوربوريشن»، و«فانغارد غروب»، ويقودها المدعي العام لولاية تكساس كين باكستون، الذي قال إن الشركات «شكلت كارتلاً للتلاعب بسوق الفحم، وتقليل إمدادات الطاقة بشكل مصطنع، ورفع الأسعار»، كل ذلك في محاولة لتعزيز أهداف خفض انبعاثات الكربون.

في الواقع، تستهدف القضية ما يسمى استراتيجيات الاستثمار البيئي والاجتماعي والحوكمة. شاركت المجموعات الاستثمارية الثلاث في مبادرات للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي والوصول إلى الصفر الصافي بحلول عام 2050.

وقد وصف المحافظون مثل هذه الجهود بأنها «رأسمالية متيقّظة» وشنوا حرباً باستخدام قوانين مكافحة الاحتكار، وهو سلاحهم المفضل. وتتولى محكمة الاستئناف بالدائرة الخامسة، التي تضم عدداً كبيراً من القضاة الذين عينهم الرئيس الجديد دونالد ترمب، النظر في القضية، ويُنظر إليها باعتبارها «قوة محافظة للغاية». وقد تؤثر النتيجة على كيفية إدارة الأموال ومستقبل الاستثمار المراعي للمناخ.

قضية ضد مرافق تجهيز الطاقة

القضية الثالثة قد تكلف مزودي الطاقة الكثير من المال. إذ تتولى بلدة كاربورو الصغيرة في ولاية كارولينا الشمالية دعوى قضائية ضد شركة «ديوك إنرجي»، حيث تقاضي الشركة بتهمة إخفاء المخاطر المناخية المرتبطة بحرق الوقود الأحفوري عن صناع السياسات والجمهور. وتقول الدعوى: «لقد أدت حملة الخداع التي شنتها (ديوك) إلى تأخير التحول الحاسم بعيداً عن الوقود الأحفوري وبالتالي تفاقم أزمة المناخ بشكل ملموس».

إن قضية بلدة كاربورو ضد شركة «ديوك إنرجي» مثيرة للاهتمام لأنها تستهدف شركة مرافق بدلاً من شركة نفط، حيث يتزايد الضغط على شركات المرافق لتتولى زمام المبادرة في التحول في مجال الطاقة.

لا تهدف كاربورو إلى الحد من انبعاثات «ديوك» رغم أن هذا سيكون ممتازاً أيضاً، إذ ووفقاً لمؤشر التلوث المسبب للاحتباس الحراري Greenhouse 100 Polluters Index، تحتل «ديوك» المرتبة الثالثة في قائمة أكبر الشركات المسببة للانبعاثات في أميركا.

ويؤدي «تحميل الشركة (المسؤولية) إلى الحصول على تعويض للمساعدة في دفع ثمن الأضرار الناجمة عن تغير المناخ، مثل إصلاحات البنية التحتية وتحسيناتها لجعل المدينة أكثر قابلية للسكن ومرونة في مواجهة الطقس القاسي. لا أحد يعرف كم ستدفع شركة (ديوك)، لكن نحن نعلم أن المدينة قد تحصل على ما يصل إلى 60 مليون دولار كتعويضات في السنوات المقبلة»، كما قالت رئيسة بلدية كاربورو باربرا فوشي. وكانت الدعاوى القضائية التي تستند إلى مطالبات مماثلة تتزايد منذ عام 2017، لكن لم يتم تقديم أي منها للمحاكمة بعد.

مشاريع سكك حديدية تهدد البيئة

القضية الرابعة مهددة للبيئة، إذ قد تسهل الحصول على موافقة لإنشاء بنية تحتية كارثية من الناحية البيئية.

كانت المحكمة العليا تستمع إلى حجج حول ما إذا كان خط السكة الحديد المقترح بطول 88 ميلاً في ولاية يوتا الأميركية يمكن أن يمضي قدماً رغم تأثيراته البيئية المحتملة.

سينقل خط القطار هذا كميات كبيرة من النفط إلى ساحل الخليج، لكن بناءه كان معلقاً منذ أن قالت محكمة الاستئناف في الأساس إن الجهات التنظيمية لم تأخذ في الاعتبار التأثيرات المناخية والبيئية للمشروع في المنبع أو في المصب الناجمة عن زيادة حركة السكك الحديدية -جوانب مثل الانسكابات النفطية المحتملة، وخروج القطارات عن مسارها، وحرائق الغابات.

وبموجب قانون السياسة البيئية الوطنية (NEPA) القائم منذ فترة طويلة، يتعين على الوكالات الفيدرالية إجراء تقييمات بيئية لمشاريع البنية التحتية مثل هذه، ولكن قد تقرر المحكمة العليا أن التأثيرات البيئية المباشرة للمشروع نفسه فقط -في هذه الحالة، جوانب مثل استخدام الأراضي وجودة المياه- يجب أن تؤخذ في الاعتبار للموافقة على المشروع.

تهديد معايير الهواء النقي في كاليفورنيا

القضية الخامسة هي القرار الذي قد يضع معايير الهواء النظيف في كاليفورنيا في مرمى النيران. إذ ستدرس المحكمة العليا ما إذا كانت مجموعات الأعمال (شركات الوقود الأحفوري) يمكنها الطعن في برنامج الإعفاء الذي يسمح لكاليفورنيا بوضع قواعدها الخاصة بشأن انبعاثات المركبات.

وقد سمح الإعفاء، الذي منحته وكالة حماية البيئة، للولاية بوضع قواعد لعوادم السيارات أكثر صرامة من تلك التي فرضتها الحكومة الفيدرالية، ما أدى إلى تحسين جودة الهواء. كما تلتزم نحو اثنتي عشرة ولاية أخرى بمعايير كاليفورنيا، وكذلك تفعل حفنة من شركات تصنيع السيارات الكبرى، ما يجعل الإعفاء أداة قوية في كبح التلوث الضار ودفع شركات السيارات إلى التحول نحو المركبات الكهربائية.

وتزعم مجموعات صناعة الوقود الأحفوري أن القواعد تسببت في ضرر لها، ويجب إلغاء الإعفاء. ولكن في هذه الحالة بالذات ستقرر المحكمة العليا فقط ما إذا كانت هذه المجموعات تتمتع بالوضع القانوني لتحدي الإعفاء. وفي كلتا الحالتين، تعهد الرئيس المنتخب ترمب بالتخلص من هذا الإعفاء.

مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً