«كورونا» يشجع على الأكل «فوق السطوح»

إقبال على الجلوس في الهواء الطلق

مطاعم الهواء الطلق أصبحت مفضلة
مطاعم الهواء الطلق أصبحت مفضلة
TT

«كورونا» يشجع على الأكل «فوق السطوح»

مطاعم الهواء الطلق أصبحت مفضلة
مطاعم الهواء الطلق أصبحت مفضلة

الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم بسبب جائحة «كورونا»، والمخاوف التي تدفع الناس إلى تجنب الزحام اختيارياً، أعادت مطاعم الـ«روف توب» الموجودة فوق أسطح عديد من البنايات في مصر إلى دائرة الأضواء مجدداً، وشهدت الأيام الأولى من إعادة فتح أبوابها إقبالاً أكبر من المطاعم التقليدية «المغلقة» بسبب بحث الرواد عن الأماكن المفتوحة في الهواء الطلق، مما يمنحهم طمأنينة أكبر في أجواء صحية تقلل التخوفات من العدوى.
وانعكست ميزة «الهواء الطلق» على دعاية كثير من مطاعم «الروف» التي تشكل في الأيام العادية مقصداً للزبائن الباحثين عن السهر، وتناول الطعام في أماكن مفتوحة خلال ليالي الصيف الحارة، أو تحت أشعة شمس الشتاء الدافئة.
وتنتشر هذه النوعية من المطاعم بالمدن الجديدة، أو الأحياء الراقية، وفوق بنايات تراثية تطل على مشاهد تاريخية نادرة في قلب العاصمة المصرية.
وحافظ مطعم فندق «أوديون بالاس» في شارع طلعت حرب بوسط العاصمة، على قائمة الطعام المتنوعة عقب إعادة فتح أبوابه للزبائن الذين يجذبهم إليه موقعه الفريد، ومشهد البنايات التاريخية التي يطلون عليها من الطابق العاشر.
وتقول ميرفت فريد، مديرة فندق «أوديون بالاس» لـ«الشرق الأوسط»، إن «إقبال الزبائن منذ العودة يزداد نسبياً مع الوقت. وتعد مطاعم الأسطح أكثر جذباً لهم في هذه المرحلة من المطاعم التقليدية؛ لأنهم يجلسون بمكان مفتوح في الهواء، مما يعطيهم إحساساً بالطمأنينة، ويفتح شهيتهم على تناول الطعام. وبجانب إجراءات التعقيم والشروط التي حددتها الحكومة المصرية لإعادة فتح المطاعم، قمنا بإجراءات إضافية لمزيد من طمأنة الزبائن، منها أننا قررنا أن يكون عدد الموجودين أقل من نسبة 25 في المائة من الطاقة الاستيعابية؛ حيث ألغينا المناضد العائلية الكبيرة، واكتفينا بمكان لفردين، وآخر يسع أربعة أشخاص، مع ترك مسافات واسعة بينها، وأقوم شخصياً بشراء كافة اللحوم والخضراوات ومواد المطبخ المختلفة يومياً، كي تكون طازجة ومضمونة، وأحرص على تسوق كميات صغيرة، فإذا نفدت أشتري كمية إضافية».
وتتميز قائمة طعام فندق «أوديون بالاس» بتنوع يعكس طبيعة البيئة والمحيط الاجتماعي، تبدأ بالإفطار «الـكونتيننتال» الذي يتكون من المربى والجبن والزيتون، وكذلك الساندويتش الخفيف، مثل «البرغر» والجبن بأنواع عديدة، والبيض «الأومليت» أو المسلوق.
ويحظى الطبق الخاص بالمطعم باهتمام كبير، وهو سمك مشوي يطلق عليه «سمك أوديون المشوي»؛ حيث تمثل خلطته الخاصة أحد أسرار المطبخ، بجانب تعدد أطباق وأصناف اللحوم، منها طبق اللحم بالمشروم، وطاجن اللحم بالبصل، و«الفلتو»، و«الستيك»، و«الإنتركوت»، و«الستيك المشوي»، و«الميكس جريل» السادة أو بالفطر، وأطباق «الكباب والكفتة»، والدجاج المشوي، أو بـ«الصوص الأبيض» ، و«كفتة الدجاج»، وطبق الدجاج الكوري مع الأرز، إلى جانب المقبلات من «سمبوسك» و«كفتة داود باشا»، والكبدة و«السجق»، وأنواع مختلفة من المعكرونة.
وفضَّل مطعم فندق «كارلتون» بشارع 26 يوليو في قلب العاصمة، فكرة العودة التدريجية؛ حيث اكتفى في الأيام الأولى بتقديم المشروبات المتنوعة، مؤجلاً افتتاح المطبخ إلى وقت لاحق، إذ يعتمد المطعم الذي يقع في الدور الثامن على موقعه الفريد وسط بنايات القاهرة التراثية، وطبيعة الزبائن الذين يجذبهم العبق التراثي، والسهر في مكان مفتوح وسط الهواء الطلق، فيكتفون بالمشروبات. ويقول أحمد مصطفى، مدير الفندق لـ«الشرق الأوسط»، إن «مطعم (الروف) يعتمد في تميزه على موقعه الفريد، والجو الهادئ الصحي فوق السطح في الهواء الطلق، لذلك فضَّلنا تقديم المشروبات فقط إلى أن نرى ما ستسفر عنه الأيام الأولى عقب العودة، وأتوقع أن نفتتح المطبخ ونعود لتقديم الطعام في وقت قريب جداً».
ويمثل مطعم «أندريا» بالتجمع الخامس (شرق القاهرة) نموذجاً مختلفاً لمطاعم «الـروف»، فبحكم موقعه الجغرافي يختلف زبائنه عن زبائن مطاعم وسط القاهرة التاريخية، وهو ما جعله يسعى جاهداً للجمع بين طبيعة مطاعم الأسطح، وبين المطعم التقليدي الذي يجب أن يبتكر أطباقه الخاصة، ويبحث عن أصناف تلبي تطلعات زبائنه المتباينة.
رامز رفعت، مدير مطعم «أندريا»، يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «قائمة الطعام لم تتغير عقب العودة، وفور أن تستقر الأوضاع سنعاود ابتكار الأصناف الجديدة كما نفعل دائماً؛ لكن في الوقت الراهن نركز على ضمان النظافة والالتزام بالإجراءات الوقائية، كي نحافظ على سلامة زبائننا».
من بين الأطباق التي يقدمها مطعم «أندريا» وتحظى بشهرة واسعة بين زبائنه، السمَّان المشوي، كما يحرص المطعم على إضافة لمسات خاصة للأطباق والأصناف التقليدية المعروفة، وابتكار «خلطة» خاصة لبعض الأصناف؛ حيث يقدم الدجاج المشوي على الفحم، ويضاف إليه الزعتر وخل العنب، وطبق «كفتة» بخلطة خاصة يطلق عليه «كفتة أندريا» وهي «كفتة بانيه بالبقسماط»، تضاف إليها توابل خاصة بالمطعم، والعديد من الأطباق المتنوعة، بينها «الممبار»، و«ورق عنب باللحمة المفرومة»، و«سجق بلدي مشوي»، وكبدة الدجاج. ويعتمد المطعم في تحضير المشويات على طريقة «الفحم المشتعل»؛ حيث تكون قطع الفحم أكثر اشتعالاً من المعتاد ونارها متوهجة، وهو مبدأ ينعكس على طبق الدجاج المشوي بالزعتر وخل العنب، ويقدم مع الأرز بالخلطة والبطاطس المحمرة، بينما يقدم طبق السمَّان المشوي مع «الخضار السوتيه».



الشيف فيليب خوري يبتكر «شوكولاته بيروت»

«شوكولاته بيروت» المحشوة بالبقلاوة (الشرق الأوسط)
«شوكولاته بيروت» المحشوة بالبقلاوة (الشرق الأوسط)
TT

الشيف فيليب خوري يبتكر «شوكولاته بيروت»

«شوكولاته بيروت» المحشوة بالبقلاوة (الشرق الأوسط)
«شوكولاته بيروت» المحشوة بالبقلاوة (الشرق الأوسط)

يقول إنه إذا رُزق يوماً بولد فسيطلق عليه اسم «سيدر (أَرز)» من شدة تعلّقه بوطنه الأم، لبنان. فالشيف الأسترالي، اللبناني الأصل، فيليب خوري متخصص بصناعة الحلوى، ويحرص دائماً على التعبير عن حبّه للبنان خلال تحضيره لها. منذ نحو 6 سنوات يشرف الشيف خوري على مطبخ الحلويات في متجر «هارودز» الشهير في لندن، ولم يخلُّ مشواره خلالها من إبراز طعم ونكهات لبنانية في حلويات يصنعها.

مؤخراً أصبح اسم الشيف فيليب على كل شفّة ولسان. وذلك إثر ابتكاره «شوكولاته بيروت»، فتصدّر «التريند» على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى المنصات والمواقع الإلكترونية. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم أتوقّع أن تحقق هذه الشوكولاته هذه الشهرة كلها. فهي حازت اهتماماً كبيراً طال الدول العربية والغربية. وأخطط لترويجها في مشروعات عدة مستقبلية».

الشيف اللبناني الأسترالي فيليب خوري (الشرق الأوسط)

يعترف الشيف خوري بأنه استلهم الفكرة من منتج «شوكولاته دبي». أما سبب صناعته له فيعود لحفل خيري أُقيم في لندن: «لدي صديقة هي أنجيلا زاهر تهتم بالأعمال الخيرية من خلال جمعية تديرها اسمها (بداياتي). اتصلت بي تطلب مني المشارَكة في سوق يعود ريعها لمساعدة المحتاجين. وكما غيري من المشاركين، رحت أفكر بالمنتج الذي يمكن ابتكاره لهذه المناسبة. وحضرتْ في ذهني لا شعورياً فكرة صنع شوكولاته مميزة. فوُلدت (شوكولاته بيروت)، التي مزجتُ فيها مكونات نباتية تعبق بعطر وطني، لبنان».

ويشير الشيف خوري إلى أن كثيرين طالبوه، أكثر من مرة، بضرورة صنع «شوكولاته دبي» على طريقته. ولأنه لا يحب تقليد ونسخ مذاقات حلويات يصنعها، امتنع عن القيام بذلك. وأوضح: «ولكن عندما عرضت علي صديقتي المشارَكة في السوق الخيرية التي تنظمها، فكرت مباشرة بشوكولاته تحمل اسم بيروت».

«شوكولاته بيروت» المحشوة بالبقلاوة (الشرق الأوسط)

تتألّف مكونات هذا المنتج من أصابع حلوى البقلاوة والكراميل المخلوط بهريس مكسرات الكاجو المنكهة بماء الزهر. ويروي الشيف خوري لـ«الشرق الأوسط» كيفية صنعها: «أنا من محبي حلوى البقلاوة اللبنانية، فاخترتها مكوناً أساسياً لـ(شوكولاته بيروت). وبعد هرسها أخبزها في الفرن كي تخرج مزودة بقرمشة إضافية، ومن ثم أطحن حبوب الكاجو وأغلّفها بالكراميل. وهو ما نسميه في عالم الحلوى الكاجو (برالينيه) بالكراميل. وأنكّه هذا المزيج بماء الزهر. وهو شراب لبناني مشهور استقدمته معي من بيروت في زيارتي الأخيرة إليها في الربيع الماضي. أما الشوكولاته فهي مصنوعة من الكاكاو وحليب اللوز. وقسّمت الكمية لتتوزع بين المكونين بنسبة 50 في المائة لكل منهما. ومع قليل من السكر مزجت المكونات، إذ لم أرغب في أن تكون حلاوتها منفرة».

الشيف فيليب خوري يبتكر «شوكولاته بيروت» على طريقته الخاصة (الشرق الأوسط)

ولكن ما جعل هذه الشوكولاته تتميز عن غيرها أيضاً، هو حملها تصميماً يرتبط ارتباطاً مباشراً بلبنان. فطبع عليها رسمةً لطابع بريدي لبناني قديم، ووسمه بتوقيع بريد لندن، وأوضح: «أردت هذا المنتج بمثابة رسالةً أبعث بها من بيروت إلى لندن مع الحب. لقد رغبت في تقديم هدية صغيرة للبنان وأهله. وبالطبع توّجته بالأرزة التي تعني لي كثيراً. وإذا ما رُزقت يوماً بولد فسأطلق عليه اسم (سيدر/ أرز). فأنا مغرم بوطني الأم وأحب كل شيء فيه. والأرزة رمز من رموزه الخالدة التي تشعرني بروعة بلدي الأم».

نشر الشيف فيليب مقطعاً مصوراً لمنتجه الجديد على حسابه عبر «إنستغرام»، وأرفقه بأغنية لفيروز «أنا لحبيبي». وعلّق يقول: «أنتظر بفارغ الصبر رأيكم بطعم ابتكاري الجديد (شوكولاته بيروت)».

يخطط الشيف فيليب للترويج لهذا المنتج في مشروعات مستقبلية، فيقول: «قد أحوِّله إلى شوكولاته بأحجام صغيرة لتكون بمثابة (بونبون). وبما أن عقدي مع (هارودز) ينتهي قريباً، فإنني أخطط لافتتاح محل حلويات في لندن. وسيتصدّر هذا المنتح الحلويات فيه. كما أنني سأزور بيروت في أبريل (نيسان) المقبل للمشاركة في (صالون هوريكا) للخدمات الغذائية. وهناك سأصنع (شوكولاته بيروت) مباشرة على الأرض. فتكون فرصة تذوقه متاحةً للجميع. وأنوي إقامة مسابقة خاصة بتلامذة المدارس لصناعة ألذّ حلوى. ومَن يفوز بها فسيحصل على شهادة تقدير. فأنا من الأشخاص الذين أسهم هذا النوع من المسابقات في تنمية موهبته. فزوّدتني بفرص كثيرة أوصلتني إلى ما أنا عليه اليوم. فالمسابقات تولّد عند المشاركين فيها الثقة بالنفس والخبرة وحبّ الابتكار».

سبق وتذوَّق الشيف فيليب خوري «شوكولاته دبي» وأُعجب بطعمها. ولكن ماذا عن رأيه بـ«شوكولاته بيروت»؟ يردّ: «أعمل في مجال الحلويات منذ نحو 15 عاماً، وأعرف تماماً كيفية تنسيق المذاقات لأحصل على منتج لذيذ. وعندما ركنت إلى (ماء الزهر) لم أكن أعرف كيف ستكون النتيجة مع باقي المكونات. ولكنها جاءت رائعةً كما توقعت. وعندما تذوّقها أحد أصدقائي الخبير بعالم الشوكولاته كان ردّ فعله مفاجئاً لي. وصفه بـ(الطعم الخارج عن المألوف والغامض في آن). فأهل الغرب ليسوا ملمّين كثيراً بمذاقات تتميز بها منطقتنا الشرق أوسطية. وبالتالي يجهلون الأثر الذي يتركه ماء الزهر على أي خليط يُمزَج معه. وأعتقد أن هذا المكوّن أسهم في تجميل طعم المزيج، فصنع الفرق».

يشدِّد الشيف فيليب خوري على استخدامه في صناعة هذه الشوكولاته مكونات طبيعية مائة في المائة، موضحاً: «كل ما استعملته في هذا الخليط نباتي، ولا منكهات أو مكونات مصطنعة فيه. فأنا أحرص على هذا الأمر في التحضير لجميع حلوياتي».

قريباً ينطلق الشيف فيليب خوري في رحلة مهنية من نوع آخر. وسيكون لبنان ضمن محطاته. ويوضِّح لـ«الشرق الأوسط»: «إضافة إلى محل الحلويات الذي أنوي افتتاحه في لندن، سأعمل على التنقل في بلدان عدة. ربما سأمارس التعليم في معاهد عالمية وعربية، ومن بينها دبي وأستراليا. وأخصّ لبنان بمشروع خاص لن أتحدّث عن تفاصيله اليوم».