الليرة التركية تدفع ثمن سياسات إردوغان بخسائر تاريخية

«النقد الدولي» حث «المركزي» على وقف تبديد احتياطياته

الليرة التركية تدفع ثمن سياسات إردوغان بخسائر تاريخية
TT

الليرة التركية تدفع ثمن سياسات إردوغان بخسائر تاريخية

الليرة التركية تدفع ثمن سياسات إردوغان بخسائر تاريخية

ضربت الليرة التركية موعدا جديدا مع الانهيار في تعاملات أمس (الخميس) وتراجعت إلى أدنى من مستوى أزمة أغسطس (آب) 2018 عندما بلغ سعرها 7.24 ليرة للدولار، حيث تراجعت إلى نحو 7.27 ليرة للدولار، لتقترب من المستوى الأدنى الذي سجلته في مايو (أيار) الماضي لفترة وجيزة حيث جرى تداولها عند مستوى 7.28 ليرة للدولار.
وسجلت الليرة التركية هذا المستوى القياسي المتدني وسط موجة بيع مع قلق حاد في أوساط المستثمرين من أن تشهد تركيا أزمة عملة على غرار التي حدثت عام 2018. بينما أكد خبراء أن الليرة التي فقدت أكثر من 3 في المائة خلال تعاملات الأمس تتهيأ لخسائر متوالية خلال ما تبقى من العام الحالي. وتزامن ذلك مع تحذير لصندوق النقد الدولي للبنك المركزي التركي من تآكل احتياطياته من النقد الأجنبي.
وأكد خبراء أن العملة التركية ستواصل خسائرها خلال الفترة المقبلة، مع ارتفاع معدلات التضخم والشكوك المحيطة بالأرقام الصادرة عن الجهات الرسمية، وغلاء الأسعار في البلاد.
وأكد الخبيران آذار كاراكاش وجولدم آطاباي أن سعر صرف الليرة التركية لم يصل بعد إلى مستوياته الأدنى المتوقعة خلال العام الحالي. وقبل أزمة أغسطس 2018 كان سعر صرف الليرة التركية نحو 4.9 ليرة للدولار.
وقالت آطاباي إن «معدل التضخم انخفض في يوليو (تموز) الماضي إلى 11.76 في المائة، وليس من السهل أن نعتبر هذا نجاحا؛ لأن هذا الرقم يفوق معدلات التضخم العالمية». وأرجعت ارتفاع التضخم بهذا الشكل إلى أسباب منها السياسة المالية السيئة، وعدم استقلالية البنك المركزي التركي.
وأوضحت أن هذه المعدلات كبيرة للغاية، وتضع تركيا في موقع سيئ على الخريطة الاقتصادية العالمية، وأن الحركة التي يشهدها سوق المقايضة في البلاد ليست بجديدة، وحدثت قبل ذلك.
واعتبرت الخبيرة التركية أن كل هذه التطورات من شأنها أن تشكل ضغطا على الليرة التركية وتدفعها لفقد مزيد من قيمتها بمرور الوقت»، لافتة إلى أن المستثمرين الأجانب وصلوا إلى مرحلة باتوا معها لا يجدون ما يفعلونه، فيضطرون للهروب.
من جانبه، قال كاراكاش إن تركيا في الترتيب 14 على مستوى العالم من حيث معدلات التضخم الأعلى، لافتا إلى أن سعر اليورو الذي كان في يناير (كانون الثاني) الماضي 6.60 ليرة بلغ في تعاملات الأمس 8.69 ليرة. وأوضح أن هذا يعني أن الليرة فقدت 25 في المائة من قيمتها خلال 6 أشهر فقط، 5 في المائة فقط بسبب التضخم أما البقية فناتجة عن مشكلات وأزمات كارثية في إدارة الملف الاقتصادي.
وقال محللون لوسائل إعلام تركية إن البنك المركزي خفض أسعار الفائدة إلى ما دون المعدل السنوي للتضخم، تماشيا مع تعليمات من الحكومة، ما أجبره على بيع عشرات المليارات من الدولارات من احتياطياته من العملات الأجنبية، لحماية الليرة.
وحذر صندوق النقد الدولي من تعرض الليرة التركية لضغوطات، ودعا المركزي التركي إلى تعزيز احتياطياته من النقد الأجنبي على المدى المتوسط واحتواء النمو الائتماني السريع.
ولفت الصندوق، في تقرير حول أداء الاقتصاد العالمي في ظل أزمة وباء كورونا نشر أمس، إلى تآكل احتياطي البنك المركزي التركي، بعد فشله في الحد من تراجع سعر صرف الليرة بضخ الدولار في الأسواق، ما يعرض الاقتصاد لتدهور جديد بدون أي حماية من مخاطر الائتمان. وقال الصندوق إن إجمالي احتياطيات المركزي التركي انخفضت بمقدار 22 مليار دولار خلال الفترة من يناير وحتى مايو الماضيين.
وحذرت مايا سينوسي، كبيرة الاقتصاديين في «أكسفورد إيكونوميكس»، في وقت سابق من هذا الأسبوع، من أن السياسات الاقتصادية التركية الحالية يمكن أن تغرق قريباً في مزيد من الاضطرابات المالية. وقالت إن الاقتصاد التركي يقف على بعد خطوة واحدة فقط من حدوث أزمة وكارثة كبرى، أبرز معالمها فرار تاريخي للمستثمرين الأجانب.
ويواجه البنك المركزي التركي ضغوطاً سياسية لإبقاء أسعار الفائدة منخفضة أو سلبية، ما دفع بعض المستثمرين إلى التنبؤ بأن صناع السياسة النقدية لن يكونوا قادرين على رفع تكاليف الاقتراض حتى لو ارتفع التضخم.
وشجعت هذه التوقعات على نزوح أجنبي واسع من أسواق السندات والأسهم التركية وساعدت على انخفاض الليرة إلى مستويات قياسية. وانخفضت حصة المستثمرين الأجانب لأقل من 50 في المائة من الأسهم التركية في بورصة إسطنبول، للمرة الأولى منذ أكثر من 15 عاما.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).