الانقلابيون يقودون حملة لـ«حوثنة» أسماء الشوارع والأحياء في إب

TT

الانقلابيون يقودون حملة لـ«حوثنة» أسماء الشوارع والأحياء في إب

أفادت مصادر محلية في محافظة إب اليمنية (170 كيلومتراً جنوب صنعاء) بأن الميليشيات الحوثية أقدمت خلال الأشهر الماضية، ضمن مساعيها لطمس الهوية اليمنية وتنوعها الفكري والثقافي، على تغيير أسماء عدد من الشوارع والأحياء في محافظة إب ومديرياتها الخاضعة للجماعة.
وفي هذا السياق، ذكرت المصادر أن قادة الجماعة شنّوا حملة منذ مطلع العام الحالي لـ«حوثنة» المحافظة، شملت تغيير أسماء 3 شوارع رئيسية، وأسماء 7 حارات تقع في مركز المحافظة.
ومن بين الشوارع التي أقدمت الجماعة على تغير أسمائها وفقاً لأجندتها، شارع العدين، الذي يعد أكبر شوارع إب؛ حيث أطلقت عليه شارع «الشهيد القائد» في إشارة منها إلى قائدها الصريع حسين الحوثي، وكذا تغيير اسم جولة العدين إلى مسمى جولة «الرسول الأعظم».
وفي حين أشارت المصادر إلى قيام الجماعة بتغيير أسماء حارات كل من «الخلقة، والمنصوب، وجوبلة، وحراثة، والذهوب، والسبل، وكاحب، وغيرها» إلى أسماء عناصر وقيادات ورموز حوثية. أكدت أن الجماعة غيّرت دون سابق إنذار اسم شارع تعز، ثاني أكبر شوارع المحافظة، إلى شارع «الصماد»، وهو الرئيس السابق لمجلس حكم الانقلاب.
المصادر المحلية في إب كشفت أيضاً لـ«الشرق الأوسط»، عن تسريبات حوثية تؤكد اعتزامها، في سياق مخططاتها، إجراء عمليات استبدال واسعة في قادم الأيام لأسماء شوارع وأحياء عدة، واقعة في نطاق مديريتي المشنة والظهار، التابعتين لمركز إب.
وطبقاً للمصادر، تُعد حارات «الجائة والجباجب والجبانة والنزهة وعسم والمعاين والمدقة والمعقبة، وغيرها»، من بين حارات إب التي سيستهدفها التغيير الحوثي خلال الفترة المقبلة.
وتشير المصادر إلى أن عدداً من المباني والمعالم التاريخية والأثرية القديمة كالجامع الكبير في إب وغيره من المعالم الأخرى تقع في نطاق بعض الحارات التي سيطال أسماؤها الاستهداف الحوثي عما قريب.
وفي حين لاقت المسميات الحوثية، التي استهدفت شوارع وأحياء عدة في إب سخطاً واستنكاراً ورفضاً واسعاً من قبل الأهالي والسكان المحليين، أبدى السكان امتعاضهم الشديد من خطوات الميليشيات الأخيرة التي عدوها سعياً لطمس الهوية اليمنية.
وأكد سكان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة تمادت كثيراً في استهدافها المتكرر للمحافظة والنيل من هويتها وشوارعها والسعي لترسيخ أسماء قتلاها من العناصر والقيادات السلالية، الذين لقوا حتفهم، وذلك في سياق تكريس فكرة «ولاية الفقيه» والأفكار المستوردة من إيران، في عقول أبناء المجتمع اليمني بهدف تغيير الهوية القومية للمحافظة بشكل خاص واليمن على وجه التحديد.
وفي سياق أحاديث السكان أشاروا إلى أن محافظتهم تشهد انفلاتاً أمنياً غير مسبوق وارتفاعاً لمنسوب الجريمة، في الوقت الذي تواصل فيه الميليشيات تكريس جلّ طاقتها وجهدها لإحلال أفكارها ومسمياتها ذات الصبغة الطائفية بدلاً من التنوع الثقافي والفكري في المحافظة.
وقال «س.ب» وهو أحد المعلمين في المحافظة: «إن الجماعة مهما غيّرت أسماء الشوارع والحارات بناء على أجندتها، فنحن غير ملزمين على الإطلاق بالاعتراف بها، وسنظل نطلق على تلك الشوارع والحارات التي استهدفها التغيير مسمياتها السابقة التي عرفناها وتعودنا عليها منذ نشأة المحافظة».
ويعتقد مواطن آخر من سكان المدينة أن جماعة الانقلاب «لم ولن تنجح، في طمس هوية المحافظة، واليمن ككل، مهما حاولت ذلك؛ لأنها تستعين بقوة السلاح أمام رفض اليمنيين القاطع لها، وعدم رغبتهم في وجودها أو تقبل أجندتها وأفكارها».
ولم تكن هذه المرة الأولى التي أقدمت فيها الجماعة الحوثية على تغيير الهوية الفكرية والثقافية لمدينة إب، بل طالها على مدى السنوات الماضية كثير من الجرائم والانتهاكات، خصوصاً ما يتعلق بقطاع التعليم.
ومنذ مطلع العام الحالي، أقدمت الجماعة الموالية لطهران على تغيير أسماء العشرات من المدارس في إب ومديرياتها وفقاً لذات الأهداف والأجندة الحوثية السلالية.
وكانت الجماعة أطلقت في وقت سابق اسم «الصماد»، على مبنى «المجمع التربوي» التابع لجامعة إب، وفي منتصف فبراير (شباط) الماضي، عملت الميليشيات في مدينة جبلة (جنوب إب) على تغيير اسم مدرسة الثورة للبنات إلى مدرسة «فاطمة الزهراء» واسم «مجمع الصالح الثانوي للبنين» إلى مجمع «الشهداء».
وفي الوقت الذي أقدمت فيه الميليشيات خلال نفس الفترة على تغيير أسماء القاعات الدراسية في جامعة إب وأطلقت عليها أسماء قادتها القتلى، عملت أيضاً على تغيير أسماء مدارس الشهيد الزبيري في العدين، ومدرسة عائشة النموذجية بمدينة إب، ومدرسة السابع من يوليو (تموز) في الظهار، وأطلقت عليها مسميات أخرى ذات طابع طائفي.
ومنذ الانقلاب على الشرعية، لم تتوقف الجماعة عن سعيها الحثيث في صنعاء العاصمة وبقية مدن سيطرتها لتجريف الهوية اليمنية عن طريق «حوثنة» المسميات ومحاولة استبدال أفكارها وبرامجها ذات الصبغة الطائفية بدلاً من التنوع الثقافي والفكري في البلاد.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.