هل تقلب جائحة «كوفيد ـ 19» معادلات انتخابات الرئاسة الأميركية؟

وسط اتهام ترمب للإعلام بالانحياز للديمقراطيين

هل تقلب جائحة «كوفيد ـ 19» معادلات انتخابات الرئاسة الأميركية؟
TT

هل تقلب جائحة «كوفيد ـ 19» معادلات انتخابات الرئاسة الأميركية؟

هل تقلب جائحة «كوفيد ـ 19» معادلات انتخابات الرئاسة الأميركية؟

من الواضح أن المعركة التي يخوضها الأميركيون في مواجهة الفيروس المسبب لجائحة «كوفيد 19» باتت مزدوجة. فمن ناحية هناك حرص على وقف تمدد الجائحة ووقف تأثيرها على حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية، لكن من ناحية أخرى بات توظيف تلك الجهود ينصب في كيفية تحويل هذا «النجاح أو الفشل» إلى أداة رئيسية في المعركة السياسية التي يخوضها الحزبان الجمهوري والديمقراطي للفوز في السباق الرئاسي والعام في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وغني عن القول أن كلا الطرفين يوظف ماكينته وأدواته الإعلامية للنيل من الطرف الآخر وتحميله المسؤولية عن الإخفاق الذي أدى إلى تصدر الولايات المتحدة قائمة الدول الأكثر تضررا سواء في عدد الإصابات أو الوفيات في العالم.

اتهمت وسائل الإعلام المحسوبة على التيار الليبرالي منذ بعض الوقت الجمهوريين والرئيس دونالد ترمب بأنهم يتحملون عبر «إدارتهم السيئة» المسؤولية الأكبر في تفشي جائحة كوفيد - 19 في الولايات المتحدة. وفي المقابل، صور الإعلام الليبرالي الديمقراطيين على أنهم تمكنوا من وقف التفشي، وخصوصاً في الولايات التي يسيطرون عليها.
هذا الكلام يرد عليه المتعاطفون مع الجمهوريين وترمب بأرقام تكشف عن مفارقات لا بد من التوقف أمامها، بمعزل عن تأييد أو معارضة هذا الطرف أو ذاك. فخلال الأسابيع الأخيرة وبعد إعادة فتح البلد، تفشى فيروس الجائحة في الولايات الجنوبية، وخصوصا تلك المحسوبة على الجمهوريين، وتجاوزت ولاية فلوريدا في أعداد الإصابات ولاية نيويورك، لتصبح الولاية الثانية الأكثر تضرراً بعد ولاية كاليفورنيا. غير أن أعداد الوفيات تكشف حقيقة لا يمكن تجاوزها، وهي أنه من بين 10 ولايات الأكثر تضرراً هناك 6 ولايات يحكمها الديمقراطيون مقابل 4 يحكمها الجمهوريون، مع أن أعداد الإصابات لا يمكن مقارنتها أيضاً.
وفقاً لبيانات جامعة جونز هوبكنز قبل نحو أسبوع، سجلت ولاية نيويورك وفاة 32645 ونيو جيرسي 15804 وكاليفورنيا 8455 وإيلينوي 7608 وبنسلفانيا 7131 وميشيغان 6405. وهي ولايات يحكمها الديمقراطيون. في المقابل توفي في ولاية فلوريدا 5931 وتكساس 5085 وأوهايو 3344 وأريزونا 3304 وهي ولايات يحكمها جمهوريون.
ولاية كاليفورنيا تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الإصابات مع 453155 حالة، تليها فلوريدا بـ432747 ونيويورك بـ412344 وتكساس بـ394927. وتعكس الأرقام حجم هذه الولايات التي تعد الأكبر من حيث عدد السكان. لكن لماذا يصار فقط إلى تركيز الأضواء على الولايات الجمهورية، وخصوصاً من قبل وسائل الإعلام؟
هذا السؤال طرحه العديد من الخبراء والنقاد والمراقبين، من دون إغفال الجانب السياسي الدعائي سواء من هذا الطرف أو ذاك.
وإذا ما أضيفت إلى أرقام الكوفيد - 19 والتغطية الإخبارية «غير المتوازنة»، بحسب المدافعين عن الجمهوريين وترمب، فإن هؤلاء يرون أن التساؤل «المشكك» بصبح مشروعاً أكثر لدى النظر إلى التغطية المحتدمة للاحتجاجات المستمرة في عدد من الولايات الأميركية بعد مقتل جورج فلويد الأميركي الأسود على يد شرطي أبيض في مدينة مينيابوليس يوم 25 مايو (أيار) الماضي، وخصوصا في مدن بورتلاند وسياتل وأوستن. ووفقاً لمناصري ترمب من الجمهوريين واليمين المحافظ كل هذا يجب أن يسلط الضوء على «الأهداف الحقيقية لتلك الحملات».
وفي هذا السياق يقول الإعلامي المحافظ هيو هيويت في مقالة له في صحيفة «واشنطن بوست» الليبرالية «صدرت عناوين الصحف الرئيسية في الأسبوعيين الماضيين بتعابير «الفيروس التاجي يدمر فلوريدا لأن حاكمها الجمهوري رون دي سانتيس قام بتهميش الخبراء والأطباء ونفذ رغبة ترمب» أو «أن الجمهوريين يخشون المرشحين الديمقراطيين المغمورين في مجلسي الشيوخ والنواب... فالجمهور يتأثر في المقام الأول من خلال أنماط التقارب العميق بين الإنسان» بحسب قوله.
- رد ديمقراطي عاجز
في هذه الأثناء، يقول بعض المحللين الجمهوريين والمحافظين اليمينيين إن الحزب الديمقراطي «أظهر تخلفاً» في ردوده السياسية وفي اقتراحاته لمعالجة الأزمة، وبات همه الرئيس إسقاط ترمب في الانتخابات «من دون أن يتمكن من صياغة برنامج سياسي حقيقي يعيد تشكيل طبقته السياسية وتجديدها بعد الاهتراء الذي أصابها»، وعجز معها عن اختيار مرشح مناسب يستطيع إعادة توحيد الحزب «ويضع حداً للميول الشعبوية واليسارية الطفولية في صفوفه».
ورغم أن إعادة فتح الولايات قد أدى إلى عودة انتشار الكوفيد - 19. وخصوصاً في ولايات الجنوب، كان من الصعب تجاهل حقيقة أن التظاهرات الاحتجاجية، وكذلك التجمعات الانتخابية ساهمت هي أيضا في زيادة الانتشار. لكن كان من الواضح، وفق المتعاطفين مع ترمب، أنه جرى «تسييس» الجائحة سواء لحشد المعارضين الرئيس أو لتطويقه سياسيا بمشاكل ظهر بشكل واضح عدم وجود رغبة لدى الطرفين في احتوائها بشكل علمي ووطني، في ظل حالة من الانقسام السياسي الشديد، لم تعهدها الولايات المتحدة من قبل.
- «المنطقة الحمراء»
اليوم ثمة تحدٍ كبير لترمب والجمهوريين في ولايات أريزونا وفلوريدا ونورث كارولينا وويسكونسن، التي صوتت للرئيس عام 2016 واعتبرت «منطقة حمراء» (نسبة للون الأحمر الذي لون الجمهوريين) في ظل التفشي السريع للإصابات فيها. هذه الولايات بالذات تعد حاسمة بالنسبة لآمال ترمب في إعادة انتخابه، مع الإشارة إلى أن كاليفورنيا وفلوريدا سجلتا أرقاما قياسية للوفيات في يوم واحد. ويعتقد خبراء الانتخابات أن جزءاً كبيراً من المعركة الانتخابية الرئاسية سيقع في الولايات التي صنفها تقرير فيدرالي بأنها بين الـ21 ولاية التي سجلت العدد الأكبر من الإصابات.
ومن ثم، إذا فاز المرشح الديمقراطي المفترض جوزيف بايدن بالولايات التي فازت فيها هيلاري كلينتون قبل أربع سنوات، فإن فوزه في أي ثلاث ولايات من الولايات الست المتأرجحة في «المنطقة الحمراء» إضافة إلى ولايتي ميشيغان وبنسلفانيا - اللتين عانتا باكراً، لكن لم يضربهما الفيروس بشدة في الفترة الأخيرة - فسيكون ذلك كافياً لإلحاق الهزيمة بترمب.
وحقاً، تقوم العديد من الولايات بإعادة النظر في سياسات الاقتراع عبر البريد، كي لا يضطر الناخبون إلى الذهاب إلى مراكز الاقتراع مخاطرين بالتقاط العدوى. ولقد سمحت الولايات الست المتأرجحة دائماً بالتصويت السهل نسبياً عبر البريد، في حين ستسمح ثماني ولايات بهذه الوسيلة أو الاقتراع عبر شخص ثانٍ فقط مع عذر شرعي، وهي قضية خلافية كبيرة بين الديمقراطيين والجمهوريين.
- كوفيد ـ 19 أمام أعتاب الجمهوريين
ترمب، من جهته، ما زال يرفض نتائج استطلاعات الرأي التي تشير إلى تفوق بايدن عليه، مدللا على نتائجها السابقة عام 2016. ومقللاً من شأن الكوفيد - 19 وشدتها على الولايات المتحدة. غير أن وفاة هيرمان كاين، المرشح الرئاسي الجمهوري الأسود عام 2012 وصاحب سلسلة مطاعم للبيتزا متأثراً بالفيروس، جعلت الجمهوريين والرئيس ترمب يواجهان حقيقة أن كوفيد - 19 بات يقترب أكثر فأكثر من أعتاب منازلهم.
كين، كان بين كثرة من الجمهوريين الذين استخفوا بالفيروس، ومن أبرز المتصدرين لحملة دفاع ترمب عن رفض ارتداء الكمامة، والمتحمسين لإعادة انتخابه، متحديا إرشادات الصحة العامة. وفي المقايل، ترمب وصف كاين على تويتر بأنه «صوت قوي للحرية وكل ما هو جيد».
وفي الأسبوع الماضي، انضم روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي، إلى قائمة الأشخاص المصابين بالفيروس، وهو من بين قلة لديهم إمكانية الوصول المباشر إلى الرئيس. كذلك انضمت إلى المصابين كيمبرلي غيلفويل، المعلقة السابقة اليمينية في شبكة فوكس نيوز التي تلتقي على الدوام بدونالد ترمب «الابن»، ابن الرئيس، وتنخرط بشكل مباشر في قيادة جهود حملة ترمب لجمع الأموال.
ومعلوم أن الجمهوريين كانوا ولا يزالون يتبنون شعارات تدعو للحفاظ على القيَم المحافظة للحرية الاقتصادية والحرية الشخصية، ويشككون في نصائح خبراء الصحة. وهم يرون أن مطالبة الشركات بالإغلاق أو تقييد قدرتها سيخنق الاقتصاد ولن ينقذ سوى القليل من الأرواح. ومن ثم، اتهموا وسائل الإعلام الإخبارية والمعارضين السياسيين بالمبالغة في المخاطر لإيذاء فرص الرئيس في إعادة انتخابه.
وفي خط موازٍ، يعتبر العديد من المدافعين المحافظين عن الرئيس، أن فرض ارتداء الكمامات والالتزام بإجراءات تقييدية أخرى تهديدا للحرية الشخصية وتدابير مبالغ فيها أيضا. وحسب كلام غروفر نوركويست، وهو ناشط محافظ يمارس الضغط من أجل تخفيض الضرائب واللوائح وعمل في مجلس إدارة «الجمعية الوطنية للبنادق»، إن استخدام وفاة هيرمان كاين لمهاجمة الجمهوريين أمر «يزيد عن حده». لكنه أضاف «هناك فرق بين عدم التحمس لما يقال لي ما يجب فعله، ورفض القيام بذلك تماماً... ولكن عندما تكون في الخارج، عليك ارتداء الكمامة».
- الديمقراطيون يسعون لنجاح ثلاثي
على الضفة السياسية المقابلة، لا تزال غير واضحة التقديرات حول انعكاسات جائحة كوفيد - 19 على السباق وعلى الغالبية في مجلس الشيوخ، أو تأثير اختيار بايدن لنائبته على سباقه مع ترمب أو على السباقات الفردية على مقاعد مجلس الشيوخ.
الديمقراطيون الذين يسيطرون راهناً على مجلس النواب يعتقدون أن بإمكانهم الاحتفاظ به في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ويعتقدون أيضا أن الفرصة متاحة أمامهم لتحقيق فوز كبير والسيطرة على الغالبية في مجلس الشيوخ، عبر مرشحين يعتقدون أن بإمكانهم الفوز، وقد نجحوا في تنظيم حملة تبرعات قوية لذلك.
لدى الديمقراطيين حالياً 46 مقعدا في مجلس الشيوخ مقابل 51 للجمهوريين، وهم يسعون للظفر بما لا يقل عن أربعة مقاعد لضمان الغالبية، في حين يمكن لنائب الرئيس أن يكون الصوت المرجح في أي عملية تصويت داخل مجلس الشيوخ. والحال، أنه إذا تمكن الديمقراطيون من تحقيق الفوز في الانتخابات الرئاسية وفي مجلسي الشيوخ والنواب، فسيتمكنون من فرض سيطرة مطلقة على السلطتين التنفيذية والتشريعية معاً. وهذا يعني قدرتهم على تمرير العديد من القوانين، من دون الاضطرار إلى استخدام الرئيس لأوامره التنفيذية بشكل مكثف، على غرار ما قام ويقوم به الرئيس ترمب، منذ توليه الرئاسة عام 2016. لكن مع وجود الكثير من الضبابية في المشهد الانتخابي هذه السنة، لا تبدو الصورة واضحة لكيفية تحقيق ذلك.



يسرائيل كاتس... «البلدوزر» المدني المولج بمهمة استعادة «محتجزي» غزة

كاتس
كاتس
TT

يسرائيل كاتس... «البلدوزر» المدني المولج بمهمة استعادة «محتجزي» غزة

كاتس
كاتس

راهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على قدرة وزير دفاعه الجديد يسرائيل كاتس، الذي يصفه بـ«البلدوزر»، في تحقيق ما يراه «انتصاراً حاسماً» في غزة، واستعادة المحتجزين في قطاع غزة، منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وذلك بعد أشهر من صراع نتنياهو الشخصي مع الوزير السابق يوآف غالانت، انتهى إلى إقالة الأخير. ما يلفت اهتمام المراقبين أن كاتس، الذي هو الحليف الأقرب لنتنياهو في معسكر «الصقور» الليكودي، لا يتمتع برصيد خبرة عسكرية سابقة، ولكن عليه أن يكمل حرباً مستمرة ضد حركة «حماس»، للرد على هجومها في 7 أكتوبر، الذي تسبب في مقتل 1206 أشخاص وأسر 251 شخصاً، لا يزال 97 منهم محتجزين في غزة، ويقول الجيش إن 34 منهم ماتوا.

لم يشغل يسرائيل كاتس أي منصب قيادي كبير في الجيش الإسرائيلي، بعكس سلفه يوآف غالانت، الذي كان جنرالاً قبل أن يصبح وزيراً للدفاع في 2022. إلا أن بنيامين نتنياهو أظهر ثقة في خبرته الواسعة وقيادته، قائلاً إنه «مجهز جيداً لقيادة الجهود الدفاعية خلال هذه الفترة الحرجة»، وفق ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت».

في المقابل، حرص وزير الدفاع الإسرائيلي المعيّن في تصريحات أولية على إظهار الولاء لأهداف نتنياهو التي لم يعد يثق في إدارة غالانت للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة ولبنان.

وفق هذا التقدير، جاءت أول تصريحات كاتس لتعطي الأولوية لإعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة و«تدمير» حركة «حماس» الفلسطينية، و«حزب الله» اللبناني.

خلفية شخصية

لا تتوفر تفاصيل كثيرة عن نشأة وزير الدفاع الجديد، بيد أن المتداول إعلامياً هو أنه وُلد عام 1955 في مدينة عسقلان الساحلية، بإسرائيل لوالدين من منطقة ماراموريش في رومانيا، هما مئير كاتس ومالكا نيدويتش. وهو حاصل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من الجامعة العبرية في القدس المحتلة، ثم نال دبلوم الدراسات العليا من الجامعة نفسها.

اجتماعياً، فإن كاتس الذي يقيم في مستوطنة «موشاف كفار أحيم» متزوج ولديه ولدان، ويجيد العمل في الزراعة، وفق موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية.

التحق كاتس بالجيش عام 1973، لكن الملاحظ أن علاقته مع المؤسسة العسكرية توقفت عند عام 1977؛ إذ خدم في صفوف قوات المظلات قبل هذا التاريخ بـ4 سنوات، ثم تطوّع في لواء المظليين وتدرّج في المناصب العسكرية ليصبح ضابط مشاه في عام 1976، قبل أن يترك الخدمة عام 1977.

مع مسيرته السياسية

على الصعيد السياسي، كان تيار الصقور المتشددين هو الاختيار المبكر لكاتس؛ إذ التحق بحزب الليكود اليميني الذي يرأسه نتنياهو، كما أن الصدفة قادته إلى عضوية الكنيست منذ عام 1998 بديلاً لإيهود أولمرت، وبالفعل عمل كاتس في عدد من لجانه، قبل أن يشغل مناصب وزارية عدة خلال العقدين الماضيين، منها وزير الزراعة، والنقل، والمخابرات، والمالية والطاقة.

بدأ مسار كاتس الوزاري مع الوزارات السيادية في عام 2019؛ إذ دشن ولايته الأولى وزيراً للخارجية، وشغل في الوقت نفسه منصب وزير الاستخبارات، كما شغل منصب وزير المالية وأدار السياسة الاقتصادية إبّان جائحة «كوفيد - 19» التي ضربت العالم.

متطرف استيطاني...في وزارة الخارجية

ووفق تسوية سياسية لتداول المناصب، جرى تعيين كاتس وزيراً للطاقة والبنية التحتية في يناير (كانون الثاني) 2023، ليتبادل المنصب مع وزير الخارجية إيلي كوهين، ومن ثم يبدأ كاتس بعد سنة واحدة فترة ولايته الثانية وزيراً للخارجية.

ما يُذكر هنا أن رؤية كاتس المتطرفة حيال «حرب غزة،» - التي لا يستبعد محللون أن تنعكس على أدائه العسكري - تنطلق من القول إن إسرائيل «كانت في ذروة الحرب العالمية الثالثة ضد إيران». وهو يتمسك في الوقت ذاته «بالتأكيد على أولوية إعادة المحتجزين لدى (حماس) في غزة»، وفق تصريحات أطلقها عبر منصة «إكس» في يناير الماضي.

وفي الحقيقة، عُرف كاتس بشخصيته الصدامية منذ وقت مبكّر، حين أُوقف عن رئاسة الاتحاد في الجامعة لمدة سنة في مارس (آذار) 1981، إثر مشاركته في أنشطة عنيفة احتجاجاً على وجود طلاب أراضي 48 بالحرم الجامعي. وفي مارس 2007 لاحقته تهم الاحتيال وخيانة الأمانة، بعدما أقدم على تعيينات في وزارة الزراعة بُنيت على محاباة سياسية وعائلية.

انعكس السلوك العدواني هذا - حسب مراقبين - على نهج كاتس الدبلوماسي مع الفاعلين الدوليين؛ إذ أثار أزمة دبلوماسية بعد وقت قصير من تعيينه لأول مرة وزيراً للخارجية، عندما قال إن البولنديين «يرضعون معاداة السامية».

غوتيريش وبلينكن

وكان مفاجئاً، إعلانه وبصفته وزيراً للخارجية، أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «شخص غير مرغوب» فيه بسبب امتناع غوتيريش عن التنديد بالهجوم الصاروخي الإيراني في أكتوبر (تشرين الأول).

وأيضاً، في الشهر عينه، صدرت أوامر كاتس القاطعة لمسؤولين في وزارة الخارجية «ببدء إجراءات قانونية ضد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعدما حظرت باريس مشاركة الشركات الإسرائيلية في معرض تجاري بحري عسكري».

لكن البارز في «مشوار» وزير الدفاع الجديد مع حقيبة الخارجية، هو أنه لم يكن ضمن الشخصيات البارزة في المباحثات الإسرائيلية - الأميركية خلال 11 زيارة أجراها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023؛ إذ لم يعقد بلينكن سوى اجتماعات قليلة مع كاتس.

ومن ناحية ثانية، يلاحظ محللون مشاريع سياسية مثيرة للجدل والغضب العربي تبناها كاتس؛ إذ إنه صاحِب «خطة» زيادة عدد المستوطنين في مرتفعات الجولان بشكل كبير، التي قدّمها للكنيست في يناير 2004. وكذلك كان كاتس قد لوّح بالاستقالة من الحكومة احتجاجاً على خطة رئيس الوزراء السابق آرييل شارون للانسحاب من قطاع غزة من طرف واحد في مارس 2004.

لا لافتات عربية

من بين المواقف الأخرى لوزير الدفاع الجديد التي رصدتها تقارير إعلامية عربية، هي قرار تغيير لافتات الطرق الموجودة بحيث تكون جميع الأسماء التي تظهر عليها بالعبرية، خلال فترة عمله وزيراً للمواصلات في حكومة نتنياهو عام 2009، وبعدها بـ7 سنوات حثّ على «استخدام عمليات التصفية المدنية المستهدفة أو الاغتيالات» ضد قادة الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل «حركة بي دي إس».

وبالتوازي، لا يخفي مراقبون فلسطينيون وعرب مخاوفهم من إحياء مشروع قديم جديد سبق أن طرحه كاتس لبناء «جزيرة صناعية»، وأعاد الحديث عنه بعد توليه حقيبة الخارجية في يناير الماضي. وتعود التفاصيل الأولى لهذا المشروع إلى عام 2011. ووفق مقطع فيديو نشره كاتس عندما طرح الفكرة آنذاك، فإن الجزيرة يفترض أن تقام على بعد 4.5 كيلومتر قبالة سواحل قطاع غزة، وستكون بطول 4 كيلومترات وعرض كيلومترين، وبمساحة تصل إلى 5400 دونم (الدونم 1000 متر مربع). وهي ستضم، حسب المخطط الإسرائيلي، ميناءً للسفر ونقل البضائع، ومخازن، ومحطة تحلية مياه، ومحطات للكهرباء والغاز، ومراكز لوجيستية.

فيما يخص الإجراءات الأمنية، يوضح الفيديو أن إسرائيل ستبقى مسيطرة على محيط الجزيرة، وعلى إجراءات الأمن والتفتيش في موانئها، بينما ستتولى قوة شرطة دولية مسؤولية الأمن على الجزيرة وعلى نقطة تفتيش ستقام على الجسر الذي سيربط قطاع غزة بالجزيرة، بالإضافة إلى إنشاء جسر متحرك يمكن تفكيكه بحيث يقطع التواصل بين الجزيرة وقطاع غزة.

 

 

لا يخفي مراقبون فلسطينيون مخاوفهم من إحياء مشروع قديم سبق أن طرحه كاتس لبناء «جزيرة صناعية» قبالة ساحل غزة

تهجير غزة... وغيرها

الخطير أن هذا المقترح حظي آنذاك بتأييد نتنياهو ودعم قادة في أجهزة الأمن الإسرائيلية؛ ما يطرح تساؤلات متابعين حول سيناريوهات التمهيد لهذا المشروع مع وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد بالمضي قدماً فيما يوصف بـ«مخطط تهجير الفلسطينيين»، لكن إلى البحر هذه المرة.

وإلى جانب رفضه وقف الحرب على غزة، يُعرف يسرائيل كاتس بتأييده لتوسيع السيطرة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية، ودعمه القوي للاستيطان، ورفضه حل الدولتين. فهو يفضّل إنشاء كيان فلسطيني مستقل يرتبط مدنياً وسياسياً بالأردن، ويدعو إلى ربط قطاع غزة بمصر، ويبدو كاتس أكثر تشدداً من نتنياهو في بعض المواقف، مثل رفض إخلاء المستوطنات، الذي «سيؤدي إلى تحوّل المستوطنين لاجئين»، وفق صحيفة «إسرائيل هيوم».