قتلى في معارك بريف اللاذقية... وغارات روسية قرب إدلب

أنقرة تدين الاتفاق بين شركة أميركية و«قوات سوريا الديمقراطية» لاستثمار النفط شرق الفرات

دخان يتصاعد من ريف بنش في إدلب بعد غارات روسية أمس (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من ريف بنش في إدلب بعد غارات روسية أمس (أ.ف.ب)
TT

قتلى في معارك بريف اللاذقية... وغارات روسية قرب إدلب

دخان يتصاعد من ريف بنش في إدلب بعد غارات روسية أمس (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من ريف بنش في إدلب بعد غارات روسية أمس (أ.ف.ب)

قتل 18 عنصراً من قوات النظام والفصائل المقاتلة، بينها «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، خلال اشتباكات اندلعت أمس (الاثنين) بين الطرفين في شمال غربي سوريا، رغم سريان وقف لإطلاق النار، في وقت أفيد فيه بوقوع قصف روسي على بنش، في ريف إدلب.
ونفذت القوات التركية قصفاً صاروخياً على مناطق في بلدة سراقب، الخاضعة لسيطرة قوات النظام بريف إدلب الشرقي، وسط تصاعد لهجمات النظام، بغطاء جوي روسي. كما دفع الجيش التركي بمزيد من التعزيزات العسكرية واللوجيستية إلى نقاط المراقبة التابعة له في مناطق خفض التصعيد، في شمال غربي سوريا.

- نازحون
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بوقوع ضربات جوية، نفذتها فجر أمس طائرات حربية روسية على أماكن في مدينة بنش ومحيطها وأطرافها، حيث استهدفت المنطقة بأكثر من 10 صواريخ، ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص من عائلة واحدة نزحت من ريف إدلب الشرقي، بالإضافة لإصابة شخص واحد على الأقل.
وعززت القوات التركية نقاط مراقبتها في شمال غربي سوريا. ودخل رتل عسكري تابع لها من معبر كفر لوسين فجر أمس، تألف مما لا يقل عن 20 آلية تحمل معدات عسكرية ولوجيستية توجهت نحو المواقع التركية في المنطقة.
ويسري منذ السادس من مارس (آذار) الماضي وقف لإطلاق النار في إدلب ومحيطها، أعلنته موسكو الداعمة لدمشق وأنقرة الداعمة للفصائل، وأعقب هجوماً واسعاً شنته قوات النظام بدعم روسي على مدى 3 أشهر، دفع بنحو مليون شخص إلى النزوح من منازلهم، وفق الأمم المتحدة.
ولا يزال وقف إطلاق النار صامداً إلى حد كبير، رغم خروقات متكررة، آخرها قصف روسي، الاثنين، على بلدة بنّش، القريبة من مدينة إدلب، أوقع 3 قتلى مدنيين من عائلة واحدة، بحسب «المرصد». وقال شهود إن العائلة من النازحين المقيمين في البلدة.
وقال أحمد سيد علي، وهو ناشط ميداني في محافظة إدلب، إن 3 طائرات روسية حلقت في أجواء محافظة إدلب، وتناوبت على قصف واستهداف مدينة بنش بريف إدلب من الجهة الشرقية، ما أسفر عن مقتل 4 مدنيين، بينهم طفل، وجرح أخرين، فضلاً عن الدمار الهائل الذي لحق بممتلكات المدنيين جراء الغارات الجوية.
وأضاف أنه بالتزامن مع القصف الجوي، تعرضت المدينة ومحيطها أيضاً لقصف مدفعي وصاروخي من قبل قوات النظام المتمركزة في منطقة سراقب، ما أجبر عدداً كبيراً من المدنيين على النزوح.
وتابع علي أنه لليوم الثاني على التوالي، شهد ريف إدلب تصعيداً غير مسبوق، بالقصف والغارات الجوية من قبل الطائرات الروسية وأسلحة النظام الثقيلة، حيث استهدفت الأخيرة أول من أمس، بأكثر من 50 قذيفة مدفعية وصاروخية، مناطق سفوهن وفليفل وكنصفرة والبارة وكفرعويد، جنوب إدلب، ما أسفر عن إصابة 5 مدنيين بجروح بليغة، نقلوا على أثرها إلى المشافي الحدودية، ونزوح عشرات الأسر من المناطق المذكورة نحو المخيمات الحدودية مع تركيا.
ومن جهته، أفاد تقرير روسي، الاثنين، بأن الطيران الحربي السوري دمر أحد أضخم مستودعات الذخيرة التابعة لتنظيم «جبهة النصرة» في إدلب، ما ولد سلسلة طويلة من الانفجارات المتتالية التي سمع دويها في مناطق شمال غربي سوريا، وصولاً إلى مدينة حلب.
وذكرت وكالة «سبوتنيك» الروسية أن الطيران الحربي استهدف بعدة غارات أحد أكبر مستودعات ذخيرة وسلاح «هيئة تحرير الشام»، الاسم الأحدث لـ«جبهة النصرة» المدرجة على قوائم الإرهاب في روسيا، وذلك في محيط مدينة بنش، بريف إدلب الشمالي الشرقي، ما أسفر عن تدمير المستودع بشكل كامل.

- ريف اللاذقية
وفي سياق متصل، شهدت جبهات الكبينة ومحاور قرية الحدادة والتفاحية بجبل الأكراد، شمال شرقي اللاذقية، اشتباكات عنيفة بين فصائل المعارضة من جهة، وقوات النظام مدعومة بميليشيات إيرانية من جهة ثانية، إثر محاولات تقدم للأخيرة نحو قرية الحدادة الاستراتيجية للسيطرة عليها. وقال قيادي في الفصائل إن قوات النظام حاولت التقدم، صباح الاثنين، إلى قرية الحدادة، مدعومة بإسناد جوي روسي، إلا أن الفصائل تمكنت من التصدي للمحاولة، وإجبار قوات النظام على التراجع إلى منطقة الجب الأحمر في جبل الأكراد، بعد تكبيدها خسائر فادحة بالعدة والعتاد، ومقتل مجموعة مؤلفة من 8 عناصر، بينهم ضابط برتبة مقدم من قوات النظام.
ويضيف القيادي أن قوات النظام تستميت بالسيطرة على قرية الحدادة في جبل الأكراد، شمال شرقي اللاذقية، لأهميتها الاستراتيجية، وموقعها المطل على القسم الشمال لسهل الغاب، غرب حماة، وقربه من الطريق الدولي (M4) حلب - اللاذقية.
وذكر «المرصد» أن اشتباكات دارت فجراً في شمال محافظة اللاذقية الساحلية، إثر محاولة قوات النظام التقدّم في منطقة جبل الأكراد الخارجة عن سيطرتها، وتصدّي مقاتلي الفصائل لها.
وأوقعت الاشتباكات 12 قتيلاً من قوات النظام والمجموعات الموالية لها، مقابل 6 من مقاتلي الفصائل، بينهم 4 من «هيئة تحرير الشام»، بحسب «المرصد». وتسيطر على منطقة جبل الأكراد الملاصقة لإدلب فصائل متشددة، بينها تنظيم حراس الدين المرتبط بتنظيم القاعدة.
وعلى صعيد آخر، نددت وزارة الخارجية التركية، في بيان لها أمس، بتوقيع شركة أميركية اتفاقاً حول الثروات النفطية في سوريا، مع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية غالبية قوامها، لاستخراج النفط ومعالجته والاتجار به في شمال شرقي سوريا. ووصفت الخارجية التركية الاتفاق الموقع بين شركة أميركية و«قسد» بأنه يتجاهل القانون الدولي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.