خريطة جديدة تكشف أنشطة «حزب الله» الخارجية... فهل تفكر أستراليا في حظره؟

لقطة تظهر الخريطة التي تكشف نشاطات «حزب الله» في دول حول العالم (إيجاك)
لقطة تظهر الخريطة التي تكشف نشاطات «حزب الله» في دول حول العالم (إيجاك)
TT

خريطة جديدة تكشف أنشطة «حزب الله» الخارجية... فهل تفكر أستراليا في حظره؟

لقطة تظهر الخريطة التي تكشف نشاطات «حزب الله» في دول حول العالم (إيجاك)
لقطة تظهر الخريطة التي تكشف نشاطات «حزب الله» في دول حول العالم (إيجاك)

للمرة الأولى، بفضل الخبير الرائد في مكافحة الإرهاب ماثيو ليفيت، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، من الممكن تصور المدى الحقيقي العابر للحدود لأنشطة «حزب الله» الإجرامية. تعاون ليفيت، مؤلف كتاب «البصمة العالمية لـ(حزب الله) اللبناني»، مع باحثين آخرين لإنشاء خريطة تفاعلية لكل ما يعرفه الخبراء عن مشروع «حزب الله» الإجرامي، من الشبكات المالية واللوجستية إلى الخلايا الإرهابية. ما عليك سوى النقر فوق أي موقع ومعرفة مكان كل مشتبه به وارتباطه بالآخرين، بما في ذلك جميع الوثائق والمقتطفات ذات الصلة من كتابه، وفقاً لتقرير لـموقع «إيجاك».
وأول ما يلفت انتباه المشاهدين هو مدى نشاط «حزب الله» خارج لبنان، بما في ذلك جنوب شرقي آسيا وأستراليا.
على سبيل المثال، انقر فوق مانيلا، وستظهر الأسهم فجأة في جميع الاتجاهات مشيرة إلى مواقع متعددة في المنطقة، ما يؤدي إلى عرض تقرير استخبارات فلبيني من مارس (آذار) 2000 في نافذة منفصلة، تؤكد أن «الأنشطة الإرهابية يجري التخطيط لها... من قبل أعضاء (حزب الله) المشتبه بهم، من خلايا في إندونيسيا وماليزيا وتايلاند وميانمار والفلبين وسنغافورة وأستراليا».
من بين الخطط التي تمت مناقشتها: «دخول ثلاثة أعضاء إندونيسيين إلى أستراليا، من أجل هجوم محتمل على أهداف أميركية ويهودية، خلال دورة الألعاب الأولمبية عام 2000».
والأهم من ذلك، رغب «حزب الله» في استخدام أستراليا كبوابة لتسلل الإرهابيين إلى الدولة اليهودية؛ لأن جوازات السفر الأسترالية ستجذب تدقيقاً أقل. وألقت الشرطة الفلبينية القبض على باندو يودهاويناتا، وهو أحد الوكلاء الأساسيين الذين يشرفون على هذه الخطط، إلى جانب الناشط البارز أبو الفول، بتهم تتعلق بالمخدرات في عام 1999، ما أدى إلى تعطيل الشبكة بالكامل عن طريق الخطأ، وأدى إلى مصادرة جوازات السفر. بحسب ليفيت، اعتقلت وكالة المخابرات المركزية ما لا يقل عن 45 من عناصر «حزب الله» في المنطقة في ذلك العام.
لكن هذا بالتأكيد لم ينه وجود «حزب الله». وواصلت الجماعة تخزين المتفجرات ومحاولات الهجمات، إلى جانب المنظمة الأم، «الحرس الثوري» الإيراني، و«فيلق القدس»، على أهداف إسرائيلية ودول أخرى، لا سيما في تايلاند، بما في ذلك عديد من الاغتيالات المخطط لها، ومحاولة تفجير عام 1994. وكان أحد المشتبه بهم في تفجير «حزب الله» عام 2012 لحافلة سياحية إسرائيلية في بلغاريا، ميلياد فرح، وهو مواطن أسترالي.
وتسلط الخريطة التفاعلية الضوء مرة أخرى على مدى غرابة أستراليا في الاستمرار في رفض تصنيف «حزب الله» بأكمله كمنظمة إرهابية.
وأستراليا هي الدولة الغربية الوحيدة التي ذهبت إلى التمييز الهزلي بين «الجناح العسكري» لـ«حزب الله» و«الجناح السياسي»، كما تفعل بعض الدول، وتصف فقط «جهاز الأمن الخارجي» التابع لـ«حزب الله» بأنه كيان إرهابي.
ونظراً لأن دولاً في أوروبا وأميركا الجنوبية بدأت أخيراً في حظر المنظمة بأكملها، وجميع أنشطة جمع الأموال والأنشطة الإجرامية، يبدو أن الموقف الأسترالي يهيمن عليه الجمود. وما تُظهره خريطة ليفيت بشكل أوضح من أي وقت مضى، هو مدى استحالة تفريق أي وكالة استخبارات بشكل هادف، أعضاء جهاز الأمن الخارجي من «حزب الله» الأوسع. على سبيل المثال، في أميركا الجنوبية، ورد أيضاً أن ممول «حزب الله» الرئيسي والميسِّر اللوجستي أسعد بركات كان «عضواً يحمل بطاقات في الجناح الإرهابي لمنظمة (الجهاد الإسلامي) التابعة لـ(حزب الله)».
وبالفعل في عام 2004، يستشهد ليفيت بتقرير استخبارات هولندي يخلص إلى أن «الأجنحة السياسية والإرهابية لـ(حزب الله) يسيطر عليها مجلس تنسيق واحد».
وقد سخر «حزب الله» نفسه من التمييز بين أجنحته العسكرية والسياسية. في عام 2013، أشار محمد رعد، رئيس الوفد البرلماني لـ«حزب الله»، بدقة إلى أن «الجناح العسكري لـ(حزب الله)» كذبة اخترعها الأوروبيون؛ لأنهم يشعرون بالحاجة إلى التواصل معنا ويريدون الفصل الوهمي بين ما تسمى القوات العسكرية والأجنحة السياسية».
وما يجعل هذا الموقف أكثر إشكالية، هو أن الشبكات التي تقدم الدعم لـ«حزب الله» في أستراليا هي سر مفتوح، وبالنظر إلى أنشطته في دول أخرى، فمن المحتمل جداً أن تتشابك هذه الشبكات مع الجريمة المنظمة في الشرق الأوسط.
وما توضحه خريطة ليفيت التفاعلية هو أن «حزب الله» لا يخطط بنشاط ويسبب العنف في منطقة واحدة من العالم فحسب؛ بل قد تعاني مناطق أخرى في نهاية المطاف بسبب تراخي أستراليا مع الجماعة. من المحتمل أن «حزب الله» لم يتم ربطه علناً بأي عمليات ضبط مخدرات أو أنشطة إجرامية أخرى بين عصابات الجريمة المنظمة في الشرق الأوسط في أستراليا؛ لأن تورط «حزب الله» في الوقت الحالي غير جوهري من الناحية القانونية.
وسيساعد التصنيف الأسترالي للمجموعة بأكملها كمنظمة إرهابية على الحد من قدرات المجموعة في جميع أنحاء العالم، بالنظر إلى مدى الترابط بين جميع خلاياها وأنشطتها الدولية، ويمكن أيضاً أن يوفر للشرطة الأسترالية مزيداً من الأدوات للتعامل مع بعض المجرمين المنظمين في هذا البلد.


مقالات ذات صلة

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا اللفتنانت جنرال فيض حميد (منصة إكس)

بدء محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية

بدأ الجيش الباكستاني محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية، في خطوة من المحتمل أن تؤدي إلى تفاقم التحديات القانونية ضد رئيس الوزراء السابق المسجون.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا أمرت النيابة العامة الفيدرالية بألمانيا باعتقال رجل يشتبه في كونه عضواً بجماعة «حزب الله» اللبنانية بهانوفر حيث يُعتقد أنه يعمل لصالحها داخل ألمانيا (د.ب.أ)

ألمانيا: إيداع سوري مشتبه في تعاطفه مع «داعش» بالحبس الاحتياطي

بعد عملية واسعة النطاق نفذتها الشرطة البافارية الأحد تم إيداع شخص يشتبه في أنه من المتعاطفين مع «تنظيم داعش» قيد الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ - شتوتغارت )
آسيا شرطي يراقب أفراداً من الأقلية المسيحية الباكستانية وهم يستعرضون مهاراتهم في الاحتفال بأعياد الميلاد على أحد الطرق في كراتشي بباكستان 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

باكستان: مقتل شخصين يحملان متفجرات بانفجار قرب مركز للشرطة

انفجرت عبوة ناسفة كان يحملها مسلحان مشتبه بهما على دراجة نارية في جنوب غربي باكستان، بالقرب من مركز للشرطة، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))
أفريقيا وزير الدفاع الجديد تعهّد بالقضاء على الإرهاب في وقت قريب (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

بوركينا فاسو: حكومة جديدة شعارها «الحرب على الإرهاب»

أعلن العسكريون الذين يحكمون بوركينا فاسو عن حكومة جديدة، مهمتها الأولى «القضاء على الإرهاب»، وأسندوا قيادتها إلى وزير أول شاب كان إلى وقت قريب مجرد صحافي.

الشيخ محمد (نواكشوط)

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.