«مايكروسوفت» تتحدث إلى ترمب عن صفقة استحواذ «تيك توك»

الشركة المالكة للتطبيق قد تنقل مقرها من بكين إلى لندن

الرئيس ترمب يظهر في أحد البوستات في تطبيق «تيك توك» في شنغهاي (إ.ب.أ)
الرئيس ترمب يظهر في أحد البوستات في تطبيق «تيك توك» في شنغهاي (إ.ب.أ)
TT

«مايكروسوفت» تتحدث إلى ترمب عن صفقة استحواذ «تيك توك»

الرئيس ترمب يظهر في أحد البوستات في تطبيق «تيك توك» في شنغهاي (إ.ب.أ)
الرئيس ترمب يظهر في أحد البوستات في تطبيق «تيك توك» في شنغهاي (إ.ب.أ)

بعد شد وجذب طيلة الثلاثة الأسابيع الأخيرة، أعلنت شركة مايكروسوفت أخيراً أنها تحدثت مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن صفقة شراء «تيك توك»، مما يمهد الطريق أمامها للسيطرة على التطبيق الصيني في عدد من الأسواق، واحتمالية تغيير موقف الرئيس الأميركي حيال حظره في الولايات المتحدة الأميركية. وقالت مصادر مطلعة إن الرئيس ترمب وافق فقط على السماح لشركة مايكروسوفت بالتفاوض على الاستحواذ إذا استطاعت التوصل إلى صفقة خلال 45 يوما.
وكانت قد اتخذت شركة مايكروسوفت موقفاً صامتاً خلال الفترة الماضية حتى تسمح لنفسها إتمام عملية الشراء، بيد أن مخاوف حظر التطبيق دفعتها إلى كسر هذا الصمت في بيان صحافي مساء أول من أمس الأحد. وقالت إنها تواصل المشاورات في شراء تطبيق «تيك توك» وهي تقدر المخاوف التي يثيرها الرئيس ترمب، وإنها تسعى إلى معالجتها، والتي من المقرر أن تتم بشكل كامل في موعد أقصاه 15 سبتمبر (أيلول) القادم.
وتحدث العديد من حلفاء ترمب بما فيهم ساتيا ناديلا الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، خلال عطلة نهاية الأسبوع مع الرئيس، مؤكدة التزامها بتطبيق المراجعة الأمنية الشاملة على التطبيق حتى لا يكون مهدداً للأمن القومي الأميركي، وتوفير مزايا اقتصادية مناسبة للولايات المتحدة.
وأشارت مايكروسوفت إلى أن الصفقة ستشمل شراء خدمة «تيك توك» في سوق الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، فيما تواصل شركة بيتادانس امتلاك وإدارة الشق الصيني من التطبيق في بكين والأسواق الأخرى، وقد تجلب مايكروسوفت أيضاً سلسلة من المستثمرين، والتي ستحوز على حصص الأقلية في أي صفقة.
وتعهدت مايكروسوفت بأنها ستضمن نقل جميع البيانات الخاصة للمستخدمين الأميركيين إلى خوادم داخل الولايات المتحدة والاحتفاظ بها «وستضمن مايكروسوفت حذف هذه البيانات من الخوادم خارج الدولة بعد نقلها، وستوفر مزايا اقتصادية مناسبة للولايات المتحدة، يمكن أن تشمل إحدى هذه الفوائد إنشاء عدد من الوظائف في الولايات المتحدة نتيجة للصفقة».
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، فإن تغير موقف الرئيس ترمب من صفقة شراء «تيك توك» جاء بعد إجازة عطلة نهاية الأسبوع، وهو الذي كان يعارضها بشدة، وقال للصحافيين يوم الجمعة الماضي في الطائرة الرئاسية أثناء عودته من فلوريدا إلى البيت الأبيض، إنه عازم على حظر «التطبيق الصيني»، بيد أنه خلال نهاية الأسبوع التقى ببعض مساعديه ومستشاريه في نادي الغولف الخاص به في فيرجينيا، وتحدث مع ساتيا ناديلا الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت وهو ما دفعه إلى تغيير رأيه.
وناقش مستشاروه كيفية إقناعه بالتوقيع على صفقة مايكروسوفت، لتفادي العواقب السياسية المتمثلة في إيقاف خدمة لعشرات الملايين من الناس في الولايات المتحدة. أحد الذين تواصلوا مع الرئيس ترمب هو وزير الخزانة ستيفن منوشين، والسيناتور ليندسي غراهام الجمهوري من ولاية كارولاينا الجنوبية، الذي غرّد على «تويتر» قائلاً: «الرئيس على حق في التأكد من عدم وصول الحزب الشيوعي الصيني إلى بيانات مستخدمي (تيك توك)، والحل الأنسب هو جعل شركة أميركية مثل مايكروسوفت تتولى التطبيق».
وكان بعض أقرب المستشارين السياسيين للرئيس ترمب، بما فيهم لاري كودلو رئيس المجلس الاقتصادي الوطني، يحثون الرئيس أيضاً على السماح لشراء التطبيق، وكذلك مايرون بريليانت نائب الرئيس التنفيذي لغرفة التجارة الأميركية، الذي غرّد على حسابه في «تويتر» أن عملية البيع ستكون «حلاً جيداً يساعد على معالجة بعض المخاوف الأمنية، ويقوي الاقتصاد الرقمي للولايات المتحدة، ويحافظ على تطبيق يتمتع به ملايين الأميركيين».
وبحسب وسائل الإعلام الأميركية، فإنه في الأسابيع الأخيرة، عقد مستثمرون من سيكويا كابيتال، وسوفت بنك، وجنرال أتلانتيك محادثات مع «تيك توك» لمناقشة المشاركة في الاستحواذ على الشركة، وقد يصل السعر النهائي بين مايكروسوفت وبيتادانس نحو 26 مليار دولار. ويضم التطبيق 2 مليار مستخدم حول العالم، و800 مليون مستخدم فقط في الصين، ويومياً هناك 100 مليون مستخدم من الولايات المتحدة يشاركون صورهم وفيديوهاتهم عبر التطبيق، وهي نسبة كبيرة جدا في عالم التواصل الاجتماعي، وفرصة لشركة مايكروسوفت للدخول إلى هذا العالم إلى جانب مجالها التقني الآخر.
ذكرت صحيفة صن البريطانية أن شركة «بيتادانس» المالكة لتطبيق «تيك توك» ستنقل مقرها إلى لندن من بكين، وذلك بموجب اتفاق وافق عليه وزراء بريطانيون.
وقالت الصحيفة إنه ينتظر أن يعلن مؤسسو شركة بايت دانس عن عزمهم الانتقال إلى العاصمة البريطانية قريبا، وكان مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي، قال في لقاء صحافي عبر شبكة فوكس نيوز يوم الأحد، إن الرئيس ترمب سيتخذ خلال الأيام المقبلة إجراء بشأن شركات البرمجة الصينية التي تقدم بشكل مباشر بيانات للحكومة في بكين، وتشكل خطرا على الأمن القومي الأميركي. وأضاف «الرئيس ترمب قال كفى، سنعالج هذا الأمر لذلك سيتخذ إجراء خلال الأيام القادمة فيما يتعلق بمجموعة واسعة من المخاطر على الأمن القومي التي تمثلها شركات برمجة على صلة بالحزب الشيوعي الصيني».


مقالات ذات صلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

تكنولوجيا يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

إطلاق أكبر مشروع للأمن الرقمي بتاريخ البشرية لمواجهة أكثر من 7000 هجمة في الثانية.

خلدون غسان سعيد (جدة)
تكنولوجيا يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

أحدث نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة من مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024»

أدوات لأتمتة الأعمال اليومية دون الحاجة إلى أي معرفة برمجية مسبقة.

خلدون غسان سعيد (جدة)
المشرق العربي فلسطينيون يبحثون عن ناجين وضحايا بين الأنقاض بعد القصف الإسرائيلي في مدينة غزة - 26 أكتوبر (أ.ف.ب)

«مايكروسوفت» تفصل موظفَين نظما وقفة احتجاجية على مقتل الفلسطينيين في غزة

قالت «أسوشييتد برس» إن موظفين من شركة «مايكروسوفت» الأميركية أبلغاها بأن الشركة فصلتهما من خلال مكالمة هاتفية في وقت متأخر من يوم الخميس

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم ناخبون ينتظرون للإدلاء بأصواتهم خلال التصويت المبكر في الانتخابات الأميركية بولاية نورث كارولينا (إ.ب.أ)

«مايكروسوفت»: قراصنة إيرانيون يستهدفون مواقع للانتخابات الأميركية

قالت شركة «مايكروسوفت» في مدونة، نشرت اليوم (الأربعاء)، إن مجموعة قرصنة إيرانية تعكف على تعقب مواقع إلكترونية ووسائل إعلام أميركية مرتبطة بالانتخابات الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا شعار أدوات المساعدة الخاصة بـ«مايكروسوفت» التي تسمى «كوبايلوت» (رويترز)

أدوات ذكاء اصطناعي جديدة من «مايكروسوفت» لتنفيذ المهام نيابة عن البشر

أطلقت «مايكروسوفت» أدوات ذكاء اصطناعي جديدة تتيح لزبائنها إنشاء وسائل مساعدة خاصة بهم قادرة على التحادث مع البشر وتنفيذ المهام نيابة عنهم

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.