القلق لا يزال يساور ألمانيا رغم تحسن المؤشرات

فجوات عميقة بميزان الصادرات في النصف الأول

حقق الإنتاج الصناعي الألماني نمواً شهرياً في يونيو لكن قيمة الصادرات تراجعت (رويترز)
حقق الإنتاج الصناعي الألماني نمواً شهرياً في يونيو لكن قيمة الصادرات تراجعت (رويترز)
TT

القلق لا يزال يساور ألمانيا رغم تحسن المؤشرات

حقق الإنتاج الصناعي الألماني نمواً شهرياً في يونيو لكن قيمة الصادرات تراجعت (رويترز)
حقق الإنتاج الصناعي الألماني نمواً شهرياً في يونيو لكن قيمة الصادرات تراجعت (رويترز)

رغم تحسن المؤشرات الاقتصادية الألمانية خلال الشهور القليلة الماضية، مقارنة بذروة تفشي وباء «كوفيد - 19»، إلا أن القلق لا يزال يساور المستثمرين والاقتصاديين حول وتيرة التعافي الاقتصادي، خاصة في ظل تعدد محاور التوترات العالمية، التي تقف ألمانيا في وسطها.
وأعلن مكتب الإحصاء الألماني الجمعة تسارع وتيرة نمو الإنتاج الصناعي في البلاد خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي، حيث حقق نموا بنسبة شهرية بلغت 8.9 في المائة، مقابل 7.4 في المائة في مايو (أيار) السابق عليه.
وكان خبراء الاقتصاد يتوقعون أن يحقق الإنتاج الصناعي نموا بنسبة شهرية تبلغ 8.1 في المائة... لكن على أساس سنوي، تراجع الإنتاج الصناعي بنسبة 11.7 في المائة في يونيو بعد تراجعه بنسبة 19.5 في المائة في مايو.
وباستثناء قطاعي الطاقة والإنشاءات، حقق الإنتاج الصناعي في ألمانيا نموا بنسبة 11.1 في المائة في يونيو. وداخل قطاع الصناعة، حققت السلع الوسيطة زيادة بنسبة 5 في المائة، فيما ارتفع إنتاج السلع الاستهلاكية بنسبة 7.3 في المائة، والسلع الرأسمالية بنسبة 18.3 في المائة.
أما خارج القطاع، فقد ارتفع إنتاج الطاقة بنسبة 5.5 في المائة، فيما سجل قطاع الإنشاءات نموا بنسبة 1.4 في المائة. وكشفت البيانات أن قطاع السيارات استمر في تحقيق زيادة ملحوظة خلال يونيو الماضي بلغت نسبتها 54.7 في المائة مقارنة بالشهر السابق عليه.
لكن من جهة أخرى، تسببت أزمة جائحة كورونا في فجوات عميقة بميزان الصادرات الألمانية في النصف الأول من 2020. فقد أعلن مكتب الإحصاء الاتحادي الجمعة أن قيمة الصادرات الألمانية تراجعت بنسبة 13.4 في المائة مقارنة بنفس الفترة الزمنية العام الماضي، لتسجل 576.8 مليار يورو.
وبحسب البيانات، تواصل التعافي في الصادرات، الذي بدأ في مايو الماضي، خلال يونيو الماضي أيضا، حيث ارتفعت في ذلك الشهر بنسبة 14.9 في المائة مقارنة بالشهر السابق له، وهو أعلى ارتفاع شهري يتم تسجيله منذ بدء الإحصاء عام 1990... ورغم ذلك تراجعت الصادرات في يونيو الماضي بنسبة 16 في المائة مقارنة بشهر فبراير (شباط) الماضي؛ أي ما قبل بدء أزمة كورونا.
ومقارنة بيونيو عام 2019. تراجعت الصادرات بنسبة 9.4 في المائة إلى 96.1 مليار يورو، كما انخفضت الواردات بنسبة 10 في المائة إلى 80.5 مليار يورو. وتراجعت الصادرات الألمانية في أبريل (نيسان) الماضي إلى أدنى مستوى لها، متأثرة بعمليات إغلاق الحدود والصعوبات اللوجيستية واضطراب سلاسل التوريد. وارتفعت قيمة الصادرات الألمانية بنسبة 9 في المائة في مايو مقارنة بشهر أبريل، حيث بدأت الاقتصادات في أنحاء العالم بالتعافي.
ومع ذلك، ظلت قيمة السلع المصدرة في مايو منخفضة بنسبة 29.7 في المائة مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي.
ويشعر المصدرون حاليا بتفاؤل حذر، وفقا لمؤشر مناخ الأعمال الرئيسي الصادر عن معهد «إيفو» للبحوث الاقتصادية. وبشكل عام، يتوقع اتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية واتحاد الصناعات الألمانية تقلص الصادرات بنسبة 15 في المائة في عام 2020 بسبب تداعيات الجائحة. وتعتبر الصادرات من ركائز الاقتصاد الألماني.
ومن جهة أخرى، قد قال المدير التنفيذي لغرفة التجارة والصناعة الألمانية، مارتن فانسليبن، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية: «بالنسبة للاقتصاد الألماني القائم على التصدير، تعد الرحلات التجارية عاملا اقتصاديا مهما، لذلك فإن عواقب قيود السفر وخيمة».
وذكر فانسليبن أنه نظرا للعديد من عمليات إغلاق الحدود وإجراءات الحجر الصحي، غالبا ما تكون الشركات غير قادرة على إرسال مديريها أو فنييها أو موظفي المبيعات إلى عملائها أو مورديها في البلدان الأخرى، وقال: «غالبا ما يكون الاتصال الشخصي في الموقع ضروريا لبدء الأعمال التجارية، فضلا عن تجميع أو إصلاح الآلات».
ويُذكر أن هناك قيود سفر واسعة النطاق مفروضة في جميع أنحاء العالم منذ مارس (آذار) بسبب الجائحة، وقد تم إلغاؤها إلى حد كبير داخل الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، فهي لا تزال سارية بالنسبة لشركاء تجاريين مهمين لألمانيا، مثل الولايات المتحدة أو الصين.
وفي استطلاع أجرته غرف التجارة الخارجية في يوليو (تموز) الماضي، ذكرت 63 في المائة من الشركات الألمانية في الخارج أنها تضررت بقيود السفر. وقال فانسليبن إن النسبة في الولايات المتحدة تصل إلى 69 في المائة، موضحا أن «هذه الأرقام مقلقة بشكل خاص، لأنه مع الصادرات التي بلغت قيمتها ما يقرب من 119 مليار يورو في عام 2019. أصبحت الولايات المتحدة أهم سوق تصدير لألمانيا. بالإضافة إلى ذلك، تعد الولايات المتحدة من أهم مواقع الاستثمار».


مقالات ذات صلة

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

آسيا شيغمي فوكاهوري أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945 (أ.ب)

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

توفي شيغمي فوكاهوري، أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945، والذي كرَّس حياته للدفاع عن السلام، عن عمر يناهز 93 عاماً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
العالم جنود يشاركون في عرض عسكري لإحياء الذكرى السبعين لهدنة الحرب الكورية في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية 27 يوليو 2023 (رويترز)

قوات كورية شمالية قد تشارك باحتفالات روسيا في الانتصار بالحرب العالمية الثانية

قال مسؤول روسي كبير إنه يعتقد بإمكانية مشاركة جنود كوريين شماليين في العرض العسكري في الساحة الحمراء العام المقبل، في ذكرى الانتصار بالحرب العالمية الثانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).