الهدهد دليلنا في تلمس الخراب

معرض العراقية هناء مال الله الأخير في العاصمة البريطانية

من المعرض الأخير للفنانة العراقية هناء ما الله
من المعرض الأخير للفنانة العراقية هناء ما الله
TT

الهدهد دليلنا في تلمس الخراب

من المعرض الأخير للفنانة العراقية هناء ما الله
من المعرض الأخير للفنانة العراقية هناء ما الله

أعترف بأنني لن أكون منصفة حين أكتب عن معرض هناء مال الله الأخير في البارك كالري- Park Gallery في لندن لموسم الخريف الحالي، وذلك لأن رسومات هناء مال الله في مطبوعات الأطفال (مجلتي والمزمار) اللتين كنت أحرص على اقتنائهما، جزء من طفولتي، وتخطيطات هناء مال الله بعد ذلك، هي من قادتني لتذوق الخطوط وسماكتها وتفرقها وانحناءاتها وقابليتها على الإفصاح، حين رافقت هذه التخطيطات المواد الثقافية المنشورة في الصحف العراقية وأحيانا استحوذت هذه التخطيطات على اهتمام القارئ أكثر مما تُرفق معه من شعر وقصة.
ثيمة المعرض الأخير المعنون (لقد أحطتُ بما لم تحط به- I have learned something you did not know)، هو الهدهد العاشق صاحب الأسرار بالفطرة، المبرأ من المثالية والاكتمال المغرور، هو المرشد نحو الخراب بكل تجلياته، يبدأ الخراب بنفسه فنراه في لوحات هناء تارة متشظيا وتارة منجرفا في دوامة سوداء تتناثر منها أشلاؤه كأنه يخوض حربا طاحنة، مع نفسه ربما أو مع جهل من لا يعرفون.
هناء تحنط الهدهد في تخطيطاتها بكل أشكاله، الحي والميت والمشتت لكي تتمثل فكرة النجاة، كما لو أن الجسد الخاوي للحيوان المحنط منتهي الصلاحية يمثل الخواء الذي يترافق مع الإحساس بالذنب من قبل الهارب من جحيم بلاده للنجاة بنفسه وبفنه. هناء مال الله ترسم الهدهد المتشظي بإلحاح مذهبي كي تمسح عن روحها غبار الخراب، كأن لوحاتها بورتريه ذاتي مهما كان نوع التشخيص داخل إطار اللوحة.
سكونية التقليد أو مجاراة الصرعاتتستعيض هناء مال الله عن الحمامة وغصن الزيتون كرمز عالمي للسلام بالهدهد وقناني زيت الزيتون المعبأ، كرمز للنجاة من دمار الحروب وعالم اليوم الاستهلاكي. لوحاتها توغل بسؤال عن غموض الهدهد هل هو عارف أم ضائع؟ هو سؤالها لنفسها أولا ولمتلقيها ثانيا؟
الهدهد الذي له قدرة عجيبة في طلب الماء والكشف عن تواجده تحت الأرض، فإذا رفرف على موضع عُرف أن فيه ماء، لكن للهدهد في هذه اللوحات، رحلة نحو نفسه، ماؤه الذي يطلبه هو يقينه الذاتي، يفني نفسه بخرابه وتيهه، كأنه ما صار عارفا حتى تاه في العجز وغرق في بحار الحيرة. هدهد هناء مال الله له نظرة رغم أنه بلا عينين، نظرة تمر من فوقنا وتتجاوزنا غارقة في ذاتها ومليئة بالكارثة، الهدهد الذي أنقذ نبي الله من رحلة التيه هو نفسه تائه ومشتت، والذي يدل الناس على الماء هو نفسه عطش ولا يستطيع الشرب كأنه قائد ينتصر لكنه ينتحر من شدة انهزامه الداخلي.
الهدهد شاهد واستعاضة عن يوميات الحرب، تارة نراه يتشظى بفعل دوامة سوداء كدخان يعقب انفجارا ما، وتارة نراه يحمل رأسه الذي هو عبارة عن شبكة تشبه رادارا ما تحاول اصطياد ذبذبات الفضاء مثلا. لقد سألت الفنانة عن معنى الشبكة بدل رأس الطائر ذي النتوءات المروحية الجميلة فأجابتني بأنها تجرب على ثيمة الهدهد فنيا، هل أصدقها وأنا أرى الإنسان المعاصر أسير ذبذبات الأقمار الصناعية، الموبايل والإنترنت وغيرهما من وسائل التكنولوجيا التي صيرتنا جميعا أسارى؟ تقول هناء مال الله عن ثيمة الخراب في معرضها الأخير: «إن مفهوم الخراب كان جزءا رئيسيا من تجربتي الحياتية والفنية في العراق، الذي كنت أقترب منه محليا كمفهوم لصيق بجغرافية معينة (العراق - ميسوبوتاميا)، وكأنه قدر مستدير التعاقب على العراق ولا يمكن الفرار، أو الخلاص منه، بدأت أعيشه كمفهوم عالمي بعد خروجي من العراق، واستقراري في مدينة عالمية رأسمالية مثل لندن، حيث معاملتنا كأدوات، أو بالأحرى وقود لإدامة وضعنا في خانة هوامش مجتمع العولمة الرأسمالي، وأعتقد أن للفن العالمي المعاصر الآن وتسويقه دورا كبيرا في هذه اللعبة العالمية للخراب، وأقصد بذلك أن ما ينتج في الفن العالمي الآن ليس إلا انعكاسا صادقا لجوهر الخراب الذي نعيشه، الذي تغذيه الرأسمالية وثقافتها أميركا، مثلا. هذا ما يجعلني أستشعر حافة الخراب في كل شيء أعيشه حتى وإن كان في لحظات سلام».
ستة 16 لوحة لهناء مال الله في معرضها الأخير، بلا أسماء ربما لأنها تخلص لثيمتها (الخراب) أو كأنها حلقة مستديرة تبدأ من اللوحة التي تستقبل الزائرين وانتهاء باللوحة التي تودعهم. الخطوط شحيحة ومختزلة والبقع السوداء في كل اللوحات بل تتحول أحيانا إلى شبكات سود تمسك كلية اللوحة داخلها، كذلك الألوان بسيطة ترابية مستمدة من الطبيعة كأنها توغل في الألوان لكي تصل إلى أمصالها وينابيعها المركزية الأولى. بعض اللوحات يمكن اعتبارها لوحات تركيبية فالفنانة تُلصق ريشا طبيعيا لطائر ما مكان رأس الهدهد المشطور بكلا الاتجاهين وتلصق رجل بطة أيضا مكان رجل الهدهد كأن الهدهد هو كل الطيور في آن واحد.
هدنة
في لوحة (هدنة- Truce) تستخدم الفنانة المفردة (هدنة) كتاج فوق جمجمة بشرية، كإدانة للهدنة المزيفة التي لا يجدها الإنسان سوى بالموت لكن غصن زيتون ناحل ينمو بجانب جمجمة الإنسان الذي يستمتع بالهدنة أخيرا.
هناء مال الله التي تحسن تقنين خطوطها وإدارة لوحتها جيدا توزع مساحات الفراغ الباهت داخل فضاء اللوحة وأحيانا يكون الفراغ هو السيد، لكنه فراغ ملغوم يجعل المتلقي يبحث عما وراءه. لوحات هناء مال الله في هذا المعرض تُشكّل من الموروث (اللغوي- الميثولوجي) لطائر الهدهد مع عناصر فنية متعددة من طباعة وكولاج وتخطيط فكرتها الفنية الخالصة للوصول للتوق والانصهار الكلي في المجاهدة للتحرر والانعتاق من الخراب والنجاة بعيدا عن محارق الحروب والرأسمالية التي تعتاش على كينونة الإنسان.



ديمي مور «في حالة صدمة» بعد فوزها بأول جائزة تمثيل خلال مسيرتها

مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
TT

ديمي مور «في حالة صدمة» بعد فوزها بأول جائزة تمثيل خلال مسيرتها

مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)

حصلت الممثلة ديمي مور على جائزة «غولدن غلوب» أفضل ممثلة في فئة الأفلام الغنائية والكوميدية عن دورها في فيلم «ذا سابستانس» الذي يدور حول ممثلة يخفت نجمها تسعى إلى تجديد شبابها.

وقالت مور وهي تحمل الجائزة على المسرح: «أنا في حالة صدمة الآن. لقد كنت أفعل هذا (ممارسة التمثيل) لفترة طويلة، أكثر من 45 عاماً. هذه هي المرة الأولى التي أفوز فيها بأي شيء بصفتي ممثلة»، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

الممثلة ديمي مور في مشهد من فيلم «ذا سابستانس» (أ.ب)

تغلبت الممثلة البالغة من العمر 62 عاماً على إيمي آدمز، وسينثيا إيريفو، ومايكي ماديسون، وكارلا صوفيا جاسكون وزندايا لتفوز بجائزة أفضل ممثلة في فيلم موسيقي أو كوميدي، وهي الفئة التي كانت تعدّ تنافسية للغاية.

وقالت مور في خطاب قبولها للجائزة: «أنا في حالة صدمة الآن. لقد كنت أفعل هذا لفترة طويلة، أكثر من 45 عاماً. هذه هي المرة الأولى التي أفوز فيها بأي شيء بصفتي ممثلة وأنا متواضعة للغاية وممتنة للغاية».

اشتهرت مور، التي بدأت مسيرتها المهنية في التمثيل في أوائل الثمانينات، بأفلام مثل «نار القديس إلمو»، و«الشبح»، و«عرض غير لائق» و«التعري».

وبدت مور مندهشة بشكل واضح من فوزها، وقالت إن أحد المنتجين أخبرها ذات مرة قبل 30 عاماً أنها «ممثلة فشار» أي «تسلية».

ديمي مور تحضر حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب» الـ82 في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا (رويترز)

وأضافت مور: «في ذلك الوقت، كنت أقصد بذلك أن هذا ليس شيئاً مسموحاً لي به، وأنني أستطيع تقديم أفلام ناجحة، وتحقق الكثير من المال، لكن لا يمكن الاعتراف بي».

«لقد صدقت ذلك؛ وقد أدى ذلك إلى تآكلي بمرور الوقت إلى الحد الذي جعلني أعتقد قبل بضع سنوات أن هذا ربما كان هو الحال، أو ربما كنت مكتملة، أو ربما فعلت ما كان من المفترض أن أفعله».

وقالت مور، التي رُشّحت مرتين لجائزة «غولدن غلوب» في التسعينات، إنها تلقت سيناريو فيلم «المادة» عندما كانت في «نقطة منخفضة».

وأضافت: «لقد أخبرني الكون أنك لم تنته بعد»، موجهة شكرها إلى الكاتبة والمخرجة كورالي فارغيت والممثلة المشاركة مارغريت كوالي. وفي الفيلم، تلعب مور دور مدربة لياقة بدنية متقدمة في السن على شاشة التلفزيون تلتحق بنظام طبي غامض يعدها بخلق نسخة مثالية من نفسها.