«الانتخابات المبكرة» تهيمن على مشاورات تشكيل الحكومة التونسية

«النهضة» تدرس فرضية الذهاب إلى المعارضة بعد دعوات الأحزاب لاستبعادها من الحكم

جانب من اجتماع رئيس الحكومة المكلّف مع سياسيين ومسؤولين سابقين في إطار مشاوراته لتشكيل الحكومة التونسية الجديدة (إ.ب.أ)
جانب من اجتماع رئيس الحكومة المكلّف مع سياسيين ومسؤولين سابقين في إطار مشاوراته لتشكيل الحكومة التونسية الجديدة (إ.ب.أ)
TT

«الانتخابات المبكرة» تهيمن على مشاورات تشكيل الحكومة التونسية

جانب من اجتماع رئيس الحكومة المكلّف مع سياسيين ومسؤولين سابقين في إطار مشاوراته لتشكيل الحكومة التونسية الجديدة (إ.ب.أ)
جانب من اجتماع رئيس الحكومة المكلّف مع سياسيين ومسؤولين سابقين في إطار مشاوراته لتشكيل الحكومة التونسية الجديدة (إ.ب.أ)

يواصل مجلس شورى حركة النهضة الإسلامية اليوم الأحد، لليوم الثاني على التوالي بمدينة الحمامات (شمال شرقي)، اجتماعاته لمناقشة سيناريوهات تشكيل الحكومة التونسية المقبلة، في وقت تطرح فيه ثلاث فرضيات على أعضاء المجلس، الذي يعد أعلى سلطة قرار في الحزب، أولها الانضمام إلى ائتلاف حكومي جديد قد يجمع الحركة بحزب «قلب تونس» و«ائتلاف الكرامة» وكتلة «المستقبل»، أو الذهاب إلى المعارضة بعد دعوات عدة أحزاب سياسية إلى استبعادها من الحكم. أما السيناريو الثالث المطروح على قيادات حركة النهضة فيتمثل في الاستعداد لانتخابات تشريعية مبكرة، في حال حجب الثقة عن حكومة المشيشي، وإقرار حل البرلمان، والذهاب إلى صناديق الاقتراع لخلق مشهد برلماني مختلف عن المشهد الحالي.
والى جانب تشكيل حكومة المشيشي، يناقش شورى النهضة قضايا أخرى، تتعلق بالأزمة السياسية الحالية، وأجواء التوتر التي تسود البرلمان، إضافة إلى الوضع الداخلي للحركة والاستعداد لمؤتمرها الانتخابي المقبل، المقرر مبدئيا قبل نهاية السنة الحالية. ومن خلال تصريحات عدد من القيادات السياسية المشاركة في مشاورات تشكيل الحكومة، فإن فرضية إجراء انتخابات برلمانية مبكرة باتت تبدو أكثر رواجا بين الأحزاب السياسية. وفي هذا الشأن، قال زهير المغزاوي رئيس حركة الشعب المشاركة في الائتلاف الحكومي الحالي، إن حزبه «يفضل الذهاب إلى انتخابات مبكرة، وإعادة الأمانة لأصحابها على الانضمام لحكومة تضم حركة النهضة». مضيفا أنه في حال عدم منح بعض الكتل البرلمانية والأحزاب السياسية ثقتها لحكومة هشام المشيشي، فإن صناديق الاقتراع ستكون الحل الأفضل، على حد تعبيره.
وانتقد المغزاوي قيادات حركة النهضة قائلا: «إنها لا تريد شركاء في الحكم، بل اتباعا لها، وتريد التمكن من مفاصل الدولة، وبناء مشروع الحزب وتمكين قياداتها من السلطة»، متوقعا أن تكون المفاوضات بين المشيشي وبقية الأحزاب السياسية مضنية.
في المقابل، اعتبر بعض المراقبين أن تلويح بعض الأطراف السياسية بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، وسيلة تستعمل لتحسين شروط التفاوض مع رئيس الحكومة المكلف، مشيرين إلى أن معظم الأحزاب غير مستعدة حاليا لانتخابات برلمانية تعيد تشكيل المشهد البرلماني الحالي برمته.
وفي هذا الصدد، قال رضا بلحاج، القيادي السابق في حزب نداء تونس، إن حزب النهضة «هو الحزب الوحيد المستعد فعليا لأي استحقاق انتخابي»، وانتقد الأحزاب التي قال إنها «منتفخة بمؤسسات سبر الآراء»، مؤكدا عجزها التام عن مواجهة حركة النهضة بهياكلها الحالية.
ودعا بلحاج إلى تشكيل حزب سياسي كبير، على غرار حزب النداء الذي واجه حركة النهضة سنة 2014 وانتصر عليها، مشيرا إلى أن إعادة التوازن إلى المشهد السيسي «أمر ضروري، ومواجهة أي حزب سياسي لا تكون بكيل الشتائم، ورفع الشعارات الداعية لإقصاء من لا نتفق معه».
على صعيد آخر، أعلن راشد الغنوشي، رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة، مساء أول من أمس، قبول استقالة مدير ديوانه الحبيب خضر، وتكليف أحمد المشرقي، القيادي في حركة النهضة، بالإشراف على تسيير الديوان بالنيابة. ويرى مراقبون أن الغنوشي يحاول من خلال إبعاد خضر من واجهة الأحداث البرلمانية، تخفيف التوتر الحاصل في البرلمان، بعد اتهامات خضر بأنه شكل أحد أسباب التوتر في جلسات البرلمان منذ تعيينه على رأس ديوان الغنوشي. كما واجه خضر اتهامات من الحزب الدستوري الحر، الذي تقوده عبير موسي، ومن حركة الشعب وحزب التيار الديمقراطي المشاركين في الائتلاف الحاكم في مرحلة لاحقة، بمحاولة التأثير في القرارات السياسية للبرلمان.
ويتهم «الدستوري الحر» خضر بالتدخل لإلغاء أعوان الأمن الرئاسي في حادثة منع أحد مرافقي كتلة ائتلاف الكرامة، متهم بالإرهاب، من دخول البرلمان، وقد انتهى هذا التوتر إلى المطالبة بتنحي الغنوشي عن رئاسة البرلمان، وعقد جلسة لسحب الثقة من رئيس المجلس، وهذا الإجراء كان من أبرز دوافعه وجود الحبيب خضر في إدارة المجلس البرلمان ومساندته المطلقة للقرارات التي اتخذها رئيس البرلمان.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».