بافيزي... كشف الرعب الحقيقي للإنسان تحت وطأة الوحدة والكآبة

إيطاليا تحتفل بالذكرى الـ79 لرحيله

بافيزي
بافيزي
TT

بافيزي... كشف الرعب الحقيقي للإنسان تحت وطأة الوحدة والكآبة

بافيزي
بافيزي

أطلقت وزارة الكنوز الثقافية الإيطالية، إدراكاً لخطورة المرحلة التي تمرّ بها الثقافة في البلاد، عدة منصات افتراضية، تتمثل في تخصيص أيام احتفالية تساهم في نقلها القنوات التلفزيونية الرسمية والأهلية، جنباً إلى جنب مع المنصات والمواقع الثقافية للمؤسسات الثقافية والفنية في عموم البلاد. ومن هذه الأيام الاحتفالية، مناسبة مرور الذكرى الـ70 عاماً على انتحار القاصّ والشاعر والمترجم الإيطالي الشهير تشيزره بافيزي (1908 - 1950)، في بلدة سان ستيفانو، قريباً من مدينة تورينو، التي شكلت لحمة قصائده ورواياته، حيث بدأ منذ مطلع شبابه يتردد على الأندية الفكرية التي كانت آنذاك مركزا ثقافياً وسياسياً مرموقاً.
ثم ذهب لاحقاً إلى روما، حيث كتب أطروحة التخرج في كلية الآداب بجامعة المعرفة (لاسابينسا) عن الشاعر الأميركي والت ويتمان، وعمل على ترجمة بعض الأعمال الشعرية الإنجليزية إلى اللغة الإيطالية، ومنها رائعة ملفيل «موبي ديك»، وأعمال دوس باسوس وشتاينبيك وجيمس جويس وديفو ووليم فوكنر. استدعي إلى الخدمة العسكرية في الثلاثينات من القرن العشرين، إبان صعود الفاشية في البلاد، إلا أن نوبات الربو التي ألمت به ألزمته الإقامة ستة أشهر في المستشفى العسكري، هناك. وبينما حانت عودة بافيزي إلى تورينو، عشية إعلان نشوب الحرب العالمية الثانية، ودخول الجنود الألمان إلى روما، تفرق رفاقه في البراري من أجل أن يخوضوا حرب عصابات ضارية وغير متكافئة ضد المحتل النازي والقوات الفاشية الإيطالية. ورغم أيام التخفي عن عيون السلطة الفاشية، التي يوردها في مذكراته، فإنه لم يشأ الانتماء إلى الحزب الشيوعي الإيطالي إلا بعد انتهاء الحرب، وبداية شهرته الأدبية. وفي عام 1936 اعتُقل بسبب نشاطه المعادي للفاشية، فنُفي إلى أحد السجون التي تقع في إقليم كالابريا في الجنوب الإيطالي، مع مجموعة من زملائه في مجلة «الثقافة»، فكان ذلك بمثابة الحدث الذي جعله يتفتح إلى أقصى قواه الخاصة ووسائله التعبيرية، وكان يؤكد باستمرار على أن العمل الثقافي هو أحد الحلول التي يبتكرها الإنسان لمشكلاته، فقد كتب روايته الطويلة «السجن»، ونُشرت بعد سنوات عديدة في المجلد الذي حمل عنوان «قبل أن يصيح الديك»، الذي ضمّ أيضاً روايته الشهيرة «البيت على الهضبة».
رواية «السجن» تعبّر عن عذاب التجربة التي يمكن أن يتعرض لها البشر، وبدا فيها بافيزي نفسه وكأنه مسؤول عن كشف الرعب الحقيقي الذي يصيب الإنسان الذي يقع تحت وطأة القهر، كما أنها تمثل دعوة أولى يوجهها الاديب إلى نفسه، وإلى الآخرين، كي يخرجوا من عزلتهم، ويتجاوزوا «النظرة العدمية المشروطة».
والسجن عند بافيزي ليس هو الجدران التي تحصر الإنسان بداخلها، بل هو مزيج من صور الهجرة الداخلية التي تتسم بالعدمية، وهو التسكع الداخلي الذي تجابهه الصرخة البشرية بين الحين والآخر من أجل فضح أبعاد الفاجعة الإنسانية. وتطالب الرواية، من جانب آخر، بتعّرية جوهر الفاجعة الإنسانية لحمل المثقف على تجاوز الهزائم والاحتجاج على جميع مخططات التصفية والمساومة على الأرض التي يقف عليها.
ترك الكاتب بافيزي، الذي تُوفي انتحاراً عن واحد وأربعين عاماً، ما يقارب العشرة أعمال روائية ومنها: «بلداتكم» (1941)، و«الشاطئ» (1941)، و«عطلة آب» (1946). و«الرفيق» (1947)، و«الشيطان في التلال» (1948)، وعدداً من القصص: «منزل على التل» (1949)، و«الصيف الجميل» (1949)، و«قبل صياح الديك»، و«ثلاثية الآلات»، «من عندنا»، و«مرحباً ماسينو». ومجموعة شعرية يتيمة بعنوان: «سيأتي الموت وتكون له عيناك»، وقد صدرت بعد عام من وفاته. كما أصدر كتاباً نثرياً «حوارات مع ليوكو... أساطير في أسرار الموت والحياة» (1947).
معظم كتابات بافيزي تنطلق من المحور الأساسي، وهو الشعور بالحزن والوحدة والكآبة، بصفتها الاكراهية أو المختارة التي تتجابه مع طبيعة شخصيته الهادئة التي تحمل صفات قسوة داخلية تجاه النفس، وحيزاً للانتظار، ومشاعر الخيبة والفقر العاطفي الذي عاناه طيلة حياته، لامرأة أحبها، لكنها أحبّت غيره ولم تعود إليه، ويعتبرها العديد من النقاد «وحدة هوسية» دافعها معرفة الذات. وبافيزي في كل كتاباته النثرية والشعرية جعل المدينة والريف يتواجهان، وحاضر الإنسان آنذاك لم يكن يُنبِئ بمستقبل. وقد تجسد ذلك في صلب أشيائه وكلماته، وأصبح صوفياً في إخلاصه ونقائه، مادياً في حرارته وواقعيته، يمجد الحياة بالعشق، ويخاف منها بالموت.

من شعره:

محتضناً عينيك يأتي الموت
الأرض والموت تكونين
فصولك الظلام والصمت
لا يحيا بعدك شيء
اندثر منذ فجر بعيد متى تبدين يقظة
الألم وحده أنت
وهناك في أعماق عينيك في خريط الدماء ينزوي
دون انتباهك
مثلما حجر تقطعه الدهور تحييه
كما الأرض القاسية
ترتديك الأحلام
وتجهلين الهزات الفريدة
يرعبك الألم
ويطوقك مثل ماء البحيرات
دوائر على المياه
تتركينها تمحى
الأرض والموت
تكونين
ترويض
في الفجر تبدأ الأعمال،
لكن قبل ذلك تجدنا نلتقي بأنفسنا
حيث الناس هجروا الطرقات،
كل بوحدته وتعاسته يتذكر
ليكتشف ندرة المارة، كل يحلم مع نفسه،
مدركاً، كيف تضيء العيون
في الفجرحينما يقترب الصباح،
فجأة تجد الدهشة، حيث تتوقف الحركة
لكننا لسنا بعدُ وحيدين، ولا أحد يرهقه النعاس
بهدوء نتأمل أشكال النهار
حتى تولد الابتسامات
في عودة الشمس كلنا مقتنعون،
ومرات أفكار أقل وضوحاً
«سخرية» تفاجئنا، ونعاود تحدينا إليها
لدى الشغيلة والمتهكمين تجد المدن الصافية،
لا شيء يحير الصباح
كل شيء يمكنه الحدوث،
ويكفي الانتباه إليه أثناء العمل
الصبايا الهاربات لا ينجزن شيئاً،
يقطعن الطرقات
وأخريات يركضن،
أوراق الساحات العامرة بالأشجار
تملا الشوارع ظلالاً، والأعشاب بين البيوت ثابتة
على ضفاف الأنهار ينساب الفيء تحت الشمس
المدينة تجعلنا نرفع الرؤوس
ونفكر، رغم إدراكها بخضوعنا إليها.



«صوت ملاك»... ترمب يشيد بأندريا بوتشيلي

المغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي يقدم عرضاً خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ف.ب)
المغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي يقدم عرضاً خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ف.ب)
TT

«صوت ملاك»... ترمب يشيد بأندريا بوتشيلي

المغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي يقدم عرضاً خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ف.ب)
المغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي يقدم عرضاً خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ف.ب)

أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء أمس (الجمعة)، بالمغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي، وقال إن لديه «صوت ملاك». ودخل الرئيس الغرفة الشرقية بالبيت الأبيض، برفقة زوجته السيدة الأولى ميلانيا ترمب وبوتشيلي.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والسيدة الأولى ميلانيا يسيران أمام الموسيقي أندريا بوتشيلي وزوجته فيرونيكا بيرتي في البيت الأبيض (رويترز)

وقال ترمب إنه وبوتشيلي صديقان، وسأل قبل نحو 4 أسابيع عما إذا كان بوتشيلي سيغني في البيت الأبيض. وأشار إلى أن بوتشيلي وافق خلال «لحظة ضعف».

وحضر الحفل الخاص في البيت الأبيض مشرعون جمهوريون وأعضاء في حكومة ترمب.

وأفاد ترمب: «هذا شرف هائل. سوف نستمع إلى صوت، صوت ملاك».

أندريا بوتشيلي يغني خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ب)

وكان بوتشيلي قد قام بالغناء في وقت سابق يوم الجمعة، في حفل إجراء قرعة كأس العام لكرة القدم بمركز كيندي.


كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.