توقعات بإعلان حكومة «كفاءات مستقلة» في تونس

الرحوي طالب «النهضة» بالاعتراف بفشلها في حل الملفات العالقة

مطالب لـ«النهضة» ورئيسها الغنوشي بالاعتراف بفشلها في حل الملفات العالقة (أ.ف.ب)
مطالب لـ«النهضة» ورئيسها الغنوشي بالاعتراف بفشلها في حل الملفات العالقة (أ.ف.ب)
TT

توقعات بإعلان حكومة «كفاءات مستقلة» في تونس

مطالب لـ«النهضة» ورئيسها الغنوشي بالاعتراف بفشلها في حل الملفات العالقة (أ.ف.ب)
مطالب لـ«النهضة» ورئيسها الغنوشي بالاعتراف بفشلها في حل الملفات العالقة (أ.ف.ب)

طالبت عدة كتل برلمانية هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية المكلف، بتحديد شكل الحكومة الجديدة التي يعمل على تشكيلها، بعد لقاءاتها معه في قصر الضيافة بقرطاج، والإفصاح عن شكلها ولونها، وتحديد إن كانت عبارة عن حكومة كفاءات مستقلة تتكون من خارج الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية، تمشياً مع مطلب ممثلي الأحزاب الصغيرة غير الممثلة في البرلمان، أم أنها ستكون حكومة مصغرة تراعي الظرف الاقتصادي والاجتماعي المتأزم، كما دعا إلى ذلك نور الدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل (نقابة العمال)، أم حكومة ذات تجربة سياسية كما يريدها النواب المستقلون.
وحتى حدود يوم أمس، لم يعلن المشيشي عن شكل الحكومة التي ستتشكل على أنقاض حكومة إلياس الفخفاخ المستقيلة منذ 15 من يوليو (تموز) الماضي؛ لكن بعض المراقبين توقعوا أن يعلن المشيشي عن حكومة كفاءات مستقلة من خارج الأحزاب والكتل البرلمانية، وهو ما سيضع الأحزاب بين خيارين حاسمين: إما قبول ما يقدمه المشيشي والمصادقة عليه، وإما رفضه وتحمل التبعات المتعددة، وما سيترتب عنها من أزمات يتأثر بها المجال الاجتماعي والاقتصادي والسياسي أيضاً. لكن بعض المحللين يرون - استناداً على اللقاءات التي عقدها المشيشي مع خبراء في الاقتصاد والمالية - أن الحكومة المقبلة قد تكون حكومة تكنوقراط، لا تعتمد بالضرورة على النتائج التي حققتها الأحزاب السياسية في انتخابات 2019.
وفي هذا السياق، أكد حسان العيادي، المحلل السياسي التونسي، أن معظم الأحزاب السياسية بدأت تستشعر أنها باتت «محشورة في الزاوية» على حد تعبيره، وهذا يشمل حزبي «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب»، اللذين باتا يدركان أنهما في وضع صعب، بعد أن دفعا بشدة إلى أن تكون حكومة المشيشي من المتحزبين، مع التشديد على عدم إشراك حركة «النهضة» في الحكومة.
في غضون ذلك، قالت مصادر سياسية إن إشراك الأحزاب التونسية في الحكومة المقبلة لن يخرج عن تقييم الرئيس قيس سعيد لأداء هذه الأحزاب، ومختلف مكونات الطبقة السياسية؛ مؤكدة أن المشيشي عين من قبل الرئيس سعيد لترسيخ نظرته نفسها للأحزاب التي يرى أن «زمنها ولى وانتهى»، وأنها من بين أهم أسباب تأزم المشهد السياسي في تونس، ولذلك استعمل في مراسلاته قبل تحديد لقاءات التشاور حول تشكيل الحكومة عبارة «الكتل وممثليها»، عوض الأحزاب السياسية.
وفي حالة اعتماد المشيشي هذا الخيار، فإن الأحزاب السياسية ستجد نفسها - حسب بعض المراقبين - مخيرة بين منح الثقة لحكومة لا تمثيلية لها فيها، ولا قدرة لاحقة لها على فرض أي خيار عليها، أو التصويت ضدها ومنح رئيس الجمهورية صلاحية حل البرلمان، والدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة، تعيد تشكيل المشهد البرلماني والسياسي برمته.
والتقى رئيس الحكومة المكلف أمس عدداً من أعضاء مجلس نواب الشعب (البرلمان) غير المنتمين إلى كتل برلمانية. وضمت القائمة الصافي سعيد ومبروك كورشيد، وياسين العياري وفيصل التبيني ومنجي الرحوي، الذي قال بعد لقائه المشيشي إنه عرض «تغيير المنوال الاقتصادي والاجتماعي، وإعادة النظر في السياسة المالية، وفي علاقات تونس بشركائها»؛ مضيفاً أن رئيس الحكومة المكلف «يوجد في وضع صعب بين الاختيار بين حكومة أحزاب وما يخلفه هذا القرار من أزمات، أو حكومة كفاءات مستقلة ذات تجربة سياسية قد تساعد على الخروج من المأزق».
في السياق ذاته، دعا الرحوي الأحزاب التي شاركت في مختلف الحكومات السابقة، وعلى رأسها حركة «النهضة»، إلى الاعتراف بفشلها في حل الملفات العالقة. وقال إن عليها أن تبتعد عن كل أشكال الضغط من أجل المشاركة في الحكومة المقبلة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».