الأردن: مسيرات ليلية للمعلمين واعتقالات في صفوفهم

TT

الأردن: مسيرات ليلية للمعلمين واعتقالات في صفوفهم

نظم معلمون أردنيون مسيرات، مساء الاثنين، في أكثر من محافظة أردنية، طالبوا خلالها بالإفراج عن معتقلين من مجلس نقابتهم، في وقت تكرر فيه صدور تسريبات تنقل عن مصادر رسمية اتهامها قيادات في جماعة «الإخوان المسلمين» بتحريك معلمين موالين للجماعة غير المرخصة في البلاد ينشطون من خلال فروع نقابة المعلمين.
وفي تطور لاحق، نفذت الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات واسعة شملت معلمات شاركن في مسيرة المعلمين بمحافظة إربد (80 كلم شمال عمّان). وأكدت مصادر حكومية مطلعة أن الاعتقالات جاءت على خلفية «التحريض على الاعتصام بشكل يخالف القوانين السارية وأوامر الدفاع الاستثنائية».
وذكرت صفحات للمعلمين على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي أن الاعتقالات شملت أكثر من 50 معلماً ومعلمة. وقال محامو النقابة إن السلطات الأمنية نفذت، السبت قبل الماضي، حملة اعتقالات طالت نائب نقيب المعلمين، ومجلس النقابة، على ذمة قضايا حركها النائب العام. وكسر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي قرار النائب العام حظر النشر في قضية النقابة، وهو القرار الذي منع وسائل الإعلام المحلية، المطبوعة والإلكترونية والمسموعة والمرئية، من تغطية أحداث الأيام القليلة الماضية.
وبدا الرأي العام الأردني منقسماً حيال ما جرى. ففي مقابل مؤيدي نقابة المعلمين، والحق في «حرية التعبير والاعتصام السلمي»، حمل منتقدون النقابة ومجلسها مسؤولية التصعيد الأخير، مشيرين إلى أنه جاء في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية هشة.
ومنعت السلطات الأمنية تجمعات للمعلمين في محافظات عدة، ليلة أول من أمس، علماً بأن الحكومة كانت قد حذرت من تطبيق قرار الدفاع رقم (11) الذي يمنع التجمعات لأكثر من 20 شخصاً، ويُلزم المواطنين بارتداء الكمامات في الأماكن العامة.
وجدد «المركز الوطني لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية رسمية مستقلة)، في بيان، مساء الاثنين، مطالبته بـ«الإسراع بإخلاء سبيل الموقوفين، وعدم اللجوء إلى التوقيف إلا في أضيق الظروف، وضمن المبررات القانونية المنصوص عليها حصراً في القانون».
ودعا المركز الذي يرأسه أحد القيادات المنشقة عن جماعة «الإخوان المسلمين» وحزب «جبهة العمل الإسلامي»، ارحيل غرايبة، إلى وقف التصعيد، واللجوء إلى الحوار المباشر لحل الخلافات الموجودة، مشدداً على ضرورة عدم المساس بمنظومة حقوق الإنسان والحريات العامة، وعلى رأسها حرية العمل النقابي.
وأكد المركز أنه زار نائب نقيب المعلمين، وأعضاء مجلس النقابة الموقوفين، ووثق أوضاعهم، مشيراً إلى تنفيذهم إضراباً عن الطعام أدى إلى تراجع في أوضاعهم الصحية.
وصدر بيان آخر للمراقب العام الأسبق لجماعة «الإخوان»، سالم الفلاحات، الذي انشق عنها وأسس حزباً جديداً، هو حزب «الشراكة والإنقاذ»، جاء فيه أن عدد المعتقلين حتى مساء الاثنين يزيد على 50 معتقلاً، رافضاً حملة الاعتقالات في صفوف المعلمين وأنصارهم.
وتتهم أوساط رسمية أردنية جماعة «الإخوان المسلمين» (غير المرخصة)، وذراعها حزب «جبهة العمل الإسلامي»، بالتأثير على قرارات مجلس النقابة وأعضائها، بعد سيطرتها على أغلبية مقاعد المجلس في الانتخابات التي جرت في صيف عام 2019، في حين أصدرت الجماعة بياناً على لسان المراقب العام، عبد الحميد ذنيبات، رحبت فيه بالوساطة للحوار بين الحكومة والنقابة.
ولوحظ أن الحكومة تجنبت علناً التعليق على اعتقال مجلس نقابة المعلمين، وإغلاق نقابتهم، لكن تسريبات نقلت عن مصادر رسمية توجيهها اتهامات مبطنة لجماعة «الإخوان» في خصوص حركة النقابة، مع قرب بدء العام الدراسي في مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل.
وقاد رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري وساطة مع الحكومة لم تحدث أي اختراق على صعيد حل الأزمة، علماً بأنه أشار لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود ضمانات من جانب النقابة لفتح باب الحوار، وتجاوز تصريحات سابقة لنائب النقيب وأعضاء من المجلس عدت في وقتها «تحريضية».
وكان نائب نقيب المعلمين، ناصر النواصرة، قد صرح في وقت سابق مهدداً بتنفيذ المعلمين «إضراباً شاملاً مطلع العام الدراسي»، وأكد في فيديو مسجل بثته مواقع التواصل الاجتماعي: «لو ارتدت الكرة الأرضية، لن نتنازل عن المطالب بعلاوة المعلمين». وتزامن ذلك مع تهديد عضو المجلس باسل الحروب بـ«إسقاط السنة الدراسية، وتنفيذ اعتصام بالكمامات»، في حين دعا عضو آخر، هو غالب أبو قديس، إلى تنفيذ اعتصام مفتوح.
وكانت نقابة المعلمين قد تعهدت بتنفيذ إضراب شامل مع أول أيام السنة الدراسية الجديدة، مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل، بعد رفض الحكومة لاستئناف صرف علاوة المعلمين التي أقرت في موازنة العام الحالي.
وتتمسك الحكومة بقرارها إلغاء جميع العلاوات والزيادات والعمل الإضافي لموظفي القطاع العام كافة، بمن فيهم أفراد وضباط الأجهزة الأمنية، وذلك لتقليص عجز الموازنة الذي تفاقم في ظل ظروف تفشي وباء «كورونا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.