المستثمرون القلقون يتجهون إلى أصول الملاذ الآمن

الذهب يحقق أكبر مكسب شهري منذ 2016

حقق الذهب أكبر مكسب شهري بالنسبة المئوية منذ فبراير 2016 (أ.ف.ب)
حقق الذهب أكبر مكسب شهري بالنسبة المئوية منذ فبراير 2016 (أ.ف.ب)
TT

المستثمرون القلقون يتجهون إلى أصول الملاذ الآمن

حقق الذهب أكبر مكسب شهري بالنسبة المئوية منذ فبراير 2016 (أ.ف.ب)
حقق الذهب أكبر مكسب شهري بالنسبة المئوية منذ فبراير 2016 (أ.ف.ب)

أظهرت إحصاءات تدفقات الصناديق الأسبوعية لـ«بنك أوف أميركا»، أمس (الجمعة)، أن مديري الأموال خصصوا 3.9 مليار دولار للذهب، في ثاني أكبر تدفقات أسبوعية على الإطلاق، وكذلك 5.6 مليار دولار للنقد.
وسجلت أدوات النقد دخول إجمالي تدفقات صافية بواقع 1.1 تريليون دولار في النقد منذ بداية 2020، إذ تسببت إجراءات العزل العام المدفوعة بـ«كوفيد - 19» في اضطراب الاقتصادات العالمية.
وتُظهر البيانات الأسبوعية أن صناديق السندات استقطبت 17.2 مليار دولار، من بينها 12.6 مليار دولار ذهبت إلى السندات المصنفة عند درجة جديرة بالاستثمار. وسجلت السندات ذات العوائد المرتفعة تدفقات داخلة صافية في 17 من بين 18 أسبوعاً فائتاً.
وتدفق خارجاً 1.9 مليار دولار بشكل صافٍ من الأسهم، فيما شهدت الأسهم في الولايات المتحدة أكبر نزوح للتدفقات في أربعة أسابيع، بينما تدفقت الأموال إلى الأسهم الأوروبية للأسبوع الثالث على التوالي. وقال «بنك أوف أميركا»: «في رأينا، القصة الأكبر في العصر القادم هي لحكومة أكبر، وعالم أصغر، وسياسة مالية غير تقليدية تسرّعها الجائحة، يبشّر بها ارتفاع الذهب وضعف الدولار الأميركي».
وارتفع الذهب، الجمعة، متجهاً صوب تحقيق أفضل أداء شهري في نحو أربع سنوات ونصف السنة، إذ انخفض الدولار أكثر بعد بيانات أميركية سلبية أُضيفت إلى الشكوك بشأن انتعاش سريع من تراجع اقتصادي ناجم عن جائحة فيروس «كورونا»، مما دفع المستثمرين صوب شراء المعدن الأصفر الذي يُعد ملاذاً آمناً. وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.4% إلى 1967.53 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 04:58 بتوقيت غرينتش بعد أن أوقف سلسلة مكاسب استمرت على مدى تسع جلسات، الخميس. وصعد الذهب في العقود الأميركية الآجلة 1% إلى 1961.30 دولار.
ونزل الدولار الأميركي لأدنى مستوى في عامين ويتجه صوب تسجيل أسوأ أداء شهري في عشر سنوات، مما يقلص تكلفة المعدن الثمين للمستثمرين من حائزي العملات الأخرى.
وبخلاف بيانات أميركية أظهرت تسجيل أكبر انكماش اقتصادي فيما لا يقل عن 73 عاماً في الربع الثاني، وارتفاع عدد طلبات إعانة البطالة الأميركية، تضرر الدولار أيضاً، إذ أثار الرئيس الأميركي دونالد ترمب فكرة تأجيل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر لها أن تُجرى في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني).
وقال جون شارما، الخبير الاقتصادي لدى بنك أستراليا الوطني: «الناتج المحلي الإجمالي الضعيف للربع الثاني يُبرز نقطة ضعف الاقتصاد، ويسعى المستثمرون إلى ملجأ في الذهب». وأضاف أن تفاقم وضع فيروس «كورونا»، وتصاعد التوتر الجيوسياسي وانخفاض الدولار أكثر قد يدفع الذهب فوق مستوى ألفى دولار. وارتفع الذهب ما يزيد على 10% منذ بداية شهر يوليو (تموز)، محققاً أكبر مكسب شهري بالنسبة المئوية منذ فبراير (شباط) 2016، وصعد لأعلى مستوى على الإطلاق عند 1980.57 دولار يوم الثلاثاء الماضي. وتصل القفزة بمكاسب الذهب منذ بداية العام إلى نحو 30%، مدفوعةً بتفاقم الجائحة وانخفاض أسعار الفائدة عالمياً في ظل تحفيز واسع الانتشار من البنوك المركزية نظراً لأن المعدن الأصفر يعد تحوطاً في مواجهة التضخم وانخفاض العملة. وبالنسبة إلى المعادن النفيسة الأخرى، صعدت الفضة 0.3% إلى 23.62 دولار للأوقية، وتمضي على مسار تسجيل أفضل أداء شهري على الإطلاق، بارتفاع 30% مع تلقيها دعماً إضافياً من آمال بانتعاش الأنشطة الصناعية. وارتفع البلاتين 0.1% إلى 903.87 دولار، وربح البلاديوم 0.3% إلى 2090.01 دولار.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
TT

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)

تواجه فرنسا في الوقت الراهن تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، تتمثل في ارتفاع معدلات الدين العام وتزايد عدم الاستقرار السياسي، مما يهدد استقرارها الداخلي ويثير القلق بشأن انعكاسات هذه الأوضاع على منطقة اليورو بشكل عام. تأتي هذه الأزمات في وقت بالغ الأهمية، حيث يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تحول حاسمة بعد تبعات الأزمة المالية العالمية، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمات الاقتصادية المقبلة. في خضم هذه التطورات، تظل فرنسا محط الأنظار، إذ يتعرض نظامها السياسي للشلل بينما يتصاعد العجز المالي. فهل ستتمكن باريس من تجنب مصير الدول التي شهدت أزمات مالية مدمرة؟ وما الدروس التي يمكن لفرنسا الاستفادة منها لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي في المستقبل؟

تتجاوز ديون فرنسا اليوم 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تكلفة اقتراضها مؤخراً مستويات تفوق تلك التي سجلتها اليونان. ويوم الجمعة، توقعت «موديز» أن تكون المالية العامة لفرنسا أضعف بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالسيناريو الأساسي الذي وضعته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. هذه المعطيات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الأوضاع الشرارة التي قد تؤدي إلى أزمة جديدة في منطقة اليورو. ومع ذلك، عند مقارنة حالة الاتحاد الأوروبي في ذروة الأزمة المالية العالمية، حين كان يواجه خطر التفكك الكامل، مع الوضع الراهن، تتضح الفروق الجوهرية، حيث يظهر الوضع الحالي قدرة الاتحاد على الصمود بشكل أكبر بكثير، مما يعكس قوة أكثر استقراراً وصلابة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وبعد انهيار حكومتها الهشة في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، توجد فرنسا حالياً في دائرة الضوء. فقد أدت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في يوليو (تموز) إلى انقسام الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد. وفي مسعى لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الاستقرار، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السياسي المخضرم ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، على أمل بناء إدارة مستدامة. لكن التوترات بين الحكومة والبرلمان اندلعت عندما دعا بارنييه إلى خفض الموازنة للحد من العجز المتوقع، والذي قد يصل إلى 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقد أدى هذا إلى تجمع أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية لرفض الموازنة، وكان التصويت بحجب الثقة الذي أدى إلى إقالة بارنييه هو الأول من نوعه منذ عام 1962.

وأثناء تطور هذه الأحداث، ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بشكل مؤقت إلى مستويات أعلى من نظيرتها اليونانية، مما أثار المخاوف من أن فرنسا قد تصبح «اليونان الجديدة». ومع ذلك، إذا تم النظر إلى ما حدث في اليونان في عام 2012، عندما وصلت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 35 في المائة، يلاحظ أن الوضع اليوم مختلف بشكل جذري. ففي الوقت الراهن، تقل عوائد السندات اليونانية عن 3 في المائة، مما يعني أن العوائد الفرنسية قد ارتفعت بأقل من 60 نقطة أساس خلال العام الماضي لتصل إلى مستويات مماثلة.

ومن خلال تحليل التغييرات في عوائد السندات في منطقة اليورو خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن اليونان قد نجحت في تحسين وضعها المالي بشكل ملحوظ، في حين أن فرنسا شهدت تدهوراً طفيفاً نسبياً.

قصة التحول: اليونان

بعد أن اجتاحت الأزمة المالية العالمية أوروبا في أواخر العقد الأول من الألفية، تعرضت اليونان لمحنة مالية شديدة، حيث تكشفت حقيقة الوضع المالي للبلاد، وارتفعت تكاليف ديونها بشكل كبير. وفي إطار استجابة لهذه الأزمة، حصلت اليونان على حزم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تنفيذ حزمة من الإجراءات التقشفية القاسية. ونتيجة لذلك، دخلت اليونان في ركود اقتصادي طويل دام لعقد من الزمن، بينما تعرضت لعدة فترات من عدم الاستقرار السياسي.

لكن الحكومة الحالية التي تنتمي إلى التيار الوسطي - اليميني نجحت في استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، حيث تمكنت من تحقيق فائض أولي في الموازنة، وهو ما مكنها من تقليص عبء الديون الضخم. كما شهد الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 2 في المائة العام الماضي، وهو ما يعد تحسناً ملموساً.

ورغم أن فرنسا قد تحتاج إلى جرعة من العلاج المالي ذاته، فإنها تبدأ من نقطة انطلاق أقوى بكثير من اليونان. فاقتصاد فرنسا أكثر تطوراً وتنوعاً، ويبلغ حجمه أكثر من عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني. كما أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغ» قبل أسبوعين تصنيف فرنسا الائتماني، مع التوقعات بأن تواصل البلاد جهودها في تقليص العجز في الموازنة. وأشارت الوكالة إلى أن «فرنسا تظل اقتصاداً متوازناً، منفتحاً، غنياً، ومتنوعاً، مع تجمع محلي عميق من المدخرات الخاصة»، وهو ما يعزز موقفها المالي.

الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنه حتى في حال قرر المستثمرون الدوليون سحب أموالهم - وهو ما لا يوجد أي مؤشر على حدوثه - فإن فرنسا تملك إمداداً كبيراً من الأموال المحلية، يُمكِّنها من سد الفجوة المالية المتزايدة.

فعل كل ما يلزم

على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد تطوراً غير مكتمل، فإنه من المهم الإشارة إلى كيفية تعزيز النظام المصرفي في المنطقة منذ الأزمة المالية العالمية. كما ينبغي تذكر كيف أثبت البنك المركزي الأوروبي مراراً استعداده وقدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأزمات المالية في المنطقة. إلا أن ذلك لا يعني أن صانعي السياسات في باريس أو العواصم الأوروبية الأخرى يشعرون بتفاؤل مطلق بشأن التوقعات الاقتصادية للاتحاد.

ففي العديد من الجوانب، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا أقل حدة، مقارنة بتلك التي تواجهها ألمانيا، التي تعرضت حكومتها هي الأخرى لهزة قوية مؤخراً. ويعاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من تداعيات سنوات طويلة من نقص الاستثمارات، حيث يواجه قطاعها الصناعي القوي سابقاً صعوبات حقيقية في التعافي. كما أن منطقة اليورو، التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً في نمو إنتاجيتها، مقارنة بالولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تواجه الآن تهديدات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

لكن هذه التهديدات التجارية قد تكون هي التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة كبيرة أخرى في تطوره الاقتصادي. فالتاريخ يثبت أن الاتحاد يتخذ خطوات حاسمة عندما يُدفع إلى الزاوية. وفي وقت سابق، قدم ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، خطة لإصلاحات اقتصادية طال انتظارها، داعياً إلى استثمار إضافي قدره 800 مليار يورو سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقد لاقت هذه الخطة دعماً واسعاً من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حتى أن رئيس البنك المركزي الألماني، المعروف بتوجهاته المتشددة، دعا إلى تخفيف القيود على الإنفاق في ألمانيا. وإذا أسفرت الانتخابات في ألمانيا وفرنسا عن حكومات أقوى العام المقبل، فقد يُتذكر عام 2025 ليس بوصفه بداية لأزمة جديدة في منطقة اليورو، بل بوصفه عاماً شهدت فيه المنطقة اتخاذ خطوة كبيرة نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.